تسعة مجهول
الطائرة اللبنانية ذات المحركين
الرئيسية » الغاز » الطائرة اللبنانية ذات المحركين : أغرب حادثة في تاريخ الطيران

الطائرة اللبنانية ذات المحركين : أغرب حادثة في تاريخ الطيران

حادثة الطائرة اللبنانية ذات المحركين هي من أغرب حوادث الاختفاء في تاريخ الطيران، فما الذي حدث لهذه الطائرة؟ وكيف اختفت للأبد بكل ركابها؟

ظهر لغز اختفاء الطائرة اللبنانية ذات المحركين منذ أكثر من تسعة وخمسين عامًا، في عام 1957 تحديدًا، حين أعلنت إحدى الطائرات اللبنانية ذات المحركين ” كورتيس سي 46″ بعد إقلاعها بسبعة عشر دقيقة أنها غير قادرة على التحليق وأنها في طريقها للعودة، قبل أن تختفي تلك الطائرة التي كانت تحمل سبعة وعشرين ركابًا كانوا في طريقهم إلى الكويت، ولا يُستدل على أي أثرٍ لها حتى الآن، لتظل حادثة اختفاء تلك الطائرة اللبنانية ذات المحركين أغرب حادثة اختفاء في تاريخ الطيران المدني، وأول حادثة سقوط في تاريخ الطيران اللبناني.

الطائرة اللبنانية ذات المحركين : القصة الكاملة لها

إقلاع الطائرة اللبنانية ذات المحركين

ظُهر الثالث من أكتوبر عام 1957 أقلعت الطائرة اللبنانية ذات المحركين ” كورتيس سي 46″ من مطار بيروت في اتجاه مطار الكويت الدولي، وكانت الطائرة تحمل على متنها سبعةً وعشرين فردًا، ثلاثة وعشرين من الركاب وأربعة من طاقم الطائرة الذي كان يتولى قيادته الكابتن شكر الله سمرة، والذي ظل بطلًا لهذه الحادثة منذ اختفاءها حتى الآن.

قائد الطائرة يستغيث

بعد أقل من سبعة عشر دقيقة، وعلى بعدٍ لم يتجاوز الثمانية عشر كيلو متر، أرسل الكابتن شكر الله سمرة رسائل استغاثة من قُمرة الطائرة إلى فريق المتابعة يُخبرهم فيها أنه قد أصبح على بعدٍ لم يتجاوز العشرة آلاف قدم وأنه يفقد السيطرة على الطائرة، ولم تمض ثوان حتى أرسل شكر الله سمرة رسالته الثانية التي يقول فيها انه قد أصبح على ارتفاع خمسمائة قدمٍ فقط، أما رسالته الأخيرة قال فيها لستُ مسؤولًا، وقبل أن يسود الصمت تبرأ ” لم تكن غلطتي”.

سقوط الطائرة اللبنانية ذات المحركين

بعد رسالة شكر الله سمرة الأخيرة والتي جاءت وهو على بُعد خُمسمائة قدم فقط من الأرض، وبالقرب من سواحل بيروت، هوت الطائرة بعد إقلاعها بسبعة عشر دقيقة وهي على بُعد ثمانية عشر كيلو متر من مكان الإقلاع، وشُوهدت وهي تشتعل في الهواء في أثناء سقوط، ليموت طاقم الطائرة المكون من أربعة أفراد بالإضافة إلى جميع الرُكاب الثالثة والعشرين الذين كانوا على متن الطائرة وما أن تم الكشف عن هويتهم حتى بدأت أصابعُ الاتهام ترتفعُ في أوجه الكثيرين، خاصةً أولئك الذين كانوا على علمٍ بما هية الرُكاب وما يملكونه.

ركاب الطائرة اللبنانية ذات المُحركين

كانت هذه الرحلة تُعد من أهم الرحلات في تاريخ لبنان، فقبل أن تسقط وتُصبح مُثيرة للجدل على مدار كل هذه السنوات كانت تحمل على متنها عدة أفراد كان وجودهم ومن ثم حدوث أول حادثة اختفاء في تاريخ الطيران اللبناني بمصابة ناقوس خطرٍ ودعوة للنظر أكثر في إمكانية وجود شبهة جنائية في الحادث الذي وقع في ظروفٍ غريبة وغامضة، وكان أهم هؤلاء الركاب:

1- مُساعد الرئيس والشكوك السياسية

كان من بين ركاب الطائرة اللبنانية ذات المُحركين أحد العاملين بالقصر الرئاسي، ويُقال انه قبل أن يذهب إلى الكويت اختلف مع سياسات الرئيس وهدد بنشر لكثير من الأدلة التي تُثبت الفساد الذي يجرى في البلاد على يد السلطة الحالية، ويُقال إنه كان قد قدم استقالته قبل السفر بساعاتٍ تحسبًا لتنفيذ ما وعد، إلا أنه لم يتمكن من فعل ذلك بسبب سقوط الطائرة وموت جميع الركاب بما فيهم هو، وهنا تُرفع أصابع الاتهام إلى الرئيس بسبب مصلحته في إسكات هذا الشخص، وهو ما حدث عقب سقوط الطائرة، حيثُ صمت إلى الأبد.

هذا ويبقى ذاك الاحتمال قائمًا لكنه ضعيف، بسبب كونه يستند برُمته على شائعة حدوث خلاف بين الرئيس ومُساعده قبل السفر إلى الكويت، وهذا ما لم يتم تأكيده حتى الآن.

2- ثري عراقي، سرقة وقتل

كان من بين ركاب الطائرة اللبنانية ذات المُحركين أيضًا ثري عراقي، يُقال انه كان يحمل مبلغًا كبيرًا من المال، وأن أحد الركاب كان يقوم بمراقبته منذ بدء الرحلة، ثم قام بمباغتته وسرقة الأموال وزرع قُنبلة بالطائرة ثم قفز مُستخدمًا الباراشوت، وهذا الاحتمال رغم القول به من البعض لا يمكن الأخذ به جملةً وتفصيلًا، إذ من المستحيل عقلًا أن تحدث حادثة سرقة بهذا الشكل المبالغ فيه، لكن وجد الثري العراقي على متن الطائرة يجعل الأمر قيد التفكير.

3- حامل سبائك الذهب. الاحتمال الأكبر

السبب الأكبر، والذي كان داعيًا للشك في أن سقوط الطائرة اللبنانية ذات المحركين يحمل أثرًا جنائيا هو سبائك الذهب التي كان من المفترض أنها على متن الطائرة وقت الإقلاع وكانت تزن أكثر من أربعمائة كيلو جرم بقيمة سبعة عشر مليون دولار، وكان قد تم شحنها في هذه الطائرة من خلال خمسة عشر صندوقًا، وإذا تم الجذم بأن السبائك قد اختفت فعلًا قبل إقلاع الطائرة بلحظات فالشبهة الجنائية في هذه الحالة تُصبح أمرًا واقعًا.

فريق البحث السويدي

في بداية الألفية الثالثة، وتحديدًا في يناير عام 2001، وصل إلى الأراضي اللبنانية باحث سويدي يدعي سيفركلر هاللستروم ومعه فريق بحث كبير ومعه أجهزة ومعدات متطورة للبحث عن تلك السبائك التي فُقدت في أثناء تلك الرحلة، وقد جاء هذا الباحث السويدي بالاتفاق مع الحكومة اللبنانية، حيث كان من المفترض أن يحصل هو على نصف الذهب والحكومة على النصف الآخر، هذا باعتبار انه سيجده من الأساس.

بدأ سيفركلر البحث عن طريق معداته وغواصتها، وقام بتصوير ما يتوقع انه موقع السقوط ودراسة المنطقة المحيطة جيدًا واتباع كافة الاحتمالات التي من الممكن أن تكون قد حدثت بعد سقوط الطائرة اللبنانية ذات المحركين، إلا أنه وبعد بحث ودراسة لمدة ثلاث سنوات خرج من البحر بيدٍ فارغة، وعندما تم سؤاله في إحدى المؤتمرات الصحفية عن سبب عدم عثور على الذهب وسط حطام الطائرة اللبنانية ذات المحركين قال يُفاجأ الجميع “ومن قال إن الذهب كان في الطائرة؟ “.

ثارت موجة دهشةٍ وغضب من تصريحات سيفركلر المدهشة، والتي فتحت الباب أمام الكثير من الاحتمالات أهمها أن الذهب قد تمت سرقته قبل إقلاع الطائرة أو أن الطائرة فور سقوطها تعرضت للسرقة أو أن الحكومة اللبنانية قد وجدت الذهب وأخفته بعد أن محت أي أثرٍ للطائرة، الكثير من التساؤلات خرجت، لكن كان أهمها هو كيف اختفى الذهب؟

كيف اختفى الذهب

بعد البحث الطويل خرج الباحث السويدي بحقيقة واحدة، وهي أن الذهب لم يكن على الطائرة من الأساس، بل تم إخفاءه في المطار من قِبل بعض النافذين، بعد ذلك تم إسقاط الطائرة عمدًا عن طريق تدبير حادث لها، وتم الإعلان عن تحطم الطائرة وفقدان الذهب، وبذلك تحصل الشركة صاحبت الذهب على الذهب بالإضافة إلى قيمة التأمين التي دفعتها شركة الطيران اللبنانية على سبيل التعويض، أما الخمسة عشر صندوقًا التي تم تحميلها في الطائرة أمام أعين الجميع فقد كانت صناديق فارغة بقصد التمويه، ومن هنا يتضح الأمر برمته كما يقول الباحث السويدي سيفركلر.

وبالرغم من كل ذلك قال سيفركلر أنه سيعود للبحث مرة أخرى على أمل أن تكون كل تكهناته ليس لها أساسًا من الصحة وأن يجد الذهب ويأخذ حصته التي اتفق عليها مع الحكومة اللبنانية.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثلاثة عشر − 7 =