تسعة مجهول
جيمس دين
الرئيسية » جريمة » جيمس دين : قصة أغرب جريمة قتل في تاريخ هوليود

جيمس دين : قصة أغرب جريمة قتل في تاريخ هوليود

جيمس دين ممثل أمريكي شهير لقي حتفه في عام 1955، وقد أثارت حادثة موته لغطًا كبيرًا للدرجة التي جعلتها خالدة حتى الآن مصحوبة بالكثير من الغموض.

يُعد جيمس دين أحد أبرز الممثلين الذين مروا بهوليود في يومٍ من الأيام، وربما سيدهشكم أن تعرفوا ذلك عندما تعلموا الحقيقة التالية، وهي أن رصيده في هوليود لا يزيد عن الثلاثة سنوات والثلاثة أفلام، وهذا بالطبع ليس مُعدلًا جيدًا يسمح لأي شخص بأن يترك تاريخًا مثلما فعل جيمس، لكن جودة تلك الأفلام الثلاثة هي ما وضعته على رأس قائمة الممثلين المتميزين، أم عن الشهرة الطاغية واللغط الذي لا يزال مُثارًا لحادثة وفاته فهذا أمر آخر مُختلف تمامًا، فقد لقي الرجل حتفه قبل أن يتم الخامسة والعشرين من عمره، وهو عمر يُفكر في الشباب أن الحياة قد بدأت للتو، لكن بالنسبة لجيمس كان هذا العمر بالنسبة له هو نهايته، الأدهى أن حادثة موته قد فتحت الباب أمام وجود جريمة قتل مُحتملة لأسباب مجهولة، عمومًا، في السطور القليلة المقبلة سوف نتعرف سويًا على كل شيء يتعلق بجيمس بدايةً من حياته وانتهاءً بطريقة وفاته التي فتحت الباب أمام الكثير من التكهنات.

من هو جيمس دين؟

بالتأكيد أول ما سترغب في سماعه، عندما نتحدث عن جريمة قتل لشخص مشهور، هو أن تعرف كل شيء عن ذلك الشخص، فهو جيمس بايرون دين، مولود في الثامن من فبراير القابع في عام 1931 بالولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الفترة في العالم معروفة بكونها الفترة الأكثر اشتعالًا في التاريخ لأنها وببساطة قد سبقت الحرب العالمية الثانية وتبعت الحرب العالمية الأولى، لكن جيمس كان بعيدًا تمامًا عن كل ذلك، ولن نبالغ إذا قلنا إنه كان يحظى بحياة مثالية بعض الشيء، هذا على الرغم من أن والده كان مُزارعًا إلا أنه كان مُزارع ثري، صاحب مجموعة مزارع تحديدًا، لذلك كان يضمن لطفله حياة كريمة وتعليم جيد، ذلك التعليم الذي بدأ في السادسة عندما انتقل جيمس مع أسرته إلى ولاية كاليفورنيا، وهناك دارت كل الأحداث التي سنتحدث عنها فيما بعد، والتي على رأسها بالطبع طفولة جيمس.

طفولة جيمس دين

عندما بلغ جيمس دين سن السادسة ترك قريته وسافر مع عائلته إلى ولاية كاليفورنيا، حيث هناك ترك الوالد عمله بالزراعة وأصبح مهتمًا بمجال صناعة الأسنان، وهو مجال كان رائجًا في هذه الوقت، وفي خِضم تلك الحياة السعيدة كان من المنطقي جدًا أن تحدث واحدة من الالتواءات التي عودتنا عليها الحياة، وفعلًا كانت الكارثة بوفاة والدته وهو في سن التاسعة، وسبب اعتبار هذا الأمر كارثة أن جيمس كان يُحب والدته أكثر من أي شيء آخر، أما والده، والذي نال حظه من صفعات القدر، فقد اكتشف إصابته بالسرطان، وهنا قرر ألا يجلس ابنه بجواره وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة فأرسله للعيش مع شقيقته الكبرى لرعايته حتى يُصبح قادرًا فيما بعد على رعاية نفسه.

مرت الأيام، وعلى الرغم من مرور جيمس بكل هذه الصدمات إلا أنه قد تفوق في دراسته إلى الحد الذي جعله يحصل على درجات مُرتفعة ويلتحق بكلية الأسنان، حيث هناك كان من المفترض أن يُحقق حلمه الذي يراوده منذ الطفولة، لكن فجأة وبلا أي مُقدمات انقلب هوس جيمس من الطب إلى التمثيل، وفي ليلةٍ ما قرر أنه سيُصبح أحد كبار هوليود، وهذا ما حدث بالفعل في غضون ثلاث سنوات فقط.

جيمس دين والتمثيل

قصة التحاق جيمس دين بالتمثيل قصة مُدهشة بحق، فذلك الرجل عندما قرر في سن الثانية والعشرين أن يُصبح ممثلًا لم تكن له أي تجارب أو خبرات سابقة، بل كان مجرد هاوٍ لم يقف أمام كاميرا حقيقية من قبل، ومن هنا كان التحدي عندما شاهد إعلان في جامعته عن إجراء تجارب أداء لاختيار ممثل بدور رئيسي في فيلم شرق عدن الذي كان يُعد له في هذه الأثناء، وخمنوا ماذا؟ لقد توجه جيمس باتجاه إدارة كلية الطب وسحب ملفه من الجامعة مُنهيًا دراسته، هذا قبل أن يخوض حتى تجربة التمثيل أو يعرف إن كانت الفرصة ستتاح له أم لا.

في مكان تجارب الأداء صُدم جيمس دين عندما وجد أكثر من خمسمائة شخص يتحينون نفس الفرصة التي ينتظرها، كان ثمة شخص واحد فقط من المفترض اختياره من بين كل هؤلاء المُرشحين، وفعلًا وقع الاختيار على جيمس الذي أدرك في هذا اليوم أنه قد وضع قدمًا في طريقه للنجومية، المسكين لم يكن يعرف أن قدمه هذه توضع في طريقه إلى الموت!

الموت يُداهم من بعيد

اقتراب الموت من جيمس دين لم يكن بالصورة المباشرة، فقد كانت هناك بعض الأشياء التي يُمكن اعتبارها مقدمات لذلك الأمر، فمثلًا، كان الرجل يعشق المغامرة بصورة مبالغ فيها لدرجة أنه كان يؤدي مشاهد الحركة في أفلامه بنفسه، لكن هذا الأمر لم يكن يُمثل تذكرته للموت، وإنما كانت سباقات السيارات التي يخوضها هي السبب الرئيسي بعد إرادة الله في كل ما سيحدث فيما بعد، وهنا تجدر الإشارة إلى عشق دين الكبير للسيارات واشتراكه في الكثير من السابقات قبل وبعد الدخول في عالم التمثيل، بمعنى أدق، لقد كان يُراهن على السرعة في كل شيء في حياته، بما في ذلك الوصول إلى النجومية والوصول إلى طريقه الذي يريده، حتى ولو كلفه ذلك حياته!

في أحد الأيام الواقعة في عام 1955، وبعد أن انتهى دين من فيلمه الأخير قام هو وأصدقائه بأخذ السيارة والتوجه إلى أحد المنتجعات من أجل قضاء فترة الاحتفال، هذا هو التقليد الذي كان معتادًا عليه في كل مرة ينتهي من فيلم جديد، لكن هذه المرة كان الاحتفال غير مكتوبًا له الحدوث، لأن السيارة التي تحمل بطلنا قد اصطدمت بسيارة أخرى مُسرعة كاتبةً في هذه اللحظة نهاية حياة جيمس دين، وهنا يُمكنكم القول أن كل شيء يسير بصورة طبيعية وأن هذه الحادثة واردة الحدوث بشدة، حسنًا، لماذا إذًا نجا الجميع بخلاف ذلك الرجل المسكين؟

شكوك حول الحادثة

كان جيمس دين متواجدًا في السيارة التي كانت متوجهة إلى المنتجع السياحي، لكن المفاجأة الأولى أنه لم يكن السائق، وقد قادته الصدفة البحتة إلى هذا الأمر حيث أن أحد أصدقائه قد ركب معه وأراد دين محادثته فجلس بجواره في المقعد الخلفي وترك القيادة لسائقه الخاص في واحدة من المرات القليلة التي يحدث فيها هذا الأمر، فقد ذكرنا من قبل أن جيمس كان يعشق القيادة ولا يُفرط بسهولة في مقعد السائق، عمومًا، جرت الأمور على هذا النحو وبدأت الرحلة، ثم بعد الحادثة كان الاكتشاف المدهش الآخر، وهو أن جيمس بالرغم من ابتعاده عن منطقة الخطر كان الوحيد الذي فقد حياته بالحادثة، أما السائق وصديقه فلم يُصبهما سوى بعض الخدوش القليلة!

كان الأمر داعيًا للدهشة بحق، فمن الشائع في مثل هذه الحوادث أن يموت أولًا الشخص الأكثر قربًا من مقعد القيادة نظرًا لأنه الأقرب تعرضًا للخطر وأول ما يتلقى جرعة الاصطدام الأولى، ناهيكم عن أن الحوادث الخطيرة عادةً ما تقتل كل المتواجدين بها، لكن في هذه الحادثة لم يمت شخص آخر بخلاف دين، وكان الحادثة قد دُبرت خصيصًا من أجل خطف حياته في سن الخامسة والعشرين، عمومًا، فتحت كل هذه التفاصيل مجالًا لبعض الاتهامات العشوائية التي لم يتم إثباتها.

من قتل جيمس دين؟

كما ذكرنا قبل قليل، كانت ملابسات الحادثة التي انتهت بموت جيمس دين أغرب من الخيال، ففي البداية كيف يموت الشخص السائق للسيارة دون أن يموت السائق؟ ولماذا أصلًا سلكت السيارة طريقًا غير الذي تسلكه للذهاب إلى المكان الذي كان جيمس وأصدقائه متوجهين إليه؟ والأهم من كل ذلك بلا أدنى شك، كيف اختفت السيارة التي قامت بالحادثة؟ أجل كما سمعتم تمامًا، ثمة أمر يتعلق بهذه الحادثة ولم نذكره، وهي أن السيارة التي اصطدمت بسيارة جيمس وقامت بقتله لم يتم العثور عليها حتى الآن، وهذا ما يفتح الباب بمصرعيه أمام وجود شبهة جنائية قوية، على كلٍ خرج بعض المحللين بأسباب يُقال إنها تُشير إلى القاتل أو تضع نقطة فوق رأسه على الأقل، أهمها وأكثرها وضوحًا من الشمس الغيرة الفنية.

الغيرة الفنية تقتل جيمس

بعد كثيرٍ من البحث خلف القضية ترك البعض الملابسات التي وقعت حادثة القتل من خلالها وذهبوا مباشرةً إلى الأسباب التي أدت إلى وقوعها، فالبعض يقول أنها حادثة، وهذا طبعًا صحيح تمامًا، لكن الفارق أنها حادثة مُدبرة وليست حادثة عابرة، أما الشيء الجديد فإن من دبر هذه الحادثة ليس سوى أحد أصدقاء جيمس من الممثلين، والذي لاحظ بالطبع أن ثمة نجم صاعد بسرعة الصاروخ، نجم لم يُمثل سوى ثلاثة أفلام ومع ذلك تم ترشيحه لجائزة الأوسكار أكثر من مرة، لكن إن كنتم ستسألون عن اسم ذلك الشخص الذي دبر الحادثة فلا أحد يعرفه حتى الآن، وما يُطرح من أسماء مجرد تكهنات لا صحة مؤكدة لها، على كلٍ لننتظر ونرى لعل الحقيقة قادمة كما هي سنة الحياة.

تاريخ جيمس دين في هوليود

على الرغم من كون جيمس دين قد مات في سن الخامسة والعشرين، وعلى الرغم من أنه لم يُقدم سوى ثلاثة أفلام فقط، إلا أنه قد تمكن من خلق تاريخ طويل له وسيرة جيدة في هوليود لا تزال مُستمرة حتى الآن، حيث أنه قد ترشح مرتين لجائزة الأوسكار عن فيلمين متتاليين، وهذا بالطبع أمر يصعب تحقيقه من أي ممثل، خاصةً إذا كان ذلك الممثل صغير السن ولم يُمثل في أعمال كثيرة مثلما هو الحال مع جيمس دين، والذي بالمناسبة لم يتدرب طوال حياته على التمثيل، أو بمعنى أدق، خاض التجربة دون أي خبرات سابقة أو دراسة أكاديمية، ببساطة شديدة، لقد كان الرجل موهوبًا فقط.

الفيلم الأول في تاريخه كان فيلم شرق عدن الذي صدر في عام 1951، وقد ذكرنا قبل قليل قصة التحاق جيمس بذلك الفيلم، أما بالنسبة للفيلم الثاني فهو فيلم ثائر بلا قضية، وهو فيلم شهير جدًا صدر في عام 1955 وكان يتحدث عن حال شباب العالم في الخمسينيات، وطبعًا الفيلم الثالث والأخير هو فيلم يُدعى ضخم، والذي صدر بعد وفاة جيمس بأشهرٍ قليلة في عام 1956، حيث أنها كانت المرة الأولى التي يُقام فيها العرض الخاص لفيلم دون حضور بطله، وقد تكرر ذلك الأمر مرة أخرى مع وفاة ليث هيدجر الذي كان يؤدي دور الجوكر في فيلم فارس الظلام الذي صدر عام 2007.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

1 تعليق

5 × واحد =