تسعة مجهول
حدائق بابل المعلقة
الرئيسية » معــالـم قــديـمــة » حدائق بابل المعلقة : العجيبة الأسطورة التي حيرت العالم لسنوات

حدائق بابل المعلقة : العجيبة الأسطورة التي حيرت العالم لسنوات

حدائق بابل المعلقة إحدى عجائب العالم السبع القديمة، حيرت العالم لسنوات طويلة قبل أن تندثر قبل مئات السنين، نستعرض هنا تاريخ حدائق بابل المعلقة .

حدائق بابل المعلقة ليست عجيبة الدنيا الوحيدة الموجودة في هذا الكون، فثمة ستة عجائب أخرى إضافةً إلى هذه الحدائق، لكن ما يجعل هذه العجيبة مُتفردة عن البقية هو كون وجودها بالفعل أمر مشكوك فيه لدى البعض، فرغم الجزم بأن تلك الحدائق قد بُنيت في مدينة بابل العراقية قبل 500 عام من بدء التاريخ الميلادي، ورغم الجزم أيضًا أنها قد بُنيت على يدك ملك الآشوريين وقتها نبوخذ نصر، إلا أن أحدًا لم يعثر عليها حتى الآن مثل بقية العجائب، الموجودة بالفعل ويُمكن رؤيتها في أي وقت، مما فتح الباب للقول بأن حدائق بابل المعلقة عجيبة أسطورية، إن كانت موجودة بالفعل فهي واحدة من العجائب السبع، وإن لم يكن، فهي مُجرد أسطورة، ابتدعها الآشوريين، ونالت قدرًا كبيرًا من الشهرة والترويج.

حدائق بابل المعلقة : القصة الكاملة وراء عجيبة العالم القديم

سبب تسمية حدائق بابل بهذا الاسم

اتفق المؤرخون على أن سبب تسمية حدائق بابل المعلقة بهذا الاسم هو إرضاء ساميراميس زوجة الملك الذي تم بناءها في عهده نبوخذ نصر، حيثُ قيل أن تلك الملكة لم تكن قد نشأت في أرض بابل، ولم تتعود على رؤية الصحراء بشكل مستمر، بخلاف بلادها التي جاءت منها، والتي كانت عبارة عن مساحات شاسعة من الحدائق والأشجار، لذلك بدت مُتضايقة من وجودها في بابل وأظهرت رغبتها في الرحيل، إلا أن الملك نبوخذ نصر قد وجد الحل في إحضار مدينتها القديمة إلى هنا بدلًا من ذهابها هي إليها، فقرر بناء هذه الحدائق.

وقد ذكر البعض حديثًا أن الملك نبوخذ نصر قد بنى هذه الحديقة ليُضاهي عظمة الفراعنة ويتم تخليده مثلهم في سجلات التاريخ، إلا أن هذا القول قد تم رده ولم يقل به أيًا من الباحثين أو المؤرخين، وإن كان التبرير الذي برر به القائلين بهذا الرأي قد حدث فعلًا، وتم تخليد الملك نبوخذ نصر في سجلات التاريخ من بين كل ملوك الآشوريين.

بناء حدائق بابل

بدأ البناء في حدائق بابل المعلقة قبل الميلاد بحوالي 500 عام، ويقال أنها كانت في عام 565 تحديدًا، ويقال أنها كانت قبل ذلك، لكن المؤكد أنه قد تم في مدينة بابل العراقية، التي ذُكرت في القرآن، وتقع قريبًا من نهر الفرات، أحد معالم العراق أيضًا، وقد عُرفت مدينة بابل تلك بمدينة الأطلال، وذلك لأنها كانت تُبنى بأكملها قديما بالطوب اللبن، وفي أي احتلالٍ أو عُدوان يتم هدمها بالكامل، واستمر هذا الأمر حتى العصر الحديث، فقد تم هدمها في القرن السابع على يد نابليون بونابرت أثناء الحملة الفرنسية.

شكل حدائق بابل

بالقرب من نهر الفرات، وعلى صخرة كبيرة نادرة الوجود، تم بناء هذه الحديقة بارتفاعٍ يصل إلى مئة متر، أي أنها كانت تقريبًا في نفس ارتفاع هرم مصر الأكبر خوفو، والذي يُعد أيضًا أحد عجائب الدنيا السبع، وهناك من يقول أنه تم اختيار هذا الارتفاع تحديدًا ليواكب ارتفاع الهرم، وكان ذلك برغبةٍ من الزوجة ساميراميس أيضًا.

بعد بناء الحديقة تمت إحاطتها بسور قوي مرتفع، يصل ارتفاعه إلى سبعة أمتار، داخل هذا السور عدة تراسات، تم ربطها بسلالم رخامية، تُؤدي إلى أحواض حجرية تم تبطينها بالرصاص، بينها فسقيات تصل الماء القادم من نهر الفرات بالحديقة عبر مضخات كبيرة تم تشغيلها بأيادي العبيد، وقد قيل عن وصول المياه إلى هذه الحديقة التي تقع في قلب الصحراء أمر مُعقد ومُبهر، بل انه أشبه بمعجزة صغيرة.

في المرحلة الأخيرة من مراحل بناء تُحفة بابل المُعلقة تم زرع الحدائق وتزيينها بكميات كبيرة من النباتات والزروع والزهور والخضروات، حيث لم يُترك شبر واحد يابس بلا زرع، حتى قيل إن تلك الحدائق كانت بمثابة جنة صغيرة على الأرض، لكن دخولها كان أمرًا غير مسموح به لأحد خلاف الملكة ساميراميس.

ما بعد بناء حدائق بابل المعلقة

بعد الانتهاء من بناء حدائق بابل المعلقة تم دعوة الجميع لافتتاح هذا الصرح، حيث جاءت الوفود من شتى أنحاء العالم، وتسارع الملوك لرؤية هذا الصرح الذي قيل عنه وقتها أنه أعظم من أهرامات الفراعنة، ودخل المدعوون هذه الحدائق للمرة الأولى والأخيرة، حيث لم يدخلها بعدها سوى الملكة ساميراميس، بل قال البعض أن الملك نبوخذ نصر قد جعل لهذه الحدائق مُفتاحًا كبيرًا وأعطاه لزوجته الملكة فقط.

ورغم وقع هذه الحدائق في الصحراء القاحلة الحارة طوال الوقت، إلا هذه الحدائق كانت بمثابة جنة حقيقة، تم تبريدها بالهواء والظل ورذاذ المياه كي لا تشعر ساميراميس بالحر، وإن حدث وشعرت بالحر يتم اعتبار القائمين على الأمر مُقصرين، ويتم محاسبتهم ومعاقبتهم بعقوبات قاسية قد تصل أحيانًا إلى الموت.

هذا وقد استمر الوفاء لصاحبة هذه الحدائق حتى بعد موتها، فقد تم إغلاقها فترة كبيرة من الزمن دون أن يقترب منها أحد، حتى تعاقبت الممالك وجاء من يفتحها، ثم مرت الأيام وجاء من يهدمها، ليضع البشرية بأكملها في مأزقٍ حقيقي.

اكتشاف حدائق بابل

كالعادة، يتم اكتشاف آثار وكنوز كل بلد عن طريق مكتشف من بلد أخر، فحدائق بابل المعلقة التي يمتد تاريخها لمئات القرون تم اكتشافها على يد بعثة بريطانية، تمكنت من العثور على بقايا لهذه الحدائق وبعض الأدلة على وجودها بمسافة تبعد عن مدينة بابل بحوالي 300 ميل، ومن الأدلة التي تم العثور عليها وثائق تُبين كيف تم حل مشكلة توصيل المياه من نهر الفرات إلى الحدائق، ووثائق تكشف عن المخطط الهندسي لهذه الحدائق، وهو الشيء الذي أثار دهشة الجميع فور رؤيته، حيث تصميم البناء بأساليب حديثة لم يمض على اكتشافها زمن طويل.

حقيقة حدائق بابل

اختلفت الآراء حول وجود حديقة بابل، وكان عدم العثور علي ما يُثبت وجودها كان سببًا رئيسيًا في هذا الاختلاف، حتى الآراء التي ذُكرت لا تستند إلى دليلٍ حقيقي ولا يُمكن القول بأي منها، وجاءت هذه الآراء محصورة فيما يلي:

1- عدم وجودها من الأساس، احتمال كبير

مع يأس العلماء والباحثين من وجود أي دليل يُثبت يقينًا أن الحدائق كانت موجودة فعلًا ذهب فريقٌ إلى القول بعدم وجودها من الأساس، واستدلوا على ذلك بعدم ذكرها في الكتب التي تحدثت عن الحضارة البابلية، ورغم واقعية هذا الرأي إلا أنه لا يُمكن الأخذ بها لأن العالم قد اعتبرها إحدى عجائب الدنيا، وهذا الأمر لن يحدث إلا إذا كان هُناك دليل قوي على وجودها، المشكلة تكمن فقط في عدم العثور على هذا الدليل.

2- وجودها في مكان آخر، احتمال ضعيف

يُعد القول بوجود حدائق بابل في مكان أخر غير العراق قول ضعيف ومردود، فمن المؤكد وجودها في بابل بالعرق وإلا ما كان تسميتها بحدائق بابل، وقد ذهب هذا الفريق إلى القول بهذا الرأي لتبرير عدم العثور على أثر للحدائق في العراق.

3- وجودها بصورة غير المُشاعة، احتمال مقبول

الاحتمال الثالث، وهو الاحتمال المنطقي رغم ابتعاده عن الحقيقة، أن الحدائق موجودة في بابل فعلًا، لكنها ليست موجودة بالشكل الذي يردده الناس، لذلك يصعب العثور عليها، ولكل ما مضى، كان القول بأن حدائق بابل عجيبة أسطورية قولًا مُوفقا.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثلاثة + تسعة =