يقع قبر الأغا خان في محافظة أسوان المصرية وهو ضريح للأغا خان الثالث الزعيم السابق لطائفة الإسماعيلية النزارية المولود في الهند، ويتميز بمعماره المميز على الطراز الفاطمي الخاص وهو مبني من أجود أنواع الرخام والمعروف باسم كرارا وهو اسم المدينة الإيطالية التي تشتهر بإنتاج هذا النوع الناصع من الرخام الذي يستخرج من جبال الألب، ومع أن الأغا خان الثالث ليس مصريًا وليس له أتباع معروفون في البلد وبالرغم من وجود الكثير من الأماكن الأخرى القريبة إليه والقريبة إلى أجداده وثقافته الخاصة إلا أنه اختار بالتحديد محافظة أسوان ليدفن فيها بعد وفاته في سويسرا، وهذا يعود إلى سبب خاص سنذكره لك في الموضوع التالي مع أهم المعلومات التي تخص الأغا خان الثالث وزوجاته وأبناؤه.
من هو الأغا خان الثالث؟
يطلق عليه السلطان محمد شاه وهو الإمام الثامن والأربعين لفرقة الإسماعيلية النزارية الشيعية، في سنة 1885 وفي سن الثامنة حصل على منصب الإمامية خلفًا لوالده كما هو متعارف عليه، وبعد ذلك بدأ بالسفر إلى مناطق مختلفة حول العالم ليحصل على المباركة من تابعيه. ولد في مدينة كراتشي التي كانت تابعة لمقاطعة بومباي في الهند وقتها وهي الآن أكبر مدينة في باكستان من حيث عدد السكان والعاصمة لمحافظة السند. شغل منصب رئيس مجلس عصبة الأمم لسنتين وهي واحدة من المنظمات الدولية المعروفة وقد تشكلت بعد مؤتمر باريس للسلام في سنة 1919 وكانت تضم 58 دولة كأعضاء دائمين لكن تم حلها في سنة 1946، وجده هو أغا خان الأول وقد حصل على لقب أغا خان من شاه إيران الأسبق فتح علي وشغل منصب حاكم إقليم كرمان الذي أصبح حاليًا محافظة كرمان في إيران، ووالده هو أغا خان الثاني المعروف بميله إلى التوافق مع الإمبراطورية البريطانية في استعمارها للهند.
تأسيس عصبة كل مسلمي الهند وتأسيس باكستان
كان الأغا خان الثالث واحدًا من المؤسسين الأوائل للعصبة الإسلامية (أو عصبة كل مسلمي الهند) التي تأسست في سنة 1906 وهو الرئيس الأول لها وكان هدفها الأول هو حصول المسلمين في الهند على منطقة خاصة بهم، وبالفعل بعد ثلاثين سنة ساهمت المنظمة بصفة بارزة في تشكيل دولة باكستان، أي أن تأثير الأغا خان قوي على واحدة من أهم التغييرات السياسية الإقليمية في قارة آسيا، مع العلم بأنه من المعروف عنه وعن عائلته أن لهم مصالح مشتركة وتوافق مع بريطانيا ودول غربية أخرى، وقد حصل على وسام الفروسية من الملكة فيكتوريا في سنة 1897 وبعد خمس سنين حصل على وسام الفروسية من الملك إدوارد السابع، كما أنه كان عضو في مجلس المستشارين الذين يقدم النصيحة المباشرة للأسرة الحاكمة في بريطانيا.
زوجاته وأبناؤه
تزوج في الثاني من نوفمبر 1896 في مدينة بونه الهندية بالسيدة شهزادي بيجوم وهي حفيدة أغا خان الأول، وتزوج للمرة الثانية في 1908 بكليوبي تيريزا ماجليانو (1888-1926) وحظى منها بابنين هما الأمير جيسوبي مهدي خان الذي توفى بعد سنتين والأمير علي خان الذي أصبح سفير باكستان للأمم المتحدة بعد وفاة والده بأشهر ويعرف عنه أنه كان يحب المغامرات والتجول حول العالم ووقوعه في غرام جميلات عالم الفن مثل ريتا هايورث الممثلة الأمريكية الشهيرة التي قابلها في مدينة كان الفرنسية ثم تزوجا، ويقال أن سبب الطلاق الذي تم بينهما يرجع إلى أن هايورث شكت بأنه يخونها مع الممثلة البريطانية الشهيرة أيضًا والحائزة على الأوسكار جوان فونتين وبالفعل حدث الطلاق بينهما، وتزوج الأغا خان الثالث للمرة الثالثة في ديسمبر 1929 بطريقة مدنية في فرنسا وذهب إلى الهند بعد أيام ليتم الزواج الديني في مدينة بومباي وزوجته هي أندريه جوزيفين كارون وهي فرنسية كانت تعمل في مجال تصميم الأزياء وكانت تملك بالمشاركة محل للأزياء وتحولت إلى الأميرة أندريه أغا خان ومنها رزق بالأمير سادرودين أغا خان الذي خدم كرئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ورأس وشارك في منظمات عالمية مختلفة، وتم الطلاق بين الأميرة والأغا خان في سنة 1943، وتزوج للمرة الأخيرة بعد سنة واحدة من الطلاق بالسيدة يفوني بلانشي لابروسي (الاسم الأكثر شهرة لها هو إيفيت لابدوس) والتي كانت تعمل كسكرتيرة له ثم تزوجته وتحولت إلى الإسلام، وسابقًا كانت ملكة جمال فرنسا لسنة 1938 وبعد الزواج أصبح كنيتها أم حبيبة وظلت زوجته حتى وفاته ومعها طاف أشهر مدن العالم وخلدا سويًا قصة هي واحدة من أجمل قصص الحب، والفترة التي قضاها في سويسرا هي بداية انسحابه من الحياة السياسية والاجتماعية بصفة تدريجية نسبيًا إلى أن وافته المنية في قرية صغيرة بالقرب من جنيف ونقل جثمانه إلى أسوان.
قبر الأغا خان ومحافظة أسوان
تعرض الأغا خان إلى متاعب خطيرة في أعصابه وعضلاته ولم يصبح قادرًا على المشي وبدأ باستعمال كرسيه المتحرك، وفي ذلك الوقت كان يزور محافظة أسوان المصرية كسائح من الدرجة الأولى وكان يقيم في فندق كتراكت الشهير الذي يعتبر أرقى فنادق أسوان والذي كان ومازال فندق الملوك والأمراء ونخبة المشاهير والنجوم، ومع أنه حصل على استشارات طبية من كبار الأطباء المتخصصين من مختلف بلاد العالم إلا أن المشتغلين بالطب الشعبي في أسوان نصحوه بأن يدفن نفسه في رمال المدينة كل يوم، وبالفعل داوم على فعل هذا وحدث له الشفاء الذي كان أشبه بمعجزة، ومن هنا حدث التعلق غير العادي بين الأغا خان الثالث ومدينة أسوان الواقعة في أقصى جنوب مصر، ومع أنه طاف أشهر مدن العالم الأوروبية والعربية إلا أنه أمر بأن ينقل جثمانه إلى أسوان.
بناء قبر الأغا خان
بعد وفاة الأغا خان وطبقًا لوصيته فقد تم دفنه بالقرب من الفيلا الخاصة به المشرفة على نهر النيل، ولكن زوجته الأخيرة شعرت بأنه من الواجب تكريمه ببناء ضريح خاص به وبالفعل بدأت في بناء قبر الأغا خان الذي أصبح من أهم علامات مدينة أسوان، واستقدمت المعماري الشهير فريد شافعي ليقوم بأعمال البناء وبالفعل أتم القبر بطريقة استثنائية ليصبح واحدًا من أكثر الأضرحة المميزة في مصر كلها، فهو مبني من أجود أنواع الرخام والحجر الجيري، وبعد وفاة زوجة الأغا خان في مدينة كان الفرنسية نقل جثمانها لتحل بجانب زوجها في أسوان، ويأتي الزوار من أنحاء كثيرة حول العالم لزيارة القبر كل عام.
كل يوم وردة في قبر الأغا خان
زوجته الأخيرة يفوني بلانشي لابروسي التي عرفت فيما بعد باسم أم حبيبة كانت تعمل السكرتيرة الخاصة بالأغا خان الثالث لكنها سابقًا كانت تعمل كبائعة ورود وزهور، ومع مرور الوقت فإنها كانت لا تزال عاشقة للزهور وصادف كذلك أن الأغا خان محب للزهور، لذا وبعد وفاته فقد أمرت زوجته حراس الضريح بوضع زهرة كل يوم في قبر الأغا خان للإعراب عن الشيء المشترك الأكثر جمالاً في علاقتهما، وكانت تزور القبر بصفة دورية وبصفة خاصة تقوم بوضع الزهرة بنفسها كل سنة إلى أن توفت في سنة 2000.
أضف تعليق