في جميع بلاد العالم يوجد قتلة أبرياء في السجون، وهم من حُكم عليهم أحكام سجن لمدة طويلة جدًا بتهمة القتل، على الرغم من أنهم لم يقتلوا شخصًا بالفعل، ولكن بعض القوانين والتي تُسمى بالقوانين الرمادية، تسمح للقاضي باتهام الشخص بالقتل تحت ظروف معينة فقط، قد تكون هذه الظروف هي وجوده في المكان والوقت الخطأ، أو أنه شارك بشكل ما في عملية القتل دون إدارة وإصرار ورغبة منه في القتل، ولكنه شارك بشكل أو بآخر، يمكن توضيح فكرة القتلة الأبرياء من خلال القصص الأتية في المقال، وهي قصص حقيقية نشرتها وسائل الأخبار المتنوعة حول العالم، بسبب غرابة جريمة القتل وحكم القاضي.
تبادل إطلاق النار في ولاية ألاباما يوجد قتلة أبرياء
في عام 2015، لقى أدونت واشنطن مصرعه في عملية تبادل النيران بين أفراد شرطة ألاباما وبين العصابة التي كان هو جزءًا منها، واشنطن البالغ من العمر 16 سنة هو فرد من عصابة مكونة من 5 أشخاص، كانوا في هذه الليلة قد سطوا على منزلين وسرقوا سيارة، وعندما وصلت الشرطة لمسرح الجريمة حاولت العصابة الفرار، وأثناء مطاردة الشرطة لهم، بدأ جاكسون والبالغ من العمر 19 عام وهو فرد آخر في العصابة بإطلاق النيران على الشرطة، ما دفع الشرطة إلى إطلاق النيران أيضًا، وفي أثناء تبادل النيران قتلت الشرطة الشاب واشنطن، وكان من الواضح أنه الشرطة هي من قتلته، وقالت الشرطة في تقاريرها بأن واشنطن كان يحمل سلاحًا هو الآخر.
ولكن في المحكمة تم إلقاء التهمة على ليكث سميث، وهو فرد ثالث في العصابة ويبلغ من العمر 15 عام فقط، وحكم عليه بالسجن 30 سنة بتهمة قتل واشنطن، و35 سنة أخرى بتهمة السطو، لأن قانون ولاية ألاباما الأمريكية يحكم على المجرم بتهمة القتل إذا حدث القتل أثناء أداء المجرم لجريمة أخرى، حتى وإن لم تكن تلك الجريمة مدبرة للقتل، وفي كل الأحوال سيُلقى اللوم على المجرم، من المفترض أن ينال سميث حكم ب25 عام فقط إن كان قد وافق على الإقرار بالذنب واعترف على باقي أفراد عصابته كما عرضت عليه الشرطة هذا الاتفاق، إلا إنه رفض الاتفاق مع الشرطة ولم يعترف على أفراد عصابته، وهذا عكس ما فعله أفرد عصابته الذين وافقوا على الاعتراف على باقي أفراد العصابة، فثبتت التهمة على سميث بمفرده، ليصبح واحد من قتلة أبرياء كثيرين.
جريمة سرقة تحولت إلى جريمة قتل
في عام 2011، قام السارق مرفين بيتيس والبالغ من العمر 36 عام، بالسطو على محل تجاري كعادته بهدف السرقة فقط في ولاية فلوريدا الأمريكية، من حظه السيئ أن الحارس الأمني للمحل كان راسل هورنر، عميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، فقام راسل بعمله وقبض على مرفين، وبالفعل قام بتكبيل مرفين إلا أن تأتي الشرطة، وأثناء الانتظار أصيب راسل بسكتة قلبية أنهت حياته، وبحسب قانون ولاية فلوريدا، فإن المجرم يُتهم بجريمة قتل من الدرجة الأولى أو الثانية إن قُتل شخص أثناء أداء جريمة عنيفة، وجريمة قتل من الدرجة الثالثة أثناء أداء جريمة غير عنيفة، وبالفعل حُكم على مرفين بالسجن خمس سنوات على تهمة القتل من الدرجة الثالثة لجريمة هو لم يفعلها أبدًا، هذا لا يعني بأنه بريء بالكامل، إلا إنه قاتل من قتلة أبرياء .
تهمة قتل من على بُعد 2.4 كم
ريان هولي واحد من قاتل من قتلة أبرياء كثيرين في ولاية فلوريدا الأمريكية أيضًا، لأنه حُكم عليه بتهمة قتل جيسيكا سنايدر، البالغة من العمر 18 عام، على الرغم من كونه على بُعد 2.4 كم من مسرح الجريمة، تبدأ القصة الغريبة عام 2003 حين طلب زميله في السكن “بيلي ألين” أن يأخذ سيارة ريان، وقام بيلي مع عصابته المكونة من ثلاثة أفراد آخرين باقتحام منزل جيسيكا لسرقتها وقتلها، قبل أن يعود بالسيارة مرة أخرى إلى منزله هو وريان، وفي أثناء المحاكمة قالت العصابة بأنهم كانوا في منزل بيلي وريان يخططون للعملية قبل أن يطلب بيلي سيارة ريان، وأوضحوا بأن جيسيكا كانت تمتلك خزانة تحتوي على 20 ألف دولار أمريكي وبعض المجوهرات، ورتبت العصابة لسرقة الخزنة.
وكان تخطيطهم واضحًا بأنهم إن وجدوا جيسيكا بالمنزل فسوف يقتلونها، وبالفعل كان هذا التخطيط أمام وفي حضور ريان، وبالفعل أخذ بيلي سيارة ريان ليسطو على منزل جيسيكا صديقته، ومع الأسف كانت جيسيكا موجودة بالمنزل فقام تشارلز ميلر، وهو فرد آخر من العصابة، بتحطيم رأسها تجاه الحائط ثم سرقوا الخزانة، ما كشف أمرهم هو الصوت العالي الذي أصدروه أثناء محاولة فتح الخزانة في منزل بيلي وريان، فقام الجيران بإبلاغ الشرطة، وتم القبض عليهم، وفي محاولة ريان للدفاع عن نفسه قال بأنه لم يعتقد بان بيلي وعصابته كانوا سيقدمون على ما يخططون له بالفعل، واعتقد أنهم يمزحون وأعطاهم السيارة عن سلامة نية، ولكن هذا الدفاع لم يقنع القاضي أبدًا، وفي البداية حُكم على ريان وأفراد العصابة الأربع بالإعدام، إلا أنه تم تخفيف الحكم على ريان لاحقًا بالسجن مدة 25 عام فقط.
قتلة أبرياء أصدقاء
تيفين لويس وماركيز سامبسون هم صديقين في كل شيء من ولاية شيكاغو الأمريكية، كما أنهم أصدقاء في جرائم سرقة متعددة، إلا إن جريمة السرقة التي قاموا بها في عام 2012 اتخذت منعطفًا آخر، حيث قاموا بسرقة مبلغ 1200 دولار من أحد المطاعم، ووصلت الشرطة سريعًا ليقوم تيفين وماركيز بالانفصال ليهربا من الشرطة، تمكنت الشرطة من اللحاق بماركيز وقامت بإطلاق النار عليه ومات بالفعل، فوصل تيفين إلى مسرح الجريمة بعد موت صديقه، وقامت الشرطة باعتقاله في البداية لأنه تعدى على مسرح الجريمة وتدخل في عمل الشرطة، وبعد أن كشفت التحريات عن حقيقة شراكة تيفين وماركيز، حُكم على تيفين بالسجن مدة 32 عام بسبب السرقة، و30 عام أخرى بتهمة القتل من الدرجة الأولى بموجب قانون شيكاغو.
قاتل ابنه
يصبح المجرم ضمن قتلة أبرياء حين يقوم بقتل شخص دون قصد أو تعمد، وعادة لا يهتم القاتل للضحية، بينما يختلف الأمر في قصة كريستوفر توماس كرافت، البالغ من العمر 36 عام من ولاية تكساس الأمريكية، ففي عام 2017 كان كريستوفر يقود شاحنته أثناء إجراء مكالمة هاتفية وشرب الخمر، والمشكلة الأكبر كانت وجود طفله كولتون معه في الشاحنة، والذي كان يجلس في المقعد الأمامي دون ربط حزام الأمان، وأثناء انشغال كريستوفر اصطدمت الشاحنة على الطريق وتحطمت، وكان الابن كولتون عالقًا داخل السيارة بينما تمكن كريستوفر من الخروج.
وبدلًا من مساعدة ابنه بدأ في البحث عن علب البيرة، وحتى الشهود الذين اجتمعوا في مكان الحادث لم يسمح لهم بمساعدة ابنه أو طلب النجدة وفر هاربًا، عندما جاءت الشرطة كان الصغير قد مات بالفعل، ووجدت الشرطة آثار لعلب البيرة الفارغة المنتشرة حول الشاحنة، والتي من الواضح أن كريستوفر حاول إخفاءها عن الشرطة، وفي البداية كان سيُحكم على كريستوفر بتُهمة القتل، بينما تمكن المحامون من تخفيف التهمة إلى جريمة القتل من الدرجة الثانية، أو القتل عن طريق الخطأ، وحُكم على كريستوفر بالسجن 18 عام.
روبرت لي طومسون
في عام 1996، وأثناء عملية سرقة على متجر، قام سامي بتلر بقتل أحد موظفي المتجر، إلا إن روبرت لي طومسون هو من حُكم عليه بتهمة بالإعدام ليكون واحد ضمن قتلة أبرياء ، بدأت القصة في ولاية تكساس حين قاما الشريكان بعملية سطو مسلح على أحد المتاجر الكبيرة، في البداية اقترب روبرت من الموظف داخل المتجر وأطلق النار في الهواء بالقرب منه لترهيبه بعد أن طلب منه المال، كما أطلق النار مرتين بالقرب من الموظف الآخر والذي كان يقف في الجزء الخلفي من المتجر، والذي كان يدعى “منصور رحيم”، بعد أن أعطى الموظف الأول المال لروبرت حاول روبرت أن يضربه للمرة الخامسة برصاصة قاتلة، إلا إن مسدسه كان فارغًا فضربه بيده وفر المجرمان خارج المتجر.
ولكن منصور رحيم، الموظف الثاني، لم يدعهم يهربون بهذه البساطة فقام بمطاردتهم ما دفع سامي بتلر لإطلاق النيران عليه وقتله، أثناء المحاكمة تبين أن المجرمين قاما سابقًا بعدة عمليات سرقة تضمنت القتل أيضًا، وبموجب القانون في تكساس فإن المجرم يُعد قاتلًا إن ساعد شخص آخر أو حفزه على القتل، واعتبر القاضي بأن روبرت هو المسئول الأول عن الجريمة، وسامي هو فقط من أطلق الرصاصة القاتلة، وحُكم على سامي بالسجن مدى الحياة، أما روبرت فحُكم عليه بالإعدام، وقد تم تنفيذ الحكم في أواخر عام 2009.
داني سميث جونيور
الجشع يمكن أن يؤدي بالشخص ليصبح ضمن قتلة أبرياء ، وهذا بالضبط ما حدث مع داني سميث جونيور من ولاية إلينوي في ديسمبر عام 2016، ففي نفس العام فاز ماوندز براينت البالغ من العمر 41 عام، باليانصيب بمبلغ 420 ألف دولار، ودبر داني للحصول على جزء من هذا المبلغ، فقام بخطف ماندز وزوج أمه، وطلب فدية قدرها 25 ألف دولار، مع الأسف، كان ماوندز يُعاني من مرض التصلب الجانبي الضموري وأثناء عملية الخطف سقط على الأرض واصطدمت رأسه بقوة، ما أدى لوفاته فيما بعد، وحُكم عليه داني بالسجن 48 سنة.
هناك قصص لا حصر لها عن قتلة أبرياء حُكم عليهم بتهمة القتل على الرغم من أنهم فعليًا لم يقتلوا أي شخص، بل تواجدوا في المكان بالخطأ أو لأداء جريمة مختلفة تمامًا عن القتل، وفي الحقيقة لا يمكن الحكم بالبراءة على مثل هؤلاء الأشخاص بشكل واضح، وهذا ما يميز هذه القوانين الرمادية بأنها تتغير بحسب ظروف الجريمة ورؤية القاضي، إلا إن المؤكد بأن هؤلاء القتلة لم يقتلوا شخصًا بالفعل ولكنهم استحقوا السجن.
الكاتب: أيمن سليمان
أضف تعليق