تُعتبر السفاحة البريطانية ميرا هيندلي واحدة من النساء البريطانيات القليلات اللاتي سجلن أسمائهن في التاريخ البريطاني، ذلك التاريخ الذي لم تلمع فيه مرأه بريطانية بشكل أو بآخر، لكن ميرا فعلت بسبب جرائمها التي ارتكبتها في ستينيات القرن العشرين، والتي كان أغلبها للغرابة في حق الأطفال، لكنها في النهاية سقطت، وعلى يد أحد أقاربها، لتلقى مصيرها بالسجن مدى الحياة هي وعشيقها الذي ساعد في ارتكاب ذلك الكم من الجرائم، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف أكثر وبالتفصيل على قصة السفاحة البريطانية ميرا هيندلي، ونعرف كيف دخلت عالم الجريمة، وما الذي فعلته به، والأهم من كل ذلك بالتأكيد، الطريقة التي جاء بها السقوط المنتظر لها.
من هي ميرا هيندلي؟
ميرا هيندلي، اسمها بالكامل ميرا هيندلي زودياك، وقد ولدت ميرا في السابع من يوليو القابع في عام 1942، أي قُبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفي دولة معنية بشكل أو بآخر بهذه الحرب ونتائجها، وهي بريطانيا العظمى، وإذا أردنا تحديدًا أكثر فعلينا أن نذكر أن ميرا قد ولدت في مدينة مانشستر الشهيرة.
كانت ميرا تتبع أسرة متوسطة الحال بعض الشيء، فوالدها كان مُدرسًا بأحد المدارس البريطانية، ووالدتها كانت ربة منزل مرموقة من أسرة ذات طبقة متوسطة أيضًا، ولم يكن لميرا سوى شقيق واحد، لكن، وبالرغم من كل ذلك، ترعرعت ميرا وتجرعت طفولة مؤلمة بعض الشيء، لم تكن تتناسب أبدًا مع ما كنت تمتلكه من ظروفٍ اجتماعية وأُسرية.
طفولة ميرا هيندلي
لم تحظى ميرا هيندلي بطفولة تليق بالحالة التي كانت عليها أسرتها، ففي عامها الرابع توفيت والدتها، ويُقال إن تلك الوفاة جاءت إثر انتحار، لكن لا أحد يعلم أسباب ذلك الانتحار حتى الآن، وإن كان الأمر في النهاية قد تسبب في كارثة، فقد ساءت حالة ميرا بسبب حرمانها من والدتها إلى الحد الذي جعلها وهي في سن السادسة طفلة عدوانية جدًا، تقوم بعضّ الآخرين دون أي أسباب، كما كانت تجد مُتعة هائلة في تكسير الأثاث.
عندما دخلت ميرا المدرسة كان من المتوقع أن تتحسن حالتها، لكن نقيض ذلك تمامًا هو ما حدث، إذ تعرضت للاضطهاد من زملائها، مما تسبب في جعلها أكثر عدوانية، كما أن لحاق أبيها بوالدتها لأسباب مجهولة أيضًا وهي لا تزال في الثالثة عشر، إضافةً إلى مرض شقيقتها الغريب والذي أجبر ميرا على ملازمتها للرعاية طوال الوقت، تسببا في اضمحلال حالة ميرا، حتى أنها استقبلت فترة المراهقة وهي مستعدة للانحراف والضياع وما هو أكثر من ذلك بكثير.
ميرا هيندلي وإيان برادي
في سن السادسة عشر التقت ميرا هيندلي مع الشخص الذي غيرّ حياتها للأبد، إيان برادي، ذلك الشخص الذي كان يُعاني من ظروف مشابهة لما كانت تعانيه ميرا، بل وأكثر، وكأن الأمور كانت تتحمله!
اجتماع ميرا مع إيان، ودخولهما في علاقة حب، لم يكن أمرًا سيئًا بالنسبة لهما فقط، وإنما للعالم بأكمله، إذ أنهما بعد أن أصبحا عاشقين أخذا يقذفان بالتهم على العالم ويجعلانه سببًا في كل ما حدث لهما، ومع الوقت تتطور الأمر، فلم يعد مجرد اتهام فقط، وإنما أصبح كره ورغبة في الانتقام كذلك، وقد تتطور الأمر أكثر حتى أصبحت تلك الرغبة أفعال شنيعة.
الجرائم الخفيفة أولًا
أول ما فكرت به ميرا هيندلي وصديقها الروحي برادي لم يكن القتل، فليس من المعقول أبدًا أن تأخذ عقلية الإنسان ذلك التطور الحاد مرة واحدة، وإنما فكر هذان المجنونان في طرق يمكن من خلاله إذاقة الناس الويلات وجعلهم يُعانون كما عانوا هم بالضبط، أو هكذا كان يدفعهم إيمانهم.
بداية الجرائم كانت بالسرقة، ثم بعد ذلك التعذيب، ثم بعد ذلك الاغتصاب، والحقيقة أن الأمر الغريب المؤكد لجنون هذان الشخصان هو أنهما لم يحصلا على أي فائدة تُذكر مما يفعلانه، بمعنى أنهما لم يكونا يستنفعان بأموال السرقة، بالعكس كانا يُلقيان بها في أقرب مقلب للقمامة، كذلك الاغتصاب والتعذيب، لم يكن يُعطيهم أي انتصار حسي، وإنما فقط كان يعنيهم أن يُعاني الناس مثلما عانوا هم، ومن هنا يأتي الانتصار حسبما يروا.
ارتكاب الجرائم الثقيلة
مع الوقت دخلت ميرا هيندلي وصديقها المرحلة التي كان لابد أن تأتي مع تطور السلوك العدواني لهذين الشخصين، وهذه المرحلة هي مرحلة القتل، حيث لم يُصبحا مقتنعين بمجرد تعذيب الآخرين وصراخهم، وإنما كانوا في حاجة إلى رؤية دمائهم تسيل من أعناقهم، كانوا في حاجة إلى سماع استغاثتهم، كانوا مجانين بحق وبحاجة إلى العلاج.
مع بداية المرحلة الجديدة في الجرائم شعر العاشقان المجنونان أن حياتهما تتحسن للأبد، لذلك أسرفا في معدل القتل، وقد كانوا يميلون أكثر إلى قتل الأطفال، وذلك لأن توسلاتهم تكون أكثر وأصدق حسبما يرون، وما يدل حقًا على أنهم كانوا مجرد مجانين أنهم لم يُفوتوا فرصة تصوير ما يحدث لضحاياهم.
تصوير الضحايا
كانت اللذة الكبرى للمجنونة ميرا هيندلي وصديقها عندما يعودا إلى البيت ثم يشعلان مسجل الفيديو ويُشاهدا سويًا صرخات المُعذبين وبكائهم، حيث كانا يحرصان دائمًا على تسجيل كل ما يُرتكب من جرائم لحظة بلحظة كي يكون مرجعًا لهما، فقد كانا يتنافسا فيما بينهما على ماهية الشخص الأكثر إخلاصًا في عمله بتعذيب الأبرياء.
في الحقيقة كان التصوير فكرة جيدة جدًا ومُثمرة بالنسبة لهؤلاء المجانين، فهما بالتأكيد، وبسبب الظروف المحيطة بهما، لن يتمكنا من القتل طول الوقت، لذلك لا سبيل للمتعة سوى بالرجوع إلى الجرائم السابقة التي تم تسجيلها، لكن، وبكل سرور، كانت تلك التسجيلات سببًا في سقوط ميرا هيندلي وصديقها المجنون.
سقوط المجانين
لكي تعرفوا أننا نتحدث عن زوج من المجانين، كانت ميرا هيندلي تضع أشرطة الفيديو التي تقوم بتسجيلها في حقيبتها، ومن سوء حظها في ذلك اليوم تعرضت لتفتيش مفاجئ، ولا يعرف أحد حتى الآن كيف شك الضابط القائم بالكمين في مجموعة من الأشرطة ولماذا أصر على مشاهدتها، لكن على كلٍ كان الأمر مُدبرًا من السماء كي تسقط ميرا ذلك اليوم.
أخذ الضابط الأشرطة وأخذ يتماسك طوال فترة سمعها بالقرب من ميرا، وبالطبع أنتم تتوقعون أن الفتاة كانت منهارة من البكاء والألم بسبب اكتشاف أمرها في ثوان، لكن الحقيقة الغريبة أنها ظلّت صامتة ووقفت تشاهد الأشرطة وكأنها تشاهد فيلمًا في السينما مع صديقها.
نهاية ميرا هيندلي
بكل أسف تمكن صديق ميرا هيندلي المجنون من الهرب ولا يعرف أحد حتى الآن كيف جرت الأمور معه وما الذي قاده إليه جنونه، أما ميرا فلم يكن الأمر يستحق الكثير من العناء، فقد اعترضت بكل جرائمها كاملة دون إنكار أو خوف أو تردد، دون أي شعور يُذكر، بل كانت جامدة كالحديد، وبالطبع لم يتوانى القاضي عن معاقبتها بحكم الإعدام الذي نُفذ في عام 2002، لتنتهي بذلك قصة المجنونة ميرا هيندلي للأبد.
أضف تعليق