تسعة اولاد
الرئيسية » حقائق » تعرف على الفوارق بين القراءة الصامتة والقراءة الجهرية

تعرف على الفوارق بين القراءة الصامتة والقراءة الجهرية

القراءة الصامتة

القراءة الصامتة أحد طرق القراءة الشائعة، والحقيقة أن الانسان يلجأ إلى هذا النوع من القراءة في مواقف معينة ومن أجل تلافي عدة مشاكل، منها ما يستدعي الإحراج .

تعتبر القراءة الصامتة أحد أهم طرق القراءة المعروفة، والحقيقة أن القراءة بشكل عام عملية حيوية وهامة في حياة البشر، لكن بعض الأحيان لا يتطلب الوضع الجهر بهذه العملية لعدة أسباب، منها مثلًا تلافي الشخص للإحراج نتيجة لعد إتقانه لبعض الأمور المتعلقة بالقراءة والكتابة مثل الأخطاء اللغوية والنحوية مثلًا، هذا وقد تكون القراءة الصامتة رغبةً في القارئ بعدم إزعاج الآخرين معه، لأن القراءة في النهاية فعل يصدر عنها أصوات قد ترتقي إلى مستوى الضوضاء، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على أنواع القراءة، وخاصة القراءة الصامتة، وأهم المميزات والعيوب المتعلقة بها.

ما هي القراءة؟

قبل أن نتحدث عن القراءة الصامتة دعونا أولًا نتعرف على القراءة بشكل عام، فهي عملية عقلية تستهدف تنشيط المخ وتزويده بالمعلومات اللازمة، وهي في أغلب الأحيان تنوب عن الحديث وتقوم بتوصيل نفس القدر من المعلومات، الفارق فقط أن الطريقة تختلف، لكن الهدف في النهاية واحد.

من الطبيعي أن يكون تعرف البشر على القراءة قد أتى بعد تعرفهم على الكتابة، لأنه إذ لم يكن هناك شيء مكتوب فبالتبعية ليس هناك شيء مقروء، ولقد استغرق الإنسان وقتًا طويلًا حتى يتعرف على الكتابة ومن ثم القراءة، لكن العمليتان يتوقع أنهما قد حدثا بعد بداية الحياة البشرية بعشرة قرون، عمومًا، كان الدارج في القراءة هو أسلوب القراءة الجهرية، هذا قبل أن تظهر القراءة الصامتة وتأخذ مساحة كبيرة بين القراء.

القراءة الصامتة مميزاتها وعيوبها

في القراءة الصامتة يكون للعنين الدور الرئيسي في العملية برمتها، فهي التي تُمرر المُقلتين فوق الأحرف كي تفك رموزها، ثم يردد القلب داخليًا ما تم قراءته، والحقيقة أن نفس الاستفادة تقريبًا تحدث من القراءة الصامتة والقراءة الجهورة على حدٍ سواء، إلا أن الأمر لا يخلو في النهاية من المميزات والعيوب لذلك النوع المثير من القراءة، وهو النوع الصامت، وإذا ما بدأنا باستعراض المميزات فسنجد أن التركيز الذي تمنحه للقارئ يُعتبر الميزة الأولى والأساسية لها.

التركيز، الميزة الأولى

عندما تقرأ الكلمات بصمت فإنك لا تُركز على كيفية نطقها وتشكيلها، وبالتالي فإنك تصب كل اهتمامك بمدلول الكلمة وليس شكلها، وهو الهدف من القراءة بشكل عام، وما لا يتوافر غالبًا سوى في القراءة الصامتة، كما أنك عندما تقرأ أيضًا لا تُلفت نظر الآخرين إلى أنك تقرأ من الأساس، وهو ما يمنح الشخص قدرة أكثر على التركيز وعدم الانشغال بالعالم الخارجي أو شغل العالم الخارجي به، والحقيقة أن التركيز شيء مطلوب جدًا في القراءة لأنه بمثابة نصف الفهم إذ لم يكن الفهم كله، فهل وجدتم من قبل شخص لا يُركز فيما يقرأ ومع ذلك يفهمه!

اختصار الوقت

من مميزات القراءة الصامتة أيضًا قدرتها الكبيرة على اختصار الوقت، فإذا قارنا بين الوقت المُستغرق في قراءة كتاب ما بعدد معين من الصفحات فسيجد أنه يستغرق في القراءة الجهرية أضعاف ما يستغرقه في الكتابة الصامتة، وهو أمر يسهل ملاحظته، بالإضافة إلى الشيء البديهي الآخر، وهو أن القراءة الصامتة أسرع وأكثر حصدًا للاستفادة، والواقع أننا إذا افترضنا مثلًا أن ثمة شخص مُطالب بإنجاز قدر معين من القراءة في وقت محدود، فبالتأكيد أول ما سيلجأ إليه ويُفكر به هو القراءة الصامتة، لأنها المحافظ الأول على وقته المُفترض أنه ثمين.

التستر على الأخطاء اللغوية

من ضمن الأشياء التي قد تُصيب الأشخاص بالتعقيد من ناحية القراء بشكل عام والجهرية بشكل خاص هي وجود بعض الأخطاء اللغوية، والتي لن يتركها البعض دون أن يتصيدوا لهم هذه الأخطاء ويُصيبوهم بالإحراج، ولذلك يلجئون إلى ذلك النوع من القراءة من أجل التستر على الأخطاء اللغوية وتجنب الإحراج الذي يصيبهم في هذه الحالات، والحقيقة أنه بالرغم من كون هذا الحل حل جيد ويُفيد حقًا في الإفلات من مصيدة الخطأ إلا أنه لا يُعلّم صاحبه، حيث سيظل كما هو ولن يُصلح من أخطائه، لأنه وببساطة شديدة قد اختار طريق الهرب وليس المواجهة.

تعويد الطلاب القراءة

بالنسبة للطلاب والتلاميذ الصغار فإنه ثمة مرحلة يمرون بها تسمى مرحلة التعود، فالطالب بالطبع لا يولد مُجيدًا للقراءة والكتابة، وإنما يتعلم هذه المهارات مع الوقت، ولذلك يحرص المدرسين على إلزام الطلاب في البداية بتجريب القراءة الصامتة مع أنفسهم بشكل منفرد، ثم بعد ذلك يكررون نفس الأمر أمام زملائهم والآخرين لكن بصورة جهرية، وهذه الاستراتيجية هي ما نطلق عليها استراتيجية صعود السلم خطوة تلو الأخرى.

عيوب القراءة الصامتة

بكل أسف لا تخلو القراءة الصامتة من العيوب، لا يخلو أي شيء من العيوب بشكل عام، لكن، فيما يتعلق بموضوع القراءة فإن القدر التي ستجنيه من مكاسب سوف تكون مضطرًا إلى فقدان ما يوازيه أو يُقاربه على الأقل من خسائر، وإذا ما حاولنا تطبيق هذا الأمر على القراءة فسوف نجد أنفسنا أمام بعض العيوب، أهمها على الإطلاق ضعف التواصل.

ضعف التواصل الاجتماعي

بالرغم من أن القراءة الصامتة توفر الوقت إلا أنها تتسبب في إفقاد الشخص لقدرته على التواصل الاجتماعي، وتجعله تحت وطأة الخجل دائمًا، فهو في الأصل لم يعتد على التحدث والقراءة بصوت جهور، لذلك يقع في المشاكل عندما يُقدم على ذلك، وعلى العكس تمامًا فإن الاختلاط والتجريب أمامهم ينزع منه الرهبة والخوف ويجعله قادرًا على مواجهة المجتمع، وبالتأكيد أنتم تسخرون من قدرة أمر بسيط مثل القراءة الصامتة على إحداث ذلك الأثر، لكن الحقيقة أن هذا أمر واقع بالفعل ويمكنكم ملاحظته من خلال سلوكيات أطفالكم الذين يعيشون حالات من الانطواء.

ضعف اللغة وعدم تقويتها

يعج المُقدم على القراءة الصامتة بالكثير من أخطاء النطق واللغة، فهو لا يعرف القواعد ويتهرب منها من خلال القراءة الصامتة، والحقيقة أنه يعتقد بذلك التصرف أنه شخص ذكي قادر على تفادي أخطائه، لكنه في واقع الأمر مخطئ، لأن من يفعل ذلك شخص ضعيف غير قادر على مواجهة أخطائه ومحاولة تصحيحها، ولذلك يُعتبر إضعاف اللغة أحد أبرز العيوب التي تتسبب بها القراءة الصامتة.

عدم إتقان الفن

القراءة الصامتة فن، لكن ثمة بعض الأشخاص الذين لا يُتقنون ذلك النوع من القراءة أو الفن، فلا يستطيعون التفريق بينه وبين القراءة الهادئة التي تعتمد على الصوت المنخفض، فيختلط الحابل بالنابل لديهم، فلا يتحصلون على مميزات القراءة الصامتة وفي نفس الوقت يُصبح ما يفعلونه أحد أبرز العيوب وأكثرها تقليلًا من شأن ذلك الفن.

تشتيت الذهن

العيب الأهم على الاطلاق للقراءة الصامتة هو إمكانية تشتت الذهن وإغفاله بعض الكلمات والأشياء الهامة بسبب التسرع، فعندما تُقدم على القراءة الصامتة تضع في ذهنك بالتأكيد أنك سوف تقرأ عدد وافر من الصفحات في وقت قليل، وأنت بذلك الاعتقاد تُرسل إشارات إلى المخ أنه مُقدم على قراءة سريعة، ولذلك تراه يستعد لذلك الأمر تلقائيًا، لكن النتائج في النهاية قد لا تكون مرضية إذا ما وضعنا في الاعتبار أننا لن نعطي هذه القراءة حقها بسبب التسرع.

هل يقرأ الأطفال؟

هناك دراسة مُثيرة ظهرت قبل فترة تقول أن الأطفال يقرأون مثلما يفعل الكبار تمامًا، لكنهم يقرأون القراءة الصامتة، وبالتأكيد نحن هنا لا نقصد الأطفال التي تجاوزت السنوات الخمس، بل هؤلاء الأطفال الصغار الذين يبلغون عام أو عامين، والذين نصفهم نحن بأنهم لا يدركون أي شيء، في الحقيقة هم يدركون كل شيء بصورة فطرية، ومن ضمنها القراءة والكتابة، لكن العديد من العوامل تمنعهم عن التعبير عن ذلك، فمثلًا الكتابة تحتاج إلى وضع تشريحي معين لا يتكون إلا مع بلوغ مرحلة عمرية معينة، وكذلك القراءة، ينقصها قدرة الطفل على التعبير، والتي تكون شبه معدمة.

ما يُرجح صحة هذه النظرية بحق هو أن الأطفال يُحملقون بالساعات في صورة أو منشور أو كتاب، وفي هذه الأثناء أنت تعتقد أن ذلك الشيء الذي يُحملقون فيه قد لفت نظرهم وحسب، لكن الحقيقة أنهم أدركوه وتعرفوا على ماهيته، لكن فقط ينقصهم القدرة على التعبير عنه، وهو ما يُكتسب مع الوقت وحدوث البلوغ الأول، والذي عادةً ما يكون بعد تجاوز الخمس سنوات الأولى، أما البلوغ الثاني فهو بلوغ جسدي أكثر من كونه ذهني، ويكون غالبًا بعد الأربعة عشر عام الأولى.

عملية توظيف النشاط

عند القراءة أو الكتابة أو القيام بأي فعل عمومًا فإنه ثمة حالة من النشاط يتم توظيفها وتقسيمها حسب الحاجة، فمثلًا، إذا ما تعرضنا للب موضوعنا، وهو القراءة الصامتة، فسنجد أن النشاط يكون موزعًا كالآتي، خمسة في المئة للعين، وخمسة وتسعين بالمئة للتركيز، والذين يكون عليه العامل الأكبر بالتأكيد في عملية القراءة واستيعاب ما تمر عليه العين بسرعة ودقة لا تترك احتمالية خطأ أو سهو أو تسرع، وطبعًا نحن نعرف أنه ثمة فارق كبير بين السرعة والتسرع، فالأولى أمر مطلوب ومُحبذ لأنه يختصر الوقت، والثانية أمر قد يؤدي إلى فقدان التركيز وضياع المعلومة.

في غير القراءة الصامتة فإن نسبة توزيع النشاط تتغير وتصبح مقسمة بالتساوي بين العين والتركيز، حيث يأخذ كلًا منهما خمسين بالمئة من إجمالي النشاط، والحقيقة أن عملية التوظيف برمتها قد تختلف من شخص إلى آخر على حسب اهتمامه بجور الموضوع واستعداده للاستفادة منه، لكن نحن نتحدث في المطلق، فالقراءة الصامتة تعتمد أكثر على التركيز وتجعل العين أمر فرعي خلال عملية القراءة، ولذلك تحدث الأخطاء المتمثلة في تفويت بعض الكلمات أو عدم الانتباه إلى وجودها، وهو ما يُسبب خلل في المعلومة المرسلة للدماغ، لأنها وببساطة شديدة تكون معلومة ناقصة.

القراءة الصامتة للقرآن

من المهم جدًا بالنسبة لمن يقدمون على القراءة الصامتة أن يعرفوا كيفية استخدامها في القرآن الكريم، فنحن نرى كثيرًا الأشخاص الذي يقرأون القرآن الكريم وهم ينظرون إلى المصحف دون تحريك ألسنتهم، والحقيقة أن هذا الأمر يُمكن قبوله إذا كنا نتحدث عن القراءة في وقت غير وقت الصلاة، كان يقرأ الشخص مثلًا بدافع المراجعة أو التدبر مثلًا، فهنا كما ذكرنا لا بأس من القراءة الصامتة، أما إذا كان الأمر يتعلق بالشيء الأعظم في حياة كل مسلم، الصلاة، فالوضع يختلف.

في الصلاة اشترط الفقهاء وعلماء الدين تحريك اللسان عند قراءة القرآن، حتى ولو كانت الصلاة سرية، فعلى الأقل يرى العلماء أن الشخص لابد أن يسمع نفسه ويستشعر تحريك لسانه، ومن هنا يبرز استخدام القراءة الصامتة لقراءة القرآن والحالات التي يجوز فيها ذلك والحالات التي لا يجوز.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

6 + 5 =