مما لاشك فيه أن أدوار الأطفال في السينما تعلق بالأذهان أكثر حتى مما تعلق أدوار الكبار، فالمُشاهد عندما يُشاهد فيلم ما فإنه يتوقع أداء مُعين من الأطفال، ثم يفاجأ بأداء أكبر وأعظم مما تخيله، وعامةً فإن الأطفال لا يُتوقع منهم شيء بهذا الصدد، وهنا تكمن الفائدة الكُبرى التي يجنيها الأطفال من التألق في الأفلام، فهم يُحفرون في أذهان المشاهدين للأبد، وليس هناك دليل على ذلك أكبر من التجارب التي شارك فيها الأطفال وأصبحت تُعرف بهم، حتى ولو لم يُشاركوا في أي عملٍ آخر بعد ذلك، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتناول سويًا أهم أدوار الأطفال في السينما العالمية والمصرية، ونعرف مدى تأثرهم بهذه الأفلام وتأثيرهم الكبير في مشاهديها من الكبار والصغار.
الأطفال في السينما
من المعروف أن التمثيل فن، والفن يحتاج إلى شخص يمتلك موهبة التمثيل مع بعض القواعد المُتقنة التي تُزيد الموهبة، وهذا ما يتحقق في الممثلين العاديين، لكن، عندما يتجه الأطفال إلى التمثيل في السينما فإنهم يعتمدون فقط على الموهبة، وهي في الحقيقة كافية جدًا، أو هكذا أثبتت لنا التجارب السابقة.
بدأ الأطفال دخول عالم السينما منذ بداية عالم السينما تقريبًا، فعندما تُريد أن تصنع فيلمًا عن عائلة مكونة من أب وأم وطفل فإنك بالتأكيد مُضطر إلى استقدام طفل لتجسيد هذا الدور، لكن، ما نُريد أن نُسلط عليه الضوء خلال السطور القادمة لا يتعلق بهؤلاء الأطفال العابرون الذين يمرون مرور الكرام بأدوارهم، وإنما نتحدث عن تلك الفئة التي تركت علامة بارزة بأدوارها الهامة، والذين يُمكن اعتبارهم أبطال مُشاركين للأبطال الكبار، إذ لم يكونوا هم الأبطال الكبار بالفعل، والأمثلة على ذلك كثيرة، نحن فقط سوف نُعيد تذكيركم بها خلال السطور القادمة.
أدوار الأطفال في السينما
عندما نتحدث عن أدوار الأطفال في السينما فيجب ألا نغفل عن التذكير بأننا مُطالبون بالتحدث عن أدوارهم في السينما العربية، أو المصرية على وجه التحديد، وأدوارهم في السينما العالمية، فلكل نوع من السينما جمهوره وأبطاله من الأطفال المحببين، وسوف نبدأ أولًا بأدوار الأطفال في السينما المصرية، وذلك لأنهم بالتأكيد الأكثر شهرة بالنسبة لقراء هذا المقال.
أدوار الأطفال في السينما المصرية
السينما المصرية سينما زاخرة وغنية مقارنة مع السينما العربية ككل، لذلك نجد أن الأطفال الذين خاضوا تجربة التمثيل بها هم الأكثر بروزًا وانتشارًا، وبالتأكيد مر على السينما المصرية أطفال لا حصر لهم، لكن لا أحد استطاع خطف الأنظار والقلوب على حدٍ سواء أكثر من الصغيرة في السن الكبيرة في الموهبة منة عرفة.
منة عرفة، الطفلة التي وُلدت كبيرة
بالرغم من أن منة عرفة لا تُعتبر من أقد الوجوه التي مثلت أدوار الأطفال في السينما المصرية إلا أنها قد حفرت اسمها بأحرف من نور في السنوات التي ظهرت بها، والتي لم تتجاوز الاثنا عشر عامًا، حيث ظهرت منة في البداية بأحد المسلسلات مُجسدة لدور الفنانة سعاد حسني في صغرها، ثم جاءت الانطلاقة الحقيقية لها في فيلم مطب صناعي مع الفنان أحد حلمي، وبعدها كان الانتشار الكبير في أحد أهم مسلسلات السيت كوم في مصر، مسلسل راجل وست ستات، والذي مثلت منة فيه أكثر من سبعة أجزاء لتُرسخ وجودها أكثر في ذاكرة المشاهدين كأحد الأطفال الأبطال.
أحمد فرحات، طفل طاقية الإخفاء
من منا لا يتذكر الفيلم الشهير “سر طاقية الإخفاء”، ومن منا لا يتذكر الطفل الصغير الذي جسد شخصية بطل الفيلم عبد المنعم مدبولي، إنه الطفل المعجزة صاحب أفضل أدوار الأطفال في السينما أحمد فرحات، والذي جاء ظهوره الأول في أحد البرامج الإذاعية المعروفة باسم ساعة لقلبك، حيث استطاع بالفعل الولوج إلى القلوب من خلال البرنامج ثم الفيلم الشهير وبعدها مجموعة مع الأفلام مع الفنان عبد الحليم حافظ، هذا قبل أن يختفي فجأة ولا يعرف أحد ما حل به، لكنه ظهر من جديد في الألفية الثالثة وقد تجاوز الستين عام، وبالتأكيد لا يزال محفورًا في أذهان الكثير من الأجيال.
فيروز، طفلة أنور وجدي
إذا ما ذُكرت أدوار الأطفال في السينما المصرية فإنك بالتأكيد لا تستطيع إغفال أحد أهم الأسماء بهذا الصدد، إنها الطفلة المعجزة فيروز، تلك الطفلة التي وُلدت في فيلم ياسمينا مع الأب الروحي لها أنور وجدي، ثم بعد ذلك انطلقت بأكثر من فيلم تم تسويقه باسمها، أي أنها كانت نجمة شباك، يذهب الناس ويدفعون أموالهم من أجل مشاهدتها، وقد استمرت مسيرة النجاح هذه حتى انفصلت الطفلة المعجزة عن أنور وجدي، بعدها بدأ توهجها يقل شيئًا فشيئًا حتى انطفئ تمامًا بعد فيلم إسماعيل ياسين طرازان، حيث اختفت بعد ذلك الفيلم واعتزلت الفن تمامًا، لكنها بالتأكيد علقت في أذهان الجميع كأحد أبرز الأطفال الذين مروا على السينما المصرية في تاريخها.
يوسف عثمان، طفل الدور الواحد
على الرغم من أن تاريخ السينما لا يذكر للطفل يوسف عثمان سوى دوره في فيلم “بحب السيما” من بطولة ليلى علوي ومحمود حميدة، إلا أنه قد استطاع من خلال هذا الدور تسطير اسمه بأحرف من نور في تاريخ أدوار الأطفال في السينما، حيث كان الدور الذي أداه في الفيلم كبيرًا على طفل، لكنه تمكن من تأديته ببراعة شديدة لاقت استحسان النقاد، والذين توقعوا له انطلاقة كبيرة في عالم السينما والتلفزيون، لكن على العكس تمامًا اختفى يوسف ولم يظهر في أي عمل شهير بعدها، والحقيقة أنه لا أحد يعرف ما الذي حدث بعد ذلك، لكنه بالتأكيد كان شيئًا إعجازيًا لدرجة أنه قد منع طفل بهذه الموهبة من استكمال رحلته في عالم التمثيل.
جنى عمرو، شريكة هاني رمزي
من المؤكد أن الجميع ما زال يتذكر تلك الطفلة الصغيرة التي شاركت مع الفنان هاني رمزي في الفيلمين الشهيرين “سامي أكسيد الكربون”، ” تومي وجيمي”، فهذان الفيلمان في الأساس كانا يقومون على هذه الطفلة، والتي يُمكن القول إنها شاركت كبطلة مشتركة للفيلم مع هاني رمزي، وبالرغم من أن جنى لم تكن تتجاوز السبع سنوات إلا أنها قد أظهرت شخصية كوميدية تمكنت من خطف الأنظار وأسر القلوب، والجميل في الأمر أن جنى لم تتوقف عند مشاركتها الفيلمين للفنان هاني رمزي بل استمرت في نجاحها وعملت في عدة أفلام ومسلسلات ناجحة أخرى.
كريم الأبنودي، الطفل الأجرأ
في الحقيقة عندما نتكلم عن مشاركة الطفل كريم الأبنودي بفيلم حلاوة روح كأحد أهم أدوار الأطفال في السينما المصرية فيجب أن نضع عدة خطوط عريضة، أبرزها أننا نتحدث عن فيلم تم تصنيفه للفئة العمرية التي تتجاوز ثمانية عشر عام، بالرغم من أن بطله كريم لم يكن يتجاوز التسعة أعوام، فالفيلم يمتلك من جرأة المحتوى ما يجعل تأدية كريم الأبنودي له بهذا الشكل أشبه بالمعجزة، وبالطبع لم يسلم الطفل من عدة انتقادات بسبب المشاركة في عمل جريء كهذا، إلا أنه في النهاية قد اعتُبر ضمن أبرز أدوار الأطفال في السينما المصرية.
أدوار الأطفال في السينما العالمية
بالتأكيد لا يجب علينا إغفال أطفال السينما العالمية عندما نتحدث عن الأدوار المؤثرة للأطفال، فالطفل في السينما العالمية قد يأخذ دور البطولة وهو لا يزال في الثامنة أو العاشرة من عمره، وقد حدث ذلك في الكثير من التجارب، والغريب أنك تشعر أثناء مشاهدتك للفيلم أنك أمام شخص بالغ قادر على التحكم في أداءه وليس مجرد طفل يُمثل بالتلقين، ولقد كانت هناك الكثير من التجارب للأطفال في السينما العالمية سوف نذكر البعض منها، وعلى رأسها بالتأكيد تجربة سلسلة أفلام هاري بوتر الشهيرة وبطلها الصغير دانيال رادكليف.
دانيال رادكليف، هاري بوتر العبقري
إذا ما تتبعنا أدوار الأطفال في السينما العالمية فإننا بالتأكيد سوف نتوقف كثيرًا عند أحد أهم هؤلاء الأطفال على الإطلاق، وهو الطفل دانيال رادكليف الذي قام بتأدية دور هاري بوتر في سلسلة الأطفال الشهيرة التي سُميت بنفس الاسم، والحقيقة أنه من ضمن الأسباب التي ساهمت في نجاح هذه السلسلة كل هذا القدر هو وجود طفل مثل دانيال يمتلك الموهبة والقدرة على تجسيد شخصية هاري، مما جعلها تعلق في أذهان الأجيل، فقد بدأ التمثيل في عمر العشرة أعوام بهذه السلسلة، والتي انطلقت عام 2001 واستمرت حتى بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين.
دور دانيال رادكليف الخالد في سلسلة هاري بوتر لم يكن كافيًا بالنسبة لذلك الطفل، والذكر كبر وأصبح الآن في الثمانية والعشرين من عمره، لكنه لم يتوقف يومًا عن التمثيل حتى أصبح واحدًا من أهم نجوم هوليود العالميين، وهو أمر يختلف كثيرًا عن الأطفال الذين قاموا بأدوار هامة ثم اختفوا بعدها للأبد.
إيما واتسون، شريكة نجاح هاري بوتر
نبقى كما نحن في سلسلة أفلام هاري بوتر الناجحة، فالحقيقة أن تلك السلسلة لم تُخرج بطل السلسلة دانيال رادكليف فقط، وإنما كذلك أخرجت الطفلة المعجزة إيما واتسون، والتي كانت واحدة من أهم شخصيات السلسلة، وبالتالي أحد أهم أدوار الأطفال في السينما، فإذا ما سألت أي شخص عن أهم شخصيتين في هاري بوتر فتلقائيًا سوف تجد إيما ضمنهما، فقد استمرت حتى الفيلم الأخير بالسلسة وأبلت بلاءً حسنة.
نجاح إيما واتسون الكبير لم يتوقف مع توقف سلسلة هاري بوتر، وإنما كان مجرد بداية، ولن نبالغ إذا قلنا إنها قد تفوقت على بطل السلسلة الأول دانيال رادكليف وأصبحت نجمة من نجوم الصف الأول، وقد صدر لها مؤخرًا فيلم بعنوان الجميلة والوحش من إنتاج شركة ديزني، وهو إعادة إنتاج لأحد أفلام الرسوم المتحركة التي صدرت قبل عدة عقود وكانت تحمل نفس الاسم، وقد لقي الفيلم نجاحًا كبيرًا جماهيريًا ونقديًا.
ماكولي كولكلين، الطفل الوحيد في المنزل
هل تذكرون الفيلم الشهير الذي صدر في التسعينات وكان يحمل اسم طفل وحيد في المنزل؟ هل تعرفون أن الطفل الذي أدى هذا الدور كان عبقريًا بحق وأدى أحد أفضل أدوار الأطفال في السينما العالمية، فأثناء مشاهدتك للفيلم سوف تشعر بالفعل أن ثمة طفل وحيد بالمنزل قد تمكن من هزيمة اللصوص، وأنك لست أمام مجرد طفل كما تقول الحقيقة، وهذا ما نجح ماكولي كولكلين بحق في إيصاله للناس، ليس في هذا الفيلم فقط، بل في كل الأفلام التي أداها فيما بعد، حيث كان يمتلك قدرة غريبة على تقمص الشخصية التي يلعبها، لكن توهجه بدأ في الخفوت مع كِبره في السن وأصبح ممثلًا عاديًا.
أضف تعليق