في التاسع والعشرين من ديسمبر 1890 وقرب منطقة الركبة الجريحة وقعت المذبحة التي سميت بعد ذلك باسم هذه المنطقة، وذلك حيث تم التخلص من شعب لاكوتا كله، وهو في محميته الطبيعية التي يعيش بها؛ في صباح اليوم المذكور سلفًا ذهب فوج من الجيش الأمريكي إلى شعب لاكوتا، وذلك بهدف نزع السلاح الذي معهم، فالهنود أصحاب الخشب وأوراق الأشجار لابد أن يظلوا كذلك، وبالفعل بدأ الجيش الأمريكي بمحاصرة المعسكر الذي يسكنه هذا الشعب بالمدفعيات، ثم قاموا بنزع السلاح تحت التهديد، إلا أن وصلوا لرجل أصم، لم يوافق على تسليم السلاح وحاول أن يشرح أنه حصل عليه بمبلغ باهظ، لكن بندقية أحد الجنود أبت أن تسمع، فقتلت الرجل، ثم خرج منها الرصاص عشوائيًا على الرجال والنساء والأطفال، مما جعل ما بقى من الهنود المسلحين يطلقون النار أيضا، وانتهت المذبحة في النهاية بمائتي قتيل، راح ضحية البطش الأمريكي، وتاليًا سنعرف تفصيليًا كل ما يخص هذه الواقعة.
قبل المذبحة بشهور
قبل المعركة بشهور كثيرة استطاع الأمريكيون وضع شعب لاكوتا في محمية، وعقد معهم الكثير من المعاهدات، التي كانت تقع ويقوم غيرها كل يوم، إلى أن استقروا على معاهدة معينة وبها ما ينص على توفير الحاجات الأساسية للحياة لشعب لاكوتا، لكن بعدها بقليل لوحظ انخفاض أعداد البيسون، والذي يعتبر أهم مصدر غذاء لهذا الشعب، بدأت الاضطرابات تنتشر بين الشعب، وفجأة أهتم الجميع بشيء أخر إنه فوكا المبشر بقدوم المسيح، والذي قال أن المسيح قد عاد كأحد الأمريكيين الأصليين، وأقام فوكا ديانة جديدة وهي ديانة رقصة الشبح، وأخبر شعب لاكوتا أنه عند تأدية رقصة الشبح سيأتي المسيح إلا هنا، وسيزدهر الطعام والشراب، وتتكاثر أعداد البيسون، وسيعيش الشعب في سلام، وأمرهم بارتداء زي معين أثناء الرقص، ووعدهم أنه سيحميهم من الرصاص والأسلحة، وبالفعل بدأ شعب لاكوتا بأداء الرقصة وظن الأمريكيون أنه نوع من الاحتجاج والتمرد، وكانت بداية الاشتباك العسكري بين الأمريكيين وأفراد لاكوتا، ولم تهدأ الأوضاع منذ ذلك الحين حتى مع التغيير المستمر للقادة العسكريين والمسؤولين.
مذبحة الركبة الجريحة
بعد المشاكل العديدة التي كانت تحدث بين الطرفين، قرر الأمريكيون نزع السلاح من شعب لاكوتا بشكل كامل، كانت هناك الكثير من النصائح التي تتحدث عن عاقبة نزع السلاح بالقوة، بدأ الأمر بذهاب القوات الأمريكية إلى شعب لاكوتا، ثم أخذوهم قريبا من نهر الركبة الجريحة ، وكان هذا المكان عبارة عن معسكر، وبالرغم من أن عدد الهنود لم يتعدى 350 نصفهم من الأطفال والنساء إلا أن عدد الجنود الأمريكيين كان 500 جندي، بعد هذا الترحيل حاصر الجنود المعسكر من جميع الاتجاهات، كما تم وضع أربعة مدافع هوتشكيس مع الجنود، تختلف القصص عن الذي حدث بعد ذلك، بعض الروايات تقول أن الأمر بسبب أصم رفض تسليم سلاحه، وتقول روايات أخرى أنه بسبب أدائهم للرقصة مرة أخرى اعتقادا منهم أنها ستحميهم، يقول أحد الجنرالات أنه وقع شجر بين مواطن مسلح وأثنين من الجنود الأمريكيين، وبدون قصد خرجت رصاصة من بندقية المواطن وبدأ الشجار على مدى ضيق، وبدأ يتسع حتى تحول الأمر إلى مذبحة راح ضحيتها 200 قتيل بالإضافة للكثير من الجرحى في الصفوف العدوين.
نتائج مذبحة الركبة الجريحة
بعد انتهاء مذبحة الركبة الجريحة استمر نزول الثلج وتكون العواصف ثلاثة أيام متتالية، مما لم يدع أحد يقترب من مكان المذبحة إلا بعد هذا الوقت، وتم حينها نقل الرجال والأطفال والنساء إلى حفرة كبيرة وتم دفنهم هناك، وتم إقامة محاكمة غير رسمية، يمكننا القول أنها محاكمة عرفية، تم إدانة فورسيث على ما فعله وأنه اتخذ قرارات خاطئة، وعلى نقيض الإدانات التي تم توجيها، تم تكريم 20 جندي أمريكي. وبعد علم وزير الحرب بما حدث أصدر قرار بعودة فورسيث إلى منصبه، وكانت حجته أن الجنود شهدوا مع فورسيث أنه حاول بكل جهده ألا يسقط أحد من شعب لاكوتا، ومازال الاختلاف قائم حول مذبحة الركبة الجريحة حتى يومنا هذا، يرى البعض أنها مذبحة متعمدة واضحة، والبعض الأخر يرى أنها مجرد خطأ حدث. وبعد الحادث بوقت طالب ما تبقى من أحفاد الهنود بتعويض عن الذي حدث، وبالفعل تم إعطاء تعويضات لهم، وتم حفظ المستندات الخاصة بالواقعة في جامعة لاكوتا، كما تحول الموقع في تسعينات القرن الماضي إلى علم تاريخي، تتم زيارته من أجل السياحة، أو حتى إقامة أبحاث تاريخية.
أهم المعلومات حول مذبحة الركبة الجريحة
- نجى القليل من المعركة وبالرغم من اختلاف معظم الشهادات التي قالها الناجون والمؤرخون، إلا أن الكثير يتفق على عدم فهمهم أي شيء مما حدث وذلك بسبب عشوائيته وسرعته.
- لم تشهد منطقة الركبة الجريحة هذه المذبحة فقط، ويعتبر مكان المذبحة من أخر الأماكن في الأرض التي شهدت الحروب الجماعية.
- بعد انتهاء المذبحة حدث جدل كبير بسبب تكريم الجنود الأمريكيين، استنكر الكثير الحدث ويقول الهنود الحمر أنه وسام خزي، ونجد هذا التناقض واضح عندما نعرف أن الهنود الحمر شاركوا أربعة سنوات في الحرب العالمية الثانية، وبالرغم من ذلك لم يحصلوا إلا على ثلاثة أوسمة فقط.
- بعد مدة من هذا الحدث قام أحفاد شعب لاكوتا ببناء كنيسة تذكارية عند المقابر التي تم فيها الدفن الجماعي.
- قامت مجموعة بيج فورت بعمل مراسم سنوية لإحياء ذكرى أموات الركبة الجريحة، وتبدأ المراسم بجلوس المشاركين في طقس بارد، مع نسبة قليلة من الطعام والشراب، وذلك حتى يشعروا بما كان يشعر به الهنود الحمر أثناء جلوسهم في معسكرات الركبة الجريحة.
- تعتبر مذبحة الركبة الجريحة من أكثر الحوادث المؤثرة في التاريخ البشري، وأثر الحادث على الكثير من الفنانين فخرجت لنا عشرات الأغاني، والأفلام، والعديد من الروايات والأعمال الشعرية.
وأخيرا، يعتبر المقال ملخص بسيط لأهم النقاط حول هذا الحادث، الذي يختلف عليه الكثير، والنقاط المذكورة في المقال تعتبر من النقاط القليلة التي يتفق عليها كل الأطراف، تختلف الأقاويل والقصص، لكن يبقى الموت موت، ولا نستفد شيء من هذه القصص غير أمل يحملنا لاحترام النفس البشرية ونقدرها أكثر مما نفعل.
الكاتب: أحمد أمين
أضف تعليق