للعلماء الهواة فضل كبير على تقدم العلوم ولكن بالتحديد فإن علماء الفضاء الهواة أثروا بشكل بارز على تقدم علم الفلك، فويليام هيرشل الذي اكتشف كوكب أورانوس كان من الهواة، وبعد وجود عدد كبير من التليسكوبات في مراصد مختلفة حول العالم وفي بعض الجامعات فإنه أصبح من السهل على الهواة القيام بهوايتهم المفضلة وهي رصد النجوم والكواكب والأجسام السابحة في الفضاء، بل أن البعض يفضل اقتناء تليسكوبه الخاص مهما ارتفع ثمنه، وفي الفقرات التالية سنذكر لك أهم الإنجازات التي قاموا بها والتي تشمل اكتشاف مذنبات ونجوم وكواكب بل وحتى دراسة طبيعة تكون الأجسام في الفضاء والعلامات التي توجد فيها، لدرجة أن وكالة ناسا اعترفت بالإنجاز الأخير الذي سنذكره كواحد من أعظم الاكتشافات التي غابت عنها طوال سنين.
اكتشافات فضائية بواسطة علماء الفضاء الهواة
اكتشاف أورانوس
ويليام هيرشل يتم اعتباره من أبرز علماء الفلك الآن، فهو صاحب العديد من الإنجازات الفلكية أهمها اكتشاف كوكب أورانوس وأقماره، لكن في الوقت الذي اكتشف فيه أورانوس في سنة 1781 لم يكن إلا واحدًا من علماء الفضاء الهواة ، بل أنه لم يكرس حياته كلها للفلك ولم تكن هي وظيفته، حيث أنه كان يحصل على قوت يومه من العمل كمدير موسيقي لأوركسترا كلاسيكية، وفي الواقع فإنه لم ينس الموسيقى حتى بعد أن صب اهتمامه للفلك وألف العديد من المقطوعات أشهرها السيمفونيات التي يزيد عددها عن عشرين سيمفونية.
بدأت قصة الاكتشاف عندما كان هيرشل يبحث عن النجوم المزدوجة، وقد لاحظ الكوكب لكنه اعتقد أنه مذنب في البداية بسبب الشكل الأغبش الذي يبدو عليه كوكب أورانوس، لكن بعد التدقيق فيه في الليالي التالية لاحظ أنه يتحرك بسرعة بطيئة وأنه من غير المعقول أن يكون مذنبًا، لذا أدرك أنه قد اكتشف أبعد كواكب المجموعة الشمسية في ذلك الوقت، كما أنه الكوكب الوحيد الذي تم اكتشافه ولا يمكن أن يتم رؤيته عن طريق العين المجردة، لذا فإنه من أهم الإسهامات الفلكية التي ظهرت في القرن الثامن عشر.
هاويان يكتشفان مذنب في نفس الوقت
آلان هيل هو حاصل على شهادة الدكتوراه في الفلك إلا أنه يعتبر من علماء الفضاء الهواة إلى حد كبير، لكن إذا تجادلنا في هذا فإن توماس بوب قطعًا هو من الهواة، فهو يعمل كمدير لموقع إنشاء لكنه يحب مراقبة النجوم وغيرها من الأجسام في الفضاء وذلك من خلال تليسكوبه الخاص، وقد تصادف أن الإثنين اكتشفا مذنب جديد في نفس اليوم، ففي الثالث والعشرين من يوليو 1995 كانا يراقبان مجموعة M70 ولاحظ كل منهما بشكل مستقل جسم غريب يتحرك بسرعة عالية، وأدركا بعد المراقبة الدقيقة أنه مذنب، وكل منهما ذهب إلى مكتب الاتحاد الفلكي المركزي وسجلا اكتشافهما ليتفق العلماء على تسمية المذنب باسميهما معًا أي مذنب هيل-بوب، ومن الجدير بالذكر أن هذا المذنب كان في سنة 1997 في مسافته الأقرب إلى الأرض، ولن يعود إلى تلك المسافة إلا بعد بضعة آلاف سنة.
اكتشاف علامة في كوكب المشترى
استطاع أنتوني ويزلي العاشق للفضاء أن يكتشف عبر تليسكوبه الخاص علامة جديدة لم تعرف من قبل في كوكب المشترى، وذلك أثناء وجوده في فناء منزله الخاص في كانبرا في أستراليا، وهذه العلامة ضخمة جدًا وهي عبارة عن فوهة تساوي حجم كوكب الأرض تقريبًا وتبدو من بعيد كأنها خدش في هذا الكوكب الضخم، وقد تواصل ويزلي مع وكالة ناسا لأبحاث الفضاء على الفور وأرسل إليهم الصور التي التقطها، ومن خلال التقنيات العالية استطاعت الوكالة التأكد من الاكتشاف، وقال العلماء أن سبب الفوهة قد يكون بسبب ارتطام مذنب أو شهاب بالكرة الغازية العملاقة، وقد صرح ويزلي بأن اكتشافه كان على حافة ألا يحدث، فقبل أن يرى الفوهة كان ينوي أن يحزم معداته ليخلد إلى النوم، لكنه قرر أن ينظر مرة أخرى، ومن الصدف الغريبة أيضًا أن يوم الاكتشاف يوافق الذكرى الخامسة عشر لتسجيل تأثير آخر حدث لسطح كوكب المشترى عبر مذنب.
علماء الفضاء الهواة
أثناء تصوير مجرة NGC 253 من مركز للرصد في كانبرا عاصمة أستراليا في سنة 2013، استطاع العالم الصغير مايكل سيدونيو أن يلاحظ شيئًا غريبًا في الصور التي التقطها، وفي الواقع فإن الكثير من الصور تم التقاطها لهذه المجرة لكن لم يلاحظ أي عالم ما لاحظه سيدونيو، حيث لاحظ توهج غريب تبين فيما بعد أنه مجرة أخرى، وبعد التأكد منها بشكل رسمي تم تسميتها NGC 253-dw2، وهذا الاكتشاف ليس مجرد اكتشاف عادي لمجرة، بل هو اكتشاف بالغ الأهمية لأنه يتيح للعلماء دراسة طرق تشكل المجرات الكبيرة، فبعد ذلك تأكد العلماء أن المجرات الكبيرة في العادة تنشأ من جيرانها الأصغر حجمًا، والصورة التي التقطها سودينيو أصبحت من أشهر الصور الفلكية في السنين الأخيرة، وقد حازت على جائزة صورة العام في المرصد الملكي في غرينتش (RGO) الذي يعتبر من أهم المجتمعات الفلكية في بريطانيا والعالم.
فريق من علماء الفضاء الهواة يكتشفون 42 كوكب
في آخر سنة 2012 ظهر فريق مؤلف من هواة عاشقين لعلوم الفضاء، وسموا أنفسهم باسم صائدي الكواكب، وفي الواقع فإن اختيارهم لهذا الاسم كان موفقًا، فقد استطاعوا اكتشاف 42 كوكب لم يكتشفوا من قبل، ومن بين تلك الكواكب هناك 15 كوكب يتواجدون في المنطقة التي يعتبرها العلماء ضمن النطاق الصالح للحياة، أي أن هناك احتمال لقدرة البشر على استعمار تلك الكواكب مستقبلاً، وهم يدورون بشكل نموذجي في مدار النجم الذي يدورون حوله وبمسافة مناسبة لوجود الحياة، ومن تلك الكواكب يوجد كوكب يسمى PH2 b ويتقارب حجمه من حجم كوكب المشترى، ومع أن هذا الحجم الضخم يمكن أن يعيق الحياة لظروف مختلفة إلا أن أقماره تدور بشكل نموذجي، لذا فإن اكتشافات هذا الفريق من علماء الفضاء الهواة هي اكتشافات بالغة الأهمية وذات مستوى علمي عالي يتقارب مع ما تخرجه لنا المراكز الفلكية الرائدة مثل وكالة ناسا.
اكتشاف نجم الكريسماس
استطاع الأمريكي إيمانويل كونسيل وهو من علماء الفضاء الهواة أن يكتشف نجم جديد وتمت الإشارة إليه في وسائل الإعلام باسم نجم الكريسماس، فهذا النجم صُنع عندما قام نجم قزم أبيض بامتصاص الهيدروجين من نجم قريب منه، وهذا سيتسبب في النهاية بانفجار هائل سيتسبب في انتشار المادة عبر الفضاء، وقد أكد كونسيل أن النجم لم يكن موجودًا قبل عشية الكريسماس، أي أن الانفجار قد حدث في ليلة الكريسماس ليسمح بميلاد نجم جديد.
اكتشاف المرحلة الأولى لتكون النجوم
كان علماء ناسا يعلمون بشكل مجمل مراحل تكون النجوم، إلا أن المرحلة الأولية للتكون كانت غائبة عنهم، وعندما أرسل إليهم مشروع زونيفرس (Zooniverse) صور ملتقطة من تليسكوب سبيتزر الخاص بناسا في سنة 2015، وقالوا للوكالة بأن هذه الكرات الصفراء الغريبة هي أولى مراحل التكون، أكدت الوكالة سبقهم العلمي وأخبرتهم بأن ما اكتشفوه هو إنجاز حقيقي عجزت الوكالة عن اكتشافه بالرغم من أنهم استعانوا بتليسكوب الوكالة نفسه، ولهذا الاكتشاف تأثير بالغ لأنه سيتيح للعلماء فيما بعد تحديد النجوم الجديدة وهي في أطوار تشكيلها الأولى.
أضف تعليق