تُعتبر طقوس الاحتفال بالمولود أحد أهم أساسيات استقبال أي مولود في أي مكان في العالم، فهي بالتأكيد تختلف من مكانٍ إلى آخر، لكنها في النهاية تظل موجودة وقائمة دون احتمالية الاستغناء عنها، فبالطبع لم يسمع أحد عن حالة ولادة لم يُتبعها الأبوين بالكثير من البهجة والاحتفال، ففي النهاية مما اختلفت الطريقة تظل الطقوس قائمة، لكن، إذا ما تجاوزنا هذا الأمر بصفته شيء طبيعي جدًا فإننا بكل تأكيد مُطالبون بالتطرق إلى بعض الطقوس الغير طبيعية التي تحدث احتفالًا بالمولود أيضًا، والحقيقة أن دول مثل اليابان والصين تُعد المتصدرة لقائمة الطقوس الغريبة تلك بالإضافة إلى بعض الدول الأخرى التي لا تقل طقوسها غرابةً، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على أغرب طقوس الاحتفال بالمولود الجديد حول العالم، وهل هي معقولة أم مجرد خرافات.
المولود والاحتفال
قبل أن نتعرف على طقوس الاحتفال بالمولود علينا أولًا الربط بين وجود مولود جديد والاحتفال، فالإنسان بطبيعته يعشق الحياة، ويُحاول الاستمتاع بها في كل لحظة وبأي شكل ممكن، لذلك، عندما يحدث أي حدث جديد يبحث عن طريقة للاحتفال به، ومن ضمن الأشياء التي تستحق الاحتفال بحق هي حالات الميلاد الحديثة، فإذا تناولنا الأمر من جهة الآباء مثلًا فسنجد أنهم يحتفلون بعد أن يُرزقوا بمولود جديد عقب عدة خطوات طويلة ومُرهقة أهمها الحمل، لكن هذا ليس المبرر الوحيد لاحتفالهم، فهم يشعرون كذلك أنهم قد حصلوا على مصدر جديد لسعادتهم وعون لهم في كبرهم.
الاحتفال بالمولود غالبًا لا يتوقف بعد الولادة، فهم يحتفلون به في كل عام فيما نسميه نحن بعيد الميلاد، فعيد الميلاد هو الذكرى السنوية التي تُذكرهم بظهور المولود في حياتهم، ذلك المولود الذي يتم فور ولادته عدة طقوس غريبة.
طقوس الاحتفال بالمولود
المقصود بكلمة طقوس غالبًا الأجواء المُصاحبة للشيء عند حدوثه، ولأن الطقس بشكل عام يختلف من بلد إلى بلد فبالتالي يحدث نفس الأمر بالنسبة لطقوس الاحتفال بالمولود، والحقيقة أن اختلاف الطقوس يأتي تباعًا لاختلاف البلد وعاداتها وتقاليدها، كذلك ثقافتها العامة، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على أغرب طقوس الاحتفال بالمولود في بعض الدول المُختلفة في الثقافات والتقاليد، ولتكن البداية مثلًا مع دولة كبرى مثل اليابان.
طقوس الاحتفال في اليابان
الاحتفال بالمولود في اليابان يُعد من أغرب طقوس الاحتفال بالمولود في العالم، فهي تبدأ بالاحتفاظ بالحبل السري ووضعه في عُلبة تبركًا بالجنين، ثم يأتي بعد ذلك دور بكاء الطفل، والحقيقة أنه في أغلب الدول يكون بكاء الطفل مشكلة كبيرة يتصارع جميع المُحيطين به من أجل حلها، لكن هذا الأمر لا يحدث فاليابان، فالتسبب في بكاء الطفل واحدة من أكثر الأشياء سعيًا من قبل المُحيطين به، فهم يتبارون فيما بينهم من أجل إدخاله في وصلة بكاء كبيرة، بل وتُقام المسابقات الكبرى لتحديد أكثر الأطفال قدرة على البكاء من حيث الوقت والصوت.
إرغام أطفال اليابان على البكاء يأتي اعتقادًا منهم بأن الطفل عندما يولد تتواجد به مجموعة أرواح شريرة، تلك الأرواح لا تخرج إلى بطريقة واحدة، وهي البكاء، وأيضًا ثمة لعبة شهيرة ترتدي زي منقوش عليه علم دولة اليابان وتُستخدم في الترويح عن الطفل عند البكاء أو الشعور بالملل.
طقوس الاحتفال في الصين
الصين كذلك تمتلك واحدة من أغرب طقوس الاحتفال بالمولود، فهي تبدأ بعد الولادة مباشرة ولمدة أربعين يوم، حيث يتم خلال هذه المدة عمل ما يُشبه معسكر مُغلق للأم ومولودها، وأثناء هذه الفترة لا يُسمح لها برؤية الشارع أو تشغيل المراوح والتكيفات، وذلك من أجل الحفاظ على صحة الأم والطفل، حيث يعتقدون أن الأمراض تجد فرصة أكبر في الانتشار بهذه الأوقات، لكن كل هذا لا يُعادل شيئًا أمام ما يحدث بعد الولادة بأيام قليلة.
بعد الولادة بأيام قليلة يكون الطفل الصيني مالكًا لأكبر عدد من البيض الأحمر، حيث يُسارع الأقارب في توفيره له بكثره اعتقادًا منهم بأن البيض الأحمر يجلب الحياة السعيدة، وكذلك من ضمن الطقوس الثابتة أن يتم تجميع ملابس الأغنياء ومنحها للطفل، فهي من وجهة نظرهم تُسهم في تغير قدره، حيث بالغوا في الجنون لدرجة الاعتقاد أنه عندما يرتدي الطفل ملابس الأغنياء فإنه لن يكون سوى غنيًا مثلهم، كل ما مضى إضافة إلى الهدايا التقليدية، والتي تكون غريبة أيضًا.
طقوس الاحتفال في ماليزيا
الاحتفال بالمولود في ماليزيا يكون مُنصبًا على أم المولود أكثر من المولود نفسه، فعندهم يُعد إنجازًا كبيرًا أن تقوم الأم بإنجاب كائن حي يتنفس، لذلك تظل لفترة طويلة بعد الولادة تُعامل مُعاملة الفاتحين، ولا تقوم حتى بأعمال المنزل، وإنما يؤديها الزوج بديلًا عنها، أما جسدها فيتم تدليكه لمحو الآثار التي خلفتها عملية الولادة، والتي لا يتم إهمال وجود الطفل فيها بالطبع، فيقوم الأهل والأصدقاء بتدليله وجلب الهدايا له وملازمته بفراش أمه لمدة لا تقل عن عشرة أيام، وخلالها لا تنقطع الأحجار الساخنة من البيت، والتي تُستخدم كما ذكرنا في عمليات التدليك، والحقيقة أن البعض منهم قد يقوم بتدليك الطفل الذي لا يتجاوز عمره الأيام أيضًا، دون النظر إلى تحمل الطفل لهذا الأمر أو تأثيره عليه.
طقوس الاحتفال في باكستان
على عكس ما يحدث في ماليزيا تمامًا، فإن طقوس الاحتفال بالمولود في باكستان تهتم أكثر بالطفل وتنبذ الأم تمامًا، فيكفي أن نقول بأنهم يعتبرون الأم غير طاهرة أو صالحة للاختلاط بسبب فعل الولادة، ولذلك يحتجزونها في غرفة ولا يسمحون لها بالخروج لمدة طويلة، وخلال هذه المدة، وبالتزامن مع حبس الأم، يعيش الطفل حياة رائعة بكل ما تعنيه الكلمة من معان، فهو ينهل الهدايا والألعاب من الجيران والأهل، كما يتم إخراجه يوميًا في أحد أماكن الترفيه كنوع من الاحتفال، حتى ولو كان عمره لا يتخطى بضعة أيام.
نبذ الأم الذي أشرنا إليه لا يكون هينًا كما تتخيلون، فإنه نبذ أشبه بالنفي، حيث يتم حبسها في مكان لا يصل إليها أهلها ولا حتى الأشخاص القريبين منها قرابة كبيرة كزوجها مثلًا، وهناك يُسمح لها برؤية شخص واحد، وهو الذي يُقدم لها الطعام والشراب، وعدة ما يستمر ذلك النبذ لمدة أربعين يوم، بعدها تعود كل الأمور لطبيعتها وتبدأ الأم أخيرًا في رؤية طفلها الذي تكون قد حُرمت منه طوال الفترة الماضية.
طقوس الاحتفال في الهند
هل تعرفون أين تُجرى أغرب طقوس الاحتفال بالمولود؟ في الهند، البلد الثالثة على مستوى العالم في مجال الطب، لكنهم للغرابة يقومون بأغرب شيء على الإطلاق يُمكن تخيل حدوثه لطفل لم يُكمل ساعات أو أيام، حيث يقومون بحمله وأخذه إلى باب أحد المعابد، وهناك يتم إلقاءه من مسافة بعيدة، ويكون هناك آخرين يمسكون بقطعة من القماش من المفترض أن يسقط عليها الطفل، وطبعًا نسبة الخطر في هذا الأمر كبيرة، لكنهم في نفس الوقت يأخذون كافة الاحتياطات اللازمة من أجل سلامة المولود، تلك السلامة التي يُعرضونها للخطر بدعوى أن إلقاء الطفل من فوق المعبد يجعله ذكيًا.
بالتأكيد لا يقوم كل الهنود بهذا الطقس الغريب للاحتفال بالمولود، فإذا ذكرنا المعابد فيجب أن نربط بينها وبين الهندوس الذين يُمثلون الأغلبية الكبرى في الهند، أما البقية مثل المسلمين والمسيحيين فإنهم لا يُقدمون أبدًا على هكذا أفعال، بمعنى أدق، يرتبط هذا الطقس العجيب بالديانة التي ينتهجها الهنود على الأغلب.
طقوس الاحتفال في نيجيريا
نيجيريا لا تعرف المزاح فيما يتعلق ببعض طقوس الاحتفال بالمولود الجديد، هذا إذ لم يكن أغلبها، ففي اللحظة الأولى التي يصل فيها المولود يكون لزامًا عليه أن يخوض الكثير من المعارك، أولها وضع الأطعمة الخطيرة على لسانه في يومه الأول، وذلك مثل الملح والزيت والخل، والحقيقة أن الأهالي يبررون ذلك الطقس الغريب بأنه يُسهم في إكساب الطفل القوة اللازمة لاستكمال حياته، ويستدلون على ذلك بأن الأفريقيين بشكل عام هم الأشد قوة وبأسًا بين البشر.
لا تتوقف طقوس الاحتفال الغريبة عند ذلك الحد، بل يمتد الأمر إلى ما هو أغرب من ذلك بكثير، حيث يعتبر هؤلاء أن المشيمة التي تكون موجودة عن ولادة الطفل ليست إلا توأم كان من المفترض أن يولد معه، ولذلك يقومون بإجراء مراسم دفن لها كتلك التي تُقام عند موت إنسان عادي، ويظل القبر الموجود به المشيمة شاهدًا على أنه كان ثمة طفل شقيق للطفل المولود ومات أثناء الولادة!
طقوس الاحتفال بالبرازيل
طقوس الاحتفال بالمولود في البرازيل هي تقريبًا الطقوس السائدة في أغلب الأماكن الحالية، فعندما تلد الأم يدعوا الأهل جميع المعارف إلى الاحتفال معهم بالمناسبة الكبيرة هذه، وبالفعل يلبون النداء ويحضرون خلال أسبوع من الولادة، وهناك يقدمون المباركات والتمنيات بالتوفيق والازدهار للمولود، أما أهالي المولود، وخاصةً الأم، فإنهم يُقدمون الهدايا بأنفسهم للأشخاص الحاضرين، وذلك تعبيرًا منهم عن شكرهم وامتنانهم للذين شاركوهم في لحظات الاحتفال الخاصة بهم، وكما نرى، هذه تقريبًا هي العادات أو الطقوس المتبعة في أغلب الدول العربية، وعلى رأسها مصر، وإن كانت ثمة دول عربية تُضيف بعض الأشياء الغريبة، وذلك مثل دولة الجزائر مثلًا، والتي لا تكتفي بمجرد تقديم الهدايا، وإنما تقوم بتقديم بما هو أكبر وأكثر دلالة على الفرحة العارمة بوصول المولود الجديد.
طقوس الاحتفال بالمولود الجديد في الجزائر
تُعتبر الولائم واحدة من أشهر طقوس الاحتفال بالمولود الجديد في الجزائر، فبالنسبة له، استقبال طفل جديد أشبه بالعرس، وبالطبع العرس يكون به الولائم والذبائح، وهذا ما يحدث بالفعل، حيث يقومون بذبح ناقة أو نعجة، حسب الحالة المادية، ويدعون الأهل والأقارب والجيران، وتكون الوليمة على شرف المولود الجديد، لذلك يُقال في الجزائر أن الشخص يقوم بدعوة الناس في حياته مرتين، مرة عقب الولادة ومرة عقب الزواج.
طقوس الاحتفال بالمولود الجديد بالمغرب
إطلاق الزغاريد أول شيء يتم استقبال المولود به في المغرب، وكأنهم يشبهون الولادة بالعرس، وكذلك فإنهم يقيمون مظهرًا آخر من مظاهر العرس أيضًا، وهو عمل الوليمة، والتي غالبًا ما تتفاوت بتفاوت الحالة المادية لذوي المولود، أما أغرب طقوس الاحتفال بالمولود في المغرب فهي التي تتعلق بمنع النفساء من تناول الطعام لمدة كبيرة وجعلها تكتفي فقط بالسوائل، وبالطبع يقصدون بذلك الحفاظ على صحتها من وجهة نظره، كذلك توفير اللبن الطاهر النقي للمولود، والذي من وجهة نظرهم أيضًا يكون أفضل دون الاختلاط بالطعام.
أضف تعليق