ترجع بدايات القصص عن اصوات همهمة غريبة يسمعها بعض الاشخاص دون غيرهم في اربعينيات القرن العشرين في مدينة لندن، بعد وبعض المدن البريطانية الاخرى لكن لم يعر احد من المختصين اهتماما لهذة الظاهرة ولا لشهادات بعض السكان وذلك لأن نسبة من كان يسمع تلك الاصوات كانت قليلة، وبعد اكثر من ثلاثين عاما بدأ بعض العلماء بدراسة الظاهرة بشكل جدي في مدينة بريستول البريطانية، حيث سميت همهمة بريستول، وقد اصطلح على تسمية الصوت بهمهمة المدينة التي يظهر فيها في كل الحالات التي ظهرت فيما، وهو ما فتح الباب امام شهادات اخرى للظهور للعلن ومنها في مدينة تاوس المسكسيكية التي ظهرت اولى الشهادات بسماع همهمة غريبة من بعض سكانها في العام 1992، ومما اعطى همهمة تاوس اهمية خاصة هو ذلك الاهتمام الاعلامي غير المسبوق بها فقد تم اعطائها مساحات عريضة على صفحات الجرائد والمجلات وعلى شاشات القنوات الاخبارية.
لم تكن مدينة لندن وبريستول ومن بعدهما تاوس هي المدن او المناطق الوحيدة التي ظهرت فيها شهادات تؤكد سماع الهمهمة فقد سجلت شهادات في كل من اسكتلندا ونيوزليندا والهند والولايات المتحدة الامريكية وكندا وايرلندا وفي بعض دول امريكا الجنوبية وجنوب افريقيا ولم تسجل اي شهادة من قبل في اي مدينة عربية وذلك لعدم وجود ابحاث متخصصة في هذا المجال تقوم برصد شهادات السامعين للهمهمة وقد يكون ذلك لأسباب دينية واجتماعية، وقد نجحت بعض الدراسات في رصد الهمهمة وتسجيلها بمساعدة اجهزة تسجيل الكترونية وهو ما اعطى الموضوع بعداً جديداً بعد ان كانت معظم الدراسات تهتم بدراسة الصحة البدنية والنفسية للسامع وتعزوها الى خلل ما عنده.
سجلت الدراسات ان 11% تقريبا من سكان مدينة تاوس يسمعون اصوات همهمة تاوس ، وقد سجلت عدة شهادات لعلماء مرموقين او فنانين ومشاهير قالوا انهم سمعوا بالفعل همهمة تاوس ، وفي زمن يحكم العلم كل قوانينه وتسود التجربة والبرهان على الخرافة والوهم، اهتم عدد كبير من الباحثين بهذة الظاهرة على مستوى العالم وفي ظل عدم التوصل الى السبب الحقيقي الملموس الى الان فقد تم وضع عدة فرضيات يعكف العلماء على اثبات واحدة او اكثر منها في كل بحث يقومون به، وقد اهتمت الدراسات بمعرفة مصدر الصوت فمنها ما افترض انه انساني المصدر واخرى حيواني وثالثة انها ميكانيكي واخرى انه من ظواهر الطبيعة المختلفة فيما اوغلت بعضها في الخيال العلمي وافترضت ان مصدره ليس ارضي بتاتا وانه جراء نشاط لكائنات فضائية، ومن اهم هذة الفرضيات :
فرضيات همهمة تاوس
1- اصابة السكان الذين يسمعون الظاهرة بمرض سمعي ما يجعل الصوت يصدر في اذانهم ولايأتي من الخارج كما يعتقدون، وبالفعل تم فحص الكثير من الذين شهدوا بسماعهم الهمهمة ولكن لم يثبت اصابة اي منهم بأي خلل سمعي .
2- التلوث الصوتي او الضجيج الناتج من المناطق الصناعية او من السيارات في المدن والذي يصل عبر طبقات الجو الى المناطق الريفية ويكون على شكل اصوات خافتة يسمعها بعض السكان وقد ثبت فشل هذة الفرضية بسبب وجود كثير من القرى بين اقرب مصدر ضجيج وتلك المناطق التي يسمع الناس فيها الهمهة ولم يسمع اي من سكان تلك القرى الواقعة في الطريق اي شيء، اي لم يظهر الصوت على طول خط انتقاله المفترض.
3- اصوات تلقائية تصدر عن جسم الانسان اما نتيجة مؤثر داخلي او خارجي، اذ توصلت بعض الدراسات ان حوالي 60% ممن خضعوا للاختبارات يمكن ان تحدث لهم تلك الظاهرة وانها اكثر حدوثا لدى النساء، لكن مع تقدم وسائل التكنولوجيا والتمكن من تسجيل بعض اصوات الهمهمة في بعض المناطق تم اختراق هذة الفرضية واثبات فشلها في تفسير كافة الحالات المسجلة حول العالم .
4- اصوات تصدر عن كائنات حية وخاصة الكائنات البحرية اذ تم تسجيل تشابه هذة الاصوات مع اصوات تصدرها بعض انواع الاسماك ولكن ما يجعل هذة الفرضية غير ممكنة التطبيق ان بعض المدن التي تم رصد الهمهمة فيها ليست ساحيلة وكان الاولى ان يتم تسجيل تلك الاصوات في المدن الساحلية الاقرب .
5- امواج البحار والمحيطات وهذا السبب ايضا مثل سابقه اذ لا يمكن تفسير سبب ظهور هذة الهمهمة في المناطق غير الساحلية .
6- فرضيات الخيال العلمي والتفسيرات الخارقة للعادة ومنها ان المصدر من كائنات فضائية او من برامج سرية على بعد اميال تحت الارض او اماكن سرية عالية التحصين حيث ظهر ذلك النوع من الفرضيات كنتيجة للحرب الباردة وما تلاها من سباق التسلح المستمر في دول العالم المتقدم ومحاولة بعضها لتجريب بعض انواع الاسلحة غير التقليدية، فيما عزت بعض الفرضيات الاخرى هذة الظاهرة الى ردة فعل الارض للتغيرات التي تحصل في البيئة والمناخ وغيرها مما ينتج عن نشاطات انسنية وقد رجحت ان تكون ردات الفعل هذة على شكل موجات كرومغناطيسية، وبغض النظر عن مدى دقة التفسيرات واقناعها للمستمع لها ما زالت هذة الفرضيات الثلاث بعيدة جدا عن ايجاد دليل ملموس تقدمه للناس وانما تستند الى مناقشات فلسفية وقرائن لم يثبت منها ما يمكن ان يصبح دليل.
منذ نشأة مدرسة البحث العلمي الحديث في القرن السادس عشر في اوروبا ووضع المنهج العلمي في البحث على يد فان دالين، حاول العلماء حل لغز كثير من الظواهر التي حيرت الناس من قبل لدحض كثير من الخرافات التي سادت وروج لها لتكون اداة في سيطرة السلطات الحاكمة على الناس ولكن من جديد اصطدم العلم الحديث بظواهر اكثر غرابة منها ما يرزال الى الان يشكل لغزاً كبيراً للعلماء، وظاهرة الهمهمة احد هذة الظواهر التي يعجز العلم الى الان وضع تفسير يقوم على الدليل الملموس لسببها المباشر .
ويمكن القول ان همهمة تاوس هي اول ظاهرة غريبة من هذا النوع تخرج الى العلن على المستوى العالمي فقد اهتم العلماء والاعلاميين بها بشكل كبير حتى دفع بعض المشاهير ورواد الفن ورجال الاعمال والسائحيين العاديين الى تنظيم زيارات لها لعلهم ينجحون في سماع ما يتم الحديث عنه، وقد حول ذلك ظواهر الهمهمة العديدة من مجرد قصص خرافية منتشرة هنا وهناك الى ظاهرة عالمية تستحق ان يتم صرف الاستثمارات وتجنيد العلماء لكشف خباياها، لكن ذلك لا يمنع احد من الادعاء ان هذة الظاهرة ما زالت مجرد خرافة وان هناك خلل ما ما زال غامضا في كل ما تم من دراسات وهو ما يزيد من الاثارة ويزيد من شغف الناس بمعرفة المزيد عنها.
أضف تعليق