كثرا ما يراود الإنسان حلم العيش في الفضاء. فمنذ أن تمكن البشر من السفر إلى الفضاء وهم يبحثون ويستكشفوا الكواكب ويقومون بدراسات كثيرة من أجل الوصول لأماكن يمكن العيش فيها. يبحثون عن كواكب ربما تحتوي على الماء فهو أساس وجود الحياة على سطح الأرض ويبحثون كذلك عن كوكوب تكون فيه درجة الحرارة معتدلة وعن أرض مناسبة للعيش. حتى أن كثيراً من الأفلام قد صورت حياة الإنساء في الفضاء وبناءه للمستعمرات واستيطانه على عدد من الكواكب، حتى وصل الأمر إلى تصوير حروب تقودها الشعوب ضد بعضها البعض في الفضاء الخارجي. ربما يكون خيال الإنسان لا حدود له ولكن لولا الخيال لما وصلنا إلى ما نحن فيه من التقدم فما كان خيالاً بعيد المنال في الماضي ما هو إلا جزء من الحياة الطبيعية في يومنا هذا. كل هذه الأشياء شغلت العلماء والباحثين طيلة عقود من الزمن فهل حقاً تمكنوا من الوصول إلى غايتهم والعثور على هذه الكوكب البديل لكوكب الأرض ليتمكن البشر من العيش في الفضاء؟ في الحقيقة الإجابة عن هذا السؤال صعبة ولكن يمكن أن نقول أنهم توصلوا إلى ما هو قريب من ذلك. تمكن العلماء من التوصل إلى عدد من الكواكب التي تشبه الأرض والتي يتوقع أنها مناسبة لانتقال البشر لها. فيما يأتي سوف نستعرض هذه الكواكب.
مجموعة من الكواكب التي تلائم العيش في الفضاء
كيبلر c69
عادة عندما يبحث العلماء عن كوكب يمكن العيش فيه فإنهم يبحثون في المجرات المجاورة للمجرة التي نعيش فيها، حيث يوجد عدد من الكواكب التي تدور حول أحد النجوم. يعتبر هذا النجم هو الشمس بالنسبة للكواكب كما تعتبر الشمس في مجرتنا. يعتقد العلماء أن الكوكب الذي يدور في مدار يبعد نفس المسافة التي تبعدها الأرض عن الشمس يكون كوكباً مشابها لكوكب الأرض، مما يجعل فكرة العيش في الفضاء على متن هذا الكوكب ممكنة. أما عن كوكب كيبلر فإنه يبعد عن الأرض 2700 سنة ضوئية. تقول وكالة ناسا عن هذا الكوكب أنه يدور حول نجم يشبه الشمس كثيراً وينتمي إلى نفس النوع. وأن الكوكب يدور في مدار مماثل للمدار الذي تدور فيه الأرض، حيث أن كوكب كيبلر يحتاج إلى 242 يوما ليتم دورته حول النجم الذي يدور حوله.
كوكب جاليسيز 667
تم اكتشاف هذا الكوكب في شهر فبراير من عام 2012م. وهو يبعد عن الأرض 22 سنة ضوئية، أي أنك تحتاج إلى 22 سنة للوصول إلى هذا الكوكب إذا كنت تتحرك في الفضاء بسرعة الضوء. أما حجم هذا الكوكب فإنه يبلغ أربعة أضعاف حجم كوكب الأرض، مما يجعله كوكوب ذو حجم ضخم. تزيد عدد أيام السنة على كوكب جالسيز 667 عن عدد أيام السنة على كوب الأرض بخمسة وعشرين يوماً فقط. وأما ما يجعل العلماء يعتقدون أن العيش في الفضاء على متن هذا الكوكب أمر غير مستبعد هو أن درجة حرارة هذا الكوكب قريبة أو تكاد تكون متماثلة مع درجة حرارة الأرض. فدرجة الحرارة على متن كوكب جاليسيز 667 تتراوح ما بين 4 و 18 درجة مئوية، وهي درجة حرارة مناسبة جداً للعيش على متن هذا الكوكب، فهو غير قارص البرودة ولا شديد الحرارة بحيث يستحيل العيش عليه.
الكوكب الأحمر
لا يمكن أن نتحدث عن إمكانية العيش في الفضاء دون الحديث عن كوكب المريخ. هذا الكوكب الذي انشغل العلماء بدراسته طيلة عقود عديدة واهتموا بإرسال البعثات الفضائية إليه ودراسة تربته وغلافه الجوي وكل شيء يمكن أن يوصلنا إلى حقيقة إمكانية العيش على سطحه.
كوكب المريخ هو الكوكب الرابع بعداً عن الشمس، أي أنه يعتبر جاراً لكوكب الأرض ويصنف على أنه من مجموعة الكواكب الشبيه للأرض. يبلغ حجم المريخ نصف حجم الكرة الأرضية، ويدور حول المريخ قمران يحتوي الكوكب على مجموعة من الجبال والبراكين. أما ما جعل الكوكب يتمتع بشهر واهتمام كبيرين، هو إعلان وكالة ناسا الفضائية عن اكتشاف مياه فوق سطح المريخ. والمياه دائما هي أساس الحياة مما يجعل العيش في الفضاء على متن كوكب المريخ ممكنة في يوم من الأيام. حيث قامت إحدى مركبات الاستكشاف الآلية المرسلة إلى كوكب المريخ بإرسال صور إلى الأرض تضمن لقطات لمياه متدفقة على سطح المريخ. وهذه هي المرة الأولى التي يكتشف العلماء فيها مياه في صورتها السائل. فقد توصل العلماء في وقت سابق إلى وجود كتل من المياه المتجمدة على سطح المريخ أيضاً. وبناءً على هذا فإنهم يدرسون إمكانية إرسال روبوتات آلية أخرى لدراسة الموضوع تمهيداً لإرسال بعثات بشرية إلى هناك لتقيم فترات طويلة على سطح الكوكب لدراسته والتأكد من إمكانية العيش عليه. وجود الماء على كوكب المريخ يجعل حلم العيش في الفضاء قريب المنال خاصة مع القريب الشديد لكوكب المريخ من كوكب الأرض وسهولة السفر إليه، ولكن هل وجود الماء فوق المريخ يدل على وجود حياة سابقة على الكوكب ؟ّ! يقول العلماء أنهم اكتشفوا وجود غاز الميثان ضمن الغلاف الجوي للمريخ وهو غاز متجدد باستمرار مما يدل على وجود مصدر لإنتاج هذا الغاز، ويعتقد العلماء أن نوعاً من البكتيريا الفضائية هي المسئولة عن تكوين غاز الميثان على كوكب المريخ. أيا كان الأمر، فإن السنوات القادمة بتأكيد ستشهد مزيداً من الاكتشافات في هذا الصدد وكل هذا يدل على أن العيش في الفضاء لم يعد مستحيلاً بل كل ما نحتاج إليه هو المزيد من الوقت فقط .
الكوكب الأزرق
ألم نسأل أنفسنا يوماً لماذا كل هذا الشغف للخروج من كوكب الأرض والعيش في الفضاء على سطح كوكب آخر ؟ هل حقاً أصبحت الأرض بهذا السوء؟ هل أصبحت الحياة مستحيلة على كوكب الأرض؟ أوليس كوكب الأرض هو الكوكب الذي نشأت عليه البشرية أو ليس هو الكوكب الوحيد الذي يحتوي على كائنات حية؟ أوليس هو الكوكب الوحيد الذي تتوافر فيه كل مكونات الحياة من غذاء ومياه ودرجة حرارة إلى آخره مما نحتاجه للبقاء في هذا الكون ؟
يقول باحثون من جامعة متشيجان الأمريكية في دراسة لهم عن كوكب الأرض، أن الحياة على الأرض صالحة للاستمرار لمدة تتراوح ما بين 1.3 و 3.5 مليار سنة طبقاً لدراسات فلكية. حيث أنه بعد هذه المدة ستزداد حرارة الأرض بشكل كبير للغاية تبعاً للزيادة الحادة في حرارة الشمس مما يجعل الحياة على متن الأرض مستحيلة. ولكن ذلك لن يحدث إلا قبل أكثر من مليار عام. إذا فالوقت المتاح أمام البشرية طويل للغاية والتفكير في العيش في الفضاء يعد ضرباً من ضروب الخيال والأماني.
ربما العيش في الفضاء ليس أمراً ملحاً في الوقت الحالي، ولكن يبقى فضول البشر الذي لا يتوقف عند حد، دافعاً لهم ليستكشفوا الكون وليقدموا الدراسات والأبحاث للأجيال القادمة. لقد توصل العلماء إلى نتائج مهمة أثناء بحثهم في سنوات قليل منذ عصر الصعود إلى الفضاء، وهم الآن على يقين أن ما توصلوا إليه وما شملته دراساتهم لا يعدوا أن يكون ذرة في بحر عظيم. فالكون مليء بملايين الكواكب وآلاف المجرات التي لا نعلم عنها شيئاً. فالحقيقة إذاً أننا لا نزال نضع أول قدم لنا على هذا الطريق الطويل الذي لا ينتهي.
أضف تعليق