ربما يتعجب البعض من سماع وصف مثل حلفاء الشيطان، هذا باعتبار أن الشيطان هو العدو الأول للإنسان بلا مُنازع، وأنه لم يتوانى يومًا عن تسبيب الأذى له ولن يكف حتى يُرديه في النار، لكن الحقيقة أن بعض البشر، منذ بدء التاريخ وحتى الآن، قد عقدوا صفقات مع الشيطان وأصبحوا حلفاء أصليين له، وهنا يجب القول إننا لا نتحدث عن مجرد الانصياع له وتنفيذ أوامره، وإنما هو حلف مكتوب ينص على تبادل المنافع بينهما، وهذا بالضبط ما سنتعرف عليه في السطور الآتية، حيث أشهر حلفاء الشيطان وأهم صفقاتهم معه.
تعرف على أشهر حلفاء الشيطان في التاريخ
ما هو الشيطان؟
قبل أن نتعرف على حلفاء الشيطان علينا أولًا أن نتعرف على الشيطان بمعناه الحقيقي، فمن رفض السجود لأدم عليه السلام كان شخص من الجن يُدعى إبليس، لكنه عُرف بعد ذلك بالشيطان لأن لفظة شيطان من الأساس تعنى روح الشر أو قوته، وليس هناك بالطبع ما هو أكثر شرًا من الشيطان، فهو العدو الأكبر لأي الدين، والملاذ الأول للمُلحدين والفاسقين، وبالرغم من كونه لم يظهر بشكله الحقيقي للبشر حتى الآن إلا أنه عند ذكره لا يجول بالبال سوى الشر والسواد والدم، فهو لدى مُتبعيه أيضًا يعرف بالقباحة والبشاعة، لكن، هناك من يقول أن هذا الشيطان كان يظهر في كل دين على هيئة مُعينة ومختلفة عن باقي الأديان.
الشيطان والأديان
هناك شبه اتفاق ضمني بأن يكون للشيطان مُمثل في كل دين، حيث يعرف مُريدي ومُتبعي هذا الدين أن هناك كيان ما يُمثل هذا الدين لديهم، فبالنسبة للفراعنة مثلًا كان هناك الإله ست، وللغرابة، كان ست بالرغم من وصفه بإله يُعد مثلًا للشيطان على الأرض، حيث كان يُقال أنه قد غدر بأخيه وقتله وأخذ ينشر الفساد في الأرض حتى جاء ابن أخيه ست، حورس، وقامه بإيقافه عند حده، أو بمعنى أدق، انتصر عليه.
مارا والبوذية
البوذية أيضًا قبل أن تعرف حلفاء الشيطان كان ثمة مُمثل من الروح الشريرة عندهم، وقد كانوا يعتبرونه الشيطان لما يفعله من أفعال دنيئة، حيث كان اسمه مارا وكان يستخدم النساء في إغواء الرجال وجعلهم يفعلونه ما يأمرهم به، وقد قالت الأساطير أيضًا أن مارا لم يستمر طويلًا، فقد جاء من استطاع الانتصار عليه وقتل روح الشر.
الإسلام وإبليس
لم يشهد الدين الإسلامي وجود حلفاء الشيطان فقط وإنما كان هناك الممثل الأكبر وقوى الشر التي استمد منها هؤلاء هذه الأرواح الشريرة، وهو إبليس، أو الشيطان بالمعنى الشائع، وبالطبع كلنا يعرف قصة إبليس هذا مع سيدنا أدم وما حدث من عصيان لأوامر الله ورفض السجود، لكن ذلك بالطبع ليس مجال حديثنا، وإنما ما يشغلنا الآن هو التعرّف على أشهر حلفاء الشيطان من البشر.
أشهر حلفاء الشيطان
حلفاء الشيطان هم البشر الذين باعوا أنفسهم للشيطان نظير بعض الخدمات منه، والواقع أن الشيطان كما تقول الأساطير كان يُحقق لهم ما يُريدونه في البداية، لكن نهاية العقد بينهم كانت تشهد الكثير من الغرائب والأحداث العجيبة.
فاوست، العالم الجاهل
يُقال في كل الكتب والروايات أن فاوست لم يكن فقط من أشهر حلفاء الشيطان، وإنما كان كذلك من أشهر العلماء في زمنه، عام 1480 تحديدًا، حيث كان يعيش في ألمانيا ويملك الكثير من العلوم في شتى المجالات، لكنه بعد أن تجاوز الستين قرر أن يظفر ببعض مُتع الحياة قبل الموت، وهنا تقول الأسطورة أن فاوست قد عقد صفقة مع الشيطان اتفقا فيها على أن يتحول العلم الذي يملكه فاوست بعد موته إلى الشيطان مُباشرةً، وأن لا ينتفع به أحد، وقد وافق فاوست فعلًا على هذه المساومة والاتفاق، لكنه عند المرض قُبيل المرض أراد أن يتراجع عن هذا الاتفاق وتلك الصفقة، لكن الشيطان رفض وتم الاتفاق كما كان مُرتب له في البداية وسجل فاوست كأحد أعظم حلفاء الشيطان في التاريخ.
هل فاوست موجود؟
نهت بعد الكتب الألمانية وجود ما يُسمى بفاوست من الشيطان، وبالطبع نفوا كونه أحد حلفاء الشيطان كما يُقال، واستدلوا على ذلك بأن ألمانيا في هذا الوقت، بل وأوروبا عمومًا، كانت لا تمتلك من العلماء من هم بمواصفات فاوست، حيث كانت عصور الظلام في أوجها، وعليه، فإن الادعاء بوجود اتفاق من شخص ألماني أمر عارٍ تمامًا من الصحة.
هايزمان، الإبداع والجنون
سجل التاريخ النمساوي هايزمان كأحد أشهر حلفاء الشيطان من البشر، فقد كان هايزمان في البداية مُجرد رجل بسيط مُبدع، يستطيع رسم كل ما يُقابله بحرفية شديدة، لكنه بين يوم وليلة تمرد على كل ذلك وقرر اتباع طريق الشيطان وعقد حلف معه، ويُقال إن سبب هذا الحلف هو موت والديّ هايزمان في ليلة واحده وكرهه الشديد للحياة بعدهما.
كان الحلف أو الميثاق بين الشيطان وهايزمان ينص على أن يقوم الشيطان بعد تسع سنوات من موعد الحِلف بتلبس جسد هايزمان والعيش فيه، إضافةً إلى سلب موهبة الرسم منه، وقد وافق هايزمان وقتها لما كان يمرّ به من حالة نفسية سيئة، لكن، عندما حان موعد تنفيذ العهد انسل هايزمان منه وأعلن أنه لا يُريد إتمام هذا العقد وأنه نادم عليه، لتبدأ بعدها رحلة الكرّ والفرّ.
الانحلال من العهد
عندما رغب هايزمان في أن يكون أحد حلفاء الشيطان قام بإبرام عقدين معه، أحدهما بخط اليد العادي والآخر بالدماء، لذلك، لما أراد أنه ينفك من هذا العقد كان عليه أن يحصل على العقدين من الشيطان، وبالفعل ذهب إلى كنيسة العذراء وقام بمساعدة بعض الكهنة باستعادة العقد الأول المكتوب بخط اليد، ثم بعد ثلاث سنوات تمكن من استعادة العقد الثاني المكتوب بالدم، لكن ذلك لم يمنع من اعتبار هايزمان أحد أشهر حلفاء الشيطان في التاريخ، وهذا بغض النظر عن الأقوال التي تصف هايزمان بالمجنون، وأنه لم يتعرض أبدًا لكل ذلك.
الساحر سيمون، بائع المعجزات
يقال أيضًا في الأساطير أنه كان هناك ساحر ماجوسي يُدعى سيمون، وقد كان سمون هذا أحد أشهر حلفاء الشيطان إذ لم يكن أشهرها على الإطلاق، وذلك لأنه كان يقوم بأخذ أموال من الناس بحجة منحهم بعض الخوارق والمعجزات التي كان يستمدها حسب ادعائه من الشيطان، الغريب، أن سيمون استطاع جني ثروة هائلة من وراء هذا الأمر، والأغرب، أن بعض الناس كانوا يحصلون فعلًا على بعض المعجزات التي يعدهم بها سيمون.
انقضاء العهد
ظل سيمون واحد من حلفاء الشيطان المُخلصين حتى اختلفا على أمرٍ ما، فقام الشيطان بمنع المعجزات عنه كما تقول الأساطير، وبالطبع أنتم تتوقعون مصير سيمون الذي لم يعد قادرًا على تلبية حاجات الناس من المعجزات، حيث قاموا بقتله شر قتل بعد أخذ منهم أموالهم دون أن يُحقق ما طلبوه منهم، وبهذا يكون عقد سيمون مع الشيطان قد شهد أسوأ نهاية يُمكن أن يشهدها عقد إنسي شيطاني، وهي القتل، أما حلفاء الشيطان بشكل عام فقد خلّدهم التاريخ على أنهم أسوأ أنواع البشر الذين مروا بالحياة، حيث وضعهم في منزلة واحدة مع عدو البشرية الأول والأخير، الشيطان.
أضف تعليق