تُعتبر عملية تجنب الكوابيس عملية مهمة جدًا يسعى كل الناس إلى إتقانها، فأن تُراودك الكوابيس هذا أمر سيء بالتأكيد، لكن أن تستمر بها وترتضي بوجودها في حياتك فهذا أمر أسوأ، لذلك يجب عليك أن تتعرف أولًا على أسبابها ثم بعد ذلك تبدأ في معرفة الطرق التي تُمكنك حقًا من تجنبها، وهي بالمناسبة طرق صحيحة تستند على أساس علمي وليس مجرد ترهات كما قد يتخيل البعض، والذين يظنون أن وجود الكوابيس في الأصل أمر يتوقف على الأشخاص وحياتهم وليس لأنه طبيعة وعادة في كل شخص مهما كانت حياته جيدة أو سيئة، ما يتغير فقط هو حِدة تلك الكوابيس واختلافها من نائم على آخر، لكنها في النهاية تبقى ثابتة وموجودة مهما حاولنا إغفال ذلك، عمومًا، في السطور القليلة المُقبلة سوف نتعرف سويًا على الكوابيس والأسباب التي تؤدي إلى حدوثها وطبعًا الشيء الأهم هو معرفة كيفية تجنبها والاستراحة منها.
ما المقصود بالكوابيس؟
بالتأكيد قبل أن تتعرف على طريقة تجنب الكوابيس يجب عليك أن تعرف أولًا المقصود بها، فليس كل ما نراه خلال النوم يُمكن تسميته بالكوابيس، وإلا فإنه ليس هناك مقياس حقيقي للتفريق بينها وبين الأحلام، لكنها في الواقع قريبة بعض الشيء لأنها بنهاية المطاف نوع من أنواع الأحلام التي تحدث خلال النوم مستغلةً يقظة العقل وخضوع الجسم في نومٍ عميق وغياب تام عن الوعي، لكن ما يُميز الكوابيس عن الأحلام أنها ترتبط بشعور آخر غريب، وهو شعور الخوف والقلق، والحقيقة أن درجة الخوف والقلق هذه قد تصل شدته إلى الدرجة التي تؤثر في الجسم وتجعله ينتفض ويُعيد إلى نفسه الحياة في وقت مُخالف للوقت الذي يجب الاستيقاظ به، ومما سبق يتضح أن الكوابيس مجرد إرهاصات مصحوبة بالقلق والخوف والقوة الكافية لانتزاع الشخص من النوم، وهو ما لا تتمكن الأحلام من فعله بالمناسبة.
أسباب تواجد الكوابيس
قبل خطوة التعرف على طريقة تجنب الكوابيس نحن في حاجة أولًا للتعرف على الأسباب التي تؤدي إلى وجودها من الأساس، فكما يقولون، إذا عُرف السبب بطل العجب، وبالطبع نحن نتحدث عن شيء قد يبدو عجيبًا وغامضًا بعض الشيء، لكنه لن يكون كذلك بعد التعرف على أسبابه، والتي أهمها بالتأكيد تغير درجة الحرارة الخاصة بالجسم.
تغير درجة الحرارة
من المُفترض أن درجة الحرارة داخل الجسم واحدة وثابتة، ربما تتغير في بعض الأوقات وتمر الأمور بخير، لكن عندما يتعلق الأمر بالنوم فإن تغير درجة الحرارة يؤثر بصورة سلبية تصل إلى الكوابيس، ولهذا فإن بعض حالات الوفاة قد تأتي أثناء النوم بسبب انخفاض درجة الحرارة الخاصة بالجسم، مما يدل بالطبع على خطورة الوضع وأهميته.
الضغوط النفسية والعائلية
أسوأ شيء يُمكن أن نقول أنه يُسبب الكوابيس ويُساهم في تفاقمها هو الضغط النفسي، فاستجابة العقل أثناء النوم تكون راجعة أكثر للنفسية، فإن كان مثلًا سعيدًا ويُريد شيء ما فإن الاستجابة سوف تأتي في صورة حلم يتواجد به ذلك الشيء في صورة التحقيق، وكذلك الأمر تمامًا في صورة الكوابيس عندما تكون النفسية غير جيدة ومُحملة بالكثير من الضغوط، الأدهى من كل ذلك أن تكون تلك الضغوط عالية في المقام الأول، فهذا النوع من الضغوط يكون أشد تأثيرًا وأقل احتمالية في التعافي منه قبل أن تحدث أحد أبرز نتائجه، والتي هي ببساطة جرعة كوابيس.
الوجبات الدسمة
ربما يكون هذا الأمر غريبًا بالنسبة لبعضكم، لكن الحقيقة أن الوجبات الدسمة يُمكن أن تكون كذلك سببًا في الكوابيس التي ترونها عند النوم، وربما نصح الأطباء بعضكم من قبل بألا يأكلوا ثم يذهبوا للنوم مباشرةً لأن هذا الأمر سوف يؤثر عليهم صحيًا، لكن الأمر لا يتعلق بالصحة فقط، بل إن الكوابيس كذلك تكون حاضرة، فالمعدة عندما تعمل بعد الطعام مباشرةً تكون استجابتها أقل مما يتسبب في إرسال إشارة إلى المخ يتم ترجمتها في صورة كوابيس مُزعجة كان من الممكن ألا تتواجد بالأساس لو تناولنا الوجبة ونمنا بعدها بفارق أربع ساعات على الأقل.
النوم الخاطئ والتفكير السلبي
طرق النوم كذلك تقف عائقًا أمام النوم الهادئ وتجعلك على حافة الكوابيس باستمرار، فالناس غالبًا تظن أنها عندما تخلد إلى النوم فلن يُشكل فارقًا أن يكون ذلك النوم بطريقة صحيحة أو خاطئة، المهم في النهاية بالنسبة لهم أن يحدث النوم، لكن الجسم في بعض الأحيان لا يتجاوب مع العقل في هذه الوضعيات ويبدأ في معاقبته من خلال الكوابيس، والأسوأ من هذا أن تقوم قبل نوم بأخذ جرعة من التفكير السلبي المُقلق أو الموتر، فهذه طريقة أخرى من النوم الخاطئ سوف تؤدي إلى نفس النتيجة، وهي الكوابيس، تلك التي ستُعاني كي تتجنبها.
طريقة من طُرق الشيطان
بالتأكيد لا يُمكن مناقشة أمر هام كهذا دون أن نتطرق إلى الجانب الديني، فالدين حياة كما نعلم جميعًا، ولابد أنه لم يتغافل عن أمر يشغل الإنسان مثل تجنب الكوابيس والأسباب التي تؤدي إليها في الأساس، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في أحد الأحاديث أن الكوابيس من الشيطان بينما الأحلام تكون من الله عز وجل، وهذا ما يُفسر كرهنا الشديد للكوابيس وعشقنا الكبير للأحلام بكل تأكيد، فعندما تضع رأسك على الوسادة فإن أول شيء سوف تتمناه هو أن ترى حلمًا جميلًا يجعلك تعيش قدر من اللازمان في سعادة، بينما ستكره أن تكون عاقبتك هي الكوابيس المُزعجة.
كيفية تجنب الكوابيس
الأهم من ذكر الأسباب بالتأكيد أن نذكر الحلول، فعندما تستعرض أي مشكلة يكون التمني الأول لك بالطبع أن تخرج في النهاية بحلول، وبالنسبة لمشكلة الكوابيس فقد اجتهد الجميع لوضع بعض الأمور التي من شأنها أن تُسهل عملية تجنب الكوابيس، وأهمها بالطبع التخلص من المشاكل المُحيطة.
التخلص من المشاكل المُحيطة
يُحيط بالإنسان دائمًا الكثير من المشاكل، فكل باب يُمكن أن تفتحه عليك في يومٍ من الأيام سوف يحمل خلفه المشاكل تباعًا، سواء كان ذلك الباب هو باب الزواج أو باب الإنجاب أو العمل، لذلك فإنك عندما تنم مشحونًا بتلك المشاكل فسوف يكون من الطبيعي جدًا أن تُحاصرك الكوابيس عند نومك وتتمكن منك، وكل ما عليك من أجل تجنب الكوابيس التي تأتي بهذا سبب أن تقوم بحل تلك المشاكل قبل نومك، أو على أقل تقدير وضع خطط للقضاء عليها في أسرع وقت، إذا كنت ملعونًا بالكوابيس جرب ذلك الأمر وسترى تغيرًا كبيرًا في هذا الشأن.
الابتعاد عن العمل الشاق قبل النوم
بعض الناس يفعلون أمورًا ويرون أنها لا تمتلك أدنى علاقة بالكوابيس، لكنهم بالطبع يكونون مُخطئين تمامًا، ومن ضمن هذه الأمور مثلًا بذل الكثير من الجهد قبل النوم دون أن يكون هناك حاجة لذلك، وحتى لو كان ثمة حاجة لذلك الجهد فلا يجب أبدًا أن يسبق النوم مباشرةً لأنه يؤثر عليه تأثيرًا سلبيًا، فقد يؤدي به إلى الكثير من الكوابيس وأضغاث الأحلام، لذلك، وببساطة شديدة، يجب علينا أن نضع خططًا للقيام بعملنا وتحديد المواعيد المناسبة لذلك الأمر بحيث لا تتعارض مع أوقات نومنا مما يؤدي بنا إلى مجموعة مشاكل لا نتمنى أبدًا حدوثها.
النوم ست ساعات على الأقل يوميًا
من ضمن طرق تجنب الكوابيس أيضًا أن نُحدد لأنفسنا عدد معين من ساعات النوم يسمح لنا بأخذ القسط الذي نحتاج إليه من الراحة بحيث نتجنب الكوابيس أفضل تجنب ممكن، وذلك القسط الذي سنحتاج إليه غالبًا ما يكون ست ساعات فما فوق، وأي مُعدل أقل من ذلك فإنه سوف يأخذنا إلى دائرة الكوابيس، حيث المُعاناة الشديدة مع أضغاث الأحلام، عمومًا، الجسم نفسه لا يقبل بأقل من ذلك المُعدل، إلا إذا كان الشخص يتناول المنبهات والمخدرات والأدوية المحظورة، ففي هذه الحالة يكون الأمر أكثر اختلافًا وأكثر قابلية للمعاناة.
تجنب التدخين والأطعمة الدسمة
إذا ما أردت كذلك تجنب الكوابيس فإنه ثمة أشياء يجب عليك تجنبها تجنبًا تامًا، وعلى رأس تلك الأشياء التدخين والأطعمة الدسمة، أما التدخين فإنه من البديهي أن نتجنبه في كل وقت حفاظًا على صحتنا التي يقوم بتهديدها، ونحن بذلك نتحدث عن مشاكل الرئة والقلب، لكن إذا ما أردنا تحديد أسباب للكوابيس فسوف يكون التدخين أحد هذه الأسباب بسبب قدرته الكبيرة على حث المزاج إلى الاضطراب وبالتالي الدخول في تلك الدوامة التي عادةً ما تنتهي بالكوابيس، أما فيما يتعلق بالأطعمة الدسمة فهي كذلك داء شديد إذا سبقت النوم مباشرةً، ولذلك فإن الأطباء والعقلاء ينصحون دائمًا بأن يتم إبعاد النوم عن أوقات الطعام على الأقل بأربع ساعات، فهذا المُعدل قد يكون كافيًا لتحقيق تجنب الكوابيس.
ذكر أذكار النوم
الحل الشرعي بالطبع لا خلاف أو غنى عنه فالقرآن الكريم والنبي عليه الصلاة والسلام، أو الشريعة الإسلامية بمعنى عام، يولون كل الاهتمام بالمسلم والأمور التي تتعلق به، ومن ضمن هذه الأمور تلك الكوابيس التي تُداهمه عند النوم، فالمسلم بالذات عندما يُصاب بتلك الكوابيس سوف يلجأ مباشرةً إلى شريعته للبحث عن حلول لها، والحقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر بعض الأحاديث التي تُساعد على تجنب الكوابيس، كما أشار إلى أنها شيء من عمل الشيطان، ولهذا يجب علينا التعرف على الأذكار التي أمر بها النبي ومحاولة حفظها كي نخرج في النهاية بنتيجة مُطمئنة تتمثل في اختفاء الكوابيس اختفاءً تامًا، وهذا ما عودنا عليه الطب النبوي دائمًا.
ختامًا، ليس علينا أبدًا أن ننقم من الكوابيس، وإن كان شيئًا سيئًا ومؤذيًا فإن تلك الأذية تقتصر في النهاية على وقت النوم، وجميعنا يعرف أن المؤمن مصاب، لكن في نفس الوقت إذا أردنا وضع حلولًا لها فلا يجب أن نلجأ إلى تلك الحلول التي تعتمد على الدجل والشعوذة، وإنما يجب أن تكون حلول منطقية تتضمن مع ذكرناه قبل قليل.
أضف تعليق