تسعة اولاد
الرئيسية » شخصيات وعلماء » شخصية جحا : تعرف على أكثر الشخصيات مرحًا في التراث العربي

شخصية جحا : تعرف على أكثر الشخصيات مرحًا في التراث العربي

شخصية جحا

تعد شخصية جحا من أكثر الشخصيات الفكاهية شهرة في العالم بأكمله وهذا بسبب أن الحكايات والقصص التي تدور حوله ترجع إلى شخصيتين، الأولى في العراق العربي والثانية في الأراضي التركية، فهل سبق لك أن سمعت عن أحد هذه القصص من قبل؟

من ضمن الشخصيات الفكاهية القليلة في التراث العربي توجد شخصية جحا التي تعد الأكثر شهرة فيما بينهم، وقد اتسعت شهرة جحا حتى جابت العالم بأكمله بسبب تواجد شخصيتين قد حملا نفس الاسم الأولى عربية شملت الجهة الشرقية من العالم، والشخصية الثانية تركية شملت الجهة الغربية من العالم، وفي التراث العربي بالطبع الشخصية العربية هي الأكثر ورودًا بها أما على مستوى العالم فالتركية هي الأكثر انتشارًا، وبالرغم من كثرة الحكايات والقصص التي نُشرت عن شخصية جحا إلا أن هناك الكثير من الناس الذين زوروا أو غيروا فيها، فهناك من أضاف قصص من وحي خياله ونسبها إلى شخصية جحا كذبًا وبهتانًا منه، وهناك من أخذ من هذه القصص ونسبها إلى نفسه سرقة، وهذا ما جعل جحا كثير الوصف ومختلفًا من كتاب لأخر ولكن الحقيقة هو أنه لم يكن مغفلًا أو أحمق كما أشاعت عنه بعض الروايات، ونحن هنا سوف نقوم بالحديث عن شخصية جحا بشيء من التفصيل، فلا تذهبوا بعيدًا.

جحا وحماره

توجد بعض القصص والحكايات التي تتعلق بـ شخصية جحا والحمير ومنها جحا وحماره التي سوف نتحدث عنها في هذه الفقرة، ففي يوم من الأيام ذهب جحا إلى السوق لكي يشتري حمار وبعد البحث توصل إلى حمار قد أعجبه، وعندما سأل صاحب الحمار عن سعره أخبره بسعر يتخطى النقود التي في جيبه ومع الكثير من المماطلة والحديث تم التراضي بين الطرفين، وبذلك أشترى جحا الحمار الذي أعجبه ثم ربطه بحبل وأخذ يجره خلفه حتى يصل إلى المنزل، وأثناء مسير جحا في الطريق شاهده اثنين من اللصوص واتفقوا على سرقة الحمار منه، فقاموا بمتابعته والتربص له حتى سنحت لهم الفرصة فاقتربوا كثيرًا من الحبل وقاموا بفك الحبل من رأس الحمار، ثم ربطه أحد السارقين في رقبته بدلًا من الحمار حتى لا يشعر جحا بأي تغيير، ثم ذهب السارق الأخر بالحمار وسلك طريقًا أخر ليختبئ مع الحمار، أما السارق الأول فظل مربوطًا وجحا يجره خلفه بدون أن يشعر جحا والناس ينظرون إليه متعجبين من المنظر.

ولكن جحا ظن أن هذا التعجب والاندهاش بسبب جمال الحمار واستمر في مسيره حتى وصل إلى المنزل، ثم ينظر جحا فيجد أن المربوط رجل وليس حمار فقال ما هذا الأمر ومن أنت، فرد عليه بأنه شخص غير مطيع لوالدته وقد دعت عليه بأن يسخطه الله حمار وبالفعل استجاب الله لها، وقام أخي ببيعي في السوق وبعدما اشتريتني قد أعادني الله إلى صورتي الأصلية بفضل بركتك، وأخذ يبكي ويتوسل إليه أن يتركه وبالفعل استجاب جحا له وتركه بشرط ألا يعصي والدته مرة أخرى، وفي اليوم التالي ذهب جحا إلى السوق مرة أخرى فوجد نفس ذات الحمار فأقبل عليه ثم همس في أذنه قائلًا من الظاهر أنك قد عصيت أمك مرة أخرى وإني والله لن أشتريك مرة أخرى.

شخصية جحا الحقيقي

يُجمع الأدباء والعلماء على أن شخصية جحا الحقيقي هو إما أبو الغصن دجين الفزاري أو نصر الدين خوجه، فالأول وهو أبو الغصن يرجع تاريخه إلى النصف الثاني من القرن الأول الهجري أي أنه عاصر الدولة الأموية الإسلامية، وقد كان هذا الرجل يعيش في دولة العراق وتحديدًا بمدينة الكوفة ولكن هناك بعض الروايات التي تقول إنه قد ولد في البصرة بالعراق أيضًا، وقد كتب عنه الكثير من التابعين مثل هشام بن عروة وأسلم مولى الصحابي الجليل عمر بن الخطاب، وتذكر الروايات التي تحدثت عنه أنه قد عاش حوالي مائة عام، أي أنه توفي تحديدًا في العام الستين من القرن الثاني الهجري أثناء تولي أبي جعفر المنصور العباسي حكم العالم الإسلامي، وهو بذلك يكون قد عاصر الدولة الأموية والدولة العباسية وله الكثير من الحكايات فيهما، ولكن بكل صراحة هناك الكثير من الحكايات والقصص التي تم تلفيقها إليه ومنها ما أتهمته بالغفلة والحماقة، والحقيقة أنه لم يكن كذلك وما رواه في حياته من الحكايات لم يكن بمثل هذا المقدار.

أما جحا الثاني فهو نصر الدين خوجه الذي ولد فوق الأراضي التركية في العام الخامس من القرن السابع الهجري وتوفي في العام الثالث والثمانين من نفس القرن، وهذا ما يعني أنه قد عاصر الحكم المغولي لتلك البلاد، وتذكر المصادر التاريخية أنه قد تولى القضاء في أكثر من بلدة مجاورة له، هذا بجانب كونه فقيهًا ومدرسًا يحبه جميع الطلاب، وقد ذكر أيضًا أن سلاحه كان كلمته فهو واعظ ذو مهارة عالية في الحديث، يعطي الكثير من الدروس والمواعظ والنكات والطرائف التي تأثر قلوب السامعين له، ولذا كانت مجالسه مليئة بالناس المحبين لمثل هذه الكلمات.

جحا مع العميان

من ضمن القصص والحكايات الشائعة عن شخصية جحا هي حكاية جحا مع العميان حيث أنه قد مر في أحد الأيام على مجموعة من العميان الجالسين على جنبات الطريق، فنظر إليهم جحا وقرر في نفسه أن يسخر منهم ويقوم ببعض الفكاهة معهم، فأخرج كيس من النقود المعدنية وقام بتحريكه حتى يصدر الصوت المعروف عنه، ثم قال لهؤلاء العميان خذوا النقود ووزعها فيما بينكم بالتساوي ففرحوا وأخذوا يبحثوا فيما بينهم عن من الذي ألقى إليه جحا كيس النقود، ولكن في الحقيقة جحا لم يرمي الكيس إليهم وفعل ذلك الأمر لكي ينظر إليهم من بعيد ويضحك على حالهم تلك، فتشاجر العميان ظنًا منهم أن هناك من أخذ الأموال ولا يريد أن يقول ذلك لكي يستأثر بها لنفسه، فظلوا يتعاركون ويحدثون بعضهم بأن يأخذ كل واحد منهم نصيبه من النقود، وفي أثناء هذه المشاجرة كان جحا يقف أمامهم يضحك كثيرًا.

جحا مع المهر

في يوم من الأيام كان جحا يريد السفر إلى أحد البلاد ولكن لم يكن لديه أية وسيلة ليركبها وتوصله إلى البلد المطلوب، فسار على قدميه مسافة كبيرة حتى تعب جدًا ولم يقدر على مواصلة السير فجلس في الصحراء يدعوا الله أن يرسل إليه حمارًا يركبه ويكمل به رحلته، وبعدما دعا الله رأي رجلًا قادمًا إليه يركب فرس ومعه مهر صغير، فنظر إلى جحا وقال له قم يا أيها الكسول وأحمل المهر الذي تعب من المسير، فقام جحا متلكئًا لا يريد فعل مثل هذا الأمر فضربه الرجل بالسوط فخاف جحا وحمل المهر، وبعدما ساروا بضعة كيلو مترات لم يقدر جحا على إكمال الطريق فسقط على الأرض وكادت أنفاسه أن تنتهي.

فنظر إليه الرجل وضربه بالسوط لكي ينهض ويكمل الطريق ولكن جحا لم يتحرك من مكانه، فقال له الرجل يا لك من رجل كسول ليس منك منفعة ثم تركه وذهب بمفرده مع الفرس والمهر، فقال جحا “يا الله لقد دعوتك أن ترسل لي حمار أركبه وأكمل به طريقي، فأرسلت لي مهرًا يركبني!”.

جحا وابنه والحمار

نأتي هنا للحديث عن قصة أخرى من قصص شخصية جحا ألا وهي قصة جحا وابنه والحمار وتعد هذه القصة أحد أكثر القصص شيوعًا عن جحا، فقد كان جحا يسير ذات يوم ومعه ابنه والحمار ذاهبين إلى إحدى القرى، وأثناء مسيرهم شاهدهم الناس فضحكوا عليهم وقالوا تسيران على قدميكما ولا تركبان الحمار ما هذه الحماقة، فنظر جحا إلى ولده ثم كررا أن يركب جحا الحمار ويسير ابنه بجانبهم وعندما دخلوا قرية أخرى نظر إليهم الناس متعجبين، وقالوا ما لهذا الرجل يركب على الحمار ويترك ابنه على الأرض متعبًا أين رحمة الآباء، فقرر جحا أن ينزل من على الحمار ويركب ابنه مكانه وبعد القليل من الوقت دخلوا قرية أخرى.

فنظر إليهم الناس وقالوا ما لهذا الولد يركب الحمار ويترك والده يسير على قدميه وهو رجل كبير في السن، ففكر جحا قليلًا ثم كرر أن يركب هو وابنه الحمار معًا، وبعدما ركبوا ودخلوا قرية أخرى شاهدهم الناس وغضبوا من تحميل الحمار طاقة فوق طاقته وقالوا له يا رجل أين الرأفة بالحيوان، فنزل جحا وولده من على الحمار وقرر أن يبيعه عندما يصل إلى السوق وهذا ما حدث بالفعل، ولكن هذه القصة يشاع عنها أنها ليست حقيقة وملفقة عن شخصية جحا .

الكاتب: أحمد حمد

ابراهيم جعفر

مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

أضف تعليق

تسعة عشر − 3 =