وحش نهر بارمستون هو وحش أسطوري أرعب سكان مدينة كينغستون أبون هال في شرق إنجلترا. ويعتبر موطن الوحش عبارة عن ممر مائي أو قناة صغيرة أقرب منه إلى نهر يدعى ممر بارمستون. شاهد العديد من السكان ظواهر غريبة عند هذا النهر، وكثرة الحيوانات النافقة التي تظهر بشكل مفاجئ. ولم يعلم أحدهم السبب سوى بعد ظهور الوحش عدة مرات لأكثر من مجموعة أشخاص. وهنا سننقل كل الأخبار والمعلومات الممكنة عن وحش نهر بارمستون.
وحش نهر بارمستون في أول ظهوره
من عاشوا في مدينة كينغستون أبون هال يفخرون بهدوء المدينة، وذكريات الصيف السعيدة واللعب على ضفاف نهر بارمستون. ولا يحمل أيا منهم ذكريات حزينة عن مدينته قبل مايو 2015. تناقلت الأخبار عن ظهور وحش مغطى بالشعر الكثيف لمجموعة من السكان المحليين. وعلى حسب وصفهم الأولي، كان الوحش يبلغ قرابة 2.4 متر. قالت إحدى السيدات أنها رأت بوضوح قفزة الوحش العالية إلى الضفة المقابلة من النهر، ثم اختفى بين ظلام الليل. وكانت تلك السيدة بصحبة كلبها الذي بدأ في الارتجاف من الخوف مثلها، ولم يأبى أن يتحرك من مكانه.
وقال زوجان أخران بأنهم رأوا نفس مواصفات وحش نهر بارمستون على ضفاف النهر. وعلى ما يبدو فإنه كان يمسك بين فكيه كلب من نوع الراعي الألماني. وحين أدرك الوحش أنه مراقب، وقف على قدميه الخلفيتين، والكلب متدل من فكه القوي، وقفز عاليًا نحو ارتفاع 2.4 متر، ليختفي بين حقول في الضفة الأخرى.
نظرة أقرب إلى وحش نهر بارمستون
في التاسع والعشرين من أغسطس 2016، ألقت امرأة نظرة أقرب إلى وحش نهر بارمستون لتضح حقيقته الغريبة، وكان يصحبها اثنين من الأصدقاء. كانوا الثلاثة يقودون عبر طريق المدينة حين أشارت إحداهن إلى ما اعتقدوا أولًا أنه ذئب على قارعة الطريق. ولكن وقف الوحش على قدميه الخلفيتين وبدأ في طريقه نحو السيارة، مما جعلهم يرون بوضوح وجهه الذي يشبه وجه الإنسان تمامًا. والمرعب أن حجمه أكبر من السيارة نفسها، ومغطى بفراء رمادي وكريمي اللون. وكأنه نوع من التهجين، نصف إنسان ونصف كلب أو ذئب. وبسبب تلك اللحظة المرعبة، داست المرأة على البنزين بقوة، ثم انحرفت عن الطريق، مغشى عليهم جميعًا.
بداية التحقيق عن وحش نهر بارمستون
بعد سماع الشهود ومواصفاتهم الشبيهة والدقيقة، استدعى الأمر اهتمام المؤرخ مايك كوفيل. وبدأ فيما أسماه رحلة صيد المستذئب. يعشق مايك الظواهر الغير طبيعية والغير مفسرة، ويبحث عن المغامرة في تتبعها ومحاولة الوصول لتفسير منطقي لها. ورغم صعوبة تصديقه لقصص وحش نهر بارمستون، إلا إنه أكد أنها لم تكن الظاهرة الوحيدة الغريبة بجانب ضفاف هذا النهر. حيث أوضح، أن العديد من الزائرين في السنوات الماضية قد تناقلوا أخبار رؤيتهم لأشباح أطفال بعيون سوداء بجانب ضفاف النهر. بالإضافة إلى العديد من الظواهر الغريبة التي لا يعملها السكان الحاليون عن النهر.
تاريخ نهر بارمستون
بدأ السيد مايك كوفيل في النبش عن أصل وبدايات هذا الممر المائي المخيف. ليجد أنه تم بناءه ضمن مخطط للصرف الصحي عام 1798. وكان يسمى رسميًا “بيفرلي وبارمستون”. وكان الهدف منه تصفية بعض المستنقعات الملحية، وكمصرف صحي لمخلفات المصانع القريبة. كما كشف عن مآسي هذا النهر منذ لحظة بناءه التي امتدت على طول الممر الذي يصل إلى 23 ميل. المأساة الأولى كانت في يوليو عام 1824، حين غرق شاب بعمر 19 عام. حيث أوضح المؤرخ أن قرابة 100 شخص غرقوا في هذا النهر بطرق غامضة. ومن هؤلاء انتحار اثنين من العاشقين الشباب، حين ربطوا أيديهم معًا وقفزوا إلى النهر.
لم تتوقف أعداد الموتى بالارتفاع بجانب هذا نهر بارمستون، وقد وصل المعدل إلى واحد على الأقل سنويًا. خاصة في فصل الصيف، حين يبدأ الأطفال في اللعب والسباحة في النهر. حتى إن بعض المسئولين ناقشوا أهمية تكليف حراس على طول الضفاف في أشهر الصيف لمنع تلك المآسي. ولكن لم يتم تعين الحراس أبدًا.
هذا التاريخ المظلم الذي لن تلاحظه عند ضفاف هذا النهر والمصانع المحاطة به، يمتد إلى أكثر من ذلك. وكان العام 1892 هو الأكثر ظلمة بين كل الأعوام. حين تم سحب جثة طفل مجهول الهوية في شهر مايو. وفي ديسمبر من هذا العام، قتل جورج سوين أطفاله الصغار، البالغان من العمر أربعة أعوام وستة أعوام. ثم ألقى بهم بدون رحمة إلى النهر، وذلك قبل أن يقفز هو بنفسه ويموت.
التاريخ لا يفسر حقيقة وحش نهر بارمستون
على الرغم من هذا التاريخ المخيف، لا نجد به أي إجابات عن حقيقة وجود وحش نهر بارمستون المرعب. فبدأ مايك في البحث أكثر عن إجابات تفسر أصول هذا الوحش. وبعد سؤاله عن مدى تصديقه لتلك الأسطورة قال: “إنه أمر يصعب تصديقه، ولكن بعضًا من هؤلاء الشهود أعتبرهم أصدقاء مقربين لي، وهم معرفون لإخلاصهم وصدقهم، وهم بالحقيقة مرتعبين من أمر ما ولكنني لا أعلم ما هو بالتحديد. لو أن مجموعة قليلة من الأشخاص فقط يتحدثون عن رؤيتهم للوحش، لكنت اعتقدت أنهم يتوهمون. ولكن العديد من السكان يؤكدون رؤيتهم لوحش نهر بارمستون بنفس المواصفات.”
ظل السيد مايك كوفيل بالقيام بالجولات بجانب ضفاف النهر ليلًا ونهارًا، وهو متسلح بأدوات الكشف عن الظواهر الغريبة، ومعدات القياس لأي تحرك بسيط. ولم ينضم إليه السكان الذين شاهدوا الوحش بأعينهم. وذلك من شدة الخوف وتفضيل المكوث في أمان بالمنازل. ولم يتمكن مايك من طلب المساعدة منهم أو من غيرهم، لشدة غرابة الأمر وعدم سهولة تصديق تلك الخرافات. وظهر مايك في العديد من البرامج التي تتحدث عن الظواهر الخارقة للطبيعية، مثل البيوت المسكونة والأرواح والوحوش وغيرها. وهو الآن تمكن من تنظيم فريق ليلي لصيد وحش نهر بارمستون، إن تمكن حقًا من العثور على هذا الكائن.
تفسير علمي عن وحش نهر بارمستون
الدكتور سام جورج، هو خبير أدبي وعالم قوطي أي متخصص في دراسة إحدى الممالك الجرمانية التي تسمى القوط. كما أنه مسئول عن أول مؤتمر منعقد في إنجلترا لدراسة تاريخ وظاهرة المستذئب المنتشرة في قصص الخيال العلمي، في جامعة هيرتفوردشاير بعام 2015. قال الدكتور:
“طالما يسألني الناس عن سبب الاعتقاد السائد بوجود المستذئب، والذعر الشعبي الذي يلتف قصص مثل وحش نهر بارمستون. والغريب أن تلك الوحوش المزعومة تعيش في مناطق انقرضت منها الذئاب المحلية في إنجلترا. فأنا أعتقد أن هذه القصص لا تعكس اعتقادنا عن وجود هذا الوحش المرعب، بقدر ما تعكس الذنب المتراكم في دواخل البشر بسبب انقراض فصائل ذئاب محلية كانت يومًا ما تسكن إنجلترا. وقبل أن ننسى أمر وحش نهر بارمستون أو غيره ونعتبره قصة وهمية، علينا أن نبحث عن المعنى الأعمق للقصة، وكيف لها أن تشكل جزءًا مهمًا من الثقافة عن الذئاب. إنها قصة خُلقت من العقل الباطن تعبر عن غضب الطبيعة من الإنسان، وعقابه في شكل هذا الوحش الذي سبب الرعب والكوابيس للأطفال. ولا يأتي في صورة ذئب كامل مخيف، بل في صورة بشرية بعض الشيء، ليذكرنا أن الوحش الحقيقي هو الإنسان، الذي علينا حقًا أن نخاف منه.”
خاتمة
لك مطلق الحرية أن تصدق في وجود وحش نهر بارمستون، أو التفسير العلمي النفسي عن الوحش. في كلتا الحالتين، التفسير لن ينفي رعب السكان المحليين الذين يفضلون تمضية الوقت في البيوت عن التنزه بالقرب من النهر.
الكاتب : أيمن سليمان
أضف تعليق