تسعة مجهول
شبح طريق ستوك لاسي
الرئيسية » معــالـم قــديـمــة » شبح طريق ستوك لاسي : شبح أرعب المسافرين لسنوات طويلة

شبح طريق ستوك لاسي : شبح أرعب المسافرين لسنوات طويلة

طريق ستوك لاسي طريق عادي موجود في بريطانيا العظمى، لكن خلال ثمانية عشر يوم فقط تحول ذلك الطريق الغريب إلى طريق الموت، فجأة وبلا أي مقدمات!

يُعتبر طريق ستوك لاسي الموجود في بريطانيا امتداد جديد للطرق المسكونة التي بدأت تنتشر في العالم بصورة رهيبة، فذلك الطريق الذي كان طريقًا عاديًا قبل فترة تحول في خلال ثمانية عشر شهرًا فقط إلى طريق للموت بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، ليس هذا فقط، بل إن جميع الحوادث التي وقعت على ذلك الطريق، والتي تتجاوز العشرين حادثة، وقعت دون سبب منطقي، مما دفع البعض إلى الربط بين تلك الحوادث وما وقع للمرأة الغامضة في عشرينيات القرن المنصرم، لكن في النهاية الجميع اتفق على أن ذلك الأمر لم يخرج من تحت يد الأشباح وأنهم يملكون يدًا قوية فيه، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على طريق ستوك لاسي والحوادث التي وقعت به، وهل فعلًا ثمة علاقة بين تلك الحوادث وشبح المرأة الغامضة أم أن هذا مجرد تخيلات وأساطير من الناس.

طريق ستوك لاسي

قبل أن نتعرف على دهاليز وحوادث طريق ستوك سيتي نحن بحاجة أولًا إلى التعرف على تفاصيل أكثر عن ذلك الطريق، بطل قصتنا بالمعنى الأدق، فذلك الطريق البريطاني بدأ العمل به قبل حوالي خمسة قرون، وطبعًا نحن نعرف أن بريطانيا من أوائل البلاد في العالم التي بدأت في تطبيق نظام الطرق والكباري، تمامًا مثلما هي متقدمة في استخدام القطارات والطائرات، وبالتأكيد ذلك منطقي إذا ما نظرنا إلى وضع بريطانيا العظمى قديمًا، تلك الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس في أي وقت، عمومًا، دعونا نترك الماضي البعيد ونتحدث عن الماضي القريب، ذلك الذي شهد طريق ستوك.

تم بناء طريق ستوك لاسي بالقرب من ممر خشبي قديم، ذلك المرر كان يُمكنك من خلاله العبور من بلدة إلى أخرى، وربما هذا ما أكسب الطريق حيوية أكثر، فمن البديهي أن يطمح الناس في طرق تختصر المسافات عليهم، وهذا ما كان يفعله طريق ستوك لاسي بمهارة شديدة، وطبعًا ذلك قبل أن تظهر سلسلة الحوادث ويبدأ الحديث عن وجود الأشباح.

طريق ستوك لاسي والحوادث

قبل عقود قليلة، وفي طريق ستوك لاسي الذي نتحدث عنه، بدأت تحدث أمور غريبة يقول البعض أنه ليس هناك أي تفسير منطقي لها، فمثلًا كانت السيارات أثناء عبورها الطريق طبيعية، وما إن تصل إلى نقطة معينة في طريق ستوك إلا ويحدث الأمر الغريب جدًا، وهو حادثة، وقد تكون تلك الحادثة عبارة عن تصادم أو انقلاب للسيارة، لكن في النهاية الأمر الثابت أن حدث جلل كان يحدث، الأغرب من كل ما مضى أن ذلك الأمر لم يحدث مرة أو مرتين أو حتى ثلاثة، وإنما حدث أكثر من ستة وعشرين مرة خلال ثمانية عشر شهر، ولمن يُتابع الحوادث جيدًا سيعرف أن هذا العدد كبير جدًا ومن النادر حدوثه في طريق واحد بتلك المدة القصيرة.

عندما كانت تحدث حوادث الانقلاب على طريق ستوك لاسي كان الناس بطبيعة الحال يهرعون إلى مكان التصادم ويتوقعون أن يحملوا الجثث على أكتافهم، لكن ما كان يحدث كان يدعو حقًا للجنون، فعلى مدار تاريخ الحوادث في هذا المكان لم يمت أي شخص، فقط كانت تتحطم السيارات أو الدرجات البخارية، أما السائقين فلا يحدث لهم أي شيء، لدرجة أن البعض كان يُجذم أن الجثث كانت تختفي من موضع الحادثة، لكن ظهور أصحاب السيارات كان يدحض ذلك.

ما الذي يحدث؟

تحدث الكثير من الحوادث على طريق ستوك لاسي، هذا ما يعرفه الجميع، لكن فيما يتعلق بكيفية حدوث تلك الأمور فهذا شيء لا يزال حتى الآن مجهولًا، فحدوث تلك الحوادث بالتأكيد من المنطقي جدًا أن تكون أسبابه حاضرة، ومن تلك الأسباب مثلًا تصادم سيارتين أو وجود خلل ما في الطريق أو حتى التعثر بحجر، لكن كل ما مضى لم يكن له وجود على الإطلاق، فقط كانت الحوادث تحدث لمجرد الحدوث، لا أسباب ولا تفسيرات ولا حتى توقعات، والأمر الجنوني الآخر أنه لا جثث، كان الناس بالرغم من قوة التصادم يخرجون من سياراتهم وكأن شيئًا لم يحدث!

كل الذين حاولوا الخروج بتفسيرات منطقية للحوادث فشلوا فشلًا ذريعًا، جهات التحقيق كذلك لم تعثر على أي طرف خيط، ومع معاينة الطريق في كل حادثة لم يكن هناك أي شيء جديد أو غير طبيعي، الأكثر جنونًا أيضًا أن الناس كانوا ينجذبون لذلك الطريق ويعبرون منه بالرغم من كل ما يثار عنه، وطبعًا كثرة الحديث جعلت الأمر حديث الصحف والإعلام بشكل عام، وهذا ما زاد من شهرة الطريق المُريب، شهرة يُمكن القول إنها شهرة عالمية.

طريق ستوك لاسي والرأي العام

كتبت الصحف وتحدث الإعلاميين في المحطات التلفزيونية، لم يعد هناك أحد يجهل طريق ستوك لاسي والرأي العام، وقد استفزت حالة التخبط التي كان يُعاني منها المسئولين الشعب، فقاموا بالانتفاض مُطالبين بوضع حد لتلك المهزلة، لدرجة أن بعض المدنيين قد ذهبوا بأنفسهم وتأكدوا من أنه لا يحتوي على أي شيء غريب قد يجعل من حدوث الحوادث أمر طبيعي، كان كل شيء سوي مثلما هو الحال مع أي طريق موجود في بريطانيا، وربما تعتقدون أن هذا أمر جيد إلا أنه في الحقيقة كان يُزيد من حالة الخوف، فإن كان كل شيء طبيعي وعادي، فما الذي يحدث لتنقلب السيارات.

فشلت كل المحاولات التي قام بها الذين حاولوا تفسير الأمر أو حتى إصلاحه، لم يعد هناك بد من الابتعاد تمامًا عن هذا الطريق وكفاية خيره وشره، وبالفعل تم وضع اللافتات التي تُحذر من عبوره أو حتى مجرد الاقتراب منه، وفي الوقت الذي كان فيه الجميع متأهب لنسيان الطريق وحوادثه ظهرت بعض التفسيرات الجديدة التي أقحمت أمور جنونية في التبرير، وكأن لسان حالهم أنه إذا كان ما يحدث غير منطقي فإن التبرير يجب أن يكون غير منطقي كذلك.

مبررات مجنونة للشبح

كما ذكرنا، نفدت كل الأسباب المنطقية التي يُمكن أن تُفسر من خلالها حوادث طريق ستوك لاسي، كان كل شيء يقود إلى الجنون الحتمي، وكان لابد فعلًا من حدوث الجنون بأي صورة من الصور، والحقيقة أن صورة ذلك الجنون قد جاءت من خلال تبريرات أقل ما يُقال عنها أنها خيالية، لكنها كانت موجودة، وبما أنها موجودة فلا مناص من التحدث عنها، وأولى تلك التبريرات هي ما يتعلق بشبح المرآة التي ماتت في حادثة السياج.

شبح المرآة صاحبة السياج

يقول التفسير الغير منطقي الأول لحادثة طريق ستوك لاسي أنه كان ثمة امرأة تعبر ذلك الطريق قبل حوالي ستة عقود من بداية الأحداث، وأثناء عبورها فقدت السيطرة على السيارة بصورة طبيعية واصطدمت بالسياج ثم تهاوت جثتها في النهر، إلى هذا يُمكن القول إن كل شيء قابل للتصديق، لكن ما حدث بعد ذلك أنه لم يتمكن أحد من العثور على المرأة، أو جثتها بالمعنى الأدق، في أي مكان، بل بدا وكأنها قد تبخرت، لكن الأمور قد هدأت وترك الناس عملية البحث عن جثتها، ومن يُمكن القول إن ذلك الترك هو مربط الأحداث.

يُضيف أصحاب هذا الرأي أن المرأة التي ماتت واختفت جثتها قد غضبت جثتها بعض موتها، أو غضب شبحها على وجه التحديد، وسبب الغضب أن البشر لم يُعيروا جثتها الاهتمام اللازم، بل وتناسوا أمرها وكأن شيئًا لم يكن، وهنا كان لابد لها من طريقة انتقام تتمكن من خلالها من التنكيل بهؤلاء المُتخاذلين، فكيف جاءت تلك الطريقة؟

طريق انتقام صاحبة السياج

انتقام شبح طريق ستوك لاسي، أو صاحبة السياج كما يُطلق عليها، جاء في صورة ظهورها للمسافرين أو المارة من هذا الطريق، هي لا تفعل شيء سوى الوقوف في طريقهم دون أي حركة، وطبعًا إذا كان أمامك شخص ما فإنك ستحاول بشتى الطرق أن تتحاشاها، لكن ما لن تعرفه أنه لا توجد أي امرأة في الحقيقة، وأنها ليست سوى شبح، ولذلك فإن المارة المساكين يسقطون في السياج بنفس الطريقة التي سقطت بها المرأة الشبح قبل موتها، الفارق الوحيد أنهم لا يموتون مثلها!

كان المارة الذين ينجون من حادثة السياج يتحولون سريعًا إلى أشخاص يُسلط الضوء عليهم، وفي كل مرة كان يقول الناجي أنه كان يرى امرأة فيحاول أن يتفادها ويجد نفسه في النهاية قد قام بتلك الحادثة، وطبعًا كان لا يتم تصديقه لكون روايته غير منطقية بعض الشيء، عمومًا، هذا هو التفسير الغير منطقي الأول لما كان يحدث بطريق ستوك لاسي.

نقطة مجنونة من الأرض

التفسير الغير منطقي الثاني لما كان يحدث في طريق ستوك لاسي أن تلك المنطقة التي كان يتواجد بها الطريق هي في الأصل نقطة من المناطق المثيرة على كوكب الأرض، مثلها مثل مثلث برمودا وغيرها الكثير من الأماكن التي لا تتوقف العجائب عن الوقوع بها، وفيما يتعلق بتلك المنطقة فإنه ثمة قوة خفية موجودة في هذه النقطة تجعل السيارات وأي شيء عمومًا غير قابل للسيطرة، أي أن السائقين عندما يدخلون في زمرة الطريق يجدون أنفسهم غير متحكمين مئة بالمئة بالطريق، مما يؤدي في النهاية إلى وقوع الحادثة، وطبعًا هذا تفسير غير منطقي لسبب بسيط جدًا، وهو أن الطريق قد مر به الكثيرين ولم يتعرضوا لحوادث أو أي مشاكل، قلة قليلة فقط هي التي تحدث فيها تلك الأمور، وهذا ما يستبعد ذلك التبرير، كما أن الطريق الآن لا تحدث به أي حوادث، فهل تبخرت تلك النقطة السحرية!

عصابة الأشباح المجنونة

التبرير الأخير المجنون لما حدث طريق ستوك لاسي أنه كان هناك عصابة مُتخصصة قديمًا في قطع الطريق على المارة في هذا الطريق وسرقة أموالهم وأغراضهم، لكن ما حدث فجأة أنه قد تم دهس تلك العصابة من قِبل المارة في عرض ذلك الطريق، مما أدى بالطبع إلى موتهم وخلود أشباحهم من أجل الانتقام من المارة الذين تسببوا في موتهم، وعلى الرغم من كون تلك القصة مجنونة للغاية إلا أنه ثمة من يؤمنون بها إيمانًا شديدًا ويعتقدون أن العصابة قد عثرت أخيرًا على الشخص الذي قام بدهسهم وانتهى الأمر بالنسبة لهم، ولذلك توقفت الحوادث، عمومًا، لا يزال ذلك الطريق حتى الآن، وما كان يحدث به من قبل، مصدر لعنة وخوف لدى الناس الذين يمرون به مجبرين، وذلك ببساطة لأن القصة المتعلقة به لم تظهر حقيقتها إلى وقتنا هذا.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

1 تعليق

1 × 5 =