استطاع الطفل الأمريكي إيريك سميث تدوين اسمه بأحرف من دم في عالم الجريمة، وذلك بالرغم من أن اقتحام الأطفال عالم الجريمة أصبح أمرًا شبه مُستساغًا منذ بداية القرن المنصرم، إلا أن دخول إيريك هذا المُعترك مر بعدة تقلبات ومُنحنيات نفسية وعصبية منحته رُخصة القتل منذ بلوغه سن الثالثة عشر، أو بمعنى أدق، جعلته مؤهلًا للقيام بجرائم القتل تلك، وبالطبع ليس هذا تبريرًا لما فعله إيريك وإنما هو مجرد وضع لبعض النقاط على بعض الحروف، لكن، كي تصل الصورة كاملة، دعونا نتناول في السطور الآتية حياة إيريك سميث وطريقه نحو لقب الطفل غريب الأطوار.
تعرف على قصة الطفل المجرم غريب الأطوار إيريك سميث
من هو إيريك سميث؟
ولد إيريك سميث في الثاني والعشرين من يناير القابع في عام 1980، وتحديدًا في ولاية لوس أنجلوس الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالطبع جميعنا يعرف ما كانت عليه الولايات المتحدة في هذا الوقت، حيث كانت تقريبًا في أوج ازدهارها، إلا أن ذلك لم ينعكس على والدي إيريك، واللذان كانا غير قادرين على توفير سُبل المعيشة لابنهما الوحيد، ولولا أن التعليم وقتها كان مجانيًا لم استطاع إيريك دخول المدرسة والاستمرار فيها حتى سن الثانية عشر، لكن، وللغرابة الشديدة، كان دخول إيريك المدرسة سببًا مُباشرًا فيما وصل إليه فيما بعد.
طفولة إيريك سميث
في المدرسة، ومنذ بلوغ السابعة تحديدًا، بدأت بعض العُقد بالظهور في حياة إيريك، بدايةً من عقدة التعثر وعدم القدرة على النطق حتى سن الثامنة، مرورًا بعقدة المعاملة السيئة من والده، وانتهاءً بعقدة النظر إلى زملائه، والذين كانوا يملكون ما لم يستطع والديّ إيريك توفيره له، لكن العقدة الأكبر بالنسبة له كانت في تكوينه الجسماني، وخاصةً بدانته وأذنه الغريبة، والتي كان يُعتقد أنه أغرب أذن بشرية على الإطلاق، ولذلك كان من الطبيعي جدًا أن ينتهج إيريك نهجًا غير سوي مقارنةً مع أقرانه، وهو نهج العنف، وكما نعلم جميعًا، العنف بداية القتل.
العنف بداية القتل
في العاشرة بدأت حالة إيريك سميث النفسية تأخذ منعطفًا آخر، فهو الآن لم يعد حاقدًا على ما يملكه زملائه في المدرسة فقط، وإنما أيضًا كارهًا لهم، وليس مجرد كره عادي أيضًا، بل ذلك الذي يمتلئ بالرغبة في الأذى للغير، وهذا فعلًا ما بدأه إيريك في سنٍ مبكر، حيث كان يسرق الطعام والمتعلقات من زملائه فقط ليراهم يجهشون بالبكاء، ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى ترتيب بعض الفخوخ المؤذية، إلى أن انتهى بالتعرض المباشر لهم بالضرب، لتبدأ بعدها حكاية إيريك آخر لا يمتلك أيَّا من صفات الطفولة، إيريك المجنون، والقاتل!
الإصابة بالصرع
قبل أن نتعرض لجريمة إيريك سميث الأولى علينا ألا نغفل حالات الصرع الغريبة التي بدأت في مداهمته منذ سن الثانية عشر، وهو تقريبًا السن الذي أصبحت فيه حالته النفسية شبه مُدمرة، وعليه، فإن الطفل الذي نحن بصدد تناول جريمته الأولى الآن ليس طفلًا عاديًا، وإنما هو طفل مُعقدّ، عدواني، به تشوه وجهي طبيعي، والأهم من كل ذلك أنه يُعاني في سنه الصغير هذا من حالات الصرع بدرجات عالية، ولكي نُكمل لكم سلسلة الصدمات تلك إليكم هذا الأمر الهام، إيريك سميث أُصيب بصرع وراثي من أحد أفراد عائلته، والدته تحديدًا.
ليس وليدة اليوم
لم يكن الصرع الذي أُصيب به إيريك سميث وليدة اليوم الذي أكمل فيه الثانية عشر، وإنما كان هذا اليوم مجرد إعلان رسمي عنه، لكنه في الحقيقة بدأ قبل ذلك بكثير، ولن نبالغ إذ نقول أنه بدأ البداية الفعلية عندما كان إيريك مجرد نطفة في أحشاء والدته، والتي كانت مُصابة أيضًا بالصرع، لكن الأطباء تمكنوا من خلال التحاليل والفحوصات إثبات أن إيريك لم يُصب بالصرع الوراثي فحسب، بل كانت الأدوية التي تناولتها والدته أثناء فترة الحمل أيضًا سببًا في تشويه أشياء كثيرة فيه، أقلها تأثيرًا أُذنه، وبالطبع لم يكن أحد لينجو من كل ذلك دون أن يتحول إلى ما آل عليه إيريك سميث، مجرم.
الجريمة الأولى
الجريمة الأولى لبطلنا المجنون إيريك سميث كانت في سن الرابعة عشر، وهو بالكاد سن طفل يحاول تعلم القراءة والكتابة، إلا أن إيريك استطاع خلال هذه الفترة تسجيل أكثر من عشر قضايا اعتداء من ضمنها ثلاثة على الإناث، وقد كانت المحاولات في الحقيقة مجرد تمزيق ملابس وخدش الوجه بأي آلة حادة، لكن فجأة، وفي إحدى المرات، وجد إيريك نفسه يحاول قتل ضحيته، يُريد أن يُزهق روحها فعلًا.
كانت مرة مثل كل المرات، اقتاد أحد جيرانه إلى مكان مجهول وأخذ يُجرّح فيه ويُمزق في ملابسه، وبالطبع كان الطفل لا يملك شيئًا سوى البكاء، وذلك ببساطة لأنه لم يكن قد تجاوز السادسة، أما إيريك، والذي كان في الرابعة عشر كما ذكرنا، فقد خطرت بباله فجأة فكرة شيطانية.
قتل من أجل الدم
أراد إيريك سميث أن يرى الدماء وهي تتدفق من شخص أمام عينيه، فقد كان مجرد التخيل يستهويه، لذلك لم يتردد لحظة في حمل حجر ضخم بالقرب منه وضرب الطفل الممدد على الأرض به، وما هي إلا ثلاث ضربات حتى كان الطفل ذو الست سنوات في تعداد الموتى، أما إيريك، فقد جلس يُراقب تدفق الدم من جثته كما كان يريد، وعلى ما يبدو أن درجة المتعة وقتها كانت عالية وقتها، لأن إيريك تمدد أمامها وأخذ يضحك بصورة هيستيرية، وبالطبع أنتم تعرفون الأطفال عندما تتعلق بشيء وتُعجب به.
عادة القتل
أصبح الطفل إيريك سميث مهوسًا برؤية تدفق الدماء، فاقتاد في أسبوعٍ واحد أكثر من خمسة أطفال وكرر بهم ما فعله بالطفل ذو الست سنوات، لكن، ولأنه في النهاية مجرد طفل، لم يستطع إخفاء الأدلة وتنظيف مسرح جريمته في كل مرة، ليُقبض عليه في المرة السادسة، وقد كان من الطبيعي جدًا أن يذهب لكونه مُجرم إلى السجن، إلا أن كونه طفل اقتاده أولًا إلى مكان أخرى.
الكشف عن العقل
أول ما حاول الجميع معرفته بالنسبة لطفل قتل خمسة أشخاص هو العقل وسلامته، وبالفعل تم الكشف عن عقل إيريك سميث بإحدى المصحات النفسية والعقلية ليُكتشف أنه يُعاني من خللٍ انفعالي مُتقطع، وهذه الحالة لمن لا يعرفها تجعل أي شخص مصاب بها غير قادر على السيطرة على نفسه، أو غضبه بمعنى أدق، مما يعني أن إيريك يمتلك دليلًا قويًا على أنه لم يفعل ما فعل وهو في كامل قواه العقلية، لذلك، وببساطة، جاء الحكم صادمًا.
الحكم المجنون
شخص مثل إيريك سميث قتل أربعة أشخاص تخيلوا بماذا حُكم عليه؟ لا ليس الإعدام أو السجن المؤبد، وإنما هي فقط مجرد ست سنوات قضاها في المصحة العقلية كأي مريض وليس سجين، بل إن الغريب فعلًا أنه قد خرج من المصحة في سن العشرين وحصل من المحكمة على اسم مستعار ثم أكمل حياته بصورة طبيعة وكأن شيئًا لم يكن، وبالتأكيد لا أحد يعرف ما آل إليه إيريك الآن، لكن الشيء المؤكد الوحيد أنه كان وسيظل طفلًا غريب الأطوار.
أضف تعليق