رؤيا نابليون داخل الهرم الأكبر واحدة من أغرب الحوادث التي حدثت على مر التاريخ، كانت الأهرامات منذ زمن سرًا حير العقول وأثار التساؤلات العديدة، مثلها مثل الكثير من أسرار الحضارة الفرعونية التي ما زلنا حتى اليوم نكتشفها تباعًا، وما زالت في جعبتنا مئات التساؤلات التي لم نجد لها جوابًا أو تفسيرًا بعد، واحدٌ من تلك الأسرار مدفونٌ في أعماق الهرم الأكبر، لمس ذلك السر الغريب عدة أشخاصٌ ورُويت عنه حكاياتٌ لم يعد أحدٌ قادرًا على تحديد ما إن كانت حقيقةً أم خيال، لم يكن نابليون بونبارت الفرنسي العظيم وحده هو من جرب تلك التجربة، إلا أنه قرر لأسبابه الخاصة أن يصطحب تجربته معه إلا القبر.
رؤيا نابليون في الهرم الأكبر
حدث في الهرم
كانت حجرة الملك في داخل الهرم الأكبر هي موطن الألغاز والظواهر الغريبة التي حدثت ورُويت عنه، كان بول برونتون المؤلف والباحث في علم المصريات أحد الذين قرروا خوض المغامرة وقضاء ليلةٍ كاملةٍ في حجرة الملك ليعرف ماذا يجري في الليل ويحاول كشف الغموض المنثور على أعتاب الهرم، وكان ما كان ففي ليلةٍ من ثلاثينيات القرن الماضي دخل برونتون الهرم بعد صيام وتجهيزات وأطفأ المصباح وجلس في الظلام، أول ما شعر به كان طاقةً سلبيةً مخيفة استولت عليه وبدأت تبني الرعب في داخله ثم شعر كأنه مُهدد، وأن شيئًا يحثه على الهرب والرحيل من هذا المكان وعدم العودة للأبد، إلا أنه ناضل وبقي في مكانه مستندًا بظهره إلى التابوت يحاول استجماع شجاعته والقضاء على خوفه وألا يعطي اهتمامًا للشعور الذي يخبره أن هناك أطيافًا تتحرك من حوله لا يدري ماهيتها، قضى على ذلك وقتًا ليس بقصير حتى قال أن الشعور السيئ اختفى فجأة وحل مكانه إحساسٌ بالراحة والسكينة والطمأنينة، ورأى حوله طيفين لشخصين قال أنهما من كبار الكهنة المصريين فحدثه أحدهما يسأله عن سبب قدومه ويحذره مما سيرى وحاول حثه على الهرب ومغادرة الهرم، إلا أن برونتون كما قال أصر على البقاء ورؤية الحقيقة وكشف الستار عنها وعندها فقط اختفى الكاهن الذي كان يحدثه، أما الثاني فبقي وطلب منه أن يصعد على التابوت فينام عليه عاقدُا ذراعيه على صدره مثلما كانت يفعل الفراعنة ففعل مثلما قبل له، وعندها فقط بدأت المشاعر الخارقة الغريبة تنتابه وشعر بنفسه يتحرر من جسمه المادي ويتحول لكيانٍ أكثر حريةً وخفةً ويطفو فوق جسده القديم الذي ظل راقدًا في مكانه فوق التابوت، عندها بدأ الكاهن يحدثه ويخبره برسائل يطلب منه إيصالها للبشر بني جنسه حتى انتهى منها فعاد برونتون لجسده مرةً أخرى، قائلًا أنه شعر بالحرية تتسرب منه وأنه عاد إلى قيوده المادية ثانيةً، وما إن جاء الصباح حتى غادر الهرم ليروي قصته وتجربته للآخرين.
زيارة و رؤيا نابليون في الهرم
عام 1799 قرر نابليون أثناء وجوده في مصر أن يستكشف الهرم الأكبر ويبحث عن الحقيقة في كل ما سمعه عن أسراره وغموضه، فدخل حجرة الملك وأمر كل من معه أن يتركوه بمفرده وألا يدخل أحدٌ عليه وألا يفسد خلوته فامتثلوا لأوامره وغادر الجميع وجلسوا منتظرين خروج ملكهم بفارغ الصبر، أما نابليون فقد قضى وقته بالداخل ولكنه ما إن خرج حتى عرف الجميع أن شيئًا قد حدث له وهم يسارعون لمساندته ومساعدته، ويتساءلون عما جعله يخرج راجفًا واجفًا شاحب الوجه زائغ العينين يرفض الحديث والكلام وهو ما لم يعتادوه من إمبراطور وقائدٍ ومغوارٍ مثل نابليون الذي عُرف عنه أنه لم يخف شيئًا يومًا ولم يُرهبه أحد وكانت الأساطير من أكثر ما يثيره ويجذبه بينما تخيف الآخرين فإذا به يتجه نحوها بقدمين شجاعتين ليسبر غورها وينتزع الحقيقة منها ويثبت لنفسه وللآخرين أنه أقوى منها، لكن الذي حدث في الهرم الأكبر بدا وكأنه شيءٌ أكبر من قدراته وشجاعته أيًا كان ما حدث له وهو ما لم نعرفه أبدًا للأسف، فما إن خرج نابليون على هذه الهيئة المزرية حتى سارع الناس يسألونه عما رأى فرفض الكلام والتزم الصمت، وحتى بعد أن هدأ ومر الوقت على هذه الحادثة ظل يلتزم الصمت كلما جاء ذكرها وأمر رجاله ومساعديه ألا يسألوه عنها أبدًا لأنه لم يعد يريد أن يتذكرها ولا يريد الخوض في حديثها، مرت السنون وجاءت هزيمته النكراء ضد البريطانيين والروسيين وانتهى تاريخ فتوحاته وانتصاراته وألقي القبض عليه ونُفي وقيل بين التكهنات ومحاولات كشف الستار عن رؤيا نابليون أن تجربته المخيفة داخل الهرم ساعدته على التنبؤ بهزيمته وأسره ونفيه، وأنه عرف مستقبله ومصيره لذلك كان خائفًا راجفًا يرفض الكلام عن الهرم وعما حدث بداخل وعما رأى وشهد، لأنه ربما خاف أن تتحول الرؤى والتنبؤات لحقيقة إن تحدث عنها، كان نابليون على فراش الموت وبجانبه أحد أصدقائه يسأله عن سره الغامض الكبير ( رؤيا نابليون ) وربما كان نابليون على وشك كشف الستار عن هذا السر، إلا أنه تراجع في آخر لحظة معرضًا عن صديقه قائلًا بأن أحدًا لن يصدقه أبدًا، وبهذا مات نابليون حاملًا سره إلى القبر.
قيل عن الهرم
هناك الكثير مما قيل عن الهرم الأكبر وسره الغريب فنابليون وبرونتون لم يكونا الوحيدين اللذين مسّا سره الغامض وخرجا بتجربةٍ مخيفةٍ منها بل كان هناك آخرون كثر، ذهبت بعد الاعتقادات لكون الهرم الأكبر هو نقطة اتصالٍ بين عالمنا وعوالم أخرى وهذا هو السبب في تلك التجارب الرهيبة والغريبة التي يراها الداخلون للهرم، فعندما يكونوا وحدهم ليلًا يصبحون ضحيةً سهلةً للوقوع في البوابة بين العالمين المختلفين ويكونون قادرين على رؤية من يأتون إليهم من العوالم الأخرى والحديث معهم والشعور بهم، كان ذلك كله تفسيرًا مبنيًا على بعض الرؤى التي رآها البعض فقالوا أن حجرة الملك والتي على ما يبدو هي قلب الأحداث كلها تكون مظلمةً ظلامًا طبيعيًا في لحظة وفي اللحظة التالية تضيء بضوءٍ غير معهودٍ وتنبعث الأشعة من كل مكانٍ فيها، وتتجسد في الحجرة كياناتٌ مضيئةٌ غير بشرية وتمتلئ الحجرة بطاقةٍ نفسيةٍ غريبة، بعض اللذين مروا بهذه التجربة قالوا أنها كانت مريعة وأنها أسوأ التجارب التي خاضوها في حياتهم ويتمنون ألا تتكرر ثانيةً.
من ناحيةً أخرى جاءت تفسيراتٌ حاولت أن تكون علميةً وأكثر مساسًا بالواقع من فكرة البوابة بين العوالم المختلفة فنسبت الفضل فيما يحدث للموجودين في حجرة الملك للأحجار والرمال التي بنيت بها تلك الحجرة وما خلفها، والتي قيل أنها أحجارٌ مشعة تتسبب في التأثير على تفكير الإنسان وعقله وتسبب له الهلوسات، وربما قال البعض أن تلك الأحجار كانت تصنع مجالًا مغناطيسيًا يجعل عقل الإنسان أشبه بآلة استقبالٍ فيستطيع أن يستقبل ما لا يستقبله العقل في حالاته العادية الطبيعية لذلك يرى تلك الكيانات والظواهر الغريبة، أما فريقٌ آخر وهو الذي يميل لتصديق الكائنات الفضائية والذي يعتقد بعضهم اعتقادًا لا جدال فيه أن الأهرام بُنيت بقوةٍ خارقة وغير بشرية وكان الفضائيون هم من بنوها وما زالوا على تواصلٍ بهذا الهرم ومن يدخل فيه، بل قال البعض منهم أن الهرم ما يزال مسكونًا بالفعل ببعض الفضائيين.
هلوسة أم حقيقة؟ لا أحد يدري حقًا، وماذا كانت رؤيا نابليون الجسور صاحب القلب الشجاع ليرهبه كل تلك الرهبة فيجعلهَ يصوم عن الكلام كل تلك السنين كاتمًا ذلك السر؟ هل رأى مصيره ومستقبله فعلًا؟ لن نعرف أبدًا.
أضف تعليق