في الوقت الذي اصبح في العالم قرية صغيرة بفعل التطور الهائل في وسائل الاتصال والتواصل تعيش بعض القبائل في عزلة تامة عن العالم في داخل بعض الغابات الكثيفة ولا يعرف عنها الا القليل نظرا لعدم رغبتها التعامل مع جيرانها الا من خلال بعض الصراعات الدموية، وتنتشر هذة القبائل في عدة دول من امريكا الجنوبية وافريقيا والهند، وتسمى ايضا القبائل المعزولة او الشعوب المنقطعة عن العالم.
مواقع القبائل المفقودة وتاريخ ظهورها
تنتشر القبائل المفقودة في معظم غابات العالم وقد تم اكتشاف كثير منها في منذ منتصف القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين لكن اللقاء الاول لم يكن في الغالب لقاءاً وديا فقد حدثت صدامات دامية بل ومجازر تطهير لهذة القبائل بينما م وضع بعضها بما يشبه الاقامة الجبرية داخل الغابات التي تعيش فيها واعتبرت مناطق عيشها محميات طبيعية، وهو ما ادى الى اندثار كثير من هذة القبائل وانتهاء وجودها في مواطنها الاصلية كما حدث مع قبيلة الياهي التي عاشت في احدى الغابات الامريكية.
يرجع تاريخ ظهور القبائل المفقودة الى الحملات الاستعمارية الاوروبية، فحسب الرواية الشائعة وجدت كثير من الجيوش الغازية للبلاد الجديدة في الامريكيتين عدد من القبائل التي حاولت التواصل معها لكن تلك القبائل رفضت وحاربت بعنف ثم اختارت العزلة وعدم التعامل مع جميع مظاهر المدنية التي ظهرت فيما بعد، بينما ترى الجمعيات المدافعة عن حقوق تلك القبائل انها بقايا السكان الاصليين الذين تم القضاء عليهم بقسوة وهو ما دفع بعضهم الى الاختفاء داخل الغابات، ولم يرض كثير من تلك القبائل العودة للتعامل مع السكان الجدد لعدم ثقتهم بهم، وذلك لما رأوه منهم من وحشية .
لقد ساد اعتقاد خاطيء ان هذة القبائل المنعزلة تمثل الانسان البدائي الذي عاش منذ الاف السنين لكن مع كثرة الجولات الاستكشافية والدراسات المتعمقة لحضارتها توصل كثير من الباحثين انها قبائل لها حضارة عريقة لكنها مختلفة في طريقة عيشها عن الحضارة البشرية السائدة حاليا، فهي لا تتصل بالبشر الا قليلا وترفض كافة اشكال الاندماج مع المجتمعات القريبة .
اسباب انعزال هذة القبائل
لعل اهم اسباب انعزال هذة القبائل هو الخوف من العنف الذي مورس ضدها من قبل قبائل اخرى او من المستعمرين الاجانب مما جعلها تخفي حضارتها ومقدساتها في اعماق الغابات للحفاظ عليها، وكذلك ساهمت النظرة الخاطئة التي حاول المستعمرين نشرها بين العامة في تعميق الفجوة بين سكان المدن وتلك القبائل المعزولة وهو ما جعل افراد بعض القبائل يتعرضون للاذى عند محاولتهم الاختلاط مع سكان الدول التي يعيشون فيها.
اهمية القبائل المعزولة :
1- اعطاء بعض التفاصيل عن طريقة حياة بعض الحضارات القديمة اذ يعتقد ان هذة القبائل ما زالت محافظة على تقاليدها وطقوسها الدينية التي توارثتها منذ الاف السنين وهو ما يمكن ان يفكك بعض رمز اللغات القديمة التي عجز العلماء عن تفكيكها.
2- المساعدة في اجراء بعض الدراسات الطبية فهؤلاء الناس لم يتعرضوا من قبل لملوثات كما انهم لم يأخذوا عقاقير كيميائية وفهم طبيعة حياتهم الصحية يمكن ان يساهم في التوصل الى علاج بعض الامراض المستعصية، وفي بعض المجتمعات ظهرت حركات تنادي بتقليد تلك القبائل في طريقة عيشها والاستفادة من طرق العلاج لديها لأن لديها القدرة على العيش بسلام مع الطبيعة وهو ما يجعلها بعيدة عن الامراض.
3- السياحة : اذ تمثل مناطق عيش تلك القبائل مكان جذب لعشاق السياحة الثقافية ولكن كثير من جمعيات حماية هذة القبائل تنادى بعدم اتصال البشر من مناطق اخرى بسكان هذة القبائل فقد يؤدي ذلك الاتصال الى نقل العدوى لهم وبالتالي فناءهم لأنه ليس لديهم الادوية المناسبة وليس لديهم المناعة الكافية لمقاومة بعض الامراض العصرية.
تصنيف القبائل المفقودة
ويمكن تصنيف القبائل المفقودة الى عدة اقسام حسب طريقة تعاطيها مع الحضارة البشرية الحديثة :
1- قبائل اندمجت بالمجتمعات المدنية في فترات سابقة واصبحت جزء منها وانتهى وجودها مع بقاء بعض مظاهر حضارتها قائما في الغابات التي عاشت فيها ويعتقد ان بعض هذة القبائل تم تهجيره قسراً
2- قبائل اكتشفت من قبل الباحثين او السياح ولكنها بقيت معزولة بإرادتها وذلك لعدم رغبتها بالتعامل مع حضارات تعتبرها مؤذية لحضارتها وهذة القبائل قليلة
3- قبائل تم اكتشتافها ولكن منعت الدولة التي تعيش فيها ابناءها من التواصل مع السكان الاخرين وذلك لحمايتها من الاصابة بالامراض القاتلة كما في البرازيل واستراليا
4- قبائل غير مكتشفة الى الان اذ يعتقد ان هناك بعض الغابات التي تخفي عدد غير معلوم من البشر ولم يفلح احد الى اليوم في الكشف عن اماكن تواجدهم .
يعتبر كثير من المدافعين عن حق تلك القبائل في العيش بسلام انها مجتمعات حضارية لها طريقتها في العيش والتي يجب ان تحترم ولا يتم العتدي عليها لأي سبب كان سواء للسياحة او الابحاث العلمية، بينما يرى اخرون في تلك القبائل كنراً جينيا وحضارياً يمكن الاستفادة منه في مجالات الابحاث التاريخية والطبية وغيرها من الابحاث .
أضف تعليق