قبل البدء في الحديث عن تلبس الجن بالإنسان بشكل مطلق وجب علينا تعريف الجن، ونرى أن كلمة جن جمع جني
ومفهومها طبقا للأديان والأساطير، هم عبارة عن مخلوقات تعيش في ذلك العالم الذي نحيا فيه ولكن لا يمكن رؤيتها وهي خارقة للطبيعة ولها عقول وفهم متخلف تماما عن بني البشر، وهناك العديد من البشر الذين يؤمنون بوجودها، هذا إلى جانب استطاعتها التشكل بأشكال عدة ومختلفة، كما أنها لديها القدرة على عمل الأعمال الشاقة بكل سهولة، وتوجد الجان في كل مكان على سطح الأرض كما ذكرنا سابقا دون رؤيتها، ويذكر أن الجن تستطيع دخول جسم الإنسان ويتم هذا غالبا عن طريق الفم كما ورد في الحديث الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع، فإن الشيطان يدخل، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تلبس الجن بالإنسان : حالات موثقة
الجن والمصروع
ويقال أن الجن لا يدخل جسد المصروع ويرجع أسباب دخول الجن لجسم الإنسان إلى ارتكاب المعاصي والغفلة عن ذكر الله وترك الصلاة وعدم قراءة القران والآيات المحصنة للإنسان، هذا إلى جانب التواجد في الأماكن التي يرتكب فيها المعاصي والذنوب والفاحشة بشكل عام.
الإنسان ورؤية الجن
فذكرنا سابقا أن الإنسان لا يستطيع رؤية الجن، عكس بعض الحيوانات التي تستطيع أن تراه كالكلاب التي تصدر نباحا بدون سبب أثناء الليل، خاصة وهذا معناه أنها رأت شيئا خارقا للطبيعة، أو شيئا لا يستطيع الإنسان رؤيته، هذا إلى جانب الحمار فعندما يرى الحمار هذه المخلوقات يصدر نهيقا ملفتا للأنظار، ووجب علينا في هذه الحالة الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، كما ورد في الحديث الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله فإنهن يرين ما لا ترون، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أيضا لا يستطيع الإنسان رؤية الجان نظرا لطبيعته التي خلق عليها حيث خلق من لهيب النار كما ورد في القرآن الكريم، فنجد أن الجن يستطيع أن يتلبس بالإنسان بسبب مشاهدة هذا الشخص لصور وحوش أو صور تحث على المعاصي وفعل الذنوب، هذا إلى جانب ترك الصلاة ومشاهده أفلام الرعب بكثرة حيث يستغل الجن الأشخاص ذوي القلوب الضعيفة ويدخل لهم بسهولة.
هذا إلى جانب وجود الشخص في البيوت التي تقوم فيها أعمال السحر والشعوذة، ونرى أن هناك أناس عديدة يعتقدون بوجود الجن كما ورد في سورة الجن في القرآن الكريم، ويؤمنون بأن للجن قوى مادية وغير مادية، وأن الجن لهم قدرة على رؤية الأشخاص وإلحاق الأذى بهم.
الانشغال بالبحث في ما وراء الطبيعة
ونجد أن الإنسان دائما مشغول بالبحث فيما وراء الطبيعة والشغف والاهتمام بالعالم الخفي. وخلاصة الكلام فإن الجن هو عالم ثالث غير البشر والملائكة وهم مخلوقات عاقلة وواعية، فهم ليسوا أمراض ولا جراثيم كما وصفهم البعض من الدجالين والمشعوذين، فهم مخلوقات مثلنا مكلفة بالعبادة كما ورد في الكتب السماوية المنزلة كالقرآن والتوراة والإنجيل.
أنواع الجن
وللجن أنواع، فنجد الجن والعفريت والمارد والشيطان والقرين والعمار، ونجد أن هناك شخصيات معروفة من الجن فمثلا نجد أم الدويس وأم الصبيان والسعالي والغيلان.
قصة تلبس الجن بالفتاة
ومن أشهر القصص التي يتلبس فيها الجن بالإنسان، تلك الفتاة الجميلة والتي كانت مفعمة بالأمل والحيوية والتي وفجأة وبدون سابق إنذار تمتصها أرواحا شريرة وسلبتها روحها وإرادتها، فتحولت الفتاة فجأة في نظر البعض إلى فتاة حاربت الشيطان وتغلبت عليه، هذه الفتاة كان يسكن جسدها سته أرواح وأكثر، عاشت الفتاة حياة طبيعية وسط أسرة كاثوليكية متدينة حتى ظهرت عليها بعض الأعراض المفاجأة لها ولأسرتها كالارتجاف الشديد وعدم السيطرة على حركات بعض أجزاء من جسدها، فقام والديها بإدخالها للمستشفى لتلقي العلاج اللازم، ولكن حالتها استمرت في التدهور حتى أصبحت ترى أطيافا وتسمع أصواتا مرعبة وصيحات مفزعة، وتسمع من يقول في أذنها ستحترق في نار جهنم، وأثناء تلقيها العلاج أخبرت الفتاة طبيبها الخاص بأن جسدها مسكون وأن من يسكنها بدأ يأمرها بعمل أشياء لا تود عملها لكن طبيبها فسر كلامها على أنه نوع من الهلوسة، فساءت حالة الفتاة أكثر وفقدت الأمل في العلاج حتى وصلت إلى أن أنها التمست العلاج من جلسات طرد الأرواح.
وبناءا على حالة الفتاة طلب والديها من بعض القساوسة بإخراج الجن من جسدها إلا أنه تم رفض طلبهم مرتين وذلك لأن الكنائس لديهم معايير للجزم بأن هذا الشخص ملبوس من عدمه، كتكلم الشخص بلغة أجنبية لا يعرف عنها شيء أو أن يبدى نفورا عميقا من الرموز الدينية أو أن يتصف بقوة خارقة مفاجأة، ثم تطورت حالة الفتاة للأسوأ حتى بدأت أن تسب أهلها وأفراد عائلتها وتقوم بعض كل من يقترب منها وبدأت بالامتناع عن الطعام، لأن الجن الذي يلبسها يأمرها بهذا إلى جانب أنها بدأت تنام على الأرض وتأكل العناكب والذباب وتصرخ بدون سبب بصوت عالي ولساعات طويلة، كما أنها تعودت على تمزيق ملابسها وتحطيم أي صليب يقع تحت يدها وتمزق صور المسيح، وتكسر أواني الورود والأزهار، كما أنها بدأت تتبول على الأرض وتشرب بولها أحيانا، وفي النهاية وافقت الكنيسة على طلب والديها نظرا لسوء حالتها النفسية وتدهور الأمر بها لهذا الحد.
وفي أحدى الجلسات أخبرتهم بأنها مسكونة من ستة أرواح من ضمن هذه الأرواح روح هتلر ونيرون وقابيل، ويوما بعد يوم ارتاحت الفتاة قليلا على هذا العلاج بالرغم من أنها لم تشفى تماما فقد كانت تصاب ببعض التشنجات ونوبات الصرع الذي كان يتجمد فيها جسدها، هذا إلى جانب فقدها للوعي وتعرضها لشلل المؤقت.
واستمر العلاج لعدة جلسات متتالية حتى أن قام القساوسة والقائمون على علاج الفتاة بتسجيل ما يحدث خلال الجلسات على 40 شريط صوتي، وأثناء تلقيها العلاج كانت الفتاة تتشنج وتخرج عن السيطرة على نفسها مما يجعلها في حالة تحتاج فيما لا يقل عن ثلاث رجال أقوياء للسيطرة عليها، وفي بعض الأحيان كانت تسلسل بسلاسل إلى أن تنتهي الجلسة.
وفي آخر جلسات العلاج للفتاة كانت منهكة للغاية، حيث أصبح وزنها لا يزيد عن أربعين كيلو وأصيبت بأمراض الرئة والحمى الشديدة، وكانت آخر كلماتها أتوسل من أجل المغفرة ثم التقت بأمها وقالت آخر كلماتها أماه إني خائفة حيث فارقت الحياة في نفس الليلة بعد نطقها بهذه الكلمات المؤلمة، ثم قامت الشرطة باعتقال القساوسة الذين قاموا بهذا العمل حتى لو كانوا يقصدون الخير، فهم قد أودوا بحياة إنسانة، هذا إلى جانب والدها الذي نال نفس العقاب وهي تهمة الإهمال المؤدي إلى الموت، فهناك طبيب أيقن بأنهم لو كانوا أحضروها إلى المشفى قبل وفاتها بأسبوع لكانت الفتاة معنا حيث كان من الممكن إجبارها على الطعام، حيث أن السبب الرئيسي وراء وفاة الفتاة هو امتناعها الدائم عن الأكل ما جعلها جثة متحركة إلى أن أصبحت جثة هامدة، وقد تم معاقبة القساوسة المعالجين لها ومعاقبة والدها أيضا بالحبس ستة أشهر مع تعليق تنفيذ الحكم لكل منهم.
وفي نهاية القصة الحزينة أصبحت الفتاة قصة تروى وقصة لها وزنها وسط العديد من القصص، هذا إلى جانب قبرها الذي أصبح مزارا للعديد من الناس، وتم عمل العديد من الأفلام المستوحاة من قصتها النادرة.
أضف تعليق