ملايين السنين مرت على إيجاد هذا الكون، وما زال خالقه قادرًا حتى الآن على إدهاش الجميع عن طريق معجزات صغيرة تحدث للأفراد والأشياء باستمرار، معجزات أقل ما يُقال عليها أنها شيء خارق للطبيعة وما اعتاد عليه الناس في حياتهم العادية، وربما تكون تلك المعجزات – الصغيرة خاصةً- بمثابة ناقوس وإشعار بقدرة الخالق على تجديد عظمته وتذكير بعض الناس الذين قد يغفلون في وقتٍ ما عنها، إنها رسائل سماوية سامية، تتجسد على هيئة معجزات صغيرة يُمكن رؤيتها بالعين المجردة، ورغم كثرتها وانتشارها سنقوم بذكر جزء صغير منها في هذا الموضوع من قبيل التذكير والدعوة إلى التدبر، وما سيأتي ذكره بمثابة غيض من فيض وقليلٌ من كثير.
معجزات صغيرة لكنها حيرت العالم
تي لي هانغ، المرأة التي لا تنام
تي لي هانغ المرأة الفيتنامية التي لم تتجاوز الرابعة والخمسين عامًا تُعد واحدة من المُعجزات الصغيرة في هذا العالم الكبير، فقاطنة مدينة هوشي لم تتعرق وسادتها أو يُغمض جفنها مُنذ أكثر من واحد وثلاثين عامًا، أجل، حدث ذلك في الوقت الذي يُمكن فيه اعتبار عدم النوم واحد وثلاثين مُعجزة.
تي لي هانغ أصيبت بهذا المرض الذي يدّعي الأطباء أنه نادر أثناء ولادتها لطفل عام 1965، وقد حاول الطب والأطباء بكل ما لديهم من قوة مُعالجتها من هذا المرض، إلا أن الأمر في النهاية لم يفلح، وأصبح مرضها أمرًا واقعًا، لذلك فكرت تي لي هانغ أكثر من مرة في الانتحار لتنهي من هذا العذاب الذي يُعد درسًا قاسيًا في الألم، فالنوم عملية حيوية كالطعام والشراب، وفي حالة التوقف عن هذا يحدث الخلل في الكثر من الأجهزة، لذلك كان من الغريب طوال تي لي هانغ أكثر من واحد وثلاثين عامًا على قيد الحياة رغم إصابتها بهذا المرض.
مع الوقت، لم تجد تي لي هانغ بُدًا من التأقلم على هذه الحياة الجديدة، فاستغلت الليل في قضاء أعمالها المنزلية وجعلت من النهار وقتًا للراحة فقط، وربما هي الآن سعيدة بهذا المرض بسبب ما جنته من شهرة وصيت، جعلت منها واحدة من المعجزات الصغيرة في هذا العالم.
طاونزند والموت على طريقته
إن ما يجعل طاونزند واحدة من المُعجزات الصغيرة هو كونه قادرًا على فعل ما لم يفعل أحد غيره، لقد تمكن هذا الرجل من إيقاف نبضات قلبه أكثر مرة، ولم يمر الأمر جُزافًا، بل قام الطبيبين تشاين وبايارد بتسجيل ذلك في السجلات الرسمية، مما يعني أن هذا الرجل لم يكن مُدعيًا لهذا الأمر.
طاونزند، كان يتحكم في أشياء لا يُمكن لمخلوقٍ غيره التحكم فيها، كان يستمع إلى نبضات قلبه ويعدها، وكان إذا ما أراد إيقافها يوقفها، وتوقف نبضات القلب كما يعلم الجميع لا يعني إلا أمرٌ واحد، وهو الموت، إلا أن طاونند، ولأسبابٍ تتعلق بكونه مُعجزة صغيرة، لم يكن يمُت!
مع ذياع صيت طاونزند وانتشار أمره أصبح يُنظر له على أنه ليس بشرًا عادي، هو نفسه مسته سِنةُ من الغرور وأصبح يتمادى في الأمر إلى حد الجنون، حتى أنه ذات مرة قام بإيقاف نبضات قلبه لأكثر من نصف ساعة، وهو ما يُمكن اعتباره موت مُحقق لدى البعض، لكن طاونزند لم يمُت إلا بعد ثمانية أيام من هذا اليوم، لتصل الرسالة للجميع واضحةً دون تشويش، طاونزند لم يمت إلا بعدها بثمانية أيام لأنه كان وسيظل واحدة من المُعجزات الصغيرة.
الرجل الذي ذاع صوته
مئة متر أو مئتين أو ثلاث مئة متر، هذا أقصى ما قد تصل إليه أعتى الميكروفونات الموجودة على وجه الأرض، لكن في بريطانيا ثمة رجل يتجاوز صوته أكثر من مئة ميكروفون مُجتمعين، ببساطة، أو كواحدة من معجزات صغيرة في عالمنا، يصل صوت هذا الرجل إلى أكثر من ثلاثة كيلو متر!
هذا الرجل جعل منه صوته أحد معجزات صغيرة ، لكنه سخّر هذا الصوت لخدمته وخدمة أهله في كثير من الأمور، فكان إذا ما مرض أو تأخر عن العمل يزعق من النافذة مُعتذرًا عن عدم مجيئه، فيسمع ذلك زُملائه ومُديريه في العمل، وإذا ما ذهب وتذكر شيئًا ما يزعق به لزوجته فتسمعه، حتى قيل أن جميع سُكان البلدة كانوا يعرفون ما سيتم طهيه في بيت هذا الرجل بسبب صوته العالِ، الذي كان بمثابة هاتف نقال قبل اختراع الهاتف.
الرجل أيضًا استغل صوته في خدمة جيرانه وأهل بلدته، فكان يُنادي على الأطفال الضائعين من ذويهم فيسمعونه ويرجعون إليهم، وكذلك كان يستغل صوته في الدعاية لبعض المحلات التجارية، وكان أيضًا يقوم بالتعليق على المباريات الهامة حتى يعرف الجميع ممن لا يُشاهدون المباراة بنتيجتها.
ومن الشائع أن معجزة صوت هذا الرجل قد أوحت إلى العلماء باختراع الهاتف والتلفاز والراديو، لأنهم يقومون على نفس الفكرة وهي الصوت الذي يصل للجميع من مسافةٍ بعيدة، ورغم كل الشهرة التي جناها هذا الرجل إلا أن أحدًا ما لم يسمع باسمه مُطلقًا، فقط عُرف بـ ” الرجل الذي ذاع صوته”
أرض مُحرمة على الأطفال
من الطبيعي تمامًا وجود الأطفال في كُل شبر على هذه الأرض، فالأطفال هُم وقود الحياة، وثمرة العلاقات الزوجية التي تحدث كل دقيقة، فأطفال اليوم هم شباب الغد ورجال المستقبل، لكن هذا الأمر، كمعجزةٍ صغيرة، لا يحدث أبدًا في دولة الفاتيكان، أجل، إنها أرض مُحرمة على الأطفال.
تبلغ مساحة دولة الفاتيكان 44 ألف متر، ورغم صغر المساحة إلا أن هذه البقعة تتسع بالطبع لعددٍ من الأطفال حتى ولو كان عددًا قليلًا، لكن عدد سكان هذه الدولة الذي لا يتجاوز الألف نسمة لا يتقبل ذلك، فأغلبه من الحرس البابوبي والمسئولين والعاملين، أما الأطفال فلا وجود لهم على الإطلاق.
في الفاتيكان عندما تقترب المرأة من المخاض تهرول سريعًا إلى روما، وهو أمر لا يأخذ أكثر من نصف ساعة، وذلك رغبةً منها في حصول وليدها على الجنسية الإيطالية لما تُعطيه من مزايا لحاملها، ففي الأصل تُعد الفاتيكان جزء أصيل من دولة إيطاليا، إلا أنه قد تم تحويلها إلى دولة مُستقلة بموجب اتفاقية لاترن في مطلع القرن الماضي.
وبكل ذلك يتضح أن أرض الفاتيكان ليست مُحرمة على الأطفال بموجب قرار سيادي من حُكام هذه الدولة، بل بسبب رغبة الآباء في إعطاء أبنائهم جنسية قوية كالجنسية الإيطالية، فالفتكيان –رغم كونها معجزة صغيرة- لا تمتلك سوى كنيستين ومسجد ومطبعة، فأي جنسية هذه التي ترغب في الحصول عليها في دولةٍ كتلك؟!
كهوف تاسيلي، حياة مُغلّفة بالرمال
بلا أدنى شك، تُعد كهوف تاسيلي واحدة من بضعة معجزات صغيرة في هذا العالم، بل وقد ترتقي إلى مُعجزة كبيرة، نظرًا لما وجده الرحّالة بريان بها عام 1938 في الحدود الفاصلة بين لبيا والجزائر، حيث عثر فيها على نقوشات ورسومات تصور الحياة التي نعيشها حاليًا بشكل دقيق يصل إلى الملابس المُعاصرة ومركبات الفضاء وأشكال الغطس.
ولا شك أن كل هذه المعجزات الصغيرة جاءت لتؤكد على أمرٍ واحد، أن هذا الكون وخالقه ما زالا قادرين على إبهارنا حتى النفس الأخير في الكائن الأخير في هذا العالم الكبير.
أضف تعليق