تسعة مجهول
جون جورج هايج
الرئيسية » جريمة » جون جورج هايج : أول مصاص دماء حقيقي في التاريخ

جون جورج هايج : أول مصاص دماء حقيقي في التاريخ

هل تعتقد أن قصص مصاصي الدماء يغلب عليها الخيال أكثر من الحقيقة؟ حسنًا، جون جورج هايج سيجعلك تفكر مرةً أخرى في هذا الأمر، ها نرى ذلك.

يُعتبر البريطاني جون جورج هايج أول مصاص دماء حقيقي في التاريخ، فكل ما سبق جون جورج من قصص عن مصاصي دماء كانت مجرد قصص وأساطير لا تعدو كونها فزّاعة للأطفال وأرض خصبة للأفلام، لكن قصة جون جورج التي وقعت في إنجلترا مطلع القرن العشرين تمتلك الكثير من الدلائل على مصداقيتها، حيث تُعد القصة الأبرز في العصر الحديث، وقد شغلت العالم بأكمله لفتراتٍ طويلة، خاصةً وأن حياة جون جورج هايج لم تكن تنذر أبدًا بما حدث له فيما بعد، فمن هو جون جورج هايج، وما هي قصته، هذا بالضبط ما سنعرفه في السطور الآتية.

جون جورج هايج وأول مصاص دماء حقيقي

من هو جون جورج هايج؟

وُلد جون جورج هايج بمدينة ستانفورد التابعة لمقاطعة لنكولنشاير في عام 1909، وتحديدًا في الرابع والعشرين من شهر يوليو، حيث كان والده ووالدته يعملان بالكنيسة، ويقضيان حياتهما بين أذقتها، لذلك كان جون جورج حبيس الكنيسة طوال الوقت، وتم تربيته بتزمت وشدة، وخاصةً عندما انتقل مع والديه إلى مقاطعة يوركشاير، حيث تم تضييق الخناق عليه أكثر وأكثر، وكانت طفولته فصلًا كاملًا من المعاناة، رغم ذلك، كان يُجيد العزف والرسم، وكان يمتلك أيضًا صوتًا مميزًا جعله من أفضل مُرتلي الكنيسة، أما تفوقه الدراسي فقد برز في إنهاء دراسته بالهندسة والعمل كمهندس، لكن كل ذلك لم يشفع في المعاناة التي تعرض لها منذ طفولته.

طفولة جون جورج هايج

والد جون جورج هايج كان من الأعضاء النشطين في جماعة بلايموث للمسيحية، إضافةً إلى عمله كمهندس، فكان يفرض سياجًا على بيته ويمنعهم من التحرك بحرية، حيث كان يعتقد أن العالم يزج بالخطايا والأخطاء، وأن الاختلاط به سيؤدي إلى الانحراف والضلال، وبلغ تزمته إلى الحد الذي جعله يخصص عشرة أمتار فقط لطفله كي يتحرك بهم، وكان يلقى ضربًا مبرحًا على أقل الأخطاء.

والدة جون جورج هايج أيضًا كانت قاسية، ففي الأوقات التي كان يخرج فيها زوجها كانت تتولى هي مهمة تربية جون، وكانت أيضًا تنتهج نفس نهج زوجها في التربية، حيث كان ممنوعًا من اللعب كبقية الأطفال، وكان إذا أخطأ تُعاقبه معاقبة أشد من الأطفال، إجمالًا، لقى جون في طفولته ما يكفي ليُغير كل خصال البراءة لدى طفل طبيعي، وكان من المنطقي أن تُطارده الكوابيس والمخاوف.

كوابيس جون

تربية جون المتزمتة، والتي كان أغلبها في الكنيسة، جعلته يتعرض لموجة من الكوابيس الدينية، وهي التي تخص أمور العقيدة، فكان يرى في منامه مثلُا أن ثمة غابة كبيرة مملوءة بالصلبان، وهذه الغابة تقطر دمًا من كل مكان، إضافةً إلى رجل يقوم بقطع جذوع شجرة، وبين الجذوع يتساقط الدم، إجمالًا، كانت كوابيس جون كلها تتعلق بالدم.

أحلام جون تقول بوضوح أن الصعوبات التي يتعرض لها والمشاكل التي حدثت له كلها بسبب الدين وتربيته المتشددة، وقد أدى هذا الأمر إلى كره جون للدين والتدين، والأدهى من ذلك كان ما تعرض له بعد ذلك، حيث ظهرت طفولته تل على شكل عقدة كبيرة، والسبب هو الدين، أو التعنت الديني تحديدًا.

جني الثمار

رغم أن جون كان يسير بشكل جيد في الهندسة إلا أنه فجأة، وبلا أي مُقدمات، ترك العمل ولجأ للدعاية والتأمين، وهو عمل يبدو غير لائقًا بجون أو بوالده الذي يعد من أحد أكبر قساوسة الكنيسة، ليس هذا فحسب، بل إنه لم يستمر في وظيفة لأكثر من شهرين، حتى جاءت النهاية التي لم يكن يتوقعها أحد وتم طرد جون من العمل بتهمة السرقة والاختلاس من الشركة التي كان موجودًا بها، وسُجن لستة أشهر في أحد سجون لندن، هذا في الوقت الذي كانت زوجته تستعد لوضع مولودها الأول، والتي طلبت الطلاق فور ضلوع زوجها في حادثة الاختلاس تلك، ببساطة، لقد بدأ جون في جني ثمار تربيته المنحرفة والمتزمتة.

بداية السفاح جون

لم يجد جون بُدًا من ترك المدينة بعد تلك الفضيحة، حيث ذهب إلى مدينة أخرى وبدأ في ممارسة أعماله الإجرامية مرة أخرى، فكان ينتحل عدة شخصيات ويقوم بعمليات نصب موسعة، وكان وجهه الملائكي يُساعده على أداء مهمته بأكمل وجه، حتى أنه، ولبراعته الشديدة، كان يقوم بعدة عمليات احتيال في آنٍ واحد.

جون جورج هايج لم يبقى طليقًا طوال الوقت فقد كان يقع أحيانا ويقضي فترات متفاوتة في السجن، وربما يكون هذا سببًا في رجوعه عما يفعل، إلا أنه تمادى أكثر بعد خروجه من السجن، إذ تعلم هناك كيفية التخلص من ضحاياه والذين كانوا عقبته الوحيدة وسبب القبض عليه، لذلك قرر جون في المرات القادمة قتلهم بعد الاستيلاء على أموالهم، ليس هذا فحسب، بل تعلم كيفية التخلص من جثثهم أيضًا بعد قتلهم عن طريق الحمض، تلخيصًا، بطريقة وأخرى، أصبح جون جورج هايج مُحترفًا في عالم الجريمة، وضحاياه أكبر دليلٍ على ذلك.

ضحايا جون جورج

أبرز ضحايا جون جورج هايج كانت عام 1944، وذلك عندما حصل جون على عمل كمحاسب بأحد البنوك وكون صدقات بمدير البنك ووالديه، ثم استغل وجود المدير في الشركة وحده فقام بقتله وأخذ أمواله، ولم يكتفي لذلك، بل أخذ بيته وعاش فيه، حتى جاء والد المدير للسؤال عن ولده فوجد جون موجودًا فيه، وعندما سأله عن سبب وجوده قام بقتله، وكانت هذه المرة الأولى التي يتجرع فيها الدماء، حيث قام بقطع جلد والد المدير والشرب من دمه، وعندما جاءت زوجته فعل بها ما فعله بزوجها، ليُقرر منذ تلك الليلة عدم الكف عن تناول دماء ضحاياه، حيث وجد فيها لذة غير عادية.

سقوط جون جورج هايج

في يناير عام 1949 سقط جون أخيرًا بعد أن قام بأكثر من مئة جريمة قتل، وذلك بأن قام بترك معطفه في مسرح الجريمة، ليتم إلقاء القبض عليه بعدها وتقديمه إلى المحاكمة، والتي لم تجد في جعبتها حكم سوى الإعدام، وبالفعل تم القول بهذا الحكم وتحديد عام 1950 لتنفيذه، وحتى ذلك الحين تم وضعه في سجن ويندسورث، وهو سجن كبير مشدد الحراسة، لم يرى فيه جون النور ولم يسمع صوت غير نفسه، وعلى ما يبدو أن هذا الأمر كان من ضمن أصناف العذاب.

أحلام جون جورج هايج

يقول جون أنه كان يحلم أحلام كثيرة وغريبة، كلها تتعلق بالمسيح والصلبان والدم، وهذا بالطبع لم يكن سوى نتاج ذاكرته الدينية، حيث بلغ به الجنون إلى الادعاء بأنه كان يتلذذ بصورة صلب المسيح، وربما يكون جون قد قال ذلك حتى يتم وصفه بالمجنون أو تشخيصه كمريض بأحد الأمراض النفسية وبالتالي تخفيف الحكم، لكن هذا لم يحدث.

إعدام جون جورج هايج

قبل إعدام جون جورج هايج طلب من السجان طلبًا غريبًا يدل فعلًا على جنونه، حيث قال بالحرف الواحد أنه يريد تجريب حبل المشنقة قبل تنفيذ الحكم عيه، فما كان من السجان إلا أن ضحك من جنونه، ليُنفذ الحكم في اليوم التالي وتتدحرج رقبة جون جورج هايج على الأرض، ذلك الشيطان الذي يُعد أول مصاص دماء في التاريخ.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

4 + أربعة عشر =