تسعة مجهول
آل كابوني
الرئيسية » جريمة » آل كابوني : أشهر أعضاء المافيا الأمريكية في تاريخها

آل كابوني : أشهر أعضاء المافيا الأمريكية في تاريخها

آل كابوني يعتبر واحدًا من أشهر أعضاء المافيا الأمريكية على مر تاريخها، نستعرض في هذه السطور بعضًا من تاريخ هذا الرجل وعلاقته بالمافيا وعملياتها المختلفة.

آل كابوني يعتبر واحدًا من أشهر أعضاء المافيا الأمريكية على مر تاريخها، نستعرض في هذه السطور بعضًا من تاريخ هذا الرجل وعلاقته بالمافيا وعملياتها المختلفة. كل ما هو غامضٌ يصبح مثيرًا وجذابًا ومركز جذبٍ لشغف وفضول الملايين، وفي ذلك العالم حيث تحكم قوانين المافيا فإن الغموض سيد الموقف، صحيحٌ أن بعض الجوانب والجماعات والأشخاص يصبحون أبعد ما يكون عن الغموض ويكون اسمهم أشبه بنارٍ على علم، لكنهم ما يزالون بداخل نطاق الغموض والجاذبية وإثارة فضول الآخرين، وأكثر قوانين المافيا إثارةً كانت القانون الأكبر الذي يحكم عالمهم، أن عصابات المافيا تصفي حساباتها فيما بينها تقتل وتنهب وتغير بل وترتكب المذابح والجرائم لكن بلا شكوى ولا لجوءٍ للشرطة أو أي جهةٍ أمنية، شيءٌ أشبه بشرف رجال العصابات بينهم إن خرقته أصبحت مباح الدماء مستهدفًا من كل الجهات، وكان ذلك القانون واحدًا من القوانين التي تسببت في الكثير من القضايا غير المحلولة والألغاز الغامضة التي ماتت مع موت أصحابها حتى اليوم، ألفونسو كابوني أو الشهير باسم آل كابوني كان واحدًا من هؤلاء، في الواقع هو واحدٌ من أشهر مجرمي عالم المافيا بالرغم من مرور عدة عقودٍ على موته إلا أن البعض حتى يومنا هذا حتى إن كان لا يدري شيئًا عن المافيا فهو بالتأكيد قد سمع عن آل كابوني.

تعرف على آل كابوني وحياته

نشأته

كان آل إيطالي الأصل لأبٍ كان يعمل حلاقًا وأمٍ كانت تساعد في دخل البيت الضئيل بالعمل في الخياطة، كأسرةٍ عاديةٍ وكغيرها من الأسر التي تبحث عن فرصٍ في الحياة هاجر أبواه من إيطاليا إلى أمريكا بحثًا على فرصةٍ أفضل للعمل والمعيشة وكان ذلك قبل ولادته، مع إيجاد العمل وتفتح سبل الحياة جاء ألفونسو رابع إخوته وتبعه أربعةٌ آخرون ليصبح مجموع إخوته سبعة، لم يكن الحلاق المتواضع الباحث عن العيش الشريف والد ألفونسو سكيرًا أو عربيدًا قاسيًا يقضي طوال اليوم خارج البيت ليعود مساءً ثملًا فيعيث ضربًا في زوجته وأولاده كمثل قصص الطفولة التي تتسبب في خروج السفاحين والمجرمين لعالمنا، وإنما كان والد ألفونسو مهذبًا لبقًا حنونًا وأبًا متفهمًا ومستمعًا يجيد أبوة التعقل والحوار ويفضلها على أبوة الضرب والترهيب، لكن لكل قاعدةٍ شواذ فبرغم كونه شخصًا صالحًا ما ظهر على أغلب أبنائه فيما بعد إلا أن ألفونسو حاد عن الطريق وقرر إيجاد قدوةٍ أخرى له ودخول عالمٍ لم يفكر أبوه أو أحد إخوته في الدخول إليه قط.

بداية حيوده عن الطريق

كان آل مشاغبًا مثيرًا للمتاعب منذ صغره ولم يكن مهتمًا بالعلم ولا بإتمام دراسته لذلك كانت النتيجة أن تم طرده من المدرسة وهو بعد في الرابعة عشر من عمره، كان آل قد شغف حبًا بعالم العصابات والمافيا والجريمة وكان يبحث بدأبٍ عن بابٍ يدخل منه إلى هذا العالم، لكنه لم يكن مجرد صبيٍّ مثيرٍ للمتاعب فحسب وإنما كان ذكيًا طموحًا فلم يكتفِ بالتطلع إلى عصابات الشوارع التي لا يعرف أحدٌ عنها شيئًا وإنما وجد لنفسه قدوةً مختلفة، كان ذلك هو جوني توريو، جوني كان واحدًا من أكبر وأشهر رجال العصابات في ذلك الوقت بشيكاغو حيث أن ملكه وسلطانه لم يكن مجرد عصابةٍ من قطاع الطرق وحسب وإنما أوشكت أن تكون امبراطوريةً كاملةً تحت إمرته من رجالٍ وسلاحٍ ومال، كان ذلك هو الحلم والمثال الذي تطلع إليه آل وحلم بأن يصل إليه، في البداية بعد فصله من المدرسة بدأ في العمل بكل المهن البسيطة والصغيرة التي وجدها والتي يمكن أن يحصل عليها صبيٌ في مثل عمره، لكن تطلعه وشغفه بجوني جعله ينتقل بحياته المهنية ويبدأ بالانضمام للامبراطورية ليتسلقها، بدأ بالبداية بالانضمام لعصاباتٍ مغمورةٍ وليست ذات شأن وبدأ بالتنقل بين عصابةٍ وأخرى وبدأ يعمل في أملاك العصابات الإجرامية كبيوت الدعارة والنوادي الليلية كقوادٍ أحيانًا وكحارسٍ أحيانًا أخرى نظرًا لقوته وعنفوانه، وكان يدخل المشاجرات العنيفة فيخرج منها هو وخصمه بندوبٍ مختلفة بعضها لم يكن ليرحل أبدًا كتلك التي اشتهر بها آل في جانب وجهه الأيسر.

آل كابوني وجوني توريو

كان جوني ملقبًا بالثعلب لذكائه ورجاحة عقله وكان كبار رجال المافيا يستعينون به في بعض الأحيان عندما يقعون في ورطة وهو ما حدث عندما استعان به جيمس كولوزمو للتغلب على ابتزاز عصابة اليد السوداء، كان كولوزمو وزوجته القوادة يديران واحدةً من أضخم شبكات الدعارة والقمار بشيكاغو وكان استعانته بجوني وقدرة جوني على التغلب على عصابة اليد السوداء وتخليصه من التهديد باب تعاونٍ بين الاثنين وعلاقة عملٍ وطيدة، فأصبح كلٌ من جوني وكولوزمو يديران تلك الامبراطورية الضخمة ويجنيا أرباحًا طائلةً من ورائها، لكن الوفاء لم يكن يومًا من صفات رجال المافيا والشراكة ليست إلا صورةً ظاهريةً لموقف ربحٍ للطرفين لكن ما إن يقف أحدهما في طريق الآخر وسبيل نجاحه تنقلب الصداقة لعداوة، وهو ما حدث في ذلك الوقت الذي كانت الخمور والتجارة فيها محرمةً في أمريكا لكن الشبكة الضخمة التي ترأسها جوني وكولوزمو أثارت شهية وطمع جوني للدخول في مجال الخمور وتهريبها ما سيفتح لهم بابًا جديدًا من الأرباح لكن كولوزمو كان متخوفًا، رفض تلك الفكرة لإنه كان حتى ذلك الوقت ناجحًا في إدارة مملكته بعيدًا عن الشرطة وعن العصابات الأخرى لكن الخمور كانت ستفتح بابًا للصراع بينه وبين الشرطة من جانبٍ والتي ستبدأ بالانتباه لأعماله الأخرى، وبينه وبين العصابات المنافسة في مجال تهريب الخمور فرأى أن ذلك أحد أبواب الجحيم التي لا يريد فتحها على نفسه، عند تلك النقطة تصاعد الخلاف بينهما وقرر جوني التخلص من كولوزمو ووراثة عرش الامبراطورية كله وحده فاستعان عندها بآل كابوني لاغتيال كولوزمو وتم له ما أراد، عندها صار آل أحد المفضلين والمقربين من جوني بشكلٍ كبير.

وصول آل لقمة الامبراطورية

كان بداية تعرفه على جوني وتنفيذه لما أراده مع ذكاء آل وسرعة بديهة وشيطانية أفكاره ناتجًا أدى إلى ترقيه المناصب بسرعةٍ وبروز اسمه وشخصه في الامبراطورية الجديدة حتى صار كل من بداخلها وخارجها على علمٍ وإحاطةٍ به، بدأت الامبراطورية تشق طريقها للنور والسلطة حتى تحقق لها واحدٌ من أكبر انتصاراتها وهو الحصول على حكم مدينة سيسرو لتصبح الحكومة كلها من العصابة وتخضع المدينة تمامًا لسيطرتهم، كان من الوقائع الطريفة التي أقدم عليها أحد المتهورين والذي كان من رجال توريو وكابوني حين ساعداه للوصول إلى العمودية وأصبح عمدة المدينة فقرر أنه سينفيهما ويطردهما خارج المدينة ليسيطر هو وحده عليها فما كانت النتيجة إلا أن هذباه وجعلاه يدرك من هو الرئيس الحقيقي هنا، بالطبع كانت سيطرة تلك العصابة على سيسرو سبب ثورة العصابات الكبيرة في سيسرو باعتبارها مدينتهم وهم أحق بها لكن النتيجة كانت مئات الضحايا بسبب الصراع وفوز توريو وكابوني وفرض سيطرةٍ تامٍ من جانبهم، كغير رجال المافيا فحياتهم تمتلئ بمحاولات الاغتيال العديدة لكن أحدها نتج عنه إصاباتٌ كثيرةٌ أحاطت بتوريو وأرغمته على اعتزال عالم المافيا فعاد لإيطاليا وترك الامبراطورية كلها تحت مرة آل كابوني.

من نجاحٍ لنجاح

بدأ آل كابوني سلطته الجديدة وحياته بسلسلةٍ من الإنجازات المختلفة بعضها كان داخل الكيان والآخر كان خارجه فامتد ليمس الفقراء والمحتاجين، كان أول إنجازاته هو وصول الدخل السنوي لامبراطوريته لما يقارب المائة مليون وهو دخلٌ ضخمٌ وصل إليه في وقتٍ قصير وكل ذلك كان عن طريق ازدهار أعماله وتجاراته غير المشروعة تلك، لم يكن إنجازًا ماليًا فحسب وإنما تخطاه لينشر أذرع الأخطبوط ويسيطر على عالم المافيا والعصابات في كل أنحاء شيكاغو في ذلك الوقت، وامتدت يده وسلطته للنواحي السياسية فكان يرشي ويشتري الرجال ومناصبهم بدقةٍ بالغة وتخطيطٍ ذكي كفل لامبراطوريته العمل والتوسع بدون أي مسائلةٍ قانونية وبدون أي إشرافٍ أو ملاحقةٍ من جهةٍ أمنية، من جانبٍ آخر فكان يشتري صوت وعطف وقلوب الفقراء والمحتاجين بماله فكان شهيرًا بكثرة أعماله الخيرية والمال الذي ينفقه بكثرةٍ على المحتاجين خاصةً بعض الأبرياء الذين وقعوا ضحية بعض عمليات القتل والاغتيال وتبادل إطلاق النار بين عصابته وعصاباتٍ أخرى، حتى لقد وصفه البعض في ذلك الوقت بأنه أشبه بروبن هود، لكن ذلك لم يدم له طويلًا.

خفوت نجمه وظهور حقيقته

رغم ذكائه وبراعته إلا أن شعاره الأول للحصول على السيطرة كان القوة والعنف والذي ظهر له في البداية أنه السبيل الأسهل لفرض سيطرته والتوسع بعصابته خاصةً أن عصابته كانت كبيرة وكان مئاتٌ من الرجال تحت إمرته وقيد إشارته بخزنة أسلحةٍ ضخمة، فاتبع نهج العنف والقتل الذي أشعل نيران الغضب والثورة في قلوب الحاقدين عليه ومنافسيه، والذي بدوره جعله يفقد شعبيته ويخفت نجمه بين عامة الناس والفقراء الذين عطف عليهم حينما بدأت أعمال العنف التي قام بها تنتج عن ضحايا أبرياء كثر ليس لهم ذنبٍ في شيءٍ أبدًا سوى وجودهم في منطقة ممارسة العنف بالخطأ، تعرض آل للكثير من محاولات الاغتيال وكثيرًا ما مات رجاله وتحطمت السيارات التي كان يستقلها في تلك العمليات، عندها بدأ اتخاذ جانب الحيطة والحذر واستخدام سيارته المدرعة الشهيرة ووضع الحراسة على أماكن تواجده أربعًا وعشرين ساعة كما كان له الكثير من المخابئ في أماكن كثيرة، كان موران أحد أشهر رجال العصابات المنافسة والمعادية لعصابة كابوني والذي حاول اغتياله مرارًا بغير نجاحٍ تلقى ردًا في أحد الأيام من كابوني تسمى مذبحة القديس فالنتاين حين أعدم رجاله المتخفون في زي رجال الشرطة رجال موران في مشهدٍ فقد معه كابوني كل الحب والتعاطف الذي حصل عليه يومًا.

نهايته

بالرغم من كون آل حريصًا واشترى ذمم الرجال بأمواله إلا أن بعض الرجال أكثر شرفًا من أن يُشتروا بالمال، وكان ذلك الرجل هو إليوت نيس الذي بحث خلف آل حتى أثبت عليه تهمة عدم دفع الضرائب المفروضة على الدخل وتبعات العديد من تهم الانتهاكات فسقطت سلطته أمامها، وسقطت معه محاولات الرشوة وشراء ذمم رجالٍ آخرين لإسقاط التهم فحكم عليه بالسجن، لكن المال ما زال قائمًا فحول به آل سجنه إلى امتدادٍ لامبراطوريته وصار يديرها من داخل السجن براحةٍ تامة، عندها تقرر نقله إلى سجن الكاتزار حيث لم يستطع شراء ذمة أحدٍ ولم يحصل على أي معاملةٍ خاصة وأصبح معزولًا تمامًا عن عالمه الخارجي، بعد عدة سنواتٍ خرج آل من السجن إلا أنه كان أكثر تعبًا ومرضًا من أن يعود لإدارة امبراطوريته فآثر السلام والعيش بهدوء، كان المرض يتمكن منه يومًا بعد يوم حتى مات في أحد الأيام بسكتةٍ قلبية وانتهت أسطورته.

قصة آل كابوني من القصص التي تُظهر جليًا أنه لا دوام لسلطانٍ ولا بقاء لأحد، فحتى أشهر الطغاة وأكبر الرجال وأشرسهم سيأتي عليه يومٌ يموت فيه وحيدًا ضعيفًا بسكتةٍ قلبيةٍ مخلفًا وراءه قصةً وذكرى وحسب، برغم ذلك ما زالت قصة آل شهيرةً ومتداولةً حتى اليوم في محاولةٍ لكشف الغشاء عن بعضٍ من غموض تلك الشخصية التي اتخذت جانب الخير والمثالية وجانب العنف والشر معًا في ثوبٍ واحد فأصبح فهمه وفهم حقيقته يحتاج لمعجزة.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

14 − تسعة =