تسعة مجهول
سفينة بايشيمو
الرئيسية » الغاز » سفينة بايشيمو : تعرف على السفينة اللغز التي اختفت كاملة

سفينة بايشيمو : تعرف على السفينة اللغز التي اختفت كاملة

من العادي اختفاء طاقم سفينة، أو غرقها أو تحطمها، لكن أن تختفي سفينة ضخمة بين يوم وليلة فهذا ليس أمرًا طبيعيًا، سفينة بايشيمو حدثت لها قصة أغرب من الخيال.

تُعتبر سفينة بايشيمو واحدة من السفن القليلة التي حُفرت في ذاكرة التاريخ، وذلك بالطبع بسبب الحادثة الشهيرة التي حدثت لها مساء أحد ليالي أكتوبر القابع في عام 1930، والتي جعلت منها حديثًا للعالم بأكمله على مدار عشرات السنين، ولغزًا كبير يشغل كل من يسمع بتفاصيل الحادثة، خاصةً إذا ما عرفنا أن حوادث السفن تكون باختفاء الركاب أو طاقم القيادة، وليس السفينة نفسها كما حدث مع تلك السفينة، ولكي نضع الأمور في نصابها الصحيح، دعونا في السطور الآتية نتعرف بالتفصيل على سفينة بايشيمو، من حيث تاريخها والحادثة التي وقعت لها والنتائج التي ترتبت على ذلك.

قصة اختفاء سفينة بايشيمو الأغرب من الخيال

سفينة بايشيمو

قبل الخوض في الحادثة يجب علينا بالتأكيد معرفة كافة التفاصيل عن بطلة الحادثة، سفينة بايشيمو، والتي ترجع صناعتها في الأصل إلى أيادي سويدية، أما مُلاكها الأوائل فكانوا ألمانيون، وكانت وقتها تحمل اسم فيفن، لكن، بعد الحرب العالمية الأولى تم أسر السفينة فيفن من قِبل البحرية البريطانية، حيث تم أخذها تعويضًا عن الخسائر التي كبدتها ألمانيا للدول المعادية، ومنها بريطانيا، ثم تم تسليمها بعد ذلك إلى البحرية الإسكتلندية، والتي جعلت السفينة بدورها سفينة تجارية بحته، مُخصصة فقط لنقل الأمتعة الخاصة أو التجارات العامة، وهذا ما استمرت عليه حتى مساء يوم الاختفاء.

اختفاء بايشيمو

أبحرت سفينة بايشيمو من إحدى المطارات الإسكتلندية باتجاه ولاية أمريكية تُدعى ألاسكا، كان ذلك ظهر أحد أيام شهر أكتوبر القابع في عام 1930، وقد كان كل شيء طبيعيًا لحظة الإبحار، إلا شيء واحد كان يبدو كذلك، لكنه في الحقيقة لم يكن، وهو الطقس الذي باغت السفينة وطاقمها في منتصف الطريق.

كان الطقس الذي داهم سفينة بايشيمو أقل ما يوصف به هو المجنون، فقد كان عاديًا جدًا ومناسبًا للإبحار، ثم فجأة، وبلا أي مُقدمات، أصبح عاصفًا وممطرًا، بل وشهد أيضًا تساقط الثلوج، حتى أن السفينة، بالرغم من اقترابها من الشاطئ لم تستطع التحرك خطوة واحدة، فكان لابد من تحرك الطاقم نفسه.

الانقسام داخل بايشيمو

شهدت الساعات الأولى، التي أتبعت توقف سفينة بايشيمو بسبب الثلوج، انقسامًا حادًا بين الموظفين، ففريق منهم كان يُفضل ترك السفينة والذهاب للبحث عن ملجأ أو أي وسيلة للإنقاذ، وفريق آخر فضّل المكوث ومواجهة المصير التي تواجهه السفينة، لكن الفريق الأول كان الأكثر عددًا والأرجح رأيًا، حيث ارتمى أكثر من سبعين في المئة من الطقم في البحر وقرروا السباحة والبحث، فيما تبقى ما لا يزيد عن اثني عشر شخصًا، بينهم قائد السفينة ومُساعديه.

معسكر الفريق الأول

وصل السباحون بخسائر قليلة إلى الشاطئ، واستغرقوا في رحلتهم ست ساعات فقط، لكنهم كانوا قد تقلّصوا إلى ثلاثين شخص فقط، وفور وصولهم قاموا باستدعاء إحدى فرق الإنقاذ ووجهوهم إلى المكان التي تعطلت فيه سفينة بايشيمو، لكن الأمور كانت قد تغير تمامًا في معسكر الفريق الثاني.

معسكر الفريق الثاني

قرر معسكر الفريق الثاني، والذين اختاروا من قبل البقاء في السفينة، أن يُغادروها، وذلك بسبب البرد الشديد ونقص الطعم وحاجتهم إلى الدفء والماء، لذلك قرروا مغادرة السفينة والذهاب إلى أقرب جزء من اليابس، والذي كان لحسن حظهم قريب جدًا من موقع السفينة، ولكن، كي يطمأنوا على البضائع المُحملة بها السفينة قاموا بترك شخصين فيها لحراستها، لكنهم مع الوقت لم يتحملوا المكوث في السفينة وقرروا الانضمام إلى زملائهم على اليابس، وقد قبِل قبطان السفينة ذلك شريطة أن يتناوب الأشخاص الموجودين على مراقبة السفينة عن بعد للتأكد من عدم ولوج أحد إليها، وبالفعل قاموا بفعل ذلك وتأكدوا من وجود السفينة طوال الوقت، أو هكذا توهموا.

اختفاء سفينة بايشيمو

في المساء ذهب أحد أفراد السفينة لإحضار أحد أغراضه منها فلم يجدها، وكانت المفاجأة أنه طوال الفترة السابقة كان ما يتم رؤيته من قِبل المناوبين على المراقبة هو كتل الثلج التي تكونت حولها، أما السفينة نفسها فلم يكن لها أي وجود، وبالطبع يُمكنكم تخيل ردة فعل الجميع وقتها، والتي كانت ببساطة أشبه بالصاعقة، ولم يستطع وصول معسكر الفريق الأول بالمساعدات والإنقاذ تخفيف حدة هذه الصاعقة.

وصول المساعدات والإنقاذ

وصلت فرق الإنقاذ والمساعدات إلى سفينة بايشيمو بعد حوالي يومين من الحادثة، وقد تفاجأ طاقم الإنقاذ مما حدث تمامًا كما تفاجئ طاقم السفينة الأصلي، لكنهم كانوا لا يملكون جميعًا سوى المغادرة وترك الأمر برمته لفريق التحقيق، لكن في هذه الأثناء كان ثمة مُصطلح يبدأ في الترديد بين أفراد الطاقم، سفينة بايشيمو “الشبح”.

بداية الأساطير

بعد اختفاء سفينة بايشيمو بدأت الأساطير في الظهور واحدة تلو الأخرى، أولها مثلًا أنه بعد أسبوع من الاختفاء تم العثور على السفينة من قِبل بحارة تابعين لشركة هدسو، حيث كانت متوقفة على مسافة 45 ميل من مكان الاختفاء، لكنها للغرابة كانت لا تزال على حالتها التي تُركت عليها، بل لم يكن هناك وجود أيضًا لأي محاولات سرقة أو التخريب، وبالفعل لا يملك أي شخص طبيعي في هذه الحالة سوى سؤال واحد، كيف وصلت السفينة إلى هنا؟

أغرب من الخيال

تستكمل أسطورة سفينة بايشيمو طريقها نحو الأغرب من الخيال، فقد قيل أنه بعد العثور على السفينة تمت مغادرتها لجلب بعض المعدات اللازمة لها، وعندما عادوا لم يجدوها في مكانها ولم يعثروا كذلك على أي أثر يدل على خط إبحارها، ومن هنا بدأت الأسطورة في التوسع أكثر وأكثر، فقد ذُكر مثلًا أن أحدهم شاهد السفينة تطير، والآخر قال أنها كانت تظهر للناظر لكن حال الاقتراب منها تختفي، وقيل أيضًا أنها تبتعد كانت كلما لمحت سفينة أخرى حتى تظهر وكأنها في وضع الإبحار، وهكذا حتى تفشت الأساطير حول سفينة بايشيمو وحدث المنعطف الأخير في الأسطورة وهو اختفاء السفينة للأبد عام 1969، ليكثر الجدل أكثر وأكثر وينفلت الأمر من يدي البحارة ويُصبح بين يدي الحكومة.

تدخل حكومي

أرادت حكومة ولاية ألاسكا الأمريكية إنهاء الجدل المُثار حول سفينة بايشيمو، فقامت بإرسال حملات رسمية بهدف البحث عنها في مكان الاختفاء أو الأماكن المحيطة بها، لكنها بالرغم من كل ذلك لم تستطع العثور عليها أو ما يُثبت وجودها من الأساس، وقد مثَّل هذا الفشل خيبة أمل كبير لدي الكثيرين، وذلك لأنه لم يكن متوقعًا أبدًا أن تفشل حكومة بسلاحها البحرية في العثور على سفينة واحدة، أما بعض الأصوات فنادت بضرورة الاعتراف بأن اختفاء السفينة ليس حدثًا عاديًا أو منطقي، وإنما هو لغز كبير جدًا من الصعب الحصول على حل له.

آخر المحاولات

في عام 2006 أراد بعض الغواصين القيام بما أسموه بآخر المحاولات فيما يتعلق بلغز اختفاء سفينة بايشيمو، حيث قاموا بشن حملات بحث في أعماق البحار للبحث عن باقي أجزاء أو حطام، وذلك من أجل إثبات تحطمها وإنهاء الأسطورة للأبد، إلا أن ذلك لم ينجح أيضًا ولم يتم العثور على أي شيء يُثبت ذلك، ليتم بعدها التسليم بأن سفينة بايشيمو كانت وستظل أعظم لغز بحري عرفه العالم، لغز كان وسيظل دون حل.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

10 + عشرة =