تسعة مجهول
أطفال ميريديث
الرئيسية » ظواهر » أطفال ميريديث : أربعة أطفال حيروا الطب بمرضهم الغريب

أطفال ميريديث : أربعة أطفال حيروا الطب بمرضهم الغريب

يوجد أمراض عديدة ما زالت تحير العلم ولكنها ليست مثل أطفال ميريديث فهم ما زالوا قضية محيرة بسبب الأعراض التي جعلتهم يتصرفون كالحيوانات ويمتلكون قوة خارقة.

مرض أطفال ميريديث هو مرض غريب شكل تحدي للطب سواء بالقرن السابع عشر أو إلى هذا اليوم. وتم تسميتهم بهذا الاسم، نسبة للأطفال الذين عانوا منه. وهم أربعة أطفال من عائلة واحدة تسمى “ميريديث” عاشوا بإنجلترا في القرن السابع عشر الميلادي. حيث ساد الفقر والجهل وقلة الرعاية الطبية. ولكن مرضهم لم يكن ناتج من أي شيء معروف، ولم يكن له علاج بالتأكيد. وأغرب ما يميز المرض أنه يجعل المريض يتصرف مثل الحيوانات أو الحشرات، وأحيانًا يمتلك قوة خارقة.

عائلة ميريديث

هي عائلة طبيعية جدًا مكونة من أب وأم وأربعة أطفال. ولد واحد وثلاثة بنات، جميعهم بين الثمانية أعوام والأربعة عشر عام من العمر. والولد هو الأصغر بينهم ولديه ثمانية أعوام. تعيش العائلة في منزل صغير في مدينة بريستول بإنجلترا في القرن السابع عشر الميلادي. أطفال ميريديث كانوا يتمتعون بصحة جيدة جدًا، ومعروفين بلعبهم وضحكتهم التي تملأ المنزل والأزقة القريبة من منزلهم. إلا أن جاء شهر يناير من عام 1675.

بداية مرض أطفال ميريديث

في يناير 1675، بدأت تظهر أعراض غريبة على أطفال ميريديث. في البداية كان الأمر مجرد صداع وألم في الرأس، وتحديدًا في جانب الرأس. وتطور الألم ليصل إلى الأطراف مثل اليدين والأرجل. ثم واصل الألم زحفه نحو العيون والفم، وزاد في قوته وصعوبته. بعد ذلك تطور الأمر إلى حدوث بعض التشنجات التي تشبه تمامًا تشنجات مرض الصرع. وكانت نوبة التشنجات تهجم على الأطفال الواحد تلو الأخر، وتأتي فترة بين النوبة العنيفة والأخرى مدة أسبوع أو أقل. وهذا بحسب ما وصفوه الأطباء الذين أتت بهم الأسرة بعد أن بدأت تقلق بشدة على حال الأبناء.

الأعراض الغريبة الأخرى

الألم والتشنجات، لم يكونوا أبدًا الأعراض المميزة في مرض أطفال ميريديث. بل هناك أعراض أشد غرابة وهي من حيرت الأطباء آنذاك وإلى اليوم. فأثناء النوبات العنيفة التي تعرض لها الأطفال، كانوا يضحكون بهستيرية شديدة. أو كانوا يبكون أيضًا بقوة وصراخ عالي جدًا. وهذا الضحك أو البكاء كان يستمر بدون توقف لمدة ساعة كاملة. وأحيانًا أخرى كان الضحك والبكاء يمتزجون ويتناوبون على الطفل الواحد في ذات النوبة.

كما جعل المرض أطفال ميريديث يتصرفون مثل الحيوانات أو الحشرات. فالبعض منهم كان يزحف على الأرض مثل الثعابين، وإن منعته سيصرخ بشدة. طفل أخر كان يتسلق الفراش أو الأريكة ويجلس مثلما تفعل القطط. أو يتسلق على سور النافذة ويجلس بدون خوف من السقوط تمامًا مثل القطط. وقد شهدت سيدة تعيش بالقرب من منزل العائلة بأنه شاهدت إحدى الفتيات تتسلق الأنابيب المثبتة على جدار المنزل من الخارج كما لو أنها عنكبوت أو ذبابة لتصل إلى سقف المنزل وتجلس هناك، ولا تخشى السقوط أبدًا.

في بعض الأحيان، يتكون بعض اللعاب الأبيض أو الرغوة البيضاء على فم أطفال ميريديث أثناء النوبة. بعدها يسقطون على الأرض كالموتى. بعد فترة قصيرة من الراحة في هذا الوضع، يستيقظون ثم يتحركون في أرجاء المنزل ويقومون بتلك الأفعال المريبة مرة أخرى.

متى تقل الأعراض الغريبة؟

تقل تلك الأعراض المريبة في المساء فقط قبل النوم مباشرة. فمعظم أوقات المساء يصبحون مجرد أطفال عاديين ويغطون في نوم عميق بدون أي انزعاج. ولكن مع شروق الشمس يستيقظون وتبدأ نوبة جديدة في التحكم بتصرفاتهم المريبة. الأوقات بين النوبة والأخرى هي فترات قصيرة جدًا خلال النهار.

القدرات الخارقة

تزامنت أعراض مرض أطفال ميريديث بظهور قدرات عجيبة ويمكن أن نقول عنها خارقة في بعض الأحيان. أو على الأقل هذا ما كان يعتقد الأطفال مع والديهم. فبدأت إحدى الفتيات بالتحدث بلغة غريبة غير مفهومة، وكأنه تلقي بنوع من الشعوذة أو السحر. ولكن طريقة الكلام كانت تدل على إنها تلقي نوع من الخطابات. ما فهمته العائلة فيما بعد من الفتاة أنها كانت تتنبأ بموعد موتها بعد عدة أيام. كما كانت تتنبأ ببعض الأحداث التي ستحصل لوالدها، ولإنجلترا كلها. لحسن الحظ، لم تتحقق أي نبوة من كلامها.

طفل أخر منهم، كان يتقيأ في بعض الأحيان من فمه بعض المسامير الصغيرة. ورغم حدة تلك المسامير إلا إنه على ما يبدو لا تؤذي معدته أو حلقه.

تصرف العائلة لمواجهة المرض

أصبح هذا المرض وتلك الأعراض حديث أهل المدينة، ووصلت أخبارهم إلى أنحاء إنجلترا كلها. وكان يتجمع بالمنزل كل يوم العديد من الأساقفة والأطباء. فكانوا الأساقفة يصلون يوميًا مع العائلة أو يمارسون بعض الطقوس التي قد تطرد الأرواح الشريرة إن كانت موجودة. وبالطبع بدون فائدة. أما الأطباء فيحاولون تشخيص الحالة أو تقديم نصائح غريبة وغير مفيدة لأعضاء العائلة حتى يواجهون المرض. أو يقدمون بعض الأعشاب أو الأدوية التي لا تساعد أبدًا بل قد تزيد النوبة سوءًا، وكل ذلك أيضًا بدون فائدة تذكر. رغم كونهم من أمهر أطباء المدينة، ومنهم أطباء نفسيين.

رغم الانتشار الواسع للتصديق بوجود الساحرات وقواهم الخارقة، إلا أن أحدًا لم يذكر تلك الفكرة كتفسير محتمل لذلك المرض الغريب. واستمر بعض الأطباء بتصديق أن المرض له تشخيص معين أو هو مجرد حالة نفسية يتعرض لها الأطفال. كما يؤكد الأطباء أن جميع الأعراض صحيحة، وليس هناك تلاعب أو تمثيل من الأطفال في تصرفاتهم، فهم مغيبين عقليًا طوال فترة النوبة.

كيف انتهى المرض؟

في شهر مايو من نفس العام، توقفت تلك النوبات والتشنجات بكل بساطة، وبنفس الطريقة التي ظهرت بها. فلم يكن هناك تفسير لكيفية حدوث النوبات أو لكيفية انتهاءها. فقد عاد أطفال ميريديث لحيواتهم السابقة وطبيعتهم، بدون انزعاج من أي آلام. وعاشوا فترة طويلة وكبروا بطريقة طبيعة تمامًا. وأصبح المرض وأعراضه مجرد ذكرى بعيدة لا يتذكرون منها سوى القليل. والأربعة عاشوا لأعوام طويلة ووصلوا إلى مرحلة الشيخوخة. وكونوا عائلات سليمة ولم يظهر على أطفالهم ذلك المرض العجيب.

تفسير حالة أطفال ميريديث

في الحقيقة، لن يستطيع أحد تفسير هذه الحالة الغريبة، خاصة لأن الطب في ذلك العصر لم يكن أبدًا الطب الذي تستطيع الاعتماد عليه لتشخيص مرض جديد. كما أن الحال في إنجلترا في القرن السابع عشر كان فقيرًا وجاهلًا جدًا. ولذلك هناك تفسير محتمل أن الأمر مجرد أكذوبة كبيرة، انخدع فيها من سموا أنفسهم أطباء في ذلك الوقت. وقد تكون العائلة استطاعت التلاعب بعقول الجميع للحصول على الشهرة وبعض المال والاهتمام لعدة شهور.

الافتراض الثاني هو الأقرب للواقع، بسبب الأعراض الغريبة التي ظهرت على الأطفال، مثل المسامير والزحف وتسلق الجدار وما إلى ذلك. فكيف يتمكن الأهل من مشاهدة أبناءهم يتسلقون الجدار ولا يسرعون لإنزالهم! أو كيف يترك الأهل طفلهم يلعب بمسامير حادة ويبلعها ثم يتقيأ. إن الحالة أغرب مما قد يصدقه العقل ببساطة. وشهرة القصة حدثت بسبب مساعدتها لبعض الآباء في إرعاب أبناءهم حتى يحسنوا التصرف، وإلا سوف يعانون مثل هؤلاء الأطفال.

خاتمة

سواء صدقت أم لم تصدق في حالة أطفال ميريديث، ستظل حالة غريبة لم يفسرها الطب إلى اليوم. وهذا ما اشتهر به القرن السابع عشر بقصصه المريبة عامة.

الكاتب: أيمن سليمان

ابراهيم جعفر

مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

أضف تعليق

4 × 2 =