تسعة مجهول
عمليات الإعدام
الرئيسية » جريمة » تعرف على أشهر وأغرب عمليات الإعدام في العالم

تعرف على أشهر وأغرب عمليات الإعدام في العالم

تجرى الكثير من عمليات الإعدام حول العالم كل سنة، بعضها يمر مرور الكرام، وبعضها يثير التساؤلات، وهنا نستعرض بعض من أغرب عمليات الإعدام حول العالم.

عمليات الإعدام وجدت بوجود الإنسان على هذا الكوكب، حينما بدأ عالم الإنسان بالتحول من الكهوف وارتقى عقله فوق غريزة البقاء وحدها بدأ في تكوين الجماعات ومن ثم المجتمعات، وبدأت أعداد المجتمعات في ازدياد واختلفت ألوانهم وطباعهم وشخصياتهم وميولهم وجاور صالحهم طالحهم وبرزت القضايا المجتمعية، بسيطةً في البداية ثم تعقدت بعد ذلك وتنوعت واختلفت فما كان من حكماء المجتمعات وقوادها إلا أن أوجدوا الشرائع والقوانين التي تحكم حياتهم وتسيرها وتجعل الجميع يتساوون تحت نظامٍ واحدٍ وكلمةٍ واحدة لا يخرجون عنها، أما من خرج.. فالعقاب له!

كان الأمر حقًا بهذه البساطة وكانت القوانين والعقوبات بهذه الوضوح والشفافية، لكن الإنسان بطبيعته ما إن يجد نفسه موضع ملكٍ وسلطةٍ وقوة ويحسب ألّيس لأحدٍ سلطةٌ عليه طغى وتجبر، فتحولت القوانين من وظيفة إعلاء كلمة الحق ونشر العدل لإعلاء كلمة صاحب السلطة وتوفير مصالحه، وصارت العقوبات بعد أن كانت وسيلة تقويمٍ وتهذيبٍ وضرب عبرةٍ لمن يعتبر باب جحيمٍ يُفتح على رؤوس من عارضوا أهواء السلطة، لكن التاريخ خلّد درسًا لا يُنسى حين قال أن الظالم كلما تجبر أكثر كلما كان سيف العدالة أسرع نفاذًا لرقبته، سيف الجلاد لم يُنزه يومًا عن دم أميرٍ ولا ملك فاجتث الرؤوس التي علتها التيجان يومًا كما اجتث تلك التي كانت تقطر غبارًا خالطه دمع المظلومين، وشربت الأرض الدم بلا محاباةٍ ولا تفضيل، ترك لنا التاريخ قصص إعدامٍ لا تُنسى على مره وكان محقًا..

تعرف على أشهر عمليات الإعدام في العالم

آن بولين

هل نستطيع حقًا أن نتحدث عن أشهر أحكام الإعدام التي نُفذت في التاريخ دون أن تقفز آن بولين لأذهاننا؟ هي إحدى زوجات الملك هنري الثامن الذي اشتهر بقتل وإعدام زوجاته لأسبابٍ لربما اختلفت ظاهريًا لكنها في داخله كانت سببًا واحدًا، فعلى ما يبدو لم يكن الملك هنري الثامن رجل امرأةٍ واحدة، كانت آن بولين على وجه التحديد زوجته الثانية، اشتهرت بذكائها وكبريائها وغرورها لكن الواقع أن تلك الصفات هي التي أودت برقبتها لسيف الجلاد لينتزع رأسها من فوق كتفيها، كان الملك هنري الثامن كغيره من الملوك متلهفًا للولد منتظرًا اليوم الذي سيجيء فيه ولي عهده ليطمئن على ملكه واستمرار عرشه ونسله، وزادت رغبته إلحاحًا كلما تذكر الخلاف الذي قام بينه وبين الكنيسة الكاثوليكية والذي أدى لانفصاله عنها وأصبحت تهديدًا له ولملكه، رغم أن آن بولين وزواجه منها كانا سببًا من أسباب ذلك الخلاف، لكن آن بولين لم تنجب الولد الذي تمناه الملك وإنما منحته ولدًا ميتًا لذلك كان من الطبيعي أن يعرض الملك عنها وينشغل بجواريه ما كاد يدفعها إلى الجنون، وما إن تأكدت من خيانته لها حتى دفعها الكبرياء والغرور إلى وضع رأسها برأسه وجعلت منزلتها من منزلته فإن كان يخونها فهي ستخونه وأخذت تخونه في مكانه وفراشه ومع رجاله وحاشيته، ليفوح مع الوقت عفن الخيانة وتنتشر الشائعات ويتأكد الملك بنفسه في إحدى الليالي ليصدر الأمر الملكي حازمًا وقاطعًا بإعدامها هي وكل عشاقها معًا.

إعدام آن بولين

كان إعدامها يومًا من الأيام المشهودة لتكون الجاني الوحيد الذي أهاب جلاده وأرهبه بضحكةٍ وجسارةٍ غير عادية كأنها تتحداهم أو كأنها تعدهم بالعودة والانتقام منهم حتى أن الكثير اتهمها بأنها ساحرة، كان طلبها قبل إعدامها هو رأس أحد القساوسة الذين طعنوا فيها وأهانوها على طبقٍ من ذهبٍ فأُتيت به كما شاءت، ويوم إعدامها خرجت في أبهى فساتينها متقلدةً اللؤلؤ كاشفةً عن عنقٍ منحوتٍ طويلٍ نحيل وداعبت الجلاد قائلةً أنها لن تحتاج وقتًا في إعدامها وأن عنقها خلق ليومٍ كهذا، كانت تعتبر نفسها بريئةً وأن زوجها هو المخطئ الأول الذي دفعها إلى ذلك حتى لحظاتها الأخيرة، لم تكن آن ضحية هنري الأولى ولم تكن الأخيرة وفي المكان الذي سالت فيه دماؤها سالت دماء مئات ضحاياه من بعدها، إلا أن إعدامها ظل شبحًا يؤرقها ويؤرق بلاده بأكملها.

ماري أنطونيت ولويس السادس عشر

العبارة الشهيرة “إذا لم يكن هناك خبزٌ للفقراء فلماذا لا يأكلون البسكويت؟” من منا لم يسمع بتلك العبارة ولا بصاحبتها التي لم تقف الظروف ضدها في شيءٍ وإنما كانت هي التي ساقت نفسها وزوجها للمقصلة، لا قصة كفاحٍ هنا فماري أنطونيت ولدت لعائلةٍ ملكيةٍ نمساوية وكان ترتيبها بين إخوتها الستة عشر ما قبل الأخيرة، بعد موت والدها كانت مقاليد البلاد في يد والدتها الملكة ماريا تيريزا والتي بدأت بإدارة البلاد بطريقتها الخاصة وكان من أهم ما رأته مناسبًا في تلك الفترة وسعت إليه هو التحالف مع الدول الأخرى، وكان ذلك التحالف يتم عن طريق تزويج أولادها لأولاد ملوك البلاد الأخرى ولم تكن ماري أنطونيت استثناءً، فحصلت على أمير فرنسا عدوة النمسا اللدودة لويس السادس عشر، في وقت زواجهما كانت ماري لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها بينما لويس السادس عشر يكبرها بعامٍ واحدٍ فقط.

أودت بحياتهما للجحيم

كان الفرنسيون يكرهون النمسا والنمساويين كملكتهم ماري أنطونيت وكل رجالها وحاشيتها، ومن الجدير بالذكر أن تملك ماري السيطرة على الحكم لم يكن حبًا أعمى من لويس لماري كما كانت القصص المعتادة، فقد شاع عنهما البرود والقتامة في علاقتهما رغم هدوءها السطحي والخارجي، بل إن لويس كان كارهًا لماري ونافرًا منها، لكنه كان ضعيف الشخصية سهل القيادة منكبًا على ملذاته الخاصة غير ملتفتٍ للبلاد التي يبدو أنه لم يكن يدري أنه يحكمها! وماري كانت ذكيةً جامحةً فلم تتوانَ عن الحصول على كل ما أرادته، بدأت في تبذير الأموال يمينًا ويسارًا على ملذاتها ومرحها وسعادتها ولم تلتفت لحظةً للضائقة المادية والاقتصادية التي وقع تحتها الشعب الفرنسي الجائع، وإنما زاد على ذلك أنها كانت تقصي كل الرجال الحكماء من القصر الذين شعرت بهم يقفون في طريق ملذاتها وتبذيرها، ومع الوقت بدأ الشعب في كرهها أكثر فأكثر وقامت الثورات ضدها وضد زوجها، لكن ذكاءها لم يساعدها وقتها وإنما كانت من الغباء أن رفضت ثورات الشعب ومطالبه وحثت زوجها على الضرب بيدٍ من حديد فما كان من تلك اليد إلا أن عادت لتضربها، بعد حصارها هي وزوجها وابنها ومحاولتهم الهرب من القصر تم القبض عليهم وسجنهم، وكانت قبل القبض عليها قد قررت الاستعانة بأي قواتٍ أوروبيةٍ خارجيةٍ لقمع الثورة الفرنسية فحوكم الاثنان بالخيامة وحكمت العدالة بإعدامهما فسيق لويس السادس عشر أولًا للمقصلة، ذلك الكابوس الحديدي المرعب الذي سالت عليه دماء آلاف المظلومين بأمرٍ منه هو وزوجته ظلمًا وتجبرًا، تجمهر الناس الجوعى المتألمون الضجرون بألمهم وعطشهم للثأر مرةً يشهدون رأس ملكهم تتدحرج على الأرض أمامهم، لكن الجمهرة الأكبر كانت بعدها بعدة أشهرٍ في إعدام ماري أنطونيت التي تقدمت نحو المقصلة برأسٍ مرفوعٍ وكبرياءٍ وشجاعةٍ لترسم مشهدًا قارب مشهد خطوات آن بولين نحو سيافها!

كلارا وموسوليني

إعدام طاغيةٍ يخلص العالم من طاغيتين! كانت تلك الفترة من تاريخ العالم من أشد الفترات ألمًا وضغطًا وحزنًا وخوفًا على الجميع حينما هشمت الحرب العالمية الثانية الأبواب ودخلت البيوت بلا طرقٍ أ استئذان، بل أحيانًا لم تبالِ بدخول البيوت وإنما اكتفت بهدمها على رؤوس ساكنيها، وكانت أوروبا تشتعل والأرض تكاد تفجر براكينها لتمحو كل من عليها وتخلص العالم منهم، من اتجاهٍ كان هتلر وجنونه بالنازية ومن الجانب الآخر كان حليفه الإيطالي الذي لم يقل عنه جنونًا موسوليني، كان الطغيان الذي سحقا به ملايين الضحايا تحت يد التحالف التي بسطاها معًا ولم تكن حقًا سوى مسألة وقتٍ حتى يسقطا سقطةً لا نجاة منها، حين لاح أفق الهزيمة لموسوليني سارع للمبادرة بعرض اتفاقية تسليمٍ وصلحٍ تضمن له النجاة والهرب برقبته من حبل المشنقة، لكن طلبه بالصلح وتسليمه لم يُقابلا سوى بحكمٍ بالإعدام خرج به الحزب الشيوعي الإيطالي فلاذ موسوليني بالفرار تجاوره عشيقته كلارا التي اختارت الموت معه على الحياة بدونه، لكن باءت محاولتهما بالفشل ولم يسترهما ظلام الليل الذي استغلاه فتم القبض عليهما وسيقا للحبس ليأتي حكم إعدامهما باسم الشعب الإيطالي نافذًا كالرصاص الذي اخترق جثتيهما هما وعدة رجالٍ من أعوان موسوليني، ثم عُلقت جثتيهما من الأقدام وأُلقيت في النهر ليشاهدها الشعب بأكمله، ما إن وصلت تلك القصة المرعبة لهتلر في مخبأه حتى انهارت كل آمال الحياة وانسحبت من عروقه فانتحر هتلر وعشيقته إيفا نتيجةً لحكم الإعدام الصادر باسم الشعب الإيطالي في حق طاغيته.

محاكمات نورمبرغ

إن كنا سنتحدث عن أحكام الإعدام فلا يمكن أن نتغاضى عن أشهر محاكمةٍ شهدها التاريخ المعاصر بأكمله لتخرج أحكام الإعدام من أبواب المحكمة بالعشرات محققةً العدالة لتروي ظمأ المظلومين المتعطشين للثأر بعدما أصابهم من ألمٍ وذلٍ وظلم، لم تطل يد محكمة نورمبرغ رقبة هتلر لكنها طالت رقاب رجاله وأعوانه فلم تتهاون معهم ولم تأخذها بهم شفقةٌ أو رحمة، فكان كل حكمٌ يخرج منها ما هو إلا مسمارٌ يُدق في نعش النازية، استمرت تلك المحاكمات من نوفمبر عام 1945 وحتى أكتوبر من العام التالي وحوكم فيها كبار القيادة النازية ومجرموها والأطباء الذين شاعت عنهم تجاربهم الطبية الوحشية وكل المجرمين الذين ارتكبوا الفظائع بحق الإنسانية تحت علم النازية، كانت أشهر أحكام الإعدام بحق مارتان بورمان غيابيًا وهانز فرانك ولهلم فرايك وهيرمان جورينج وإرنست كالتبرونر ولهلم كايتل ويوكايم فون وألفريد روزنبرج ووليم فرانك وغيرهم، والبعض الآخر حكم عليه بالسجن مدى الحياة والأعمال الشاقة، وحمل تاريخ الواحد وعشرين من ديسمبر عام 1946 ذكرى إعدام ما يزيد عند ثمانين قياديًا نازيًا في مشهدٍ لم تنسه ألمانيا العظمى أبدًا.

تشي جيفارا

رمز الثورة الأكبر حتى يومنا هذا، من الممكن ألا يعرف البعض قصته أو سيرته الخاصة أو حتى إنتاجاته وأعماله ومسيرة كفاحه، لكن الحقيقة تبقى أنه لا يوجد أحدٌ لم يسمع باسم جيفارا أو يرى صورته الشهيرة التي يرفع رأسه فيها ويرتدي قبعته المميزة وهو ينظر للسماء، ربما لم يعرف البعض أحلام جيفارا بشكلٍ خاص إلا أن الجميع يعرف أن أحلامه لم تعرف حدودًا يومًا، كان الجزء الأشهر من قصته هي رحلته على الدراجة النارية مع صديقه تلك الرحلة التي غيرت حياته ونظرته وشخصيته وجعلته ينتهج نهجًا جديدًا ومختلفًا في الحياة، حولته من شخصٍ يتمحور حول ذاته كباقي الناس إلى ثائرٍ غاضبٍ نذر حياته الفردية لحياةٍ أفضل لكل من رأى مسحة البؤس والظلم على حياتهم القاسية، غير جيفارا حياة ملايين الناس ومسار العديد من الدول على رأسهم كوبا وكان شوكةً في خاصرة الحكومات والأنظمة المستبدة والفاشلة، فشعلة ثورته المتوقدة كانت ما إن تمس الضغط الذي تُسحق تحته الشعوب حتى تنفجر بهم الثورة.

طورد جيفارا وطُلب حيًا أو ميتًا واستمر في طريقه بلا خوفٍ ولا رهبة حتى تم القبض عليه من قِبل وكالة الاستخبارات المركزية، سيق أسيرًا وحاولوا استجوابه وقيل أنه كان مصابًا من تبادل الإطلاق الناري الذي حدث بين الطرفين قبل أسره لكنه كان أكثر عنادًا وكبرياء من أن يخضع للاستجواب، وقيل أيضًا أنه لم تظهر في عينيه بادرة خوفٍ واحدة أثناء فترة أسره وإنما كان رأسه مرفوعًا بكبرياءٍ وعزة وضرب أحد آسريه أثناء محاولته إهانته وبصق في وجه آخر، جاء الأمر بإعدام جيفارا من الرئيس البوليفي رينيه باربينتوس بعد يومين من أسره في مكان احتجازه كما هو، بلا محاكمةٍ ولا قضية جاء حكم الإعدام واضحًا وصريحًا وقاطعًا، جيفارا يجب أن يموت! قتله ماريو تيران الذي كان له ثأرٌ عند جيفارا كما قال فأطلق عليه النار وجيفارا يأبى حتى اللحظة الأخيرة أن يصرخ ألمًا فعض على قيده بينما اخترقت تسع رصاصاتٍ جسده بينها رصاصتان قاتلتان فحسب في الصدر والعنق، لم يعرف أحدٌ بعد ذلك مصير جثمانه أو مكانه وظلت الحقيقة غائبةً كثيرا بين الخلاف إن كان جيفارا مات في الاشتباكات أم تم إعدامه حقًا.

ماري سورات

أول امرأة أمريكية يُنفذ بحقها حكم الإعدام بتهمة المشاركة في جريمة اغتيال أول رئيسٍ أمريكيٍّ يتعرض للاغتيال! كان الجاني والمجرم الأول في هذه الجريمة والمنفذ لعملية الاغتيال بنفسه هو جون ويلكس بوث مستعينًا بشركاء ومعاونين آخرين له يساعدونه في تنفيذ خطته وجريمته كاملة، كان من بين هؤلاء جون سورات وأمه ماري سورات التي كان بوث يتردد على منزلها وربما خرجت بعض خططه واجتماعاته من ذلك المكان، كان بوث على خلافٍ مع لينكون وسياساته وكان يضمر له كرهًا شديدًا وواضحًا، حتى أنه رويت عنه مواقف ذكر فيها صراحةً نيته في قتل الرئيس، كان لينكون قد روى لبعض المقربين منه قبل اغتياله بعدة أيامٍ أنه يحلم باستمرارًا نفس الحلم الشهير بأن حدهم على وشك اغتياله، لكن ذلك لم يمنعه عن حضور المسرحية التي كانت آخر ما رآه لينكون في حياته، علم بوث في يوم المسرحية أن الرئيس وزوجته سيحضرونها فبدأت بوادر الخطة تتضح في رأسه وسارع إلى منزل ماري سورات فطلب منها تسليم أحد الطرود وأن يخبر المستأجر الذي أرسلها إليه أن يجهز الأسلحة التي طلبها بوث منه لأنها سيأخذها منه، وفعلت ماري ذلك بالفعل وكانت تلك الزلة التي سقطت بها مدانةً أمام المحكمة في قضية الاغتيال الأشهر، بعد الاغتيال لاذوا جميعًا بالفرار إلا أنهم لم ينجحوا فمات بوث أثناء محاولة القبض عليه، بينما قبض على البقية من الأعوان والشركاء وحصل بعضهم على السجن أو الإفراج بينما حصل البعض الآخر على حكم إعدامٍ مباشر تم تنفيذه، وكانت ماري المرأة الوحيدة من بينهم والمرأة الأولى المعدمة في تاريخ القضاء الأمريكي.

سليمان الحلبي

ربما يكون إضافة سليمان لهذه القائمة مثيرًا لاستغراب البعض فلم يكن أول ولا آخر ثائرٍ أو مناضلٍ يرتكب جريمةً في حق الاستعمار ثم يُقتل أو يُعدم عقابًا على جريمته، لكن الفريد فيه كانت طريقة إعدامه! بدأت رحلته من حلب فالقدس ثم وصل للقاهرة أخيرًا وقال من قابلوه وعرفوه أنه جاء بغرض مقاومة الاحتلال الفرنسي، وفي الرابعة والعشرين من عمره أقدم بالحيلة على اغتيال قائد الحملة الفرنسية الجنرال كليبر بطعنه عدة طعناتٍ قاتلةٍ أودت بحياته، هرب بعد طعنه بعض رجال كليبر الذين حاولوا القبض عليه إلا أن هربه لم يدم طويلًا حتى وقع في قبضتهم ليبدأ التحقيق معه ومن ثم محاكمته وإدانته بالقتل والحكم عليه بالإعدام فورًا، لم يجتر سليمان نفسه وحده للإعدام وإنما رفاقه حصلوا على نفس الحكم أيضًا فقُتلوا أمامه بينما جاء إعدامه على هيئة قطع يده اليمنى كعقابٍ مبدئيٍّ على قتله كليبر ثم خوزقته وهي أبشع طريقة إعدامٍ عرفها التاريخ، عانت منها أوروبا كثيرًا خاصةً خلال العصور الوسطى لكنها لم تدخل البلاد العربية وتنتشر إلا على يد الأتراك العثمانيين، فكان سليمان الحلبي واحدًا من أشهر العرب الذين حكم عليهم بالخوزقة.

عمر المختار

حين صدر الحكم بإعدام أسد الصحراء لم يجد المستعمرون الجبابرة الطغاة في قلوبهم رحمةً ولا شفقةً بكبر سنه وشيب رأسه وتغضن جلده وسنوات عمره التي جاوزت السبعين فساقوه للموت سوقًا ظنًا واعتقادًا منهم أنهم بقتله يقتلون صوت الثورة ويدفنون النضال بالرمال ويكممون فم الحرية، لكن عمر المختار شخصٌ والشخص مات أما الحرية ففكرة والفكرة لا تموت، خرج من أرض ليبيا واحدًا من أبنائها وحركةً من حركات نضالها ضد المستعمر الإيطالي المتجبر، لم يعرف قلبه الخوف أو الفزع ولم يُحنِ جبينه لغاصبٍ أو معتدي بل ظلت رأسه مرفوعةً حتى التف حبل المشنقة واشتد على عنقه، كلفت شجاعة عمر الكثيرين من الظالمين والمعتدين حياتهم وأرهبت قلوب أعدائه وأثارت حنقهم وجعلتهم يضربون في الأرض بحثًا عنه ويخرجون في طلبه فيشتبكون به وبرجاله ولا يعودون ومن عاد منهم فلا يعود إلا بخفي حنينٍ يجتر خيطًا من الدم وراءه، يوم أسره اشتبك الرجال بالرجال وسقط حصانه الوفي الشهير قتيلًا على يد أعدائه ثم قُبض عليه فسُجن وقُدم لمحاكمةٍ فوريةٍ صورية حصل فيها على الإعدام، تصور المستعمرون أن موته سيكون درسًا لا يُنسى وضربةً تزعزع قوة النضال والحرب والثورة وتكتمها فإن كان أسدهم قد مات فمن بقي ليناضل! لكن جسد المختار متدليًا من حبل المشنقة لم يكن سوى الضربة القاضية للاستعمار حين غضب الناس فهاجوا وماجوا وتعالت صيحات الثورة ولم تخمد النيران إلا بالحرية وطرد الاستعمار.

صدام حسين

إعدامٌ صبيحة العيد، صلى الناس صلاة العيد ثم فتحوا التلفاز ليواجههم مشهد إعدام صدام حسين وتعليقه في حبل المشنقة، عشرة أعوامٍ مضت على هذا الإعدام ليجعله ذلك أكثر شخصيات هذه القائمة حصريةً كما كان في حياته من أكثر الأشخاص إثارةً للحيرة والجدل،جاء الفيديو الذي لم يتجاوز الثلاث دقائق عارضًا لنا صدام وهو يُساق لحبل المشنقة ثابت الخطى والجنان رافعًا رأسه في شجاعة، ثم رفض ارتداء الكيس الأسود على رأسه وبدأ بتلاوة الشهادتين وهو يرفع صوته ردًا على من توجهوا له بالحديث من الحاضرين قائلًا:”هي المرجلة؟” نطق الشهادتين مرةً وفي منتصف الثانية انشقت الأرض وتدلى من حبله بينما تعالت الأصوات سعيدةً مستبشرة، كانت تهمته التي أُدين بها هي ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية خلال فترة حكمه في العراق قبل خلعه والإطاحة به، كان إعدامه مثارًا واسعًا للجدل والغضب بل والحداد من ناحية وللسعادة والفرح والاحتفال من ناحيةٍ أخرى، بينما التزمت بعض الدول الحياد واعتبرت الواقعة من ضمن الشأن العراقي وحسب، وكانت دولٌ أخرى كالسعودية تستنكر وتستغرب الإقدام على الإعدام صبيحة يوم العيد! اعتبره البعض الآخر جريمةً أخرى مزادةً على جرائم الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جورج بوس، والذي كانت تصريحاته على الإعدام هي استبشارٌ بنور فجرٍ جديدٍ من الديموقراطية في العراق.

ريا وسكينة

ريا وسكينة الأختان السفاحتان السكندريتان اللتان رغم مرور قرابة القرن على قصتهما المروعة ما زال أهل الإسكندرية خاصةً المناطق والأحياء الشعبية القريبة والمحيطة بمكان سكن السفاحتين وارتكابهما جرائمهما بحي اللبان يتحدثون ويتسامرون ويتناقلون تلك القصة كأنها حديثة، وكأن القرار بإعدام الأختين وشركائهما في الجريمة والعصابة السفاحة خرج الآن نضرًا طازجًا للخلق الذين تجمعوا وتجمهروا يومها يشاهدون عمليات الإعدام بحق أول امرأتين في التاريخ المصري بمزيجٍ من السعادة والفرح المختلط بالزغاريد لانتهاء ذلك الكابوس الذي أرق لياليهم وأرجف قلوبهم رعبًا وخوفًا على نسائهم وبناتهم،كانت بداية حياتهما في الصعيد ثم تنقلتا معًا في أنحاء مصر وفي النهاية استقر بهما المقام في الإسكندرية حيث بدأتا سلسلة الجرائم البشعة التي راح ضحيتها سبعة عشر امرأة، لم يكن لريا وسكينة الفضل الأوحد في تلك الجرائم وإنما كانت عصابتهم تتشكل من ريا وزوجها حسب الله وسكينة وزوجها محمد عبد العال واثنان آخران أُدينا مع العصابة هما عرابي وعبد الرازق، لكن الفضل الأول في جذب الضحية للفخ كان على يد الأختين حيث كانتا تقومان بجذب الضحايا من النساء متقلدات الذهب والجواهر بالخداع والمكر والكلام المعسول حتى تتبعهما لحتفها، فيسرقانها ويقتلانها ثم يدفنون الجثة في بيتهم!

فاحت رائحة الجريمة مع رائحة الجثث وتم القبض عليهم ليحاكموا ويساقوا لحبل المشنقة ليسجل اسما ريا وسكينة في التاريخ كأول محكومتين بالإعدام في التاريخ المصري كله.

جون كوفي (الميل الأخضر)

وانتقالًا من الواقع بقتامته وظلامه لعالم الأدب والسينما لنعرض قصةً من أقوى وأشهر قصص الإعدام وأكثرها تأثيرًا في جمهور القراء والمشاهدين، برز نتيجتها اسم الكاتب ستيفن كينج صاحب تلك الرواية الرائعة ومن بعده اسم الممثل الشهير توم هانكس ومايكل كلارك دانكن الذين قاما بدور البطولة في هذا الفيلم، توم بشخصية بول قائد حرس السجن الذي تمت فيه القصة ومايكل بدور جون كوفي، تحكي القصة عن جون كوفي الرجل غريب الأطوار الضخم الأسود الذي جاء السجن متهمًا باغتصاب فتاتين صغيرتين ثم حُكم عليه بالإعدام لينتقل إلى قسم المحكوم عليهم بالإعدام بانتظار الموت، يُظهر جون مسالمةً ووداعةً غريبين من مجرمٍ بهذه الجريمة ونفسٍ بشرية بهذا اليأس لكن الغرابة لم تتوقف عند هذا الحد، يجد بول نفسه أمام شخصٍ يحمل قدراتٍ غريبة على شفاء الآخرين ومساعدتهم بل ونقل الأفكار عبر اللمس لينقل لعقل بول في إحدى المرات ذكريات الحادثة، يكتشف بول بعدها أن جون بريء وأنه حين تم القبض عليه حاملًا جثتي الفتاتين المغتصبتين كان يحاول علاجهما وإعادتهما إلى الحياة ولم يكن يؤذيهما، برغم ذلك لم يتمكن بول من إثبات براءة جون وسيق الأخير راضيًا للكرسي الكهربائي حيث ارتكب أحد الحراس الذين كرهوا جون خطأً متعمدًا تسبب في تحول الإعدام من إعدامٍ بالصدمة الكهربائية إلى الشي حيًا وحتى الموت بالكهرباء! كانت لحظة موته كابوسًا مرعبًا عايشه قراء ومشاهدو ذلك العمل الأسطوري وتجلت شجاعة بول وصواب تفكيره في تلك اللحظة عندما هلع الجميع وقرروا إيقاف الكهرباء إلا أنه أمر بالاستمرار في الإعدام حتى لا يزيد من ألمه ومعاناته، قصةٌ مذهلةٌ ودمجٌ رائعٌ بين الحقيقة والخيال أبدع فيه الكاتب والممثلون وكل من شارك فيه وأشرف عليه ليترشح ذلك الفيلم لعدة جوائز أوسكار.

في التاريخ قصصٌ أخرى ووقائع إعدامٍ أكثر مما احتوت عليه هذه القائمة بكثير، وفي غياهب السجون وظلام الليل عمليات إعدامٍ لا حصر لها تم تنفيذها بحق ظالمٍ أو مظلوم، لا فرق فحبل المشنقة لم يميز يومًا الرقبة التي يلتف حولها، وإنما هو رسول الموت فحسب.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

خمسة × 5 =