تُعتبر ليلة هتلر الأخيرة واحدة من أبرز الليالي التي خلّدها لنا التاريخ، والحقيقة أن حفظ هذه الليلة بكافة تفاصيلها لم يكن لغرابة ما حدث بها فقط، وإنما أيضًا لشهودها على نهاية أسوأ وأجن رجل في التاريخ الحديث، وبالرغم من أن الكثير من الروايات قد خرجت لتصور لنا ما حدث في هذه الليلة إلا أن جميعها أتفق في أنها كانت واحدة من الليالي الثقيلة، حيث بدأت بالعشاء الشهير ثم الانتحار الغريب ثم طريقة التخلص من الجثث الأغرب، لذلك، دعونا في السطور القادمة نتناول بالتفصيل ما حدث في هذه الليلة من البداية وحتى النهاية، وبالتأكيد سوف نستكشف معًا أسباب تخليدها.
بطل الليلة الشهيرة
إذا ما أردنا أن نبدأ بداية منطقية للحديث عن ليلة هتلر الأخيرة فبالتأكيد يجب علينا أن نتعرف على بطلها، أدولف هتلر، والحقيقة أنه بالرغم من كون هذا الاسم من أشهر الأسماء التي مرت خلال الخمس قرون الأخيرة، وبالرغم كذلك من معرفة الجميع به أو على الأقل سماعه عنه، إلا أنه لا ضير من المرور سريعًا على حياة صاحب ذلك الاسم المدوي، والذي وُلد في نفس الشهر الذي رحل فيه، وهو شهر أبريل، وتحديدًا اليوم العشرين منه، وبالتحديد أكثر في عام 1889، ولكم أن تتخيلوا أن ذلك المعتوه الألماني قد وُلد أصلًا في النمسا، لكن ما حدث بعد ذلك كان كفيلًا بوضعه على رأس دولة ألمانيا العظمى، وبالتالي إتاحة الفرصة له لفعل كل ما فعله من جرائم.
من لا شيء إلى كل شيء
ما قادنا للحديث عن ليلة هتلر الأخيرة هي رحلته الغريبة التي غيرت حياته وحياة البشرية بأكملها، والحقيقة أن رحلة أدولف هتلر قد بدأت من العدم، أو ما هو أسوأ من ذلك، فقد كان مجرد جندي في الصفوف الألمانية، بل إنه لم يكن جنديًا خالصًا، وإنما ساعي بريد في الجيش برتبة جندي، هل تتخيلون كم الوضاعة التي كان عليها؟ لكنه في خلال خمس سنوات فقط تمكن من قلب الطاولة رأسًا على عقب.
لفصاحته الكلامية وقدرته على تحريك الجيش ضد النظام تم تسريح أدولف هتلر من الجيش، لكنه لم يفقد الأمل في حلمه، وإنما التحق بالحزب النازي الضعيف في ذلك الوقت، وتدرج فيه حتى أصبح زعيمه، ثم استغل الثورة الألمانية وقام باعتلاء السلطة في لمح البصر، ثم بدأت بعد ذلك سلسلة الجرائم التي مهدت لمأساوية ليلته الأخيرة.
طريق الليلة الأخيرة
الطريق إلى ليلة هتلر الأخيرة لم يكن محفوفًا بالورود، فالحقيقة أن هتلر قد بذل طوال حياته ما جعله يستحق أن تكون ليلته الأخيرة بهذا الشكل، بداية من المحارق التي أقامها لليهود مرورًا بخذله لشعبه انتهاءً بما ارتكبه من جرائم خلال الحرب العالمية الثانية، والتي لو عوقب عليها وحدها لما كفى العالم إعدامه ألف مرة.
خلال الحرب العالمية الثانية استباح هتلر كل شيء، وظهر جنونه الحقيقي في طمعه الغريب بالسيطرة على العالم، والغريب أنه قد وجد مُساهمة من شعبه مهدت له هذا الطريق، فقد تطوع في جيشه ملايين الألمان وارتكبوا مئات المجازر وقتلوا ما يقترب من ربع سكان الأرض، لكن في النهاية سقطوا، وسقط قبلهم قائدهم المجنون هتلر، لتبدأ مراسم الليلة الأخيرة، أو كما عرفها التاريخ، ليلة هتلر الأخيرة.
ليلة هتلر الأخيرة
من الصدف الغريبة أن تكون نهاية هتلر في نفس الشهر الذي وُلد فيها، فقد وُلد في العشرين من أبريل ولفظ أنفاسه الأخيرة في الثلاثين من نفس الشهر، ولقد بدأت ليلة الثلاثين كما ذكرنا بأحداث مأسوية بالنسبة لهتلر والألمان بشكل عام، حيث انهارت ألمانية بشكل مذري على يد الحلفاء، وأصبحت أبواب برلين مفتوحة على مصارعها لاستقبال الجيش المنتصر، أما الباب الخلفي لنفس المدينة فقد كان من أجل فرار ما تبقى من الجيش الألماني، والحقيقة أن الغالبية العظمى لم تُحبذ ذلك الأمر، بل فضلوا الموت رميًا بالرصاص عليه، لكن ما يشغلنا بين كل هذه الأحداث هو ما تعرض له هتلر في تلك الليلة، ليلة هتلر الأخيرة، وسوف نتناول أبرز ما حدث بها تباعًا.
الزواج من ايفا
كان هتلر طوال حياته يعشق فتاة تُدعى ايفا، لكن منصبه ومشاغله كانت تمنعه من الزواج منها، خاصةً وأنها كانت عشيقة من الطبقة المتوسطة، لكن، في ليلة هتلر الأخير قرر الرجل أن يفعل كل ما قام بتأجيله من قبل، فتزوج رسميًا من ايفا وأعلن زواجه بين المقربين منه، وفي تلك الليلة ظهرت المفاجأة الأولى.
المفاجأة الأولى فيما يتعلق بزواج هتلر هو أنه كان ضعيفًا وغير قادر على المعاشرة، لذلك كان يتلذذ بإيفا من خلال النظر إليها فقط، وعمومًا، أيًا كانت حالة هتلر، فإن ما يعنينا أنه في تلك الليلة قد تزوج للمرة الأولى والأخيرة، وفي هذا إجابة على السؤال الشائع عن عدم وجود أطفال لهتلر.
العشاء الأخير
كان العشاء الأخير كذلك من ضمن الأشياء القليلة التي حدثت في ليلة هتلر الأخيرة، ففي تلك الليلة، وبعد الزواج مباشرةً، تناول هتلر العشاء الذي كان يُدرك جيدًا هو وايفا أنه عشاء مسموم، سوف تنتهي الحياة بعده للأبد، والحقيقة أن ذلك الأمر لم يكن أمرًا متروكًا للحس، فقد وضع هتلر السم في قلب الطعام بالفعل، ولم يتناوله إلا عندما أخبر زوجته الحديثة بذلك، والتي لو رفضت ولو للحظة في الموت مع الرجل الذي زلزل الأرض.
كان العشاء حسبما تقول كل الكتب عبارة عن طبق من المعكرونة بالصلصة، ولقد وجد هتلر في هذا الطبق غايته وملاذه الأخير من يد الحلفاء، والذين كانوا يترقبون لحظة الإمساك به لتقطيعه قطع صغيرة، على كلٍ، لم يكتفي هتلر بالسم في هذه الليلة، وإنما لجأ إلى شيء آخر أكثر ضمانة.
الشراب والرصاص
بعد تناول العشاء الأخير مع زوجته أقدم هتلر على شرب كأسين من الخمر، والحقيقة أن شرب الخمر أمر هام لم يكن ليُفوت أبدًا من ليلة هتلر الأخيرة، خاصةً وأن هتلر كان معروفًا بإدمانه للخمور، لكن في الواقع، وبعد انتهاء الزوجين من شرب الخمر، قاما بإنهاء حياتهما عن طريق رصاصة مباشرة في الرأس، ما إن سمها الحراس حتى أدركوا أن حياة أعظم رجل، بالنسبة لهم، قد انتهت للأبد، لذلك هرعوا إلى الغرفة من أجل تنفيذ الأمر الأخير في ليلة هتلر الأخيرة.
الحرق وإخفاء الرماد
لم تتوقف ليلة هتلر الأخيرة في اللحظة التي أطلق الرصاص فيها على نفسها وفارق بعدها الحياة، وإنما استمرت بعد ذلك لتنفيذ الأمر الأخير الذي تلفظ به هتلر قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهو أن يتم حرق جثته وجمع رماده وإخفائه في مكان آمن، وبالفعل تم تنفيذ ذلك الأمر ولم يُستدل يقينًا على المكان الذي يتواجد فيه رماد ذلك الرجل الذي زلزل الأرض طوال النصف الأول من القرن العشرين.
أضف تعليق