تسعة اولاد
الرئيسية » دروس » الكشافة : لم تعتبر مهمة لتنمية مهاراتك وزيادة اعتمادك على نفسك

الكشافة : لم تعتبر مهمة لتنمية مهاراتك وزيادة اعتمادك على نفسك

الكشافة

الكشافة واحدة من أهم المهارات التي تم اكتشافها والعمل بها بقصد تنمية المهارات وفي نفس الوقت زيادة قيمة الاعتماد على النفس، لكن السؤال الذي ربما يستحق الطرح في هذا التوقيت، كيف يُمكن اعتبار الكشافة سببًا في القيام بما ذكرناه الآن؟

مما لا شك فيه أن الكشافة باتت الآن شيء ضروري بالنسبة لأي شاب وفتاة يرغبون في أن يطوروا من مهاراتهم ويتحولوا إلى كيان آخر أقوى بكثير من الكيان الذي يتواجدون عليه بالفعل، فالشخص العادي دون الحصول على مهارات الكشَّافة لا يُمكن بأية حال من الأحوال مقارنته بذلك الشخص الذي حصل على تعليم ولو بسيط في فرق الكشَّافة المختلفة مهما كان السن الذي حدث فيه ذلك، ففي النهاية يوم الكشافة أكبر بكثير من يوم الشخص العادي وأكثر إفادة، وربما المشكلة الكبيرة هنا أن بعض الناس لا يدركون حقًا قيمة الكشافة وبالتالي لا يلتحقون بها ولا يشجعون ذويهم على ذلك، وهو أمر خطير نتج عنه خروج جيل لا ينعم بأقل حد ممكن من المهارات، على العموم، في السطور المقبلة سوف نُبين سويًا كيفية ضلوع الكشافة في تنمية المهارات ودورها في زيادة فكرة الاعتماد على النفس.

تعريف الكشافة

قبل أن ندلف إلى بعض الأمور الخاصة جدًا بعمل الكشافة وكيف هي تُستخدم كأداة لتطوير المهارات والقدرات فإنه من الواجب علينا أولًا التعرف على تعريف الكشَّافة وماهيتها إن جاز التعبير، فهي تُعبر عن حركة شبابية توعوية وتربوية في المقام الأول، هدفها الرئيسي إكساب الشباب قدرات ومهارات من المفترض أنهم لا يتمتعون بها في الظروف الطبيعية، وكما هو واضح فإن الكشافة تهتم فقط بفئة الشباب، والتي قد تبدأ فعليًا من سن السادسة عشر، وهذا يعني ببساطة أن من يتجاوزون هذا سن الأربعين أو الخامسة والثلاثين مثلًا ليس بمقدورهم الانضمام إلى حركة الكشافة، وحتى لو انضموا بالفعل فإنهم بهذه الطريقة لن يكونوا جزء من الكشَّافة التي نتحدث عنها ونُطالب بها، وإنما سيكون الأمر مجرد تدريب عادي غرضه زيادة القدرات وكذلك تنمية المهارات الخاصة.

الالتحاق بالكشافة يُمكن أن يتم بأكثر من طريقة، لكن غالبًا ما تكون المدرسة هي المنفذ الرئيسي والأول، وبتحديد أكثر المرحلة الإعدادية، ثم بنسبة أكبر المرحلة الثانوية وبنسبة أكبر وأكبر مرحلة الجامعة، إذ أن أكثر من ستين بالمئة من قوام المنضمين إلى حركة الكشافة على مستوى العالم غالبًا ما يكونون بالأساس من طلبة الجامعات، وطبعًا ليس مطلوب منك للانضمام إلى هذا الفريق أي مساهمات مادية، فهي أمر توعوي خيري من الدرجة الأولى، حتى الأموال التي قد تدفعها في يوم من الأيام تكون من أجل إتمام نشاط خاص بك وليس كمقابل عن انضمام لحركة الكشَّافة بشكل عام، وبما أننا نتحدث الآن عن شكل الانضمام وأمور متعلقة جدًا بكينونة الكشافة فبكل تأكيد سوف يكون هناك توق شديد لمعرفة بدايتها وتأسيسها.

نشأة الكشافة

قلنا قبل قليل ونُكرر مجددًا بأن الكشافة ليست فكرة جديدة من حيث كونها كيان عام غاية الأهمية في ناحية تطوير المهارات والقدرات، لكن إذا أردنا وضع نشأة لفكرة الكشَّافة بشكلها الحالي فإننا وبكل تأكيد سنكون أمام وضع مختلف، فقد نشأت الكشافة عام 1907 على يد بادن باول، وهو لورد سابق في الجيش كان يرى في مسألة الكشَّافة مسألة حياة أو موت بالنسبة للأجيال القديمة، والتي كانت قبل هذا الوقت شبه خائرة ولا تقوى على مساعدة نفسها وليس غيرها، ولذلك قرر بادن إنشاء جيش من الشباب يكون بمقدوره مساعدة نفسه ذاتيًا بحيث يمتلك القدرات والمهارات اللازمة للقيام بذلك، وقد واجه بادن في البداية عدة صعوبات من أجل إتمام هذا المشروع الذي كان داعيًا للسخرية من وجهة نظر البعض، لكن في النهاية أثبت الرجل صحة ما يُفكر به وأصبح مشروع الكشافة مشروع قومي فارق جدًا في حياة الشعوب.

أهمية الكشافة

الآن نحن نعرف تقريبًا نصف ما يجب معرفته عن الكشافة الحديثة، فنحن مُلمين بتعريفها وفي نفس الوقت مُلمين بنشأتها، بقي لنا التعرف على أهميتها وكيفية عملها، ولتكن البداية بأهميتها، حيث أن الكشَّافة لم تنشئ فقط من أجل التواجد وشغل قدر كبير من الوقت، وإنما كان لها أهداف اتضح أنها تصلح كذلك كأهميات، وعلى رأسها زيادة دور العمل الجماعي.

زيادة دور العمل الجماعي

أول الأمور التي تُظهر أهمية الكشافة وتجعلنا نتمسك بها كونها في الأساس ترسخ لفكرة العمل الجماعي وتُزيد من دوره، فالجميع يعرف طبعًا أن الشخص مهما كانت قدراته فإنه في يوم من الأيام سوف يلجأ للعمل الجماعي ويكون في حاجة ماسة له، ومن هنا تظهر أهمية ودور الكشافة، إذ أنه خلال فترة تواجدك فيها سوف يكون بمقدورك الحصول على ذلك القدر الكبير من العمل الجماعي مما يسمح لك باستخدامه في حياتك لاحقًا.

تنمية الروح الوطنية

الكشافة في أي بلد في العالم تُرسخ للوطنية بصورة كبيرة جدًا، لذلك فإنك عندما تلتحق بذلك الكيان فإنك ستضمن بصورة مؤكدة أن الروح الوطنية لديك وحبك لوطنك وخوفك وحرصك عليه سوف يتم تنميتهما، وربما قيمة هامة مثل هذه ليس من الممكن اكتسابها من أماكن أخرى كثيرة منوطة بها، ومن هنا يظهر دور الكشافة المثالية والأهمية التي يُمثلها.

بث روح القائد واحترامه

كذلك من الأمور التي يُمكن عدها ضمن أهمية الكشَّافة كونها تبث روح القائد داخل الشخص، وروح القائد لا يُقصد بها مجرد التحول إلى قائد وامتلاك الصفات الخاصة به، وإنما أيضًا امتلاك الصفات الخاصة بإطاعة القائد ومعرفة دوره وكيفية اختيار القائد من الأساس، فكل هذه أمور لا يُمكن كذلك اكتسبها بسهولة وكيان الكشَّافة يؤديها على أفضل نحو ممكن، وربما سيكون ذلك مدهشًا بالنسبة لبعضكم إلا أن أغلب القادة والمتقلدين للمناصب الهامة في العالم بذلك التوقيت قد مروا أساسًا بعملية التعلم من خلال الكشافة فهي ببساطة تصنع القائد والتابعين له.

اكتساب الصفات الحميدة

ليس هناك شك طبعًا في كون الكشافة سوف تُكسب الشخص الذي يلتحق بها مجموعة كبيرة من الصفات الحميدة، والحقيقة أن هذا الأمر مفروغ منه نظرًا لوجود قانون في الأساس يقوم على أحقية وأهمية تعلم فرد الكشَّافة بعض الأمور الرئيسية أو اكتساب صفات معينة، بل وإن عدم وجود تلك الصفات يُمكن أن يجعله أساسًا غير جدير بالالتحاق بالكشافة، هذه الصفات منها الصدق والأمانة والبشاشة والرغبة في مساعدة الآخرين والكثير من الأمور الأخرى التي تندرج تحت هذا السياق، ولذلك نؤكد لكم على أن دخول عالم الكشافة أمر لا خلاف مطلقًا على جدواه وأهميته.

إشعار الفرد بوجوده

كذلك من الأشياء التي تقدمها الكشافة وتبرع جدًا في تقديمها فكرة إشعار الفرد بوجوده، فأنت عزيزي القارئ لست مجرد حيوان كي تأكل وتشرب وتعمل، فكل هذا لعلمك معمول به من كل الكائنات على وجه الأرض، وإنما فقط ما يُمكن القول إنه سيميزك هو القيام بشيء يُشعرك أنت أولًا بوجودك، وربما الكشَّافة هي الأكثر براعةً في فعل ذلك من خلال المهارات والقدرات الخاصة التي تُكسبها لك بخلاف دورها في وضع فائدة خاصة وميزة لك يُمكنك استخدامها وبالتالي الشعور بوجودك.

قانون الكشافة

بعد أن تعرفنا على أهمية الكشَّافة فإنه قد بقيت نقطة في غاية الأهمية تتعلق بقانون الكشَّافة السائد، إذ ثمة ما يربو عن العشر صفات يتم اعتبارها لازمًا على كل شخص يلتحق بعالم الكشَّافة المثير، ولأننا نريد الوضوح فسوف نتناول كل ثلاث نقاط متقاربة في عنصر واحد، بحيث أننا في نهاية هذه العناصر سوف نخرج بالنهاية بكل مفردات قانون الكشافة.

صادق ومخلص ونافع

طبعًا الصفات الثلاث لا تستدعي الكثير من النقاش، فالشخص الذي يلتحق بعالم الكشافة عليه في المقام الأول أن يكون صادقًا، وإلا فإنه لن يُصبح محل ثقة من القادة وكذلك الذين يرقبونه، أما بالنسبة لصفة الإخلاص فهي لا تحتاج للشرح، إذ أن الشخص يجب عليه أن يكون مخلصًا سواء خارج الكشافة أو داخلها، لكن داخل الكشَّافة فلا وجود أساسًا لغير المخلص، وبالتأكيد صفة النفع تشرح نفسها تمامًا، فعندما تكون غير نافع وليست ثمة فائدة تُرجى منك فإنك بالأصل لن تكون مؤهلًا للانضمام إلى كيان مثل الكشافة، ولذلك نؤكد بأن تلك الصفات الثلاث المذكورة ضرورية بنسبة مئة بالمئة.

ودود مؤدب ورقيق

أيضًا ضمن قانون الكشَّافة العالمي أن يمتاز الشخص المنتسب لهذا الكيان بعدة صفات إضافية أهمها أن يكون ودود، فهو سيحتك طبعًا بالآخرين وبالتالي سوف يكون مجال التعرض المباشر بهم متاحًا، وهنا سوف يظهر الود الذي يجب أن يتحلى به فرد الكشافة كقانون من القوانين الخاصة به، أما فيما يتعلق بفكرة الأدب فطبعًا لا يخفى على أحد أن الوقاحة، وهي المعنى المُغاير للأدب، مصطلح لا يُطلق أبدًا على أي شخص مثالي، وطالب الكشافة طالب مثالي، وفيما يتعلق بالرقة فهي مُقاربة كثيرًا لحالة الود التي تحدثنا، لكن الأمر هنا أكثر تفصيلًا، فالرقيق أكثر تعاطفُا وحبُا من الودود.

مطيع باش ومقتصد

لا نزال مع الصفات التي يُمكن اعتبارها في نفس الوقت من قواعد الكشافة الرئيسية، وهذه المرة نتحول إلى صفة المطيع، فالشخص المُطيع مطلوب بشدة داخل هذا الكيان لأنه يُساعد في نمو عمل المجموعة، والطاعة هنا تكون للقادة والمسئولين فقط، أما فيما يتعلق بالشخص المبتسم أو البشوش فهذا بالتأكيد أمر بديهي، إذ أن البسمة سوف تُصدر منظور إيجابي عن الكيان الذي تُمثله، بينما الشخص المُقتصد فربما البعض قد يظن أن امتلاك بقية الصفات المذكورة أهم بكثير من امتلاك صفة الاقتصاد والتوفير، لكن الكشافة تُغير هذا الاعتقاد تمامًا لكونها تتخصص أساسًا في تعليم المنتمي لها الاقتصاد والتوفير ووضع الأموال أو الموارد في نصابها الصحيح.

نظيف وشجاع

أخيرًا ضمن قواعد الكشافة أو الصفات التي يجب امتلاكها عند الالتحاق بهذا الكيان أن يكون الشخص المُلتحق نظيفًا، فالنظافة في الأساس تُعتبر سلمًا لتحقيق كل ما تحدثنا عنه، إذ أن الشخص الغير نظيف لا يُعد ودودًا، وبالتالي لا يتقرب الناس منه ولا يطلبون مساعدته أو أي شيء من هذا القبيل، كذلك دعونا لا ننسى السعادة وأهميتها الكبرى في تصدير صورة إيجابية عن فرد الكشَّافة إذ أن الشجاعة تجعلنا ننظر إلى الشخص نظرة مختلفة حتى لو لم يكن يمتلك تلك القوة التي تدعم هذه الشجاعة، فالشجاعة في الأساس أن تخاطر بموقف قوة دون امتلاكك لها.

ختامًا، دعونا نقول في نهاية المطاف أن الكشافة شرف وسبيل كبير لتحقيق تلك المبادئ والأهداف التي طالما تحدثنا عنها خلال المقال، لذلك فإن عليك أولًا الانضمام لهذا الكيان الكبير ثم انتظار تحقيق هذه الأشياء الجيدة المذكورة.

ابراهيم جعفر

مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

أضف تعليق

خمسة × أربعة =