يعد لال بهادور شاتسري من ابرز السياسيين الذين ساهمو في رسم معالم الدولة الهندية الحديثة وذلك في فترة ما بعد الاستقلال، وكان له دور بارز ايضا في مرحلة التحرير فقد انضم الى الحركة الوطنية الهندية بقيادة المهاتما غاندي والتي سعت للتحرر من الاحتلال البريطاني، ثم انضم الى حزب المؤتمر الوطني الهندي، وقد تم اختياره كمساعد لرئيس اول حكومة هندية ” جوهرلال نهرو ” وكأول وزير للمواصلات، ومن ثم كرئيس للوزراء بعده, وقد توفي في ظروف اعتبرت غامضة اثر نوبة قلبية المت به بعد يوم واحد فقط من توقيعه لاتفاق تاريخي لوقف الصراع مع الباكستان.
ميزات لال بهادور شاتسري وافعاله
تميز شاستري بالشفافية وبسعيه الدائم لتحقيق العدالة الاجتماعية وركز اهتمامه على طبقة الفلاحين الاكبر من حيث عدد العاملين والاكثر فقرا، وقد سعى ايضا لبناء جيش هندي قوي رغم ايمانه بالسلام بين دول المنطقة وقد اشتهر عنه شعار يردده الهنود الى اليوم وهو ” حي الجندي، وحي الفلاح”, وقد ساهمت سياساته الاقتصادية في رفع الظلم عن الفئات الاكثر فقرا مما جعله البطل الاوحد في عيون فقراء الهند.
قدم شاستري الحلول السلمية على استخدام القوة العسكرية في صراعات الهند الحدودية مع جاراتها، ففي عهده تم وضع حد للصراع المرير بين الهند وجارتها المنفصلة عنها حديثا الباكستان وقد اتفق الطرفان على توقيع اتفاقية فض اشتباك وعدم القيام بأعمال عدائية وذلك بعد ان استطاع جيشه تحقيق النصر في عام 1966 ميلادية، ولم يكن الصراع مع الباكستان معوقا امام الهند للانضمام لدول عدم الانحياز وذلك للتعبير عن وقوفها على الحياد في الحرب الباردة التي كانت محتدمة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، ولم تكن باكستان وحدها التي على صراع حدودي مع الهند فكل من سيرلانكا وبورما ايضا كان لهم خلافات حدودية، وبينما اتجه خلاف الهند مع باكستان نحو التصعيد والحرب كان حل المسألة السريلانيكة عن طريق اتفاقية لتقسيم منطقة التاميل الهندية بين الدولتين وقد تم وضع خطة لتنفيذ ذلك على ان تبدأ في العام 1981، اما العلاقات مع بورما والتي قطعت بعد الانقلاب الذي حدث في بورما عام 1962 فقد اعاد التأسيس لها عن طريق زيارة سمية قام بها في عام 1965 ، والواضح ان لال بهادور كان يسعى الى ارساء قواعد متينة للدولة الهندية وهو ما نجح به مقارنة بالفترة القصيرة التي استلم فيها رئاسة الوزراء وهي عامين فقط وقع خلالهما ثلاث اتفاقيات وخاض حرب وانتصر فيها، وهو ما جعله بطل في عيون الشعب الهندي، وهو ما مهد لكل الجدل والتكهنات بأن موته كان نتيجة عملية اغتيال محكمة.
موته
بعد ان رعت الامم المتحدة وقف لإطلاق النار بين الهند والباكستان تم دعوة الاطراف الى مدينة طشقند عاصمة اوزبكستان لتوقيع اتفاق عدم اعتداء بين الطرفين، وقد كان هذا الاتفاق اخر ما شهده لال بهادور فقد توفي بعد يومين من التوقيع في طشقند عاصمة اوزبكستان، فبعد توقيعه للاتفاق عن الجانب الهندي توفي بشكل مفاجيء بالنوبة القلبية، وهو ما كان فاجعة كبيرة للشعب دفعهم الى عدم التصديق ان وفاته لم تكن بالسم، وبرغم ان كل التحقيقات التي اجريت لم تصل الى اي دليل على وجود جريمة مدبرة لقتله بالسم ظل الشعب الهندي وعائلة شاستري يعتقدون انه قتل نتيجة ما حققه من انتصارات لبلادهم.
التحقيق في جريمة قتل شاستري
كان اول تحقيق اجري لمعرفة سبب الوفاة هو ما سمي بتحقيق راج نارين والذي اجراه اطباء روس بالاضافة الى طبيب شاستري الخاص، لكن هذا التقرير فقد من ملفات القضية وادعت الحكومة الهندية فيما بعد انها لم تستلم نسخة عن تقرير بهذا الاسم، وقد امتنعت الحكومة عن الرد على كثير من الطلبات التي تقدم بها اعضاء في البرلمان الهندي وهو ما دفع بعض الكتاب الى اتهام اعضاء في الحكومة الهندية انها شريكة في جريمة قتل شاستري وخاصة ان ابناؤه اكدوا ان الجثة كان يبدو عليها بعض اثار التشريح او المعاينة الدقيقة التي لا تتم الا من اطباء لكن لم يتلقوا اي شيء مكتوب عن سبب وفاته, ومما دفع بكثير من الكتاب فيما بعد للتأكيد على وجود مؤامرة متعددة الاطراف لقتل شاستري :
اسباب الاعتقاد بجود مؤامرة متعددة الاطراف لقتل شاستري
[icon type=”arrow-left” size=”16″ float=”right” color=”#880000 “] لم يكن شاستري يعاني من اي ضغط او اجهاد اثناء توقيعه للاتفاق بل ظهر راضيا تماما عما توصل اليه وهو ما اكدته ابنته التي اجرت معه حوارا مطولا قبل وفاته بساعات.
[icon type=”arrow-left” size=”16″ float=”right” color=”#880000 “] ان طبيبه الخاص والذي اكد انه كان بصحة جيدة، وشارك في عملية المعاينة للجثة قتل في حادث سير قبل عدة ايام من الموعد المحدد لسماع البرلمان الهندي لشهادته حول ملابسات الوفاة .
[icon type=”arrow-left” size=”16″ float=”right” color=”#880000 “] اختفاء تقرير راج نارين وعدم قدرة الحكومة الهندية المحافظة عليه، وهذا يدفع الى التساؤل عن سبب كون التقرير صدر بنسخة واحدة وهو يتعلق بظروف وفاة شخصية مهمة كرئيس وزراء الهند ولماذا كان هناك استهتار في الحفاظ عليه .
[icon type=”arrow-left” size=”16″ float=”right” color=”#880000 “] كان هناك شاهد اخر غير الطبيب الخاص على حادثة وفاة شاستري وهو خادمه الذي كان يلازمه طوال الوقت وهذا تعرض لحادث سير اثناء توجه للبرلمان الهندي للادلاء بشهادته وقد ادعى انه ادى الى فقدانه للذاكرة, وقد اعتبرت هذة الحادثة مع حادثة الطبيب مدبرتان من قبل جهة متنفذة في الدولة .
الى اليوم يعتقد الكثير من الكتاب وامة الشعب الهندي ان حادثة وفاة شاستري كانت مدبرة من قبل الباكستان وذلك للانتقام منه بعد الهزيمة التي لحقت بها وهو ما اجبرها على التخلي عن اقليم كشمير الذي ما يزال محط نزاع بين الدولتين الى اليوم، كما ان الاتفاق ارغم الحكومة الباكستانية على عدم بناء قوة هجومية من جديد، كذلك فإن كل ما تجمع من قرائن فيما بعد يؤكد ان هناك اطراف داخلية كانت مشتركة في هذة الجريمة وخاصة ان هناك نسبة لا بأس بها من الهنود في كشمير كانوا مسلمين وكانوا يفضلون الانضمام الى الباكستان كونهم مسلمين لكن الحكومة الهندية منعت ذلك، وكان من الممكن ان يتم اعتبار هذة الوفاة عادية وان ما يثار حول المؤامرة هو مجرد وهم وشائعات تنتجت من هول الفاجعة التي اصابت الشعب الهندي بفقدان شاستري لكن ما تلا هذة الوفاة من احداث مثل مقتل طبيبه الخاص وفقدان خادمه للذاكرة وانكار الحكومة اي وجود لتقرير عن اسباب الوفاة وحديث اسرته عن تأكدها من وفاته مقتولا بالسم يؤكد ان الشكوك مشروعة بوجود نوع من المؤامرة على اخفاء الرجل الذي جرد الباكستان من قوتها الهجومية وانهى امال مواطني كشمير المسلمين بالانضمام الى باكستان، وبعد وفاة شاستري بمدة طويلة تجدد القتال عدة مرات بين الهند وباكستان وقامت ثورة في كشمير تطالب بالاستقلال واصبح كل من الدولتين دولة نووية وكل ذلك لم يمنع الهنود من معاودة الطلب من حكوماتهم المتعاقبة اعادة فتح التحقيق والبحث في ملفات الوفاة القديمة علهم يصلون الى الحقيقة وراء وفاة واحد من اعظم زعماء الهند في العصر الحديث .
أضف تعليق