تسعة مجهول
سفينة ماري سليست
الرئيسية » غرائب » سفينة ماري سليست : أغرب حادثة اختفاء في تاريخ السفن حتى اليوم

سفينة ماري سليست : أغرب حادثة اختفاء في تاريخ السفن حتى اليوم

رغم شيوع حوادث اختفاء السفن في ظروف غامضة، إلا أن قصة سفينة ماري سليست مختلفة في العديد امن النواحي، هيا بنا نعرف لماذا تعتبر سفينة ماري سليست مميزة جدًا.

أخذت سفينة ماري سليست جزءًا كبيرًا من حكايات السفن البحرية، فقد ضربت في نهايات القرن التاسع عشر مثلًا في الأساطير، وظلت حكايتها الغريبة تشغل العالم حتى يومنا هذا، وخاصةً المحققون الذين ظلوا عقود طويلة بعد الحادثة يحاولون فك طلاسم هذا اللغز المُحير، فبالطبع نحن لا نسمع كل يوم عن سفينة اختفى طاقمها دون سبب وأكملت رحلتها دون وجود أي فرد على متنها، وهذا للعلم الجزء الأقل تشويقًا في قصتنا التي سنتناولها في السطور الآتية، فدعونا نتعرف معًا على سفينة ماري سليست وقصتها من بدايتها حتى نهايتها كأسطورة خالدة حتى يومنا هذا.

حادثة اختفاء سفينة ماري سليست الغامضة

سفينة ماري سليست

سفينة ماري سليست مُجرد سفينة عادية، تُستخدم في نقل حمولات تصل إلى 282 طن على الأكثر، وقد كانت في بدايتها سفينة حربية، واكبت بدايات الحروب التي استُخدمت فيها السفن، حيث تم البدء في بنائها نهايات القرن التاسع عشر، وتحديدًا عام 1861، ثم تحولت بعد ذلك بفترة قصيرة إلى سفينة نقل، وهي في الأصل صناعة كندية، مثلها مثل أغلب السفن، والتي تفننت كندا في صناعتها، لكن، هذا التوهج الذي كانت عليه ماري سليست لم يدم طويلًا، فقد ظهرت في بدايات العقد السابع من القرن التاسع عشر ما يُعرف بلعنة ماري سليست.

لعنة ماري سليست

عُرفت لعنة ماري سليست في بدايات العقد السابع من القرن التاسع عشر، وقد بدأت اللعنة بالرحلة الأولى للسفينة في هذا العِقد، والتي كان يرأسها ابن مالك السفينة، ذلك الشاب الثلاثيني المعروف بقوته، لكن، ما أن استقل السفينة، أصابه المرض الذي أجهز عليه قبل نهاية الرحلة، فما كان من والده إلا أن باع السفينة للتخلص من لعنتها، فخرج أول مشتري لها في رحلة إلى مكان ما، فوجد نفسها فجأة وبلا أي مقدمات داخل المحيط الأطلنطي، حيث انحرفت السفينة عن مسارها دون سبب واقعي، ناهيك عن حوادث الاصطدام المتكررة ومحاولات الغرق التي يتم إدراكها في اللحظات الأخيرة، لكن كل ذلك للأسف لم يُجدي نفعًا في رحلة القبطان بنيامين بريدج.

بريدج وماري سليست

كان القبطان بنيامين بريدج هو آخر من اشترى السفينة، وقد كان بدوره يأمل في القضاء على لعنتها ويؤكد للجميع أن كل ما كان يحدث لها مجرد حوادث عاديه، وقعت صدفة، ويُمكن أن تقع لأي سفينة أخرى في نفس الظروف، وعلى ما يبدو أنه كان مُعتمدًا في ذلك خبراته البحرية الطويلة واعتياده على تضاريس البحر واكتسابه الخبرات التي تُمكنه من اجتياز كافة الصعوبات التي يمكن مواجهتها، لكن، كما يُقال دائمًا، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، وأبحر بنيامين بسفينة ماري سليست عام 1872 رحلته الأخيرة.

الرحلة الأخيرة

في صبيحة الخامس من نوفمبر القابع في عام 1872 أبحرت السفينة اللغز ماري سليست من مدينة نيويورك تحت قيادة الكابتن بنيامين بريدج، وقد كانت مُحملة بأكثر من 1700 برميل من الكحوليات والخمور، جميعهم كانوا في طريقهم إلى مدينة روما بإيطاليا، ولأن الطريق قصير إلى حدٍ ما، لم يصطحب قائد الرحلة معه سوى تسعة أشخاص فقط، منهم ابنته وزوجته، واثنين من المُساعدين، بالإضافة إلى العاملين بالمركب كالطباخ ومسئول النظافة وغيرهم، وكلهم كما يؤكد الجميع ذوي قدرة وكفاءة عالية، لكن، بعد شهرٍ واحد من الإبحار، حدث أمر أشبه بمعجزة صغيرة.

ماري سليست فارغة

بعد شهرٍ واحد من إبحار السفينة اللغز كان ثمة رحلة أخرى في الطريق بقيادة قبطان يُدعى مورهاوس، وقد كان هو الآخر متوجهًا إلى نفس المكان التي توجهت إليه ماري سليست قبل شهر، لكن، ما أن اقترب من الحدود البحرية للبرتغال لمح سفينة كبيرة تقف في وضعية غريبة ولا يصدر منها أي شيء، لذلك أمر بالاقتراب منها واستطلاع الأمر، حيث كانت المسافة بينهما أقل من خمس كيلومترات، وبالفعل اقتربت سفينة مورهاوس من السفينة المجهولة، لتُكتشف حينها واحدة من أكبر المفاجآت كما وصفها مورهاوس نفسه، لقد كانت السفينة هي ماري سليست المفقودة، وكانت فارغة من كل شيء يحمل الحياة، بمعنى أدق، كانت فارغة، تُبحر بلا قائد، وتلك بالطبع هي المعجزة الصغيرة بعينها.

مُعاينة السفينة

“ما الذي حدث؟” كان هذا هو السؤال المنطقي الذي يدور في رأس مورهاوس بعد رؤية ماري سليست فارغة، لذلك لم يجد بُدًا من مُعاينة السفينة بنفسه ومحاولة التوصل إلى إجابة منطقية، لكن كل الأشياء التي عثر عليها داخل تلك السفينة اللغز لم تكن تساعده على الوصول للحلول المنطقية مُطلقًا، فكل شيء تقريبًا كان كما هو، لا وجود لما يدل على السرقة أو التعرض للخطف من قِبل قراصنة، لا وجود لما يوحي بتعرض السفينة للغرق، ولا وجود لآثار فوضى من أي نوع يُمكن توثيقها، الشيء الوحيد الذي لم يكن موجودًا وشكل اختفائه مشكلة كبيرة هو طاقم السفينة الأصلية، وكان ثمة سؤال واحد يدور في أذهان كل من عرفوا بأمر ماري سليست، “أين ذهب طاقم السفينة؟”.

نظريات حول الاختفاء

أثار اختفاء طاقم سفينة ماري سليست لغزًا كبيرًا ما زال يشغل البعض حتى الآن، لكن النظريات الكثيرة التي كانت تخرج زمن الحادثة كانت الأقرب إلى المنطقية، والتي كان أهمها مثلًا القول بأن الكابتن بريدج، قائد السفينة، قام بإخلائها بعد الإبحار بأيامٍ قليلة بسبب الشك في انفجارها نتيجة لثقب بعض البراميل المحملة بالكحول، والتي كانت كما ذكرنا ضمن حمولة السفين، ويؤكد ذلك وجود ثقب فعلًا في خمسة براميل، لكن هذا الرأي أيضًا ضاف نهاية مأسوية مفادها أن الطاقم حين قام بالإخلاء على قارب صغير تعرض للغرق وأصبح طعامًا لأسماك البحر، وهو قول منطقي للغاية كما أسلفنا.

مكر وخداع

القول الثاني حول اختفاء طاقم ماري سليست يجذم أن الكابتن مورهاوس، الذي عثر على السفينة، له يد فيما حدث للطاقم، فهو كما زعموا أقدم على قتل أفراد الطاقم للتظاهر بالعثور على سفينة عالقة والظفر بالمبلغ الكبير الذي كانت ترصده البحرية الأمريكية لمن يعثر على سفينة عالقة، لكن هذا القول ضعيف لسبب منطقي واحد، وهو أن مورهاوس وبريدج كانا أصدقاء في الأساس، وأنا مورهاوس لم يطلب أصلًا العثور على هذا المبلغ، بل أنه حسب قول المقربين منه ظل متأثرًا باختفاء صديقه بريدج فترة طويلة.

نهاية ماري سليست

لم يُطلَق على سفينة ماري سليست اسم السفينة اللغز من فراغ، وإنما جاء ذلك نتيجة الحوادث العديدة التي صاحب وجودها في البحر، والتي دفعت البعض، عقب أحداث اختفاء الطاقم، إلى محاولة التخلص منها بشتى الطرق، لكنها للغرابة كانت تنجو في كل مرة وترفض الغرق والحرق وكل وسائل التخلص منها، حتى أن الأشخاص الذين كانوا يحاولون التخلص منها تعرضوا لنهايات مأسوية غريبة، مما جعلها في نهاية المطاف سفينة غير مرغوب فيها من أي شخص ولو بالمجان، ولكم أن تتخيلوا أن النهاية جاءت عن طريق تركها في عرض البحر لسنوات عدة حتى تفَسخت وغرقت وحدها دون تدخل من أحد، لتنتهي بذلك سفينة ماري سليست ويظل لغز اختفاء البحارة من على متنها خالدًا حتى يومنا هذا.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

خمسة عشر − 8 =