مخطوطات فوينيتش احدى الكتابات الترميزية التي حيرت العلماء منذ القرن السادس عشر حتى عصرنا الحاضر، وقد اشتهرت تلك المخطوطات في بدايات القرن العشرين مع اشتغال العديد من العلماء وهواة جمع الرموز الغامضة وملاحقة الاسرار التاريخية بتلك المخطوطات، مع العلم ان معظم الدراسات اكدت انها تعود لبدايات القرن الخامس عشر، وتعود تسميتها نسبة الى اخر مالك لها وهو بائع الكتب البولندي المهاجر الى امريكا ويلفريد فوينيتش اذ حصل عليها في عام 1912 قبل ان تصبح احدى المخطوطات التاريخية لمكتبة جامعة يال (Yale) في الولايات المتحدة الامريكية فيما بعد .
اما عن نص المخطوطات فقد كتبت بلغة لا تشبه اللغات الاوروبية التي كانت معروفة في وقت كتابتها برغم انها كتبت من اليسار الى اليمين، وقد بلغت عدد صفحات المخطوطة 272 صفحة مقسمة الى 17 مجموعة في كل مجموعة 16 ورقة وقد وصل منها الى متحف جامعة يال 240 فقط ويعتقد انها وصلت الى فوينيتش كما هي ناقصة كما ان هناك اعادة ترتيب لبعض الاقسام فيها يعتقد انه تم بعد فترة من كتابتها وقبل وصولها الى فوينيتش, ومن طريقة الكتابة وجودتها يتبين ان الكاتب قد يكون اعدها كمسودة او انه لم يكن يعر جودة الكتابة اهتماما كبيرا، ويبلغ عدد كلمات او نصوص المخطوطة 17 الف نص .
ينبع الغموض في المخطوطات من ناحيتين فهي من غامضة جدا حيث اللغة التي كتبت بها فهي كتبت بحروف غير معروفة في اي لغة قديمة، بينما تضمنت رسومات توضيحية تبين اقسامها العامة، وهو ما جعل الامر غاية في الصعوبة في معرفة ما تتضمنه تلك الكتابة ,الا ان العلماء قد توصلوالى انها تتكون عدد معين من الاحرف بين 20-30 حرفا وان هناك كلمات تتكرر بشكل دائم فيما ترد بعض الاحرف بشكل كثيف في كلمات المخطوطة.
اما الناحية الاخرى من الغموض فتأتي من عدم المقدرة على تحديد الكاتب الحقيقي لهذة المخطوطات، فقد اقترحت عدة اسماء وذلك بناء على بعض الرسائل التي الصقت بها لأحد ملاكها السابقين وهو جان ميرسي الذي زعم ان كاتبها هو الراهب جون بايكون والذي اشتهر بمثل هذا النوع من الكتابات لكن دحض العديد من المختصين بالكتابات الغريبة والغامضة هذة الفرضية بالاعتماد على ما في يديهم من مخطوطات تخص بايكون، فلم تكن اي منها تشبه مخطوطات فوينيتش محل الخلاف, فيما رأى علماء اخرون ان فوينيتش هو نفسه من كتب هذة المخطوطات وذلك لما كانت تتمتع به الكتابات الغامضة والترميزية من اهتمام بالغ في تلك الفترة وانه قد يكون فعل ذلك سعيا وراء الشهرة وكسب المال وهذة الفرضية ايضا دحضتها دراسة اجريت لتحديد عمر المخطوطة عن طريق عمر النصف للكربون 14 في جامعة اريزونا في الولايات المتحدة في العام 2009, اذ تبين ان تاريخها يرجع الى بدايات القرن الخامس عشر وكون فوينتيش عاش في بدايات القرن العشرين ينفي ان يكون قد كتبها بنفسه، فيما اقترحت عدة اسماء اخرى يمكن ان يكون لها صلة مباشرة بالكاتب او يكون احدهم هو الكاتب لكن كانت كلها فرضيات مبينة على اشارات ملصقة بالمخطوطة نفسها, وقد اشارت دراسة حديثة ان كاتب المخطوطات الحقيقي قد يكون المهندس الايطالي ايفرلين انطونيو والذي هرب الى استنبول في منتصف القرن العشرين وقد لجأ الى تلك الطريقة الغامضة لكي يحفظ علومه من الضياع.
اقسام مخطوطة فوينيتش
برغم عدم القدرة على فك رموز اللغة التي كتبت فيها المخطوطة فقد تمكن العلماء من التعرف على الاقسام الرئيسة للمخطوطة وهي على ما يبدو ستة اقسام اساسية كالتالي :
1- [icon type=”arrow-left” size=”default” float=”right” color=”#980000 “] رسومات لنباتات وقد اقترح ان هذا القسم مخصص للنبات او الاعشاب
2- [icon type=”arrow-left” size=”default” float=”right” color=”#980000 “] رسومات على شكل اجساد بشرية وخاصة لنساء وهو قسم خاص بالاحياء
3- [icon type=”arrow-left” size=”default” float=”right” color=”#980000 “] رسومات لشموس او اقمار ونجوم وهذا القسم خاص بالفلك وعلومه
4- [icon type=”arrow-left” size=”default” float=”right” color=”#980000 “] رسومات لاجزاء من النبات وهو قسم خاص بالعطارة او الصيدلة
5- [icon type=”arrow-left” size=”default” float=”right” color=”#980000 “] رسومات على شكل دوائر تشكل بعض الخرائط الغامضة بما يشبه المجرة
وقد سميت هذة الاقسام بناء على الرسومات التي تتضمنها الى عشبي واحيائي وفلكي وصيدلي ومجري على التوالي, ومما يجدر ذكره ان بعض الطرق الحديثة في فك رموز هذة الشفرة هو بالاعتماد على الكلمات المدونة اسفل الرسومات والتي يفترض ان بعضاً منها هو اسماء لنباتات او حيوانات ومحاولة التوصل الى بعض الاحرف عن طريق المقارنة مع اللغات اللاتينية وكذلك اللغة العربية للوصل الى فك شيفرة المخطوطات بالكامل.
فرضيات مخطوطات فوينيتش
اما عن المحتوى للمخطوطات فقد وضعت عدة فرضيات ايضا كان اشهرها ان المخطوطات هي كتاب طبي او كتاب مختص بالتداوي بالاعشاب وذلك بالاستناد الى الرسومات التي تركز على النبات وعلى جسم الانسان، فيما يمكن تم تفسير الحديث عن الفلك على ان الفلك كان جزء مهم من التداوي في العصور التي كتبت فيها المخطوطات وان النجوم كانت تلعب دورا مهما في ايجاد بعض انواع الاعشاب الطبية ايضا, لكن هناك بعض الاراء التي ترى في طريقة رسم الاحرف شيفرة بحد ذاتها وان الكاتب تعمد اخفاء رسائل خلال كاتبته لها ومن ابرز من قال بهذة النظرية هو الفيلسوف نيوبولد ويليام، فيما اتبع العالم ستيفن باكس الطريقة ذاتها التي اتبعت في فك رموز اللغة المصرية القديمة للوصول الى احرف وكلمات المخطوطة وقد نشر بعضا مما توصل اليه في بداية العام 2014 الحالي.
بنظر كثير من الباحثين مخطوطات فوينيتش احدى اكثر الكتابات خطورة وغموضا والبحث فيها يمكن ان يوصل الى حقائق بالغة الخطورة، لكن هذا لا يعني انه لا يوجد من يرى من العلماء ايضا ان كل ما يدور حول هذة المخطوطات هو كلام لا قيمة له بإعتبار انها مجرد خدعة لشخص ذكي – قد فوينيتش او شخص اخر -كان يهدف للشهرة او للمال او للاثنين معا من خلال ايجاد كتاب غامض يدفع الذين يسعون وراء الاسرار الى الاهتمام به وصرف كثير من اوقاتهم في البحث فيه ودفع المبالغ الطائلة لاقتنائه, وكان من الممكن ان يتم تصديق هذة الفرضية واسدال الستار على مثل هكذا مخطوطات لولا الاكتشافات الحديثة التي تلت العام 2006 وحتى عامنا الحالي والتي توصلت الى عمر المخطوطة الحقيقي والى كثير من الدلائل التي تشير الى لجوء بعض الكتاب في ذلك العصر الى كتابة الترميز او الكتابة بلغة غير مفهومة من اجل اخفاء علومهم وذلك اما للخوف عليها من جهات معادية او لخوفهم من حكام بلادهم المستبدين والذين حاربوا العلم والفكر المستنير.
أضف تعليق