اختفاء الطائرات تتفاوت بين بين السياسة والإرهاب من ناحية والأساطير والخيال من ناحية أخرى، تتفاوت وجهات النظر المفسرة لحالات اختفاء الطائرات على مر التاريخ، وربما لأن حوادث من هذا النوع في وسيلة مواصلات اشتهرت بأنها الوسيلة الأولى في العالم من حيث عوامل الأمان هو أمر لا يقبله العقل بسهولة، وبالتالي لا يمر دون أن يضع عليه الإنسان بصمته بالتحليل والتخمين والتفسير، حتى إذا عجز عن إيجاد السبب المنطقي أغلق الباب من ناحية العقل ليفتحه على الأساطير والافتراضات الخيالية.
اختفاء الطائرات : أشهر الحالات
ولعل من أشهر تلك الحوادث هو أحدثها على الإطلاق وأقصد ما يلي:
حادثة اختفاء الطائرة الماليزية 2014م
الزمان
الثامن من مارس 2014م.
المكان
بين كوالالمبور في ماليزيا، والعاصمة الصينية بكين.
إن حادث اختفاء طائرة ماليزية من نوع بوينج إي ـ أر200-777 في رحلتها رقم 370، وعلى متنها 239 راكباً، بما فيهم طاقم الطائرة، الذي وصف بأنه من أكثر حوادث الطيران غموضاً في التاريخ.
حيث أن السفن والطائرات والأقمار الصناعية لثلاثة عشرة دولة هي المشاركة في عملية البحث لم تستطع العثور على ما يفيد سقوط الطائرة أو أين فقدت؟ رغم مرور أسبوع على الحادث، غير أن السلطات الماليزية كانت أوسع أملاً في أن تجد ما تكشف به غموض اختفاء الطائرة فلم توقف البحث، إلى أن جاء يوم الخامس من أغسطس من عام 2015م، ليعلن فيه رئيس الوزراء الماليزي أن قطعة من جناح طائرة، كان قد عثر عليها في بداية أغسطس 2015م في جزيرة لارينيون الفرنسية يعود إلى الطائرة المفقودة، وذلك بعد عمليات التحليل التي أثبتت سقوط الطائرة الماليزية في المحيط الهندي وغرقها، وفي مثل تلك الحوادث لا يغلق الباب بمجرد العثور على ما يحدد مصير الطائرة المنكوبة، ولكن على العكس فإن ذلك من شأنه أن يفتح باب أوسع للتساؤل عن أسباب السقوط.
سقوط الطائرة Curtists C-46 التابعة لشركة (إير ليبان)
من أشهر حالات اختفاء الطائرات حيث كانت الطائرة متجهة للكويت وعلى متنها 27 راكب بما فيهم طاقم الطائرة، بالإضافة إلى شحنة من سبائك الذهب للبحرين وزنها 400 كيلو جرام تقدر الآن بأكثر من 17 مليون دولار، وذلك في الثالث من أكتوبر عام 1957.
بدأت الطائرة بالاشتعال وهي على ارتفاع 10 آلاف و500 قدم فوق صيدا، فكانت أول كارثة طيران في لبنان في هذا الوقت.
عمليات البحث التي استمرت عشرات السنين، لم تفلح في الوصول إلى حطام الطائرة، ولولا أن البحر كان رحيماً ولفظ عدد من جثث ركابها لأصبح الأمر أكثر تعقيداً.
كان من الممكن هنا قبول فكرة احتراق الطائرة وتحطمها في الجو بفعل أعطال فنية أو أخطاء بشرية، لولا الذهب الذي كان على متنها، والذي كسى الحادث برداء الجريمة الذي وصل إلى قول شركات التأمين على الطائرة أن الطائرة قد أقلعت خالية من الذهب، وأن الحادث متعمد للاستيلاء على قيمة التأمين.
اختفاء الطائرة المصرية (الرحلة 990 المنكوبة)
لم يكن يعرف أياً من ركاب الطائرة المصرية المنكوبة أن رحلتهم بلا عودة، حيث قضى 217 شخصاً هم جميع ركاب الطائرة، في حادث تحطم طائرة مصر للطيران بوينج بي 300-767، وذلك قبالة ساحل ولاية ماساتشوستس الأمريكية، في 31 أكتوبر 1999م.
ولم يتم العثور على ما يخمد فزع الرأي العام المصري بشأن ما حدث، حتى جثث الركاب قد تعذر العثور عليها نظراً وذلك على حد قول المحللين لسقوط الطائرة في منطقة غنية بالأسماك المفترسة التي التهمت الجثث فلم يبقى لها أثر.
ونشأ الشك لدى الرأي العام أن الحادث متعمد بناءا على دوافع سياسية، وذلك بعد إسراع الجانب الأمريكي في الادعاء بأن السبب وراء الحادث هو إقدام قائد الطائرة على الانتحار، وذلك على جملة نسبت له عند تحليل محتويات الصندوق الأسود الخاص بالطائرة، أما مصر فقد رفضت من جانبها هذا التقرير لما فيه من تعمد واضح للانحراف عن السبب الحقيقي لسقوط الطائرة لإخلاء مسئولية أجهزة الأمن الأمريكية، ويعتبر هذا الحادث من أكثر حالات اختفاء الطائرات شهرة في السنوات القليلة الماضية.
اختفاء طائرة ( إميليا إيهارت)
بدأ الأمر بمغامرة ورغبة في تحصيل رقم قياسي وانتهى بواحدة من أغرب حوادث الطيران في العالم، ورقم قياسي آخر في عدد التساؤلات التي تحاول كشف غموض تلك الحادثة.
حيث اختفت بطلة الطيران الأمريكية إميليا إيهارت برفقة المستكشف فريد نونان خلال محاولتها الدوران حول الأرض في طائرتها من نوع (لوكهيد إلكترا) في الثاني من يوليو 1937م.
وتعددت تفسيرات اختفاء الطائرة ومنها أن الطائرة قد سقطت وتحطمت على أثر نفاذ الوقود منها، بينما أسقط البعض الآخر على الحادث بعداً سياسياً يقول بأن إيهارت كانت جاسوسة للرئيس الأمريكي السابق فرانكلين روزفلت واعتقلها اليابانيون، ولكن على كل حال لم يتم العثور على دليل قوي يثبت تلك التخمينات أو أحدها.
اختفاء الرحلة 19 التابعة للبحرية الأمريكية (1945)
واللغز هذه المرة يتعلق باختفاء خمسة قاذفات حربية دفعة واحدة خلال مهمة تدريبية في مثلث برمودا، وهي منطقة اشتهرت بحالات اختفاء طائرات وسفن دونما تفسير، وما أكمل الغموض اختفاء طائرة سادسة في نفس الوقت كانت مهمتها البحث عن الطائرات الخمسة المفقودة.
العثور على حطام طائرة بعد 50 عام على اختفائها
وهي الطائرة (أفرو لانكستريان) التابعة للخطوط البريطانية الأمريكية الجنوبية، التي اختفت عام 1947م، وذلك خلال عاصفة ثلجية في رحلتها من الأرجنتين إلى جارتها تشيلي، ولم يتم التعرف على مصيرها حتى تم العثور على حطام الطائرة بعد 50 عام على اختفائها.
اختفاء الرحلة رقم 447 التابعة للخطوط الفرنسية
طائرة من نوع إيرباص الذي يعد من أفضل أنواع الطائرات أماناً في التاريخ حتى أنها من الممكن أن تحلق وحدها خلال استخدام الربان الآلي، تختفي فجأة عن شاشات الرادار وتسقط في أعماق المحيط دونما أي نداء استغاثة، حيث كانت الطائرة التابعة للخطوط الفرنسية في رحلتها من ريودي جانيرو ـ البرازيل إلى باريس وعلى متنها 228 مسافر لقوا جميعاً حتفهم في الحادث، وذلك في يونيو 2009م والسبب غير مفهوم إلى الآن.
إختفاء طائرة خطوط T. W. A رقم 800
دقائق قليلة كانت ما بين إقلاع الطائرة من مطار جون كينيدي وبين انفجار الطائرة مخلفة 230 قتيلا، وهم جميع ركابها، وذلك مساء يوم 17 يوليو 1996م، ورغم أن التحقيقات قد أثبتت أن المتسبب في انفجار الطائرة هو ماساً كهربائياً إلا أن البعض لم يتخلى عن نظرية المؤامرة عند الحديث عن الواقعة.
إختفاء طائرة مغني فرقة (بيغ باند)
في واحدة من أشهر حالات اختفاء الطائرات تلك التي حدثت في 14 ديسمبر 1944، حيث كان المطرب الشهير يحلق بطائرته فوق القناة الإنجليزية متجهاً إلى باريس قبل أن تختفي طائرته إلى الأبد، وهو الذي كان مسافراً من أجل القيام بحفل غنائي لصالح الحلفاء.
وعلى ذلك فإن الإنسان دائماً عدو ما يجهل فلا يستطيع العقل البشري بطبيعته قبول ما هو غامض، فالإنسان مدفوع بفطرته دفعاً ولولا ذلك ما كان العلم وما كانت مكانته، ومن هنا كان الاهتمام البالغ بمثل هذا النوع من الحوادث، فإن العمل البشري دائماً مهما بلغت دقته لا يخلو من نقص.
لذا يجب علينا عند التفكير في فك غموض هذه الحوادث ألا نغفل أبداً عامل الخطأ البشري الذي هو وارد بالتأكيد.
أضف تعليق