في النصوص المقدسة يتم ذكر العديد من الكائنات غير البشر، بعض هذه الكائنات اعتدنا أن نسمع عنها مثل: الملائكة، الجن، الشياطين، لكن عند الإبحار في هذه النصوص بعين فاحصة، سنجد الكثير من المخلوقات الدينية الأخرى، والتي لا نسمع عنها كثيرا، بعض هذه الكائنات كان يعيش في الماضي، والبعض الآخر مازال يعيش معنا، لكن بيننا وبينهم حجاب، وتوجد كائنات أخرى لم تظهر بعد، ومعظم هذه الكائنات تم ذكرها في الكتب المقدسة أكثر من مرة، بهدف التحذير منهم، أو حتى بهدف المعرفة فقط، وبعض هذه المخلوقات الدينية لا نعرف عنها ولا عن تفسير نصوصها شيئا إلى الآن.
البهيموث
من أشهر المخلوقات الدينية التي ذكرت في الكتاب المقدس بعد لوياثان، تحديدا في سفر أيوب، وهو وحش عملاق، غير منتظم التركيب لذلك يختلف حول شكله إلى الآن البعض يراه فرس نهر، والبعض الأخر يراه جاموس أو فيل، وتعتبر هذه الحيوانات من الأشكال التي اعتدنا عليها في معظم الأساطير اليونانية، ولأن هذا البهيموث كان يوصف بالقوة والضخامة أصبح الاسم يستخدم ليصف أي كائن به نفس المواصفات؛ ذكر هذا المخلوق عندما كان الله يتحدث لرسوله أيوب، والهدف من هذا أن يبين له أنه يخلق الكثير من الكائنات، منها ما هو غريب ومنها ما دون ذلك، ولا يستطيع الرسول أيوب بعقله البشري أن يفهم الحكمة من خلق مثل هذه المخلوقات، لكن يجب أن يعرف أن الله يفعل ما يشاء، وأنه وحده قادر على إمساك هذه الوحوش العملاقة عنا؛ وذكر أيضا أن البهيموث تم تدميره عند بدء الخلق، هذا بالرغم من أنا كلمة بهيموث لم ترد في سفر التكوين.
لوياثان
في العهد القديم من الكتاب المقدس نجد الكثير من المخلوقات الدينية التي تكثر الثورة من ذكرهم، ويعتبر لوياثان هو أشهر هذه المخلوقات، وذلك حيث تم ذكره خمس مرات في التوراة، كما ذكر مع البهيموث، ويتم وصف هذا الكائن على أنه كائن بحري ضخم له القدرة على الانحناء، ويمكن أن نشبهه بثعبان في غاية الضخامة، ومن هذه الأوصاف أصبح الاسم يطلق على أي وحش بحري، وفي بعض ترجمات النصوص باللغة العربية تم استخدام كلمة الحوت كبديل لوياثان، وتقول القصص حول خلقه، أن الله خلقه ذكر وأنثى، ثم أمات الأنثى لأن في تكاثرهما دمار للعالم بأكمله. إذا ذهبنا إلى قصص الخلق البابلية سنجد أن لوياثان شبيه بالوتان، الوحش البحري صاحب السبعة رؤوس، وفي المسيحية يتم تصور لوياثان على أنه كائن شيطاني، وكان مع الوحوش والشياطين في وقت الفوضى قبل بدء الخلق؛ تتعدد القصص حول لوياثان فأحيانا يتم وضعه مع الحيوانات المألوفة لنا، وأحيانا يتم تصويره ككيان شرير يقتله الإله.
دابة الأرض
ذكرت دابة الأرض في القرآن الكريم، كما نجد أن اسمها يتكرر في معظم كتب التراث الإسلامي، وعند النظر في وصف الدابة نجد أيضًا هناك الكثير من الاختلافات، يقول بعض العلماء أنها ناقة تشبه الناقة التي خرجت من الصخر لقوم صالح، وهناك آخرون يقولون أنها ثعبان كان عند الكعبة عند بنائها، أما القرطبي فيقول أنها إنسان يدب على الأرض. وعند البحث عن هذه الدابة في الكتب الإسلامية سنجد أنها ستظهر في آخر الزمان، وتعتبر من المخلوقات الدينية القليلة التي قدر للإنسان أن يراها، والزمن الذي ستخرج فيه سيكون زمن ينتشر فيه الضلال ويضيع فيه الحق، وستُعلم هذه الدابة البشر، فمنهم من تضيء جبهته وهو المؤمن، ومنهم من يسود جبينه عند لمسه وهو الكافر، أما القرطبي فيقول أنه إنسان سيحاور الناس ويدفع الحجة بالحجة، حتى يُصمت خصمه، وفي حواراته سيفرق بين الحق والباطل. يظهر وقت ظهور الدابة دائما مع وقت خروج الشمس من مغربها، ولا يعرف أي من هاتين الآيتين ستكون أولا، لكنهما سيحدثان بالتوالي.
غولم من أشهر المخلوقات الدينية
عندما نقوم بترجمة كلمة الحقيقة من اللغة الإنجليزية إلى العبرية فستظهر لنا كلمة، يعتقد اليهود أننا لو شكلنا إنسان أو تمثال من الطين وكتبنا عليه هذه الكلمة فإنه سيتحول إلى كائن حي يسير خلف صاحبه ويطيعه، وهذا الكائن هو غولم. عند الذهاب لمدينة براج نجد مقابر يهود براج، والتي تعتبر من الأماكن السياحية، وأشهر هذه المقابر هي مقبرة الحاخام لوي، والذي تنتشر تماثيله في مختلف المعابد اليهودية، وعند العودة في تاريخ هذه المدينة، سنجد أن هذا الحاخام كان من كبار العلماء والحكماء في برج، لكن ومع زيادة اضطهاد اليهود هناك، قام بجمع بعض الطين وشكله على هيئة كائن قوي البنية، وكتب عليه الكلمة العبرية، فتحول الطين، وأصبح يدافع عن اليهود بكل قوته، كما كان يساعدهم في مختلف أنشطة حياتهم اليومية. ما زالت الأفلام تصنع إلى الآن حول فكرة الغولم، كما تشيد له التماثيل، وتباع في الأماكن السياحية، ويكتب عنه الكتب، وبالطبع تدور كل هذه القصص بسبب ما ذكر عن الغولم في الكتاب المقدس مع المخلوقات الدينية الأخرى.
كاروبيم
في أكثر من موضع في القرآن الكريم نجد أنه يتحدث عن عرش الرحمن، ونجد أنه يصور هذا العرش بشيء مادي يتم حمله، بواسطة ملائكة يسميهم القرآن حملة العرش، عند البحث في مختلف الديانات الأخرى سنجد أن حملة العرش مخلوقات دينية يتم ذكرها في أكثر من ديانة لكن بأسماء مختلفة، وأشهر الأديان التي ذكرتهم هما المسيحية واليهودية، لكن الاسم المتواجد لحملة العرش هو كاروبيم، وبالرغم من اتفاقهم في تسمية حملة العرش إلا أنهم يختلفون في شكله، فاليهود يتخيلونه كائنا عملاقا له أجنحة ضخمة تخرج حوله من كل مكان، ويحمل عليها العرش، أما في المسيحية فنجد الكاروبيم هو ذلك الطفل الذي شهدناه جميعا، إنه الطفل الصغير صاحب الأجنحة البيضاء الذي يظهر دائما في لوحات الرسامين، كما نشاهده في الأفلام، والكنائس، والمقابر أيضا.
ليليث من المخلوقات الدينية المعروفة
عند فتح سفر الملاك رزيئيل سنجد قصة ليليث، والتي يرجع العلماء حدوثها إلى 2000 قبل الميلاد، ويتم التحدث عن ليليث على أنها أنثى، وتعتبر ليليث من المخلوقات الدينية القليلة التي نستطيع تحديد جنسها، وتعتبر ليليث أول امرأة تمردت على رجل في التاريخ، ويعتقد اليهود أنها زوجة آدم الأولى، وأنها قامت بإغوائه هو وحواء، أي أنها هي الأفعى التي وسوست لهم، أما بالنسبة لتمردها، فقد تمردت على العيش مع آدم وقررت أن تتزوج الشيطان وتعيش معه، ولذلك نجدها في المعابد والقصص اليهودية مصورة على أنها زوجة الشيطان، لم يتم ذكر ليليث هنا فقط، وذلك حيث نجدها تتكرر في أكثر من قصة، بأحداث مختلفة، وتعتبر أشهر القصص التي ذكرت فيها ليليث هي قصتها في ملحمة جلجامش مع جلجامش نفسه وهروبها منه.
وهكذا نكون قد انتهينا من سرد بعض التفاصيل عن أشهر المخلوقات الدينية الذين يتم ذكرهم باستمرار، ويجب الإشارة هنا إلى أن هذه الكائنات مذكورة في العديد من الديانات والأساطير، مذكورة بقصص مختلفة، فمثلا توجد دابة الأرض في الكتاب المقدس، لكنها على هيئة وحش له العديد من الرؤوس سيخرج ومعه رسول كاذب؛ وأخيرا تختلف القصص وتفاصيلها، لكن يبقى ذكر هذه الكائنات، التي لا نعرف هل سنراهم ونعيش معهم يوما ما أم لا.
الكاتب: أحمد أمين
أضف تعليق