تسعة اولاد
الرئيسية » حقائق » متلازمة الموهوب : تعرف على المرض الذي يتمنى الجميع الإصابة به

متلازمة الموهوب : تعرف على المرض الذي يتمنى الجميع الإصابة به

متلازمة الموهوب

متلازمة الموهوب عرض لا يُمكن وصفه بالمرض العضوي أو النفسي، لكن الشخص المصاب به يعيش حالة غريبة من الذكاء المُنعش الذي لا يتمشى أبدًا مع قدراته الأصلية.

عندما نتحدث عن متلازمة الموهوب فإننا بالطبع نتحدث عن معجزة صغيرة لا تحدث كثيرًا، بل لا تحدث أصلًا سوى لبعض البشر المحظوظين، أو يُمكن القول أنهم الأكثر حظًا في هذا العالم، ففي كل مرض يظهر تجد الجميع يحجمون عنه ويتمنون زواله، أو على الأقل عدم الإصابة به تحت أي ظرف، لكن العكس تمامًا يحدث مع متلازمة الموهوب، فالجميع يتمنى الإصابة بها بالرغم من أنها في النهاية مجرد مرض، لكنها ليست مرض كأي مرض، فأعراضها الجانبية، والتي تكون عبارة عن ذكاء شديد وحسن تصرف، أعراض يتمنى الجميع الإصابة بها بالتأكيد، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على كل شيء يتعلق بتلك المتلازمة العجيبة وأسبابها وأعراضها وأبرز الأشخاص المُصابين بها.

تعريف متلازمة الموهوب

إذا ما بحثنا عن تعريف واضح لمرض متلازمة الموهوب فإننا بالتأكيد سوف نتوقف كثيرًا عند ذلك الأمر، فهي ليست شيئًا ثابتًا ومعروفًا يُمكن رصده من أوله لآخره حتى التوصل إلى إجابة مقنعة، وإنما هي مجرد حالة غريبة، فلا يُقال عنها مرض عضوي أو نفسي، مجرد حالة تُصيب أشخاص مُعينين، يكونون غالبًا الأكثر حظًا بين جميع المُقربين منهم.

متلازمة الموهوب كما يُعرفها بعض الأطباء خلل في الدماغ، وإياكم أن تتعجبوا من لفظ خلل، ففي الأصل هناك عجز في رأس كلٌ منا، وهو ما يمنعه من التفكير في بعض الأمور العويصة أو العمليات الرياضية الصعبة، لكن ذلك العجز عندما يتعرض لخلل ما فإنه يأخذ حالة أفضل مما كان عليها، وهنا تحدث متلازمة الموهوب، حيث يُصبح الشخص المُصاب بها شخصًا آخر مُختلف تمامًا في كل شيء.

متلازمة الموهوب والتوحد

هناك من يعتقد بوجود علاقة بين متلازمة الموهوب ومرض التوحد، وهذا الأمر في الحقيقة أمر صحيح، فتسعين بالمئة على الأقل ممن يُصابون بمتلازمة الموهوب يكونون في الأصل مُصابين بالتوحد، وبعيدًا عن أي نظريات، دعونا نتناول مريض متوحد ونركز الانتباه عليه لأكثر من أسبوع، بالتأكيد سنجد شخص غير طبيعي بالمرة، ولا يُمكن وصفه بالمريض، لأنه يكون على دراية بأشياء كثيرة لا يمكن أن يصل إليها الشخص الطبيعي، والذي من المفترض أن يكون صحيحًا، ولنجرب ذلك مثلًا على المسائل الحسابية والتصرفات التلقائية، ولكن كل ما مضى بالطبع لا يعني أن كل مريض توحد مُصاب بمتلازمة الموهوب، أو أن التوحد شرط أصيل لهذه المُتلازمة.

أسباب الإصابة

عندما يكون الشخص ذكيًا وموهوبًا بصورة غير طبيعية فإنه في هذا الوقت يكون مُصابًا بمرض متلازمة الموهوب، والحقيقة أن تلك الإصابة لها عدة أسباب منها ما ذكرناه قبل قليل ويتعلق بوجود حالة توحد طفيفة لدى الشخص، وبالطبع لن تُصدقوا أن العالم اينشتاين كان مصابًا بحالة توحد طفيفة تحولت فيما بعد إلى مرض متلازمة الموهوب.

بالتأكيد يجب ألا نغفل أن كون متلازمة الموهوب مرتبطة بشكل أو بآخر بمرض التوحد فإن هذا لا يعني أن كل مصاب بالتوحد يُمكن أن يُصاب بالمتلازمة، بل نسبة نادرة ومحدودة، والواقع أن مريض التوحد في الأساس يكون مُتمتعًا بقدر لا بأس به من الذكاء وسعة الأفق وحسن التصرف، هذا على الرغم من أنه يُعبر عن كل هذه الإمكانيات بقليل من المبالغة وبعض الطرق الغريبة، وربما هذا السبب في كون المجتمع ينفر منه ولا يعتبره ضمن فئة العباقرة، فلو كان ثمة شخص طبيعي في العادات والصفات ويمتلك نفس مؤهلات وقدرات مريض التوحد لتم وصفه بالعبقري دون تفكير.

تلف الدماغ، السبب الثاني

من ضمن أسباب الإصابة بهذه المتلازمة أيضًا أن يتعرض الشخص لتلف في الدماغ ينتج عن بعض الأمور غير طبيعية من ضمنها الذكاء الشديد والفراسة، والحقيقة أن تلف الدماغ قد يُثير في أذهانكم معنى آخر مُغاير لما نقصده، وهو معنى العجز وعدم قدرة الدماغ على التفكير، وهو المعنى السطحي لكلمة تلف، والتي يُقصد بها دائمًا البوار والكساد، لكن هذا التلف هو التلف الوحيد الحميد، على الأقل لأنه يُصبح أرض خصبة ومُمهدة للإصابة بواحدة من أكثر الأمراض طلبًا وطمعًا في نولها من الجميع، إنه مرض متلازمة الموهوب.

امتلاك ذاكرة واسعة الأفق، السبب الثالث

بعض الأطباء قد أضافوا على هذه الأسباب أسباب أخرى منطقية كذلك، وهي أن يكون الأشخاص المُعرضين للإصابة بهذا المتلازمة يمتلكون في الأصل ذاكرة من نوع غريب ومختلف، أو واسعة الأفق كما يطلقون عليها، والحقيقة أن ذلك النوع من الذاكرة يكون مُستعدًا لاستقبال أي قدرات دماغية مُضاعفة، ومهما كان حجمها فإن الذاكرة واسعة الأفق هذه لا تُشعر المُخ بأي تغير، وبالتالي تكون مُتلازمة الموهوب ليست بالحدث الجلل عندما يُصاب بها صاحب ذاكرة واسعة الأفق وشاملة، لكن نذكر مرة أخرى أنه ليس كل شخص يمتلك لهذه الذاكرة سوف يُصاب بالمتلازمة، وإنما هو مؤهل لها فقط.

أعراض متلازمة الموهوب

أسهل شيء يمكن اكتشافه فيما يتعلق بمتلازمة الموهوب هو الشيء المتعلق بالأعراض، فقد لا تعرف الأسباب، لكنك بالتأكيد لن تغفل أبدًا الأعراض التي ستظهر على أي شخص يُصاب بمرض كهذا، فهو لن يسعل مثلًا أو يتقيأ، لكنه في البدء وببداهة شديدة، سوف يُصبح أكثر ذكاءً وفهمًا للأمور.

الذكاء، أولى أعراض المتلازمة

إذا كنت تعتقد أنك ذكي فإنك لم ترى بعد بالتأكيد شخص مُصاب بمتلازمة الذكاء الفطري، إنها بحق قدرة هائلة على معرفة الأشياء والتفكير بها بطريقة لا يستطيع شخص عادي التفكير بها، حتى ولو كان ذلك الشخص شديد الذكاء، فإن صاحب متلازمة الموهوب يظل الأفضل والأكثر ذكاءً على الإطلاق، والحقيقة أنه من ضمن جعل الذكاء عَرض للإصابة بالمتلازمة هو كون الشخص المُصاب بها معروف سالفًا بأنه لا ينتمي إلى فئة الأذكياء أو غير قادر على التعامل مثلهم، ثم فجأة ينقلب الأمر ويُصبح أذكى مما نعتقد، هذا بالضبط ما نُطلق عليه أعراض الإصابة بالمتلازمة.

الموهبة، أمر فطري آخر

قبل أن نتناول هذا العرض الهام من أعراض متلازمة الموهوب ثمة سؤال هام لابد أن نسأله لأنفسنا، هل كل شخص على هذه الأرض له موهبة ما؟ الإجابة بالتأكيد لا، ففئة قليلة فقط هي التي يُمكن أن تُسمى بفئة الموهوبين، لكن مع ذلك، يُمكننا أن نلاحظ أن فئة نادرة من هؤلاء الموهوبين قد يكونون مصابين بمتلازمة الموهوب التي نتحدث عنها، وهذا فقط في حالة إذا ما اختلط الذكاء بالموهبة بالعرض الثالث من أعراض المتلازمة، وهو القدرة على التعامل مع الرياضيات.

التفوق في المسائل الحسابية، العرض الثالث

هناك أشخاص يتمكنون من فهم الرياضيات فهمًا قويًا، وهؤلاء لا نُطلق عليهم ألقاب بخلاف كونهم مجتهدون ومتفانون في عملهم، لأنهم درسوا وذاكروا فحفظوا وتفوقوا، لكن، إذا كان حديثنا عن أشخاص يفهمون الرياضيات بالفطرة ويمتلكون القدرة على حل أعتى المسائل الحسابية دون الاستعانة بأي أجهزة أو مُعدات فهؤلاء هم من يُمثلون الفئة غير العادية، وما يجعلهم كذلك هو كونهم يُعانون من أحد أعراض متلازمة الموهوب الغريبة.

أمثلة على المُتلازمة

كل ما مضى كان كلام نظري يتعلق بالمتلازمة وتعريفها وأعراضها وأسباب الإصابة بها، لكن، من الجهة العملية فإننا مُطالبون بكل تأكيد بالتمثيل على ما ذكرناه بأمثلة من أرض الواقع، بأشخاص عانوا من هذه المتلازمة وتأثروا بها إلى الحد الذي جعلها تُغير حياتهم، والحقيقة أنهم نادرون جدًا، لكن ثمة ثلاثة منهم يُمكن اعتبارهم الأشهر في هذا الصدد والأوفر حظًا في نفس الوقت، ولتكن البداية مثلًا مع جايسون بادجيت.

جايسون بادحيت، الموظف الذي تحول إلى عالم

من أكثر الأمثلة وأكثرها دلالة على وجود متلازمة الموهوب مثال جايسون بادجيت، ذلك المواطن الأمريكي الذي كان يعمل في محل لبيع التُحف، كان مجرد عامل بسيط غير قادر حتى على القيام بعملية حسابية من رقم واحد، لكن، في أحد الأيام التي كانت أبواب السماء بها مفتوحة على مصرعيها، هاجم بعض اللصوص مكان عمل جايسون وقاموا بسرقة بعض الأغراض، وفي طريقهم للمغادرة اعترضهم جايسون حتى يُقلل من الخسائر فقاموا بدفعه دفعة قوية أسقطته طريحًا على الأرض، وكانت هذه الدفعة بمثابة قبلة الحياة له.

في المستشفى تم إجراء الفحوصات اللازمة على رأس جايسون، وهناك اكتشفوا أن دماغه قد تعرض لتلف محمود تسبب في إصابته بمتلازمة الموهوب، تلك المتلازمة التي جعلته قادرًا على العديد من المسائل الرياضية المعقدة، كما تمكن من رسم بعض الرسوم الهندسية التي تحتاج إلى مهندسين عباقرة ذوي خبرات كبيرة، مما جعله يُصنف كأحد العلماء بالمجال.

أورلاندو سيريال، عقل جديد بالصدفة

لا توجد صدفة رائعة أكثر مما حظي بها أورلاندو سيريال عام 1979، فقد كان ذلك الرجل في هذا الوقت لا يزال طفلًا في الحادية عشر من عمره، والحقيقة أنه كان محدود الذكاء جدًا مثله مثل الكثيرين من أطفال الدول الأفريقية، الأدهى من ذلك أنه في الوقت الذي حدثت له فيه معجزة متلازمة الموهوب كان يلعب كرة القدم مع أصدقائه، وفجأة تعرض لعرقلة قوية سقط على إثرها سقطة قوية شجت رأسه وأغرقتها بالدماء، وبالتأكيد بعد أن تم تضميد الجراح ظل الطفل الصغير يُعاني من الصداع، والذي كان يأتيه على شكل نوبات، لكن، ما إن اختفى الصداع حتى لاح في الأفق الشيء الأهم.

وجد أورلاندو نفسه بعد الحادثة أكثر ذكاءً مما كان عليه في السابق، فأغلب الأحداث التي تحدث معه أصبح يتذكرها بسهولة، كما أنه لم يعد يجد أية معاناة في إجراء المسائل الحسابية، حتى أعتى هذه العمليات كان يتمكن من تأديتها بامتياز، هذا على الرغم من أنه كان قبل الحادثة لا يكره شيء مثل المسائل الحسابية والرياضيات بشكل عام.

كبيمونس، النحات الذي ساعده الحظ

كان كبيمونس لا يزال طفلًا في الثالثة من عمره عندما سقط من بناء شديد الارتفاع أدى إلى إصابته بالكثير من الجروح والكسور، ليس هذا فحسب، بل إنه قد أُصيب كذلك بصدمة عصبية أفقدته القدرة على الكلام ما تبقى من حياته، فأصبح منذ ذلك الوقت غير صالح للتعلم أو أي شيء، أو بمعنى أدق، هكذا ظن أهله، ولم يكونوا يعرفوا بعد أن ابنهم خلال ذلك السقوط أُصيب بمرض نادر يُسمى متلازمة الموهوب، وأنه سيُصبح نحاتًا شهيرًا يمتلك القدرة على نحت أي جسم يراه بعينه وينقل به أدق التفاصيل التي قد لا يلاحظها الشخص العادي بالعين المجردة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

1 × واحد =