تسعة مجهول
عائلة سودر
الرئيسية » الغاز » عائلة سودر : مأساة عائلة اختفى أطفالها في ظروف شديدة الإثارة

عائلة سودر : مأساة عائلة اختفى أطفالها في ظروف شديدة الإثارة

قصة عائلة سودر من قصص الاختفاء المميزة، فأن يختفي خمسة من أفراد عائلة واحدة في يوم واحد ويظلون يرسلون الرسائل لأهلهم يعد أمرًا أغرب من الخيال كما سنرى!

تُعتبر عائلة سودر معجزة بكل المقاييس، وبالطبع المعجزة ليس العائلة نفسها، وإنما ما حدث لها منتصف القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية وجعلها تتصدر الصحف وتحتل عقول المحققين والمفكرين، ولا يُعد حرقًا للأحداث إذ نقول أن خمسة أفراد من هذه العائلة لقوا حتفهم في ساعةٍ واحدة، فيما ظل ما تبقى من أسرتهم يبحثون عنهم أكثر من ستة عقود على أمل إيجادهم، وأن هؤلاء الأطفال الخمسة الذين لقوا حتفهم ظلوا يبعثون برسائل مُعايدة لآبائهم بعد موتهم، وبالتأكيد أنت الآن مُتعجبٌ مما سمعت وتعتقد أن ما مضى كان بدافع التشويق، وهذا في الواقع ليس صحيحًا أبدًا، لكننا سنكتفي بهذا القدر وسنطلعك على كل شيء بالتفصيل.

عائلة سودر وقصة الاختفاء الغريبة

عائلة سودر في سطور

كأي أسرة عادية عاشت عائلة سودر في إحدى الولايات الأمريكية، والتي تُسمى فيرجينيا، وقد كانت العائلة مكونة من أب يُدعى جورج وأم تُدعى جيني، إضافة إلى عشرة أبناء، أكبرهم جندي بالجيش الإيطالي وأصغرهم طفلة لم تتجاوز الثانية من عمرها، وقد كانت الأسرة بالرغم من هذا العدد الكبير متعاونة ومتقاربة بين أفرادها كثيرًا، حتى أنهم كانوا ينتظرون وقت الطعام كي يجتمعوا جميعًا في بضعة أمتار قليلة ويتفقدوا حالة بعضهم البعض، كانت عائلة رائعة بحق، ولا تُعبر أبدًا عن أصولها المضطربة.

عائلة سودر وإيطاليا

بدأ جورج جذور عائلة سودر في ظروفٍ غير طبيعية على الإطلاق، حيث كان يعيش هو وعائلته الأولى في إيطاليا، وربما لفت انتباهكم في السطور الماضية أن الابن الأكبر لهذه العائلة كان جنديًا بالجيش الإيطالي لم يتمكن جورج من الاستمرار في ظل الفاشية الإيطالية التي كان يترأسها موسوليني، فقرر الهرب هو وجيني ثم قاما سويًا ببناء عائلة سودر، والتي اكتمل بناءها بالرغم من كل المشكلات التي تعرضوا لها والمضايقات التي كانت تحدث من جيرانهم بتوصيات من موسوليني نفسه، والذي قرر تعقبهم والتضييق عليهم أينما كانوا، لكن، مع الوقت استطاع سودر تكوين العلاقات وكسب حب الجميع له، لتنتهي بذلك المضايقات ويبدأ عقد المعاناة بعدها في الانفراط.

بداية مأساة عائلة سودر

بدأت مأساة عائلة سودر في اليوم الأخير من عام 1945، ليلة رأس السنة تحديدًا، حيث اجتمع جورج وزوجته وأولاده التسعة في حديقة المنزل وشاركوا جيرانهم وأصدقائهم حفلًا صغيرًا بهذه المناسبة، ثم بعد ذلك خلدوا جميعًا إلى النوم عند الواحدة من صباح اليوم الأول في عام 1945، إلا أن الأم شعرت بصوت حركة غريب بعدها بأقل من ساعة، لكنها عندما بحثت لم تجد شيء، فخلدت للنوم مرة ثانية ضاربةً موعدًا مع الاستيقاظ في تمام الثالثة والربع، لكن هذه المرة لم تكن وحدها ولم يكن الاستيقاظ بسبب عادي، ببساطة، لقد اشتعل المنزل.

حريق عائلة سودر

في تمام الثالثة والربع، وبلا أية مقدمات، اشتعل منزل عائلة سودر وأخذ في الاختفاء من على أرض المدينة، أما ما من كانوا فيه فقد بدأوا بالهرب واحدًا تلو الآخر، وبالطبع تولى رب البيت جورج مهمة إخراج أسرته من الحريق، حتى تمكن بالفعل من فتح مخرج صغير وإنقاذهم واحدًا تلو الآخر، إلا أنه بعد إخراج زوجته وثلاثًا من أبنائه انغلق ذلك المخرج بألسنة اللهب، ولم يشعر جورج بنفسه إلا وهو يتطاير خارج المنزل تاركًا أطفاله الخمسة المتبقين للموت، أو هكذا كان يعتقد الجميع عدا جيني.

الموت يحكم قبضته

بعد أقل من ثلاث ساعات وصلت وحدات الإطفاء والشرطة وتمكنوا من إطفاء الحريق الذي التهم منزل عائلة سودر، لكن الحريق الذي كان يشتعل داخل قلب جيني وجورج لم يستطع أحد إطفاءه، فقد كان خبر موتهما أول ما قاله الشرطة لهما، أو بمعنى أدق، أول الاستنتاجات المنطقية التي توصل إليها الجميع، فالمنزل الذي كان يحتويهم أصبح كومة من الركام، فكيف هو الحال بالنسبة للأطفال الذين كانوا بداخله؟ الجميع كان يقول ماتوا، لكن جيني كانت تستبعد ذلك بكل ثقة.

بداية الألغاز

كان جورج، كبير عائلة سودر، يعلم جيدًا أن أطفاله قد تعرضوا للالتهام من قِبل النار، وأن رفضه للتصديق مجرد عاطفة أبوية لا تقبل الإقرار بوفاة أبناءه، لكنه مع الوقت بدأ يشك في الأمر أيضًا، خاصةً مع تأكيد الشرطة على عدم العثور على عظام جثث الأطفال الخمسة، وهذا بالطبع ليس منطقي بالنسبة لمن يعرفون حقيقة استحالة تحول العظام إلى رماد بفعل النار في أقل من ثماني ساعات، وأن الحادثة أصلًا لم تمتد لأكثر من ثلاث ساعات.

بروز الأدلة

الغرابة لا تتوقف عند ذلك الحد فيما يتعلق بحادثة عائلة سودر، فبالتحقيقات اكتشفوا أن الأثاث الذي كان موجود في البيت لم يحترق عن بكرة أبيه، فكيف إذًا تم تفحم العظم، الذي يعد أشد صلابة، وأصبح رماد، كما أنه بالتحري أيضًا تم التوصل إلى انقطاع أسلاك الهاتف قبل الحادثة، وعند القبض على من قام بفعل ذلك أنكر علاقته بالحريق وأكد على أنه مجرد لص، وأيضًا كان ثمة شخص يحوم حول البيت قبل الحادثة بساعات ولم يستطع أحد التعرف عليه، كل هذه أدلة جعلت من الحادث بأكمله موضع شك، لكن أحدًا ما لم يُعر هذا الحريق أي اهتمام.

إغلاق القضية

يمكن القول إن الشرطة وجهات التحقيق قد عجزا تمامًا عن التعرّف على مُلبسات قضية عائلة سودر، ولهذا تم إغلاق القضية بعد أقل من سنة واعتُبر الحادث مُجرد حريق عادي، أما فيما يتعلق بالأب والأم فهما بالطبع لم يقبلا بذلك، وظلا طوال حياتهما مُتمسكين بالأمل، بل وطالبوا أكثر من مرة بإعادة فتح التحقيق، لكن كان يُرفض طلبهم في كل مرة بحجة عدم كفاية الأدلة.

رسائل الموتى

بعد حوالي خمسة عشر عامًا من حادثة حريق منزل عائلة سودر، تلقى الأب جورج طردًا موقعًا باسم شخص عشريني يُدعى كيم، وهو للغرابة نفس الاسم الذي كان يحمله ابن جورج ذو الخمس سنوات وقت الحادثة، لكن الأغرب هو ما كان موجودًا داخل الطرد، حيث كانت هناك بعض الصور لأطفال جورج الخمسة وصورة لشباب في سن العشرين تُشبههم، بالإضافة إلى رسالة تقول “أمي، أبي، آسف”، إذًا هذه رسالة كيم الذي من المفترض أنه قد مات قبل خمسة عشر عامًا، هذه رسائل الموتى.

دفعت هذه الرسالة جورج وزوجته إلى فتح التحقيقات من جديد، لكن أيضًا تم رفض طلبهم باعتبار أن هذه الرسالة ليست دليلًا كافيًا، لكن جورج وزوجته وأولادهما لم يكتفوا بذلك، بل حاولوا البحث عن ذويهم بمفردهم، واستمروا على ذلك حتى ماتوا واحدًا تلو الآخر، فيما تبقت سيدة واحدة سبعينية كانت وقت الحادث لا تتجاوز العامين، والغريب أنها أيضًا مُتيقنة من عدم موت إخوتها في الحريق.

من الجاني؟

بالطبع بعد سماعك لقصة عائلة سودر الغريبة فسوف يتملكك سؤال واحد منطقي إلى حد كبير، من الجاني؟ والحقيقة، وحتى نبتعد عن التكرار، فقد قيل في هذه الحادثة الكثير والكثير، وكل هذه الأقاويل تحتمل الصحة والخطأ، إلا أن القول المرجح فيها هو نسب الحريق إلى الفاشية الإيطالي موسوليني، وذلك بحجة معاقبة جورج على تمرده وتركه للبلاد.

محمود الشرقاوي

محرر صحفي، عضو نقابة الصحفيين، متخصص في الشأن الإقتصادي والسياسي ومحرر قضائي لعدد من المواقع الإخبارية.

أضف تعليق

سبعة عشر − 8 =