تسعة اولاد
الرئيسية » ظواهر طبيعية » أمطار الأسماك : هل من الممكن أن تمطر السماء سمكًا يومًا ما؟

أمطار الأسماك : هل من الممكن أن تمطر السماء سمكًا يومًا ما؟

أمطار الأسماك

ظاهرة أمطار الأسماك من الظواهر التي يقف عندها العلماء طويلا؛ حيث تكررت في عدد من البلدان المختلفة على مستوى العالم، كما تكررت في أعوام متفرقة، ورغم غرابتها فهي تحتاج إلى دراسة وافية.

أمطار الأسماك من الظواهر التي لا دخل للإنسان فيها، بل عندما تشاهدها أو تسمع عنها تكاد تطير منها الألباب، وتُدهش لها العقول، فالله –سبحانه- يريد أن يثبت للناس أنه قادر على كل شيء؛ فيُبهر عقولنا بغرائب الكون، ويخلب أذهاننا بالظواهر المحيرة، بل نجد كثيرا من تلك الظواهر الغريبة التي يقف الإنسان أمامها مكتوف الأيدي، معقود اللسان، عاجزًا عن تفسير كثير منها، ومن أغرب تلك الظواهر التي ما زالت تتكرر كل عام أمطار الأسماك، وفي هذا المقال نتناول: حقيقة سقوط الأسماك من السماء، أمطار الأسماك في جمهورية الهندوراس، احتفال أهالي الهندوراس بأمطار الأسماك، سقوط الأسماك من السماء في تايلاند، أمطار الأسماك في سريلانكا، أمطار من الأسماك في السعودية، أمطار الأسماك في المكسيك، السماء تمطر سمكًا في السودان، وأخيرا نتناول تفسير سقوط السمك من السماء.

ما حقيقة سقوط الأسماك من السماء؟

عندما يطالع أحدنا إحدى الصحف المطبوعة أو الإلكترونية، أو يستمع إلى الأخبار المسموعة والمرئية فيجد خبرا بتساقط الأسماك من السماء في إحدى القرى أو الدول فإنه يعتبره ضربًا من الخيال أو نوعًا من السخرية؛ وذلك لأن البيئة الطبيعية التي تعيش فيها الأسماك هي مياه البحار والأنهار وليست السماء والسحب، ولكن الواقع بخلاف ذلك، فإن حادثة تساقط أمطار الأسماك مع العواصف الممطرة أمر واقعي شهده كثير من الناس في العديد من البقاع والبلدان على مستوى العالم، فهي ظاهرة ينتظرها أهالي الهندوراس كل عام بشغف، كما ظهرت في عدد من البلدان الأخرى مثل السعودية وتايلاند وسريلانكا والمكسيك والسودان وغيرها، وسوف نتناول بعضًا من تلك الحوادث بالتفصيل فيما يلي.

أمطار الأسماك في جمهورية الهندوراس

إن ظاهرة أمطار الأسماك أو تساقط الأسماك من السماء أمر اعتاد عليه أهالي الهندوراس، وهي دولة واقعة في أمريكا الوسطى، حيث تتكرر تلك الظاهرة عدة مرات كل عام خاصة في شهري مايو ويوليو، تتكرر تلك الظاهرة في ظروف مناخية معينة، حيث لا يجرؤ أحد من الأهالي على الخروج أثناء حدوثها، وذلك عندما يشاهدون الغيوم السوداء التي تغطي سماء تلك البلاد، ويصاحبها أصوات الرعد والبرق، ثم تنهمر الأمطار بغزارة مصحوبة بكميات هائلة من الأسماك، وقد يستمر هطولها لأكثر من ساعتين متواصلتين؛ حتى تنتشر الأسماك في كل مكان، وتغطي سطح الأرض، ومما يثير الدهشة أن جميع الأسماك المتساقطة تتشابه في النوع والحجم تقريبًا، والغريب في الأمر أن هذا النوع من الأسماك التي تتساقط في بلاد الهندوراس لا يعيش في البحار أو الأنهار المحيطة أو القريبة، وقد اكتشف الباحثون أن هذا النوع من الأسماك يعيش في المحيط الأطلنطي الذي يبعد عن تلك البلاد بحوالي مائتي كيلومتر، وهذا أمر يدعو إلى الدهشة والبحث عن تفسير مناسب لتلك الظاهرة.

احتفال أهالي جمهورية الهندوراس بأمطار الأسماك

إن ظاهرة أمطار الأسماك وإن كانت غريبة في شكلها ولكنها تحمل في طياتها الخير لأهالي تلك البلاد في جمهورية الهندوراس، وبمجرد أن تهدأ العاصفة يخرج الأهالي حاملين الدلاء والسلال، ينتشرون عبر الطرقات يجمعون الأسماك ذات اللون الفضي اللامع؛ لتكون طعاما شهيا ينتظرونه كل عام، والعجيب في الأمر أن بعضهم يعتبرها من المعجزات التي تتكرر كل عام في أواخر فصل الربيع وأوائل فصل الصيف، كما يرى البعض: أن هذه الأسماك مرسلة من عند الله، وأنها تتكرر منذ عام 1800م لأهالي تلك البلاد خاصة بعد دعاء المبشر الكاثوليكي الإسباني جيسوس سوبيرانا وطلبه المساعدة لأهل تلك البلاد من الله؛ لتخفيف الفقر والجوع عن هذه المنطقة، وأيا كان الأمر فإن سكان الهندوراس الذين يعيشون في فقر مدقع وكثافة سكانية عالية وانخفاض مستوى الدخل- يحتفلون بتلك العواصف التي يصاحبها أمطار الأسماك ؛ لأنهم يعتبرونها هبة من الله تمكنهم من تناول الغذاء الصحي من الأسماك في مواسم محددة كل عام؛ لذلك فهم يحتفلون بهذا اليوم كل عام ويطلقون عليه اسم (مهرجان مطر السمك).

سقوط الأسماك من السماء في تايلاند

لقد كان حادثًا غريبًا، لا يتكرر كثيرا في تايلاند، حيث فوجئ المارة في الطرقات في شهر أغسطس عام 2013م بعاصفة ممطرة، رافقها سقوط الأسماك من السماء، كان الأمر مدهشا وعجيبًا للغاية، ولكن سرعان ما تخلى المارة عن دهشتهم وأسرعوا يلتقطون الأسماك من الطرقات والأرصفة ووضعها في الماء ليحتفظوا بها حية والاستفادة منها، ويذكر شهود العيان أن معظم الأسماك المتساقطة من السماء كانت ميتة.

مشاهدة أمطار الأسماك في سريلانكا

لقد نشرت إحدى الصحف الفرنسية في موقعها الإلكتروني أن ظاهرة أمطار الأسماك قد تكررت في كثير من دول العالم، ومنها ما حدث في منطقة تشيلاو غرب سريلانكا (جزيرة سيلان سابقا) في أواخر شهر فبرار من عام 2015م، حيث تساقطت من سماء تلك البلاد كميات كبيرة من الأسماك بلغت حوالي 50 ألف كيلو، وقد انتشرت في جميع شوارع البلدة وطرقاتها، والجدير بالذكر أن هذه الظاهرة لم تكن الأولى من نوعها في تلك البلاد، حيث ذكرت الصحيفة الفرنسية ذاتها أن عام 2012م قد شهد تساقط كميات من أسماك الروبيان والجمبري مع الأمطار في جنوب تلك البلاد بدولة سريلانكا، ويذكر الأهالي أن حادثة أمطار الأسماك هذه هي الثالثة من نوعها، وقد بلغ طول الأسماك ما بين خمسة إلى ثمانية سنتيمترات، وقد تسابق الأهالي إلى جمعها والاحتفاظ بها حية في الماء؛ ليتم تناولها فيما بعد.

أمطار من الأسماك في السعودية

في أوائل شهر مارس من عام 2014م هطلت الأمطار على مدينة حائل بالسعودية، وقد دُهش الأهالي بملاحظة بعض الأسماك التي صاحبت هطول الأمطار، وقد أدلى مدير عام النظافة والإصحاح البيئي بمنطقة حائل بتصريحات لتوضيح تلك الظاهرة، وذلك بأن تلك الأسماك قد طفحت وصاحبت العاصفة من أنابيب البحيرات الثلاث المحيطة بمنطقة حائل، ثم تساقطت مع الأمطار في صورة أمطار الأسماك بعد ذلك، كما أضاف أن الحكومة هي التي زودت تلك البحيرات بحوالي ألف سمكة؛ لتقاوم البعوض المنتشر في المنطقة؛ حيث أن السمك يتغذى على شرانق البعوض وبيضه، والجدير بالذكر أنه تمَّ توثيق مشاهد من الفيديو لبعض الأعاصير التي تتصارع فيها الكتل الهوائية فوق المسطحات المائية؛ مما ينتج عنه ارتفاع كميات من المياه المحملة بالأسماك والكائنات البحرية كالضفادع وتساقطها بعد ذلك في المناطق القريبة، وقد ذكرت بعض الصحف السعودية أن هذا الأمر حدث في عدة أماكن ساحلية منها جازان في شهر نوفمبر من عام 2015م.

أمطار الأسماك في المكسيك

في نهاية شهر سبتمبر من عام 2017م صدر بيان عن الدفاع المدني المكسيكي أكد فيه تساقط بعض الأسماك الصغيرة مع الأمطار في مدينة تامبيكو التابعة لولاية تاماوليباس، وقد أبلغ الأهالي عن تلك الواقعة التي سجلت وأعلن عنها بأنها ليست الأولى من نوعها بل تم الإبلاغ عن مثلها في العصور القديمة أيضًا.

السماء تمطر سمكًا في السودان

إن ظاهرة أمطار الأسماك حقيقة وليست أسطورة، وقد تكررت في مناطق مختلفة من أنحاء العالم، وقد تتكرر تلك الظاهرة كثيرا في البلاد الساحلية ومنها السودان، وذلك لأن السودان تتميز بمناخ يؤهلها لحدوث العواصف الممطرة، إضافة إلى سواحلها الممتدة، وكل ذلك قد يجعلها عرضة لحدوث تلك الأمطار المحملة بالأسماك في أي وقت خاصة في المناطق الساحلية، حيث يشهد الأهالي الأعاصير الشديدة التي تتصارع فيها الكتل الهوائية بصورة عنيفة فوق سطح المياه؛ وذلك يترتب عليه صعود كميات من المياه المحملة بالأسماك إلى أعلى، فتحملها الرياح الشديدة وتسقطها مع الأمطار بعد ذلك، وهذا ما حدث في عدة مرات في المملكة العربية السعودية أيضًا.

تفسير سقوط السمك من السماء

لقد اختلف الناس في تفسير سقوط الأسماك من السماء على مناطق متفرقة من العالم، ومنها ما يعد تفسيرا علميا مقنعا، ومنها ما يعد ضربا من الأوهام والخرافات، ومن هذه التفسيرات ما يلي:

أولاً

ما ذكره أهالي منطقة يورو في جمهورية الهندوراس من أن تلك الأسماك أرسلتها يد الله لمساعدة الفقراء من أهل تلك البلاد، بل يرى بعضهم أن أمطار الأسماك نعمة وسر لا يعرفه إلا رب السموات، وقد أرسلها للفقراء الذين لا يجدون ما يشترون به الأسماك، حيث يخرج الأهالي محتفلين بتلك الظاهرة، يجمعون الأسماك من الطرقات والاحتفاظ بها لتناولها بعد ذلك، وغاية ما في الأمر أن هذا التفسير غير مقنع بل يحتاج الأمر إلى مزيد من الدراسة والتقصي.

ثانيًا

بعض الباحثين فسر تلك الظاهرة خاصة التي تحدث في جمهورية الهندوراس بأمريكا الوسطى بأن هذه الأسماك تعيش في مياه ضحلة لأنهار تحت الأرض، وقد قام الإعصار بحمل تلك المياه والأسماك إلى السماء ثم تساقطت بعد ذلك مع الأمطار في صورة أمطار الأسماك التي نراها كل عام، وهذا التفسير وإن كان قد اقتنع به بعضهم فإنه أقرب إلى الخيال، ولا يتصل بالواقع بأي حال، بل لا يقبله العقل أيضًا.

ثالثًا

هناك تفسير آخر لهذه الظاهرة، وهو أن الأعاصير التي تحدث في بعض المناطق قد تدفع المياه الضحلة والأسماك التي بها لأعلى؛ مما يؤدي إلى صعودها إلى السماء فتحملها العواصف مع السحب التي تتساقط بعد ذلك في صورة أمطار الأسماك ، وقد تنقلها إلى مسافات بعيدة، وهذا التفسير وإن كان مقنعا بعض الشيء إلا إنه لم يفسر سبب كون هذه الأسماك في كثير من الأحيان في حجم ونوع واحد، فلماذا لا يحمل الإعصار كائنات أخرى أو أحجاما مختلفة من الأسماك؟ وهل يُعقل أن يحمل الإعصار تلك الأسماك وينقلها من موطنها الأصلي إلى أماكن أخرى تبعد عنه بمئات الكيلومترات؟

أيًّا كان الأمر فإن أمطار الأسماك باتت ظاهرة مؤكدة، حيث شوهدت في مناطق متفرقة من العالم؛ لذلك فهي محل بحث واستقصاء للتوصل إلى تفسير مقنع لها، فالأمر ما زال غامضًا لدى العلماء، ولم يتمكن أحدهم من إيجاد تفسير علمي مقنع لحدوث ظاهرة أمطار الأسماك المشهورة، وفي سبيل بحث الظاهرة فقد انتقلت بعثة من الباحثين التابعين لقناة ناشيونال جيوجرافيك للوقوف على أبعاد وتفسير تلك الظاهرة في الهندوراس، ولم يتوصل الباحثون إلى تفسير مقنع لها، وقد تناول هذا المقال: حقيقة سقوط الأسماك من السماء، وأمطار الأسماك في الهندوراس واحتفالهم بها، وسقوط الأسماك من السماء في تايلاند، ومشاهدة أمطار الأسماك في سريلانكا، وأمطار من الأسماك في السعودية، وأمطار الأسماك في المكسيك، والسماء تمطر سمكًا في السودان، وأخيرا تفسير سقوط السمك من السماء، فسبحان الله!

محمد حسونة

معلم خبير لغة عربية بوزارة التربية والتعليم المصرية، كاتب قصة قصيرة ولدي خبرة في التحرير الصحفي.

أضف تعليق

ستة عشر − 5 =