تسعة مجهول
هتلر
الرئيسية » جريمة » هتلر : حياته وصعوده وهل مات أم انتحر أم قتل ؟

هتلر : حياته وصعوده وهل مات أم انتحر أم قتل ؟

هتلر والنازية اسمان تركا ندبةً كبيرةً في صدر التاريخ وليس التاريخ فحسب، بل إن كل شخصٍ مهما اختلفت درجة ثقافاته وتنوعت اهتماماته قد سمع يومًا عن ديكتاتوريته.

هتلر والنازية اسمان تركا ندبةً كبيرةً في صدر التاريخ وليس التاريخ فحسب، بل إن كل شخصٍ منا مهما اختلفت درجة ثقافاته وتنوعت اهتماماته قد سمع يومًا عن ديكتاتورية وجنون هتلر وفظائع النازية وعنفها، وإن العالم لن ينسى أبدًا مهما مر عليه من زمن ذلك الاجتياح الألماني الذي بدأ بغزو العالم والانتشار فيه كالخلايا السرطانية تتكاثر بسرعةٍ جهنميةٍ ولا يبدو أنه من الممكن إيقافها تحت جنون هتلر وراية النازية بعد أن كانت ألمانيا تجثم بإرهاقٍ تحت ثقل العالم وبطشه بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، إن المسارعة إلى الوصول إلى لحظة نهايته لن تبدو منصفةً أبدًا في حقه، بل إنها لن تبدو مهمةً أو مفهومةً أو مبررةً لو لم نعرف البداية أولًا، لو لم نعرف هتلر في حياته وقصته مع النازية لنفهم لحظة موته، إن هتلر ظل ظاهرةً غريبةً ومدهشةً في حياته وكذلك في موته.

هتلر : ملف كامل عنه

نسب هتلر

في حقيقة الأمر لم يكن هتلر ألماني الأصل وإنما كان نمساويًا، برغم أنه ظل طول حياته يدين بالولاء لألمانيا ويراها بلده وبلد النمسا، غاضبًا حانقًا على حكومة النمسا وحكمها منتظرًا اليوم الذي ستعود فيه النمسا إلى مكانها الطبيعي من وجهة نظره وهو تحت راية ألمانيا وحكمها، وهو ما قام بتحقيقه فعلًا من قائمة إنجازاته رغم أنه لم يكتفِ بضم النمسا تحت راية ألمانيا فحسب، وإنما أراد ضم أوروبا والعالم كله من بعدها تحت راية النازية، ولد هتلر لألويس هتلر وكلارا هتلر، وكان والده لقيطًا غير معروف النسب حيث وُلد لفلاحةٍ كانت تعمل وقتها خادمةً لأسرةٍ يهودية فحمل لقب والدته سنيناًا قبل أن يحمل لقب زوج والدته بعد ذلك، وكان تاريخ ألويس ذلك واحدًا من الطرق التي حاول بها الناس فيما بعد تشويه هتلر وسمعته واستغلها أعداؤه لتثبيط أنصاره بتذكيرهم بنسب زعيمهم وأن احتمالًا كبيرًا أن يكون يهودي الجد! لكنه كان ينكر ذلك بشدة ويعتبره كذبًا غير حقيقي.

هتلر صغيرًا

كان مشتتًا بين الأب القاسي الذي يلهب ظهره بالسياط ويجلده كل يومٍ وليلة وأمٍ حانيةٍ عشقته ولم تخالف له رأيًا أو طلبًا، ورغم عنف الأب فقد كان مثابرًا مجتهدًا للحصول على وظيفةٍ حكوميةٍ تضمن له الأجر ولأسرته الحياة، وكان يرغب أن يحذو ابنه حذوه ويتكبد عناء التكاليف الدراسية كلها يتمنى أن يرى ابنه يحصل على الشهادة الثانوية، لكن أحلام هتلر اتجهت للرسم والأدب والفنون وعشقه للتاريخ والجغرافيا طغى على رغبة والده وجعل البيت يشتعل شجارًا بينهما فظل هتلر يهمل دروسه وتراجع فيها ورسب في الصف الأول الثانوي حتى يجبر والده على هدر أموالٍ مضاعفةٍ على تعليمه فييأس ويتوقف ويستسلم لإرادة هتلر بعد نفاذ ماله، وجاء موت ألويس مفاجئًا تاركًا هتلر الذي ترك دراسته وسافر لفيينا للالتحاق بمعهد الفنون، لكن الحظ لم يكن بجانبه رغم فنه وبراعته في الرسم إلا أن الجواب على تقدمه لاختبار القبول كان الرفض! وكان السبب هو ميله في الرسم للبناء والتصميم الهندسي والعمارة فأخبروه أن يلتحق بكلية الهندسة وهو ما عجز عنه لتخلفه عن الحصول على شهادة الثانوية.

من متشرد لرئيس!

بعد الرفض المرير عاش هتلر أسوأ سنوات حياته في فيينا يعمل أحقر وأصغر الأعمال ويفترش الأرض وينام في العراء لكنه رغم ذلك ظل مهتمًا بالأدب والثقافة والمسرح، حتى أنه كان يقول إذا ما ابتاع كتابًا جاع يومًا وإذا ما ذهب للمسرح مرةً جاع يومين، وبدأ مع الوقت ينمو فكره وبدأ بمتابعة الأحداث السياسية في البلاد ويزداد يومًا بعد يوم كرهًا للماركسية واليهودية ويقينًا بأنهما سبب شقاء البلاد، وبعد فترةٍ التحق بالجيش الألماني ومع الوقت ترقى فيه لرتبة عريف، كانت بدايته وبداية النازية هو حزب العمال الاشتراكي الذي انضم إليه وترقى فيه حتى أصبح زعيم الحزب وأضاف له التغييرات والتعديلات وأسماه الحزب النازي، وحاول هتلر وحزبه الحصول على السلطة بالعنف لكن الأمر انتهى به سجينًا تسعة أشهر فبعد خروجه قرر استخدام الذكاء ونبذ العنف للوصول للسلطة فبدأ حزبه بالدخول في الانتخابات البرلمانية والتدرج فيها حتى كاد يحتكر البرلمان كله لحزبه، وكحزبه تدرج هتلر في المناصب حتى لم يتبقَ له سوى خطوةٍ واحدةٍ على السيادة التامة على البلاد فقام في إحدى الليالي بعملية اغتيالاتٍ موسعةٍ قيل أنها طالت 300 شخصٍ تلك الليلة ليعلن في الصباح سيادته ورئاسته على البلاد بلا منازع.

تحليل لشخصية هتلر

يبدو الجنون من أول الصفات البديهية التي نصف بها شخصيته لكنها ليست الوحيدة فهو كان شخصيةً هستيريةً مزدوجةً ومناقضةً لنفسها، فتراه رقيق القلب والطبع حينًا محبًا للأزهار والأطفال ثم يتحول لبركانٍ غاضبٍ لا يرى أمامه إن عارضه أحدٌ أو جاء على ذكر أحد خصومه، كما اتهمه الكثيرون بأنه كان مصابًا بالشيزوفرينيا، على عكس المعتقد فقد كان هتلر ضئيل الحجم والجسد قصير القامة وليس من صفات الزعماء جسمانيًا في شيء، حتى أنه كان مصابًا بقصر النظر ويرتدي نظارةً طبيةً، كان مصابًا بجنون العظمة كما اعتبر نفسه إلهًا أو نصف إله ولم يكن وحده من اعتبر نفسه كذلك فالشعب الألماني كان بعشقه بل ويعبده أحيانًا، رأى نفسه معصومًا من الخطأ ولا يفعل إلا الصواب لذلك كان متعجرفًا متكبرًا لا يقبل النقد ولا النصيحة أبدًا، برغم ذلك فقد ملك هتلر كاريزما خاصة جعلته على علاته تلك معبودًا لجماهيره الغفيرة، كما أنه كان خطيبًا مفوهًا من صغره فإذا تكلم دائمًا وجد من يسمعه ويؤمن بكلامه ويؤيده، فما إن أصبح رئيسًا حتى صارت خطبه عملياتٍ تنويميةً لشعبه يغسل أدمغتهم بها، رغم ذلك فما كان هتلر يرى شعبه بشرًا عاقلين وإنما هم قطيعٌ من الماشية ينتظر أن يقوده هو.

هتلر العنصري

كان هتلر عنصريًا لنفسه ولجنسه فكان عنصريًا لنفسه بأنه لم يثق بأحد وكان يخون الجميع ولم يسمح لأحدٍ بالاقتراب منه غرورًا وخيلاء وانعدام ثقةٍ في الآخرين، لكن ما اشتهر به حقًا كانت عنصريته وتعصبه العنيف للجنس الآري حيث اعتبرهم أسياد الأرض وملوكها ومحرمٌ عليهم الاختلاط بأي جنسٍ آخر وتلويث نسل جنسهم بالتهجين ذلك وخاصةً مع اليهود، كما كان الجنس الآري على رأس القائمة له فكان اليهود في ذيلها فقد كرههم هتلر من صغره وبدأ حياته السياسية بالإيمان بواجب القضاء على اليهود والتخلص منهم، وارتكب في حقهم التهميش والطرد والتعذيب بل والمذابح أيضًا حتى أنه كان يرفض أن تختلط كلاب اليهود بكلاب الألمان في الشارع حتى يحافظ على نقاء نسل الكلاب الألمانية! وكان مع كل ذلك ملحدًا كافرًا بالأديان كلها وأنّى له أن يؤمن بأحدها وهو يصنف نفسه من الآلهة! لكنه برغم ذلك حمل احترامًا أو واجبًا نحو لمسيحية ولم يعارضها أو يحاربها أو حتى يقطع إمدادات الدولة المادية لها وإنما حفظ لها حقوقها.

صعود ألمانيا

بعد الحرب العالمية الأولى التي شهدت فيها ألمانيا هزيمةً نكراء أذلتها وجعلتها توقع معاهدة فرساي وأثقلت اقتصاد الدولة بأعباءٍ ماليةٍ لا حصر لها، كانت ألمانيا على حالٍ ضعيفٍ ومخزٍ حين اعتلى هتلر عرشها وكانت من مبادئ حزبه الرئيسية هو تجاهل معاهدة فرساي والبدء بتسليح ألمانيا لاستعادة قوتها ومجدها، في ذلك الوقت كانت ثقافة الاستعمار غالبةً على العالم فالدول الأوروبية المختلفة حول ألمانيا كانت تبسط أذرع الأخطبوط على الدول الأخرى وتفرض عليها الاستعمار وتعادي بعضها البعض رغبةً في الحصول على مساحةٍ أكبر لإمبراطوريتها، حينها بدأ هتلر حربه على العالم كله بالتوسع في بلده على حساب الآخرين والتعدي على بلادهم والبلاد التي استعمروها وضمها لنفسه، بدأ بحلمه الأول القديم النمسا مستغلًا رغبة النمساويين أنفسهم في الانضمام إلى ألمانيا وبعدها بدأ الغزو ما بين بولندا وفرنسا ويوغسلافيا واليونان وكريت والدنمارك والنرويج وبلجيكا وكان بينه وبين موسليني اتفاقيةٌ فوقفت إيطاليا في صف ألمانيا واقترب من البحر المتوسط وبلاد شمال أفريقيا.

السقطة

كان قريبًا من احتلال العالم عندما ارتكب الغلطة الكبرى وهو التوجه بأنظاره إلى الاتحاد السوفيتي والطمع في احتلال روسيا، عندها انقلبت الموازين عليه فمن جهةٍ بدأت دول الحلفاء في ضرب جيوشه ودكها من اتجاه شمال أفريقيا ومن الجهة المقابلة دُكت جيوشه المحاصرة لروسيا على أيدي السوفيات وباتت المجازر الدموية حليفة جيوشه الغفيرة التي بدأت بالترنح والتقهقر وتراجعت الامبراطورية النازية الألمانية على مر الأيام حتى جاء اليوم التي صارت ألمانيا التي كانت قلب الإدارة والحكم والقلعة النازية الملقبة بالحصن الأوروبي تُضرب وتُدك بالصواريخ والطائرات، ثم اتجه الحلفاء لتحطيم ما أسماه هتلر بالجدار الأطلنطي وكان أحد أقوى خطوطه الدفاعية في شمال غربي فرنسا فاستخدموا عنصر المفاجئة واخترقوه وبدأ تحرير أوروبا من النازية.

نهاية هتلر

عندما خسر الألمان وانهارت الامبراطورية النازية وحوصر هتلر ومن معه ورفض الهروب والتخلي عما عاش حياته كلها يبنيه ويضحي لأجله، دخل مخبأً حصينًا هو وأعوانه وعشيقته إيفا وزوجته وأطفاله الستة وعاشوا أسوأ أوقات حياتهم في ذلك المخبأ، وخلال تلك الظروف العصيبة مرض هتلر مرضًا عنيفًا ألزمه الفراش وكان من حوله يختلفون فيما يشيرون به عليه فالبعض أخبره بأن الفرار أفضل له، والبعض الآخر رفض فكرة فرار وهروب هتلر وأشار عليه بالانتحار وتخليص نفسه من عار الهرب والأسر معًا، واشتد به المرض والألم وضاق الحصار وتساقط النازيون وصار سقوط برلين أمرًا مؤكدًا وحتميًا وجاء له خبر الإمساك بموسوليني وعشيقته كلارا وإعدامهما وتعليقهما في الشوارع ثم إلقائهما في النهر ليراهما الجميع ودفنهما بعد ذلك في مقبرةٍ للمتسولين، شعر هتلر بدنو الأجل وعرض على من معه الهرب بما فيهم عشيقته وسكرتيرته لكن إيفا رفضت الهرب وقررت البقاء معه للنهاية.

انتحار هتلر

أصدر هتلر أوامره بإعدام كلاب حراسته وحرق أوراقه وملفاته الشخصية كلها ثم اتجه لحارسه الشخصي وخادمه يوصيهما بالدخول عليه بعد سماع صوت الإطلاق الناري بعشر دقائق فيطلقان عليه النار ثانيةً ثم القيام بحرق جثته بعد موته، بعدها دخل غرفةً مع عشيقته فأعطاها السم لتشربه وانتظر حتى اطمأن لموتها تمامًا فأطلق النار على نفسه، وتبع خادمه وصايته فدخل الغرفة وأطلق عليه النار ثانيةً ثم حملهما فألقى بهما في حفرةٍ كانت قد سببتها إحدى القذائف على أحد مخارج المخبأ وأشعل النار فيهما فأحرقهما، بعد انتحار هتلر انتحر الكثيرون هم وعائلاتهم لرفضهم الحياة في عالمٍ لا يعيش فيه هتلر ولا تسود فيه النازية، وعند سقوط النازية تمامًا لم يجدوا جثة هتلر في البداية فشاع أنه هرب لكن الروس وجدوا جثته المحترقة ويُقال أنهم احتفظوا بالجزء المثقوب من جمجمته برصاصة الانتحار.

كانت نهاية النازية ورئيسها مؤسفةً حقًا لكنها جديرةٌ بجرائمهم العديدة وكُتب لألمانيا الاستسلام أخيرًا، وقامت محاكمات نورمبرغ الشهيرة وحُوكم فيها النازيون وحُكم عليهم بالإعدام لتنتهي أسطورتهم للأبد.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

ثلاثة عشر − واحد =