يعد السفاح الأمريكي جيفري دامر أحد أشهر السفاحين الذين مروا بالولايات المتحدة الأمريكية إذ لم يكن بالعالم بأكمله، فإن كان عدد السفاحين يفوق العد فإن أعداد آكلي لحوم البشر منهم معدود على الأيد الواحدة بالطبع، ومن سوء الحظ أن جيفري الذي عاش في النصف الثاني من القرن الماضي كان أحد هؤلاء المجرمين الشاملين، الذين يقتلون ويأكلون لحوم ضحاياهم، هذا بعد أن يغتصبوا النساء منهم بالطبع، عمومًا دعونا لا ندخل في النهاية مباشرة ونبدأ الأمر بداية منطقية، أولها التعرف على كل شيء يتعلق بهذا السفاح، وآخرها طريقه المُثير نحو الموت والهلاك.
جيفري دامر آكل لحوم البشر الغريب!
من هو جيفري دامر؟
ولد جيفري دامر في مدينة واليس الغربية الواقعة ضمن حدود ولاية ويسكونسن الأمريكية، وذلك في عام 1966، أي بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية وانتهت أمريكا من الاتحاد السوفيتي وأصبحت رائدة العالم بأكمله.
كان جيفري يعيش في أسرة متوسطة الدخل، فوالده بالكاد كان يستطيع توفير الطعام والشراب والتعليم لأولاده الأربعة، والذي كان جيفري أولهم وأكبرهم سنًا، إلا أنه كان أسرعهم نحو طريق الانحراف بسبب الطفولة العصيبة التي مر بها وجعلته يعاني الأمرين في كل مكان، بما في ذلك مدرسته، والتي كانت العتبة الأولى في رحلة الإجرام الطويلة.
طفولة جيفري دامر
عانى جيفري دامر في طفولته من كل ما يُمكن أن يُعاني منه طفل في سنه، فقد بدأ ذلك بالتفكك الأسري وابتعاده عن والديه، ثم معاملة والده السيئة له، إضافةً إلى التعامل الأسوأ في المدرسة، والتي لم تستطع تكييف جيفري على الحياة التعليمية، حتى أنها قد وصفت انعزاله وخجله بعدم القابلية للتعليم، ليتم طرده من المدرسة دون التعامل الأمثل معه، وفي النهاية اختُتمت مأساة الطفولة بمحاولة والدته الانتحار أمام عينيه، ليُصبح جيفري في هذا السن مجرد جبل مُثقل بالهموم والمصائب، والتي تضاعف بعد رحيل والديه عند إتمامه لعقده الثاني.
جيفري دامر والجيش
دخل جيفري الجيش مع اتمامه لعقده الثاني، وهناك أصبحت الأمور أسوأ مما كانت عليه، حيث تعلم إدمان الخمور وأضاع كافة الأموال التي كان يتقاإثباتعليها، حتى اكتُشف أمره في النهاية وتم تسريحه، ليعود فيجد أشقائه قد ضُموا إلى إحدى دور الرعاية، فيذهب للعيش مع جدته، والتي عاملته في البداية معاملة حسنة، إلا أنه كان يرتكب بعض الحماقات الغريبة التي جعلتها تنفر منه، وذلك مثل سرقة منيكان من أحد المحلات وممارسة الرذيلة عليها بما يؤكد مدى انحرافه وشذوذه، وآخر حماقته كانت التعري في الشارع دون سبب، ليتم إلقاء القبض عليه حينها ويُسجن بضعة أشهر، ويخرج بعد انقضائها وهو عازم على الانتقام من المجتمع الذي دمر له حياة منذ الطفولة وحتى الآن.
ما بعد السجن
كما ذكرنا، عندما خرج جيفري دامر من السجن كان مشحونًا بطاقة كره كبيرة، أراد تفريغها في أي شيء له علاقة بالمجتمع، حتى ولو كان ذلك مجرد مجموعة من الشباب الجالس في الحانات!
عام 1978 استدرج جيفري شابين من أحد الحانات، وقام، بعد أن اعتدى عليهما واغتصبها، بقتلهما، بالتأكيد لم يُعرف ذلك فقط، وإنما كان يُتوقع أنهما قد اختفيا، لكن، فيما بعد، وقبل نهاية جيفري بقليل، اعترف أنه قد استمتع بهما ثم قتلهما وخبأ جثتيهما، عمومًا، منذ هذه اللحظة، انفرط عقد القتل من يد جيفري دامر.
السفاح جيفري دامر
بعد قتل الشابين وممارسة الشذوذ عليهما شعر جيفري دامر أنه يجد نفسه أكثر لحظة ممارسة الشذوذ مع الشبان وقتلهم، فقد كانت لحظة قمة الذروة تحضره وهو يُلقي بسائله على جثث هؤلاء المساكين.
لم يكتفي جيفري بالشبان فقط، بل كان يشعر أن النساء كذلك كانوا مُخطئين بحقه بطريقةٍ أو بأخرى، العالم كله في اعتقاده يجب أن يدفع ثمن ما فعله به، لذلك كان لا يرحم صغيرًا أو كبيرًا، رجلًا أو امرأة، جميعهم كان يتم استدراجهم وقتلهم ثم التخلص من جثثهم في النهر الأخضر، حتى أن البعض بالغ بتسمية هذا النهر بالنهر الأحمر كناية عن كمية الدماء التي أُريقت به، لكن، هل كان من المفترض أن يتوقف جيفري عند ذلك الحد؟، جيفري دامر يقول لا، فقد كان لدى الضحايا أشياء أخرى يُريد أن يتمتع بها، أشياء أخرى كلحومهم مثلًا.
آكل اللحوم البشرية
في مرحلة مُتأخرة من حياة جيفري دامر الإجرامية بدأ في تجريب شيء جديد مُختلف تمامًا عما سبق، شيء يضمن له كتابة اسمه في التاريخ بأحرف من دم كواحد من السفاحين الذين لن يتكرروا.
بدأ جيفري دامر في سنواته الثلاث الأخيرة بأكل اللحوم البشرية، فكان ينتظر حتى يشعر بالجوع ثم يخرج باحثًا عن ضحية جديدة ويفعل بها كل الأمور التي يحصل من خلالها على متعته الخاصة، بداية من الاغتصاب ثم التعذيب ثم القتل، وأخيرًا ظهر أكل اللحوم، والحقيقة أن أي شخص عاقل بالتأكيد لن يُصدق أنه ثمة وجود لأشخاص يعيشون على هذه الأرض وقادرون على أكل لحوم بني جنسهم، لكن بكل أسف كان جيفري دامر يفعل ذلك، وكانت لعنات الضحايا تصرخ وتستغيث طلبًا في سقوط هذا السفاح المجنون.
سقوط جيفري دامر
جاء سقوط جيفري دامر في عام 1991، أي بعد حوالي ثلاثة عشر عامًا من الأجرام والفساد، ارتكب خلالهم أبشع الجرائم الممكنة بكافة أصنافها، عمومًا أسقط أحد الشبان الشواذ في النهاية.
ذهب جيفري دامر في مارس القابع في عام 1991 إلى إحدى الحانات، وهناك قام باصطحاب أحد الشباب إلى بيته عازمًا على اغتصابه وقتله وأكل لحمه، لكن الشاب لسوء حظ جيفري كان قويًا بعض الشيء، لذلك استطاع الإفلات من قبضته وهرول نحو الشرطة متهمًا جيفري باغتصابه، لكن بعد القبض على جيفري والتحقيق معه اكتُشف أن الأمر أسوأ من ذلك بكثير، وأن سفاح النهر الأخضر قد سقط أخيرًا.
محاكمة جيفري دامر
جرت محاكمة جيفري دامر في عام 1991، وبعد اعترافه بكافة جرائمه كان من المفترض أن يتم إعدامه ألف مرة ومرة، لكن ثغرة الطب العقلي استطاعت اثبات أن جيفري في حكم المجنون، وأنه يُعاني من اضطرابات نفسيه منذ الطفولة، لذلك لا يجوز الحكم عليه كعاقل، وبالفعل أفلت جيفري من العقاب وحصل على حكم بالسجن مدى الحياة فقط، وبالتأكيد لم يكن ذوي الضحايا ليتركوا حقوق ذويهم تضيع سدى، لذلك أرسلوا من قام بقتله داخل السجن في الرابع والعشرين من فبراير القابع في عام 1994، أي بعد ثلاث سنوات فقط من السجن.
جيفري دامر على الشاشات
لم تفوت الشاشة فرصة تجسيد قصة حياة جيفري دامر في عمل سينمائي يستحق، وقد حدث ذلك بالفعل في أكثر من محاولة، أولها الفيلم الذي أُنتج قبل موت جيفري بعام، أي عام 1993، وأخرها الفيلم الذي عُرض في عام 2009 ويحمل اسم سفاح النهر الأخضر.
أضف تعليق