تسعة اولاد
الرئيسية » تاريخ وحضارات » حقائق ومعلومات عن حضارة المايا في أمريكا اللاتينية

حقائق ومعلومات عن حضارة المايا في أمريكا اللاتينية

حضارة المايا

حضارة المايا إحدى حضارات العالم القديم شديدة الأهمية، لماذا تحظى هذه الحضارة بهذه الأهمية؟ وما هي منجزات حضارة المايا ؟ هذا ما نجيب عليه هنا.

سنسرد في هذا الموضوع أهم الحقائق التي تخص حضارة المايا والقبائل والمجتمعات العمرانية التي عاشت فيها لآلاف السنين والتي قد تكون غائبة عنك، ففي البداية سنوضح لك أن هنالك الملايين من سكان المايا الأصليين الذين يعيشون في المكسيك ودول أخرى في أمريكا اللاتينية ولا يزالون يحتفظون بتقاليدهم الخاصة بعيدًا عن التقدم التكنولوجي، كما أننا سنوضح بعض الحقائق الهامة التي تخص تطور حضارة المايا عبر السنين وتفوقهم في بعض الجوانب مثل الطب والفلك وتفردهم بنظريات غير موجودة في الكثير من الحضارات القديمة الأخرى، وكذلك سنصحح بعض المفاهيم الخاطئة المتعلقة بسقوط الحضارة وسر اللون الأزرق وغيرها من المعلومات الشيقة.

تعرف على أهم ملامح حضارة المايا

سكان المايا موجودون حتى الآن

يعتقد البعض أن سكان المايا وغيرهم من القبائل البدائية في وسط أمريكا غير موجودين الآن أو على نطاق ضيق، لكن الحقيقة عكس هذا تمامًا، فهناك حوالي 7 ملايين من سكان المايا يسكنون في أراضيهم، ستجد البعض منهم قرر أن يتماشى مع الحداثة والتكنولوجيا ومجموعات أخرى تتجنبها تمامًا ولا تختلط بها إلا في أبسط العمليات التجارية المتعلقة بالطعام وضروريات الحياة اليومية، إلا أن التفاعل الثقافي موجود بين سكان بعض الدول مثل المكسيك وبين سكان حضارة المايا وأغلبهم يتحدثون اللغة الأصلية، والنسبة الأكبر منهم يقطنون في ولايات مكسيكية مثل تشياباس وتاباسكو وفي دولة جواتيمالا والمناطق الغربية من هندوراس وإل سلفادور، وحتى الآن لا يزال يوجد جدل كبير متعلق بحقوق السكان الأصليين لتلك الأراضي ومدى تفاعل الحكومات مع مطالبهم كما هو الأمر مع الهنود الحمر في أمريكا الشمالية.

متى بدأت حضارة المايا ؟

ظهرت المجتمعات في منطقة وسط أمريكا منذ 2,000 سنة قبل الميلاد، وذلك عندما انتظمت العمليات الزراعية وبدأت المجتمعات الزراعية بالتكون لتصبح حضارة متماسكة بعد مئات السنين، وهذا التطور هو مثل تطور الحضارات القديمة مثل الحضارة الفرعونية، وإذا أردنا أن نحدد الفترة التي بدأت فيها حضارة المايا بالنضوج فإنها ستبدأ من القرن الثامن قبل الميلاد، أو بالتحديد سنة 750 ق.م. عندما بنيت المعابد ذات الشكل الهرمي والمباني الأخرى.

تجميل الأطفال

نجد بعض اللمسات الغريبة في طقوس حضارة المايا ، وذلك مثل قيامهم ببعض الإضافات على المواليد الجدد لتقسيم ملامحهم إلى الشكل الأجمل بالنسبة لهم، وذلك على مدار سنين طويلة، فمثلاً كانوا يضغطون على جبهة الطفل برفق لفترة من الوقت لتصبح منطمسة، كما أن لديهم طريقة معينة في اختيار أسماء الأطفال سواء للذكور أو الإناث، فالطفل يتم تسميته بناء على اليوم الذي ولد فيه، وهناك أسماء لكل يوم في تقويمهم الخاص وهذا يدل على اهتمامهم بالفلك بصورة بالغة.

مهارة في الطب

اهتم سكان المايا بالطب بالرغم من عدم تطورهم بالشكل الكافي، لكن علوم الأدوية والطب والصحة ارتبطت عندهم بالدين بدرجة أكبر والطقوس العشائرية، مع أننا نلاحظ في نفس الوقت اعتمادهم على التجربة واختيار الأعشاب المناسبة للتداوي، كما أن الأطباء كان يتم تدريبهم بعناية لفترات طويلة حتى يكونوا قادرين على إجراء عمليات جراحية بسيطة واستخدام الأعشاب وأيضًا يطلق عليهم اسم الشامان ويعتبرهم العامة من الناس وسطاء روحيين بين العالم المادي والعالم الروحي، فهم يملكون القدرة على تغيير طبيعة الجسد وإزالة الأوجاع الآتية من الشياطين والعالم السفلي حسب معتقداتهم، لكن ما وجده علماء الآثار مؤخرًا أنهم وصلوا إلى مستويات متقدمة في الطب، فمثلاً وجدوا أنهم كانوا على دراية ببعض الأمور الأساسية في طب الأسنان واستخدموا طرق مبتكرة مثل استخدام شعر الإنسان في مداواة الجروح وغيرها من المكونات الطبيعية، مما يجعل حضارة المايا متفردة عن حضارات أخرى.

التضحية بالدم موجودة حتى الآن

مثلهم مثل الحضارات البدائية الأخرى، فإن شعب المايا اعتاد على تقديم الدم البشري باعتباره القربان للآلهة من أجل التكفير عن الخطايا وطلب المعونة وثبات وضع الزراعة والحصاد، لكن الآن وبعد الغزو الإسباني للقارة الأمريكية وتداخل بعض القبائل مع الحياة المدنية، أصبحت تلك الممارسة شبه نادرة وتم استبدال الدم البشري بدم الفراخ وأنواع أخرى من الحيوانات، ولكن حتى الآن توجد طقوس قديمة أخرى لا تزال تمارس مثل الرقص الطقسي والصلاة وتقديم القرابين.

قبائل المايا استخدمت مهدئات ومخدرات

ثبت الآن أن شعوب المايا استخدموا على مدار تاريخهم عدد كبير ومتنوع من الأدوية المستخلصة من مواد طبيعية، لكن بعضها ذو تأثير حاد مثل الفطر المخدر وأنواع من التبغ ونباتات أخرى استخدموها ليضيفوها إلى المشروبات الكحولية، وبشكل أساسي استخدموها في الطقوس الدينية وخاصةً الدخان، ويجب أن نلاحظ أن استخدامهم للمسكنات الكيميائية يعتبر من أهم الأشياء التي تميز حضارة المايا وتجعلها متقدمة بشكل غريب عن بقية الحضارات الأخرى التي لم تعرف إلا الاستخدام المحدود للمهدئات والمسكنات.

تقنية متقدمة

مدينة تيكال هي من أهم مدن المايا والتي تقع في مكان سيء بالنسبة لحالة المناخ، حيث أنها لا تتعرض إلى سقوط الأمطار لشهور طويلة بالرغم من الاعتماد الأساسي للسكان على الزراعة، ولكنها استطاعت أن تزدهر لمئات السنين، بل وإذا نظرنا إلى وضعها في القرن السابع قبل الميلاد سنجد أنها كانت تحتضن ما يقارب ثمانين ألف من السكان، والسر يكمن في نظام مميز استطاعوا من خلاله تخزين مياه الأمطار، ويرجح الباحثون أنهم استطاعوا تخزين ما يقرب من 74 مليون لتر من الماء كل سنة.

من أوائل الحضارات التي لعبت الكرة

منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة ظهرت رياضة تسمى الآن باسم أولاما ويشار إلى اسمها السابق بكرة قدم وسط أمريكا، وهي تشبه كرة القدم إلى حد ما، ويظهر لنا إعجابهم بتلك الرياضة لدرجة أنهم بنوا ثلاثة ملاعب ضخمة في أكبر المدن القديمة كما أنها استخدمت لبعض الأغراض الأخرى مثل الاحتفالات الدينية والثقافية كلها، وهي تذكرنا بما بناه الإغريق قديمًا، لكن المايا سبقوهم في هذا.

اللعب باستخدام جمجمة على شكل رأس قرد

استمتع شعب المايا بلعب الأنواع الخطيرة من الرياضة والتي استلزمت ضرب الكرة ذات الوزن العالي بأجزاء معينة من الجسم مثل الركبة وجانب الخصر والمرفق، بل أنه توجد بعض المصادر التي تخبرنا أن النتيجة قد تكون أسوأ من هذا، حيث أنه من المرجح أنه كان يتم التضحية بالفريق الخاسر أثناء الأعياد الدينية وتقديمهم قرابين للسماء. وليحموا أنفسهم من مخاطر التعرض إلى الجروح، اضطروا إلى ارتداء القماش وبعض الإضافات الأخرى ثقيلة الوزن نوعًا ما، خاصةً غطاء ملتف حول المعصم، وبسبب اعتقادهم بالبعث والخلود، فإنهم وضعوا تماثيل ومواد مختلفة في مقابرهم لاستخدامها في اللعب في الحياة الأخرى، وذلك مثلما قام به الفراعنة قديمًا، ومما وجدوه جمجمة على هيئة رأس قرد ممثلة للدرع الذي يرتديه اللاعب.

سر صبغة اللون الأزرق

هناك العديد من الأمور التي تخص حضارة المايا والتي لا تزال أسرار بالنسبة لنا، وذلك مثل الاحتفاء الكبير باللون الأزرق ودرجاته المختلفة والذي نجده في العديد من متعلقاتهم مثل أواني الطبخ وحيطان القصور والمنازل المتوسطة والصغيرة ومتعلقات الزينة والزخارف المختلفة، والذي دفع الباحثون إلى الاهتمام بشكل أكبر به هو أنهم وجدوا صبغة مميزة من اللون الأزرق في الطقوس الدينية الهامة مثل دهن الأجسام في جلسات التضحية، وقد توصل الباحثون إلى المواد التي حصل منها سكان المايا على صبغة اللون الأزرق المميزة وهي مادة باليجورسكيت مع صبغة اللون النيلي إلا أنهم لم يصلوا إلى المكون الثالث، لكن بعد عشرات السنين من البحث وفي سنة 2008 فقط قال باحثون أمريكيون أن المكون الثالث هو الراتنج، إلا أن المسألة أصبحت محل جدل عندما أصدر باحثون آخرون دراسة ترفض تلك النظرية وذلك بعد حوالي خمس سنين وقالوا أنهم تمكنوا من تجفيف اللون النيلي ليصلوا إلى صبغتهم المميزة وحتى الآن لا توجد حقيقة مؤكدة حيال هذا.

الساونا عند المايا

قد تفاجئ من هذه المعلومة، لكن سكان المايا بنوا أماكن تشبه الساونا العصرية تمامًا، وهي مكونة من حيطان من الحجر وسقف بحيث يصبح المكان مناسبًا تمامًا مع وجود فتحة صغيرة جدًا في السقف ويتم إسالة المياه الساخنة، وعادةً ما تقوم المرأة بأخذ حمام ساونا بعد عملية الولادة، حيث اعتقدوا أن لهذا تأثير إيجابي على صحتها، كما أنها كانت من الرفاهيات الأساسية في قصور الملوك حيث شيدوا عدد كبير منها بأحجام مختلفة.

حتى قبل أن يبني الرومان حماماتهم الشهيرة، بنى شعب حضارة المايا حمامات الساونا، والتي لم يتم اكتشافها إلا في سنة 2000 في بعثة الدكتور نورمان هاموند في جامعة بوسطن، وذلك عن طريق الصدفة، ووجدوا أنهم بدأوا باستخدام الحمامات في سنة 900 ق.م. أو ربما في وقت أقدم، لكن السؤال الغريب الذي طرح نفسه وقتها هو الداعي إلى استخدامهم الساونا في حين أنهم يسكنون مناطق استوائية، الفرضية الأولى هي داعي النظافة الشخصية لاعتقادهم أن الماء الدافئ قد يكون صحي أكثر، أو لاعتقادهم بفائدتها في مداواة الأمراض، أو ربما لاعتقادهم أن تلك الأماكن لها قدسية خاصةً عند الشعور بالاسترخاء مع كميات كبيرة من بخار الماء، وكلها فرضيات مرجحة.

آخر مدينة في حضارة المايا

جزيرة تايسال هي آخر مدينة مستقلة في حضارة المايا العريقة إلى أن جاءت القوات البحرية الإسبانية لتغزو وتسيطر على أماكن وجود القبائل البدائية والأماكن المحيطة، وجاء المبشرون لدعوة السكان إلى المسيحية وأقنعوا الملك إيتسا آخر ملوك المايا باعتناق ديانتهم وذلك في سنة 1697، وتلك المدينة تحتوي على الجزء الأكبر من أجمل الآثار الباقية من الحضارة.

المايا لم يتوقعوا نهاية العالم

انتشرت بعض المعلومات المغلوطة عن توقعات علماء الأبراج في حضارة المايا القديمة، فهم كانوا من أكثر الحضارات المهتمة بالفلك والتنجيم والأبراج، بل ربما يكون هذا هو مجال تفوقهم الأكبر، واعتقدوا أننا نعيش دورات زمنية متكررة، وأن الدورة القادمة ستبدأ في يوم 20 ديسمبر من سنة 2012، وقد وضعوا هذا التاريخ منذ مئات السنين بعد حساباتهم الفلكية، لكن هذا لا يعني أن الكون سينتهي في هذا التاريخ كما التبس على البعض، بل يعني أن دورة جديدة من الحياة ستبدأ، لذا فإنه من بعد بدء تلك السنة سيعتبر السكان الموجودون الآن السنين التالية هي بداية التقويم الجديد.

ما هو سر سقوط حضارة المايا ؟

لا يملك العلماء حتى الآن أدلة قاطعة تمكننا من معرفة سبب انهيار ثقافة المايا قبل الغزو الإسباني، ففي القرن الثامن الميلادي والقرون التالية بدأت الحضارة تضعف تارة تلو الأخرى، وتزامن هذا مع غياب بناء المعابد والتماثيل المختلفة كما عهدناهم في العصور السابقة، وعامةً فإن هناك أكثر من نظرية ترجح السبب الحقيقي لانحدار ثقافة المايا، وأهمها زيادة عدد السكان وعدم تناسب احتياجاتهم مع كميات المحصول الزراعي كل سنة بالإضافة إلى الغزو الأجنبي وتعنت الحكام الذي أدى إلى ظهور ثورات شعبية من الفلاحين وكذلك انهيار أهم طرق التجارة، ويرجح البعض حدوث وباء قاتل أدى إلى مقتل الملايين وربما أيضًا تغير المناخ أو حدوث جفاف امتد لسنين طويلة لكن لا توجد أية حقائق ثابتة ويظل الغموض يكتنف الموضوع.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

1 × ثلاثة =