يُعتبر المُختل نورمان بايتس الأب الروحي للقتل في تاريخنا الحديث، حيث بدأت على يده سلسلة من جرائم القتل المجنونة، الغير معروفة أسبابها أو كيفيتها، والتي تم تفسيرها فيما بعد على أنها كانت نتاج شخص يُعاني من اضطرابٍ وانفصام في شخصيته، هذا الانفصام جعله يتلبّس شخصيتين في آن واحد، إحداهما طبيعية تظهر نهارًا والأخرى غير طبيعية بالمرة، وتظهر ليلًا، وهي التي جعلته يقتل أمه في ظروفٍ غامضة، لكن، قبل أن نخوض في جرائم نورمان بايتس دعونا أولًا نتعرف على حياته ونشأته، وكيف تحول من شخصٍ وديع إلى قاتل مُتسلسل، عُرف فيما بعد بالأب الروحي للقتل.
نورمان بايتس والقصة الكاملة للسفاح المختل
من هو نورمان بايتس؟
نورمان بايتس هو شخص من الطبقة المتوسطة، وُلد في أبريل عام 1876 بولاية جورجيا القابعة في والولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت البلاد وقتها في حالة التمهيد للنهضة الصناعية وانتشار رأس المال، لذلك وجد بايتس-والد نورمان-نفسه من أصحاب الطبقة المتوسطة، وذلك لأنه كان يمتلك فندق صغير في ضواحي المدينة، يُعينه على عيش حياةٍ مُرفهة إلى حدٍ ما، فكل ما كان يحتاجه زوجته وطفله يجدونه بسهولة، لكن، مع كل ذلك، ذاق نورمان بايتس الآمرين في طفولته ونشأ كأسوأ ما يكون.
طفولة نورمان بايتس
كان نورمان بايتس طفلًا ككل الأطفال، لكنه لم يلقى أبدًا معاملة الأطفال المتوقعة، حيث مات والده بعد ولادته بست سنوات، ليضطر بعدها إلى إكمال حياته مع والدته، والتي كانت تُعاني مش مشاكل نفسية كثيرة ومُصابة بأمراض الحقد والحسد، وهو ما جعلها بالطبع تُورث كل هذا لولدها نورمان، فأفهمته أن النساء كلهن شر، عدا هي بالتأكيد، وأنهن لا يُناسبهن شيء سوى القتل، بل حتى مجرد العلاقات العابرة لا تجوز معهم، فالاختلاط بهم خطيئة كُبرى، كفيلة بأن تجعل صاحبها يخلد في الجحيم للأبد، هكذا قالت الأم وهكذا بدأ الابن في التصديق، ليُفتح بذلك بابًا من الجحيم، هي بالذات ستكون أول من يُلقى منه ولن تجد حتى فُرصة للندم.
نورمان بايتس والانفصام
للأسف نجحت والدة نورمان في تحويل طفلها إلى شخص مُضطرب نفسيًا يُعاني من الانفصام، حيث كان نورمان في النهار شخص عادي، مُهذب جدًا وأنيق، يُساعده غير ولا يُمكن أبدًا أن يُعتقد بأنه قد يقتل ذُبابة حتى، لكن، مع أول ضوءٍ لليل، يتحول نورمان لا إراديًا إلى فتاة، والمقصود بذلك أنه كان يرتدي ملابس فتاة، ثم يهيم في الطريق في زي الفتاة هذا باحثًا عن ضحية يقوم بقتلها شر قتل، ولم يكن لضحاياه علامات مُعينة، فأي فتاة جميلة تسير في الطريق بالقرب من نورمان يُمكن أن تُصبح بلا مُقدمات ضحيته، لكن هذا أيضًا من الممكن إغفاله واعتباره أمرًا عاديًا، لكن الشيء المروع فعلًا هو الطريقة التي بدأ بها نورمان بايتس جرائمه، وأصبح من خلالها السيدة نورما السفاحة.
نورمان بايتس يُصبح نورما
كما أسلفنا، كانت والدة نورمان هي السبب الرئيسي لتحول نورمان بايتس إلى قاتل مُتسلسل، كما كانت أيضًا المُفتتح لجرائمه، فتلك المرأة التي أشبعته بكرهها للعالم أجمع ومن فيه كانت ذات ليلة على فراشٍ مع عشيقها، ولم يشعر نورمان بنفسه إلا وهو يقتلهما معًا، ثُم يُلقى بجثة الرجل الغريب في النهر ويحتفظ بجث والدته التي يُحبها ويكرهها في نفس الوقت، ليبدأ بعدها مزيج من المشاعر المُختلطة يولد لديه حالة من الانفصام، جعلته كل مساء يرتدي ملابس والدته الحبيبة ويخرج باحثًا عن ضحية جديدة، يخرج وهو نورمان ويقتل وهو نورما.
الضحية الثانية
كانت ماريون كران هي الضحية الثانية لنورمان بايتس، وقد كانت ماريون فتاة صغيرة في السن، عملت كخادمة بإحدى البيوت ثم سرقت بعض الأموال منه وهربت لتلتقي بعشيقها ليعيشا حياة سعيدة بتلك الأموال، هكذا كانت تتوهم الفتاة، فالمسكينة لم تكن تعرف نورمان بايتس بعد.
نزلت ماريون كران في فندق نورمان، وفي تلك الليلة جاءت والدته له في المنام، وقد كان هذا دليلًا على أن ثمة ضحية بالقرب منها، وبالفعل وجد ماريون تدخل عليه وهي تتزين بأجمل الملابس التي اشترتها من أموال السرقة، وفي تلك اللحظة قرر نورمان أن يبيت هذه الليلة وهو نورما، وهذا يعني أنه سوف يرتكب جريمة قتل.
نورما تقتل مرة أخرى
في المساء كما بَيّت نورمان بايتس ارتدى ملابس والدته وذهب إلى غرفة ماريون، وقد كانت تستحم في هذا الوقت، فلم تُمهله نورما وانقضت عليها تكتم أنفاسها، وما هي إلا أنفاسٍ قليلة أخرجتها الفتاة ثم سقطت جثة هامدة، وبعد أن فعل بها ما فعله قام بسحب جثتها وألقى بها في النهر، الغريب، أنه قاد عاد إلى الفندق وبدّل ملابسه ثم جلس يُطالع الصحف وكأن شيئًا لم يكن، وليس المقصود هنا أنه أراد أن يبدوا الأمر كأن شيئًا لم يكن، بل هو فعلًا لم يكن يعرف ما فعله قبل لحظاتٍ بثياب والدته، وهذا هو الانفصام.
سقوط نورمان بايتس
بعد اختفاء ماريون بأسابيع قليلة ذهب أحد المُحققين لملاقاة صاحب الفندق بشأن اختفاء الفتاة، وبالطبع كان صاحب الفندق هو صديقنا نورمان بايتس، لذلك، وقطعًا للشكوك، قام بقتل المحقق وألقى بجثته في نفس النهر الذي ألقى بماريون فيه، وقد ظن بعدها أنه قد أغلق باب جهنم الذي كان سيُفتح عليه، لكنه في الحقيقة بفعلته تلك قام بفتحه على آخره.
اختفاء ماريون والمحقق الذي ذهب يُحقق في اختفائها!، إذًا ثمة شيء غريب يحدث في هذا الفندق، وقبل أن يصل المحقق التالي وصل عشيق ماريون وشقيقتها واشتبهوا في ماريون بايتس لتصرفاته الغريبة، وعندما حاول ماريون أن يُلحقهما بماريون والمُحقق تمكن الشاب منه وقام باستدعاء الشرطة التي وصلت سريعًا لتشهد سقوط نورمان بايتس.
نورمان بايتس والصدمات
كان سقوط نورمان بايتس مصحوبًا بالكثير من الصدمات، أولها أن الشرطة، والجميع، كانوا يعتقدون أن والدة نورمان كانت على قيد الحياة، وذلك بالرغم من أنه قد قام بقتلها قبل عشر سنوات، وربما يكون ذلك بسبب ملابسها التي كان نورمان يرتديها ليلًا ويخرج بها للناس، فيتوهم الجميع أنها هي، والأمر الآخر أنه في خلال هذه الفترة قد قام بقتل ما لا يقل عن عشرين امرأة، حتى فاض النهر المجاور بجثثهن، كل هذا كانت لا تعرفه الشرطة عن السفاح نورمان بايتس واكتشفته صدفة مع الوقت، لكن، وبالرغم من كل هذه الجرائم، لم يُعدم نورمان السفاح!
نهاية نورمان بايتس
كان الانفصام السلاح الأقوى لنورمان بايتس في المحكمة، حيث أن القانون ينص على اعتبار مرضى الانفصام كفاقدي العقل، وأن كل ما فعلوه أثناء تلك الحالة لا يُحاسبون عليه، لذلك حصل نورمان على البراءة لكن تم وضعه في مصحة نفسية، قضى بها كل ما بقي من حياته، والغريب أن حالة الانفصام لم تأتيه مرة أخرى، وكأن الأمر كان يتعلق بجثة والدته التي ظل مُحتفظًا بها طوال عشر سنوات، والدته التي كانت سببًا رئيسيًا فيما وصل إليه من اضطراب نفسي جعله يقتل النسوة في الطرقات دون شفقةٍ أو عطف، ليُصبح اسم نورمان بايتس مُقترنًا دائمًا بوصف الأب الروحي للشر.
أضف تعليق