حظي جبل حرفة الموجود بالمملكة العربية السعودية بشهرة واسعة، خاصةً خلال القرنين الماضيين، وذلك على الرغم من أنه في الأساس موجود منذ آلاف السنين، إلا أن الأساطير والقصص والحكايات الغريبة لم تبدأ في الظهور سوى في الفترة الأخيرة، وكلها قصص تستند إلى جذور حقيقية بالتأكيد، لكنه أغلبها تم تحريفه والمبالغة فيه بشكل غير طبيعي حتى أصبح أسطورة لا يُمكن تصديقها، عمومًا، في السطور المقبلة سوف نتعرف سويًا على كل شيء يتعلق بالجبل الغريب جبل حرفة، وسوف نتناول كذلك أبرز القصص والأساطير التي دارت به وتناقلها الناس فيما بينهم.
جبل حرفة
أولى مفردات قصتنا بالتأكيد هو بطلها، وبطل الحكايات الغريبة التي تقع في جبل حرفة هو جبل حرفة نفسه، فجبل الحرفة الموجود جنوب غرب المملكة العربية السعودية، وتحديدًا في مركز عمرو، يبلغ ارتفاعه حوالي ألفين متر ونصف، وهو ارتفاع ليس بالهائل أو النادر، فكل جبل السعودية تقريبًا تتراوح بين هذا الطول، لكن كلها كذلك ليس مندلعًا منه جبلًا صغيرًا يسمى جبل الثدي، وهو معروف بذلك الاسم نظرًا لشكله الذي يشبه الثدي بالفعل.
جبل حرفة يأخذ كذلك شكلًا انسيابيًا مختلفًا عن باقي الجبال، كما يتواجد في منتصفه ما يُشبه كثيرًا الباب، وذلك الباب بالتحديد كان سببًا في إثارة الجدل حول الجبل بأكمله، ساهم في ذلك الأجواء المحيطة بالجبل.
الأجواء المحيطة بالجبل
الأجواء المحيطة بالجبل الغريب، جبل حرفة، ساهمت أيضًا في رواج الشائعات عنه، فتقريبًا هو الجبل الأكثر إحاطة بالغابات بين كل جبال السعودية، حيث تتواجد تلك الغابات في كل شبر حوله، كما أن بعض التضاريس المتعلقة بالموقع ساهمت في أن يُحاط ذلك الجبل بالضباب دائمًا، وهو ما كان ذريعة لبث الخوف في نفوس.
الظلام هو أكثر شيء مخيف فيما يتعلق بجبل حرفة، فعندما يحل يبدأ سماع أصوات مُخيفة وغامضة، لا يعرف أحد مصدرها أو السبب الرئيسي لها، المهم أنها لا تتوقف إلا بحلول الشمس، وإليكم الأمر الأغرب، ذلك الصوت الذي يسمعه الجميع عند الاقتراب من الجبل ويرتعب منه ليس موجودًا في الأساس، وإنما هو أمر يُصور إلى كل من يقترب من الجبل أو ينظر إليه، وهو ما يُمثل خرافة أكبر بكثير من أن يمكن تصديقها، لكن الكثيرون أكدوا عليها وأقسموا بوجودها.
حدث في جبل حرفة
بخلاف الأصوات الغامضة والطبول والأشياء المرعبة التي تُسمع بجبل حرفة مع حلول الليل فإن كثيرًا من الحوادث الشهيرة قد وقعت هناك وتناقلتها الصحف أو على الأقل سكان قرى مركز بني عمرو فيما بينهم، جميعهم يقسمون على أن تلك الحوادث ليست مجرد جزء من التراث يتم حكيه للأطفال قبل النوم، وإنما وقائع حدثت لآبائهم وأجدادهم، وطبعًا هذه الحوادث لا تتعلق بالأمر المسلم به هناك، وأن من ينام في جبل حرفة ساعة واحدة في الليل فسوف يتحول بالتأكيد إلى شخص مجنون، على كلٍ، دعونا نتعرف على أبرز هذه الحوادث التي شهد عليها جبل حرفة خلال القرون الماضية.
فتاة البئر، خرافة الجبل الأشهر
من أشهر الخرافات التي قيلت حول جبل حرفة خرافة فتاة البئر، وهي تقول باختصار أن فتاة صغيرة ذهبت ذات مرة لتأخذ الماء من أحد الآبار القريبة من الجبل وفجأة رأت هناك خاتمًا يلمع بشكل مغري في وسط الماء، وبالتأكيد لم تترك الفتاة هذه الفرصة وقامت باغتنامها ومدت يدها باتجاه الخاتم، إلا أن شيئًا ما ظهر فجأة وابتلعها.
بعد أيام قليلة من اختفاء الفتاة دخل ثعبان ضخم على والد الفتاة، وقبل أن يهم الرجل بقتل الثعبان تفاجئ بأن الثعبان يتحدث إليه ويخبره بأنه من سكان جبل حرفة، وأنه قد أُعجب بفتاته وقام بأخذها إلى عالمه، الأغرب من كل ذلك أن الثعبان قد برر زيارته بأنه قد جاء ليعرف بشروط والد الفتاة من أجل الزواج بها، والحقيقة أن هذه القصة قد انتشرت انتشارًا واسعًا خاصةً بين قبائل بني عمرو المحيطة بالجبل.
الأصدقاء الأتراك، الخرافة الأحدث
الخرافة الأحدث فيما يتعلق بالجبل الغريب جبل حرفة هي تلك التي حدثت قبل سنوات قليلة مع بعض الشباب الأتراك الذين صعدوا الجبل دون علم بما يحتويه، والحقيقة أن مصيرهم لم يكن جيدًا بالمرة، إذ أنه بعد اختفائهم بوقت قصير عثرت الشرطة عليهم مكبلين في صخرة بالقرب من الجبل وملطخين بالدماء، الغريب أنهم قد أقسموا بأنه لم يكن هناك وجود لأي أحد كي يفعل بهم ذلك الأمر، وأنهم غضوا وأفقوا فجأة فوجدوا أنفسهم على هذه الحالة، وقد تناقلت الصحف التركية بالتأكيد تلك الواقعة مما ساهم في زيادة شهرة جبل خرقة أكثر وأكثر.
الصياد الذي لم يصطاد، الرحلة الغامضة
من ضمن الحكايات التي تروى عن جبل حرفة أيضًا هي تلك التي وقعت مع أحد الصيادين، حيث اقترب الرجل بسلاحه عندما رأى طائر جميل يحط فوق أحد صخور ذلك الجبل الغامض، وعلى ما يبدو أن ذلك الرجل لم يكن على علم أبدًا بما يدور حول ذلك المكان لأنه وببساطة شديدة تجرأ ووجه سلاحه تجاه الجبل.
في الحقيقة ما حدث بعد ذلك الأمر لا يمكن وصف سوى بالمعجزة، حيث أن السلاح ما إن تم توجيهه نحو الجبل حتى تفلت من يد الرجل وانشطر نصفين، وقد أقسم الصياد أكثر من مرة أن شيء ما قد جذب من يده سلاحه بكل ما يملكه من قوة حتى أخذه منه وكسره، ليدب الرعب والخوف ويصاب الرجل بهلع ما زال مستمرًا معه حتى الآن.
الأصدقاء المُجازفون، القصة المجنونة
هناك قصة مجنونة جدًا يقال إنها قد دارت بكامله بالقرب من جبل حرفة، والحقيقة أن تلك القصة إذا كانت صحيحة فإنها لا تدع بذلك مجالًا للتشكيك فيما يحمله ذلك الجبل من شر، والقصة باختصار تبدأ من عند صديقين قررا تحدي أنفسهما وعدم الخوف من كل ما يثار حول ذلك الجبل، حيث أقرا معًا أن كل ما يحدث مجرد خرافات سخيفة، كما أوجدا كذلك طريقة للتأكد من ذلك الأمر، وهي الذهاب إلى جبل حرفة وأخذ جولة به.
بالفعل ذهب الصديقين إلى الجبل، ومنذ الوهلة الأولى لهما بداخله بدأ كل شيء يتوتر ويزداد سوء، بدايةً من السيارة التي توقفت عن العمل نهائيًا دون أي مُبرر، مرورًا بالأشياء التي كانت تظهر وتختفي أمامهم، انتهاء بالأصوات المرعبة التي كانوا يسمعونها، ثم بدأت الأمور تنقلب عندما اختفت السيارة وظهر لهما سيدة قامت بأكل أحدهما وأفقدت الآخر الوعي، والذي عندما استفاق أصبح مجنونًا يُحدث نفسه، الأغرب من ذلك أن الضابط الذي أمر بمعاينة المكان الذي وقع به كل ذلك الرعب لم يمضي عليه سوف يوم واحد حتى احترق بيته بمن فيه، لتتأكد بذلك لعنة جبل حرفة المخيفة، وتُكشر الأساطير العربية عن نفسها بقوة.
أضف تعليق