تسعة مجهول
السي كوخ
الرئيسية » غرائب » من هي السي كوخ المرأة الغريبة التي كانت تتمتع بقتل الأشخاص؟!

من هي السي كوخ المرأة الغريبة التي كانت تتمتع بقتل الأشخاص؟!

السي كوخ امرأة ألمانية عاشت أيام الحرب العالمية الثانية وارتكبت خلالها جرائم قتل وتعذيب للسجناء، مستندةً على وجود زوجها الذي كان يتولى إدارة معتقل للنازية.

لم يُكتب تاريخ الحرب العالمية الثانية كله لهتلر والحلفاء، فقد سجلت بعض النسوة نفسها بقوة ضمن صفحات هذا التاريخ الأسود، والحقيقة أن المرأة المتوحشة السي كوخ تُعد أبرز هؤلاء النسوة، فقد كانت تلك المجنونة تجد متعتها القصوى في القتل والتعذيب، لدرجة أنها كانت تتأذى في اليوم الذي لا ترتكب فيه جرائمها تلك، وقد استمرت على ذلك المنوال حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تم سجنها مدى الحياة بتلك التهم، هذا قبل أن تقوم بالانتحار داخل أروقة ذلك السجن، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتعرف أكثر على حياة السي كوخ، وكيف سجلت نفسها بقوة في سجلات الحرب العالمية الثانية، وكيف كانت نهايتها مأساوية إلى أبعد حد.

من هي السي كوخ؟

وُلدت السي كوخ في الثاني والعشرين من سبتمبر القابع في عام 1902، أي قبل أن تكون هناك أي نية لحرب عالمية أولى أو ثانية، وبالتأكيد لن يتمكن الناظر إلى الطفلة السي في ذلك الوقت أن يتوقع ما ستصير عليه فيما بعد وما سترتكبه من جرائم بحق مُعتقلي الحرب والبشرية بشكل عام.

كانت عائلة السي بسيطة ومتواضعة للغاية، فوالدها كان عامل متواضع بأحد المصانع، ووالدتها لم تكن سوى ربة منزل عادية، وبذلك كان من الطبيعي أن تكون طفولة الطفلة السي عادية ومتواضعة أيضًا، وهذا ما حدث.

طفولة السي كوخ

لم تشهد طفولة السي كوخ أي منحنيات عصيبة، ففي السابعة التحقت بالمدرسة واستمرت بها حتى سن الخامسة عشر ثم خرجت للعمل بعدة أعمال في سن المراهقة، منها مهنتها ككاتبة بيانات، والتي تمكنت من خلالها الولوج إلى الحزب النازي، كان ذلك في عام 1920، حيث كانت السي لا تزال في الثامنة عشر.

في الحزب النازي كانت السي تُعتبر أصغر عضوة في الحزب، والحقيقة أن إخلاصها الشديد في العمل لصالح الحزب والارتقاء بمصالحه كان سببًا مباشرًا في تدرجها للمناسب القيادية الهامة، حتى جاءت الخطوة الأبرز في مسيرتها، وهي الزواج من كارل كوخ، ذلك النازي المتهور المجنون.

الزوجين كوخ

تعرّفت السي على كارل أثناء عملها بالحزب النازي، وقد كان كارل في ذلك الوقت مديرًا لأحد معسكرات التعذيب النازية، والواقع أن علاقة الحب التي نشأت بينهما كانت سببًا كبيرًا في التطور الذي حدث بحياة السي، فقد رأت بعينها ما يحدث مع المُعتقلين من اضطهاد وتعذيب، وبالرغم من ذلك تمكن زوجها من إشباعها بالأخبار المغلوطة عن كون هؤلاء يهددون أمن ألمانيا، وأنهم أشد خطرًا عليها من الدول التي تحاربها، وأنه لابد ألا يوجد مكان للشفقة والرحمة في التعامل معهم، وهكذا الكثير من الأفكار لدرجة أن السي لم تكره هؤلاء المعتقلين فقط، وإنما أرادت أيضًا المساعدة في ذلك الأمر، وهو ما حدث بالفعل في عام 1936، حيث عملت السي لأول مرة في معسكرات التعذيب النازية.

السي كوخ في العسكر

ما إن دخلت السي كوخ معسكرات التعذيب حتى أصبحت تهيم عشقًا بذلك المكان، وكأنها قد وُلدت فيه، حيث كانت تجد راحة غير طبيعية في الجلوس بالمعسكرات والاستمتاع بصنوف العذاب المختلفة التي تُقم للمساجين، والحقيقة أن وظيفة زوجها كمدير للمعسكر ساهمت كثيرًا في الاستمتاع بحريتها وفعل ما تُريده.

كان كارل كوخ ينتقل من سجن إلى سجن بحكم عمله، حيث كان يترقى كل فترة ويترأس سجنًا أكبر من الذي يسبقه، وفي كل مرة كان السي تُلازمه ثم تدخل السجن وترتكب به أفظع الجرائم، تلك الجرائم التي سجلها التاريخ باسم السي كوخ باعتبارها واحدة من أسوأ النساء اللاتي مارسن التعذيب بحق البشر.

السي كوخ وطرق التعذيب

كما ذكرنا، كانت السي كوخ تجد متعتها داخل السجون، وبتحديد أكثر، في تعذيبها للمساجين الموجودين داخل السجون، فكانت مثلًا تمتلك حصانًا جامحًا عليه صوت بشع مُعلق بالخلف، وكانت كلما شعرت بالضيق والملل امتطت ذلك الحصان وأخذت الصوت ثم راحت تضرب في المساجين جيئة وذهابًا دون أي سبب يُذكر.

من ضمن طرق التعذيب التي كانت تستخدمها السي كوخ أيضًا دفنها للمساجين وهم أحياء، كما كانت تمتلك هوية مُحببة جدًا بالنسبة لها، وهي قطع الرؤوس، وإضافةً إلى كل ذلك، كانت تلك المجنونة تعشق صناعة الأدوات الموجودة في السجن من جلود المساجين، وهو ما يُمكن اعتباره ذروة الوحشية والجنون.

الثراء والتعذيب

في الحقيقة اتضح فيما بعد أن حالة التعذيب الجنونية تلك لم تكن فقط بغرض التعذيب الغير مُبرر المبني على العقد النفسية، وإنما ثبت أن السي كوخ كانت تبتذ المساجين وتأخذ منهم أموالهم، وهو ما جعلها تنعم هي وزوجها بالثراء الفاحش، حيث أسسا صالة للألعاب الرياضية واشتريا منزل جديد وسيارة، إجمالًا، كان حياة الزوجين تسير بخير، فمن جهة كانا يشعران بالراحة النفسية عندما يقومان بتعذيب السجناء، ومن جهة أخرى كانا يحصلان على الثراء، لكن كل ذلك تهاوى فجأة في عام 1943 على يد الحكومة الألمانية.

السقوط الأول

شهد عام 1943 السقوط الأول للسفاحة السي كوخ وزوجها كارل كوخ، حيث وصلت أنباء ما يفعلانه بالسجناء من اجل ابتزازهم ونهب أموالهم، إضافةً إلى التقصير في عملهم الأساسي على حساب مصالحهم الشخصية، وهو ما استقضى محاكمة عاجلة انتهت بحكم صاعق وهو إعدام كارل كوخ، فهو في النهاية كان المسئول الأول عن السجن، أما السي كوخ فقد ظل حظها الجيد يلازمها، حيث قضت المحكمة بسجنها عام واحد فقط والإفراج عنها بعده لعدم كفاية الأدلة، أي أنه في عام 1944 كانت السي كوخ خارج السجن من جديد، لكنها هذه المرة لم تكن تمتلك أي شيء يُذكر.

السقوط الثاني

لم تمضي شهور قليلة حتى انتهت الحرب العالمية الثانية وسقط هتلر وجاءت بعده حكومة جديدة يُشرف عليها دول الحلفاء، وبالطبع قامت تلك الحكومة بمحاسبة كل مجرمي الحرب الذين تسببوا في كوارث خلال هذه الفترة، وعندما تذكر الكوارث والمآسي فإن السي كوخ حاضرة بالتأكيد.

تم إلقاء القبض على السي كوخ مرة أخرى بتهمة تعذيب السجناء واستغلالهم ماديًا، وعلى الرغم من أن المحكمة الأولى التي عقدت قبل عام كانت قد سلبت السي كل شيء إلا أن ذلك لم يشفع لها في المحاكمة الثانية، حيث تم الحكم عليها بالسجن المؤبد مدى الحياة، لتلقى السي في السجن ما أذاقته للسجناء على مدار السنوات الماضية، هذا قبل أن تحل نهايتها البطيئة القاتلة.

نهاية السي كوخ

على مدار عدة سنوات داخل السجن الألماني عانت السي كوخ أشد المعاناة وأدركت يقينًا جرم ما كانت تفعله أثناء وجودها كسجانة في نفس السجن، لكن ذلك الندم لم يشفع لها، إذ استمر التضييق عليها حتى جاء عام 1967 ووجدت أنه لا مفر من الموت، فُعثر عليها في سبتمبر القابع في ذلك العام وهي قاتله لنفسها شنقًا، لتنتهي بذلك حياة المرأة التي أذاقت مساجين ألمانية أصناف العذاب المختلفة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

تسعة عشر − اثنان =