هناك بعض الدول على هذه الأرض تُعرف باسم الدول الحبيسة، والحقيقة أن ذلك النوع من الدول يُعاني من وصفٍ غريب لموقعه الجغرافي، فهو قد يُعتبر أمر جيد وسيء في نفس الوقت، وقد مُني العالم بأكثر من ثمانية وأربعين دولة حبيسة، يقعون في أربع قارات على الأغلب، وهم بترتيب الأكثر حظًا أفريقيا وأوروبا وأسيا وأمريكا الجنوبية، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتناول سويًا المقصود بلفظ الدول الحبيسة وهل هو أمر جيد أم سيء بالنسبة لهذه الدولة، ثم نذكر أهم أمثلة الدول الحبيسة الموجودة في العالم.
ما هي الدول الحبيسة وأين تقع؟
ما هي الدول الحبيسة؟
الدول الحبيسة أو الدول المغلقة، هي تلك الدول التي تُعاني من عدم وجود أي منفذ مائي بالقرب منها، فهي مُحاطة باليابس من كل الجهات تقريبًا، ويُطلق أيضًا على هذا النوع من الدول اسم الدول المُختنقة.
لا يوجد أي نوع من أنواع التدخل في تنشئة الدول الحبيسة، فهي طبيعية جدًا، نتجت بسبب الانفجار العظيم الذي حدث بسبب الكون، حيث أخذت كل قطعة من الأرض تضاريسها الموجودة عليها الآن، ومن ضمنها كون مساحتها تقع ضمن نطاق يابسي أو مائي، عمومًا، يعتقد البعض أن كون دولة ما حبيسة فهو ميزة كبيرة لها تُمكنها من الحفاظ على نفسها، والبعض الأخر يعتقد أن كون الدولة حبيسة عيب كبير قد يضر بها ويسبب لها بعض المشاكل.
أشهر الدول الحبيسة
كما ذكرنا، تقع الدول الحبيسة في أكثر من قارة، على رأسهم أفريقيا، والتي يتواجد بها من الدول الحبيسة أوغندا وبوركينا فاسو وبتسوانا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وتشاد ومالي والنيجر ومالاوي وروندا والنيجر وبوروندي، أما قارة أسيا فالدول الحبيسة بها هي أوزباكستان وقيرغيزستان وطاجكستان وأوزباكستان وأفغانستان وتركمانستان، وكلها كما نرى دول تقع في منطقة واحدة وتمتلك نفس الخصائص والصفات.
في أوروبا أيضًا ثمة دول حبيسة منها سويسرا والنمسا وهنغاريا وصربيا وسلوفاكيا والتشيك وكوسوفو وليشتنشتاين، أما أمريكا الشمالية فيها دولتين فقط، هما بوليفيا وبارغواي في حين أن القوقاز تحتوي على دول حبيسة مثل أذربيجان وأرمنيا وناغور ني كاراباخ، وبذلك يُصبح مجموع الدول الحبيسة بالعالم ثمانية وأربعين دولة.
الشيء المشترك
هناك شيء مشترك بين كل الدول الحبيسة التي تم ذكرها فيما سبق، وهي أنها مُتأخرة جدًا، وهو ما يؤكد أن حبس الدولة بين اليابس واليابس لا يكون في صالحها على الإطلاق، بالرغم من أن البعض يدعون أن الدول الحبيسة تمتلك بعض المميزات والخصائص بالرغم من امتلاكها للكثير من العيوب والخسائر.
مميزات الدول الحبيسة
تمتاز الدول الحبيسة بعدة مميزات، أهمها على الإطلاق هي الحماية، فالدول الحبيسة لا يُمكن الوصول إليها وضربها في عقر دارها، والحقيقة أن هذا الأمر كان بارزًا أكثر قديمًا، حيث الحروب التي تُستخدم فيها السفن وليست الطائرات، فكان بوسع الدول الحبيسة أن تنام آمنة دون خوف من عدو قد يهاجمها صباح اليوم التالي عن طريق البر.
كذلك من مميزات الدول الحبيسة أن حدودها الأربع تكون برية واضحة، ولا تحتاج إلى الدخول في نزاعات حول مياه الأنهار والبحار المحيطة بها، مثلما هو شائع في الدول الأخرى التي تكون حدودها عبارة عن أنهار ومحيطات، وفي النهاية، يمكن القول إن أكبر مميزات الدولة الحبيسة أنها إذا رغبت في الانعزال عن بقية العالم فلن يستغرق ذلك أكثر من مدة اتخاذ القرار، بخلاف الدول الأخرى المائية، والتي تستطيع بأي حال من الأحوال إغلاق حدودها البحرية، لكن، يمكن القول أن نفس تلك المميزات يُمكن أن تُصبح ضمن أبرز عيوب الدول الحبيسة.
عيوب الدول الحبيسة
ليس هناك أكثر من عيوب الدول الحبيسة، والحقيقة أنه لا يُمكن تخيير أي دولة بين أن تُصبح حبيسة أو غير حبيسة وتختار الاختيار الأول، لأنها ستُعانى أشد المعاناة بسبب هذا الوضع الجغرافي المُذل، والذي سيضمن لها في البداية الشيء الذي لا تُريده أي دولة عاقلة، الانعزال.
العزلة، أهم العيوب
من المعروف أن الدول الحبيسة مثل أي دولة طبيعية أخرى، تحتاج إلى الاستيراد والتصدير كي تتمكن من قضاء حاجات شعوبها، وبالطبع ليست كل السلع والمنتجات قابلة للنقل الجوي، فهناك ما يحتاج إلى النقل البحري والنهري، وفي حالة الدول الحبيسة لا يتوفرّ هذان الأمران، مما يتسبب في مشكلات كثيرة لهذه الدولة.
تضطر الدول الحبيسة إلى الرضوخ لسلطة الدول التي تجاورها والقبول بشروطها المُتعنتة من أجل إمدادها بالمواد اللازمة لها عن طريق الموانئ الخاصة، أو على الأقل، تضطر إلى استئجار هذه الموانئ بمبالغ طائلة، لا ناقة لها بها ولا جمل، لذلك تُعتبر العزلة الجغرافية واحدة من أهم عيوب الدول الحبيسة بلا شك.
التذبذب الاقتصادي، نتاج العيب الأول
كما أشرنا من قبل، تضطر الدول الحبيسة إلى الرضوخ لدولة أخرى مجاورة لها من أجل الحصول على خدمات الموانئ الموجودة بها للاستيراد والتصدير، مما يتسبب بدوره في زعزعة اقتصاد هذه الدولة الحبيسة، لأن تكاليف النقل واستخدام الموانئ تكون مرتفعة جدًا، وبالطبع الدول التي تطلب تكاليف عالية لهذه التسهيلات تعرف يقينًا أن الدولة الحبيسة لن تتمكن من الاعتراض، لأن الاعتراض يعني عزلها عن العالم وعدم الاستيراد والتصدير، وهو في عرف العالم انتحار، لذلك يُعتبر التذبذب والنزيف الاقتصادي من أكثر عيوب الدول الحبيسة.
الضعف السياسي، أمر بديهي
من البديهي جدًا أن تكون الدول الحبيسة ذات موقف سياسي دولي ضعيف، فهي في الأساس غير قادرة على التحكم في مواردها واقتصادها بسبب موقعها وخنقها بمعنى أدق، فكيف ستتمكن إذًا من التحكم السياسي واتخاذ قرارات فارقة في العالم، لذلك نجد شبه قاعدة أن الدول الحبيسة ليست على قدر كبير من النفوذ السياسي، والأغلبية ليست لها نفوذ سياسي من الأساس، فهي مجرد دول مضطرة للقبول بأي شيء يُطرح عليها، وبذلك نرى أن عيوب الدول الحبيسة تتزايد لدرجة أنها تقترب من أن تُصبح لا تطاق من الأساس، كل ذلك ونجد من يقول أن الدول الحبيسة تحتوي على ميزة بجانب كل هذه العيوب، لكن ماذا لو عرفتم أن هناك من الدول ما يُعاني من ازدواجية الحبس!
ازدواجية الحبس
الكارثة الحقيقية تكون عندما تُعاني دولة من ازدواجية الحبس، وذلك يعني أنها بالإضافة إلى كونها حبيسة فالدول التي تجاورها أيضًا تعاني من نفس الأمر، ذلك يُسمى هذا الوضع بالحبس المضاعف ازدواجية الحبس.
أمثلة الدول مزدوجة الحبس كثيرة، منها على سبيل المثال دولة أوروبية صغيرة تُدعى ليشتنشتاين، فهي بالإضافة إلى كونها حبيسة محاطة كذلك بدول حبيسة أخرى مثل سويسرا والنمسا، والواقع أن المشكلة في هذه الحالة تتأزم بصورة كبيرة، حيث أن الأمر يُصبح كارثي، ويحتاج الدولتين معًا إلى وسيط ثالث ليس حبيس كي يُسهم في حل المشكلة عن طريق مساعدته بالموانئ وغيره.
أضف تعليق