تُعتبر الطيور الجارحة واحدة من أهم الإثباتات على أن الأشياء الجميلة لا تكتمل ولن تكتمل أبدًا، فعندما نذكر كلمة الطيور فإن أول ما سيتبادر إلى أذهاننا بالتأكيد هو ذلك الجمع من الطيور ذو الألوان الزاهية والأصوات العذبة والأحجام الصغيرة المُتناسقة، لكن، على العكس تمامًا نجد أنه ثمة نوع من هذه الطيور يُطلق عليه اسم الطيور الجارحة ويمتلك صفات أخرى مختلفة تمامًا عن باقي الأنواع الأخرى، فهو مُفترس فتاك شديد البأس، ولا يتغذى إلا على حيوانات أخرى قد تفوقه أحيانًا في الحجم والقوة، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على الطيور الجارحة وأغرب أنواعها وأهم الصفات التي تتميز بها، بما في ذلك بالتأكيد سلوكياتها المُثيرة للدهشة.
ما هي الطيور الجارحة؟
الطيور الجارحة كما ذكرنا هي تلك الطيور التي تختلف تمامًا عن الأنواع العادية للطيور، فهي قوية وحادة البصر وسريعة، كما أن قدرتها على الطيران والانقضاض أقوى من أي شيء آخر، والحقيقة أن تلك الصفات هي التي أدخلت الطيور الجارحة مرحلة الافتراس، فهي قادرة بهذه المؤهلات على افتراس أي طير أو حيوان آخر، حتى ولو كان ذلك الحيوان أقوى منها، فكل ما تحتاجه هو السرعة الكبيرة في الانقضاض مع الاستخدام الجيد للمخالب التي تمتلكها.
أحجام الطيور الجارحة عادةً ما تكون كبيرة، أو بمعنى أدق، أكبر من الأحجام العادية للطيور العادية، والواقع إن وجود الحجم مع المؤهلات السابقة المُتعلقة بالسرعة وحدة البصر أسهما في بث الرهبة في نفوس كل من يتعرضون من قريب أو بعيد للطيور الجارحة، لكن هؤلاء لم يكتفوا بالرهبة فقط، وإنما بحثوا كذلك عن أنواع تلك الطيور كي يُمكن تفاديها، وغالبًا ما تنقسم الأنواع إلى نوعين رئيسيين مع الوضع في الاعتبار وجود أنواع أخرى، والنوعين هما الصقور والنسور.
الطيور الجارحة وأنواعها
كما أسلفنا، الطيور الجارحة هي القاعدة الشاذة في الطيور، فالأصل في تلك الكائنات أن تحتوي على قدر كبير من الرقة والعذوبة، بل إن أغلبهم يمتلك صوت جيد وهيئة تدفع الناس إلى الاشتغال بتربيتهم كنوع من أنواع الترفيه، لكن ظهور الطيور الجارحة قلب الأمور رأسًا على عقب وجعل البعض يتخوفون من وجود الطيور، خاصةً تلك التي تنتمي إلى النوعين الجارحين الأخطر على الاطلاق في أنواع الطيور الجارحة، الصقور والنسور.
النسور، الأكثر وزنًا وحجمًا
تُعتبر النسور أحد أهم وأشهر الطيور الجارحة، فهي الأكثر وزنًا وطولًا على الاطلاق، حيث يتراوح حجم أصغر وأكبر نسر بين سبعمائة جرام وسبعة كيلو جرام، وهو بالمناسبة حجم كبير إذا ما وضعنا في الاعتبار أن ثمة طيور لا يتجاوز وزنها المئة جرام، عمومًا، تمتاز تلك النسور بالسرعة الفائقة، لكنها تمتاز كذلك بالغرابة الكامنة في عملية التكاثر، فهي تلد بيضتين، هاتين البيضتين عندما يفقسان يُخرجان فردين من النسور يقومان بالتقاتل حتى ينهي أحدهما حياة الآخر، وهي طريقة ترحيب غريبة بالطبع، لكنها تتم بمباركة الأبوين، وفي النهاية يخرج لنا النسر الأقوى ليُكمل حياته كأحد أفراد الطيور الجارحة، لكن النسور بالتأكيد تتعدد أنواعها داخليًا وتتدرج في القوة والسرعة والضعف، ولنبدأ معًا بالنسر الأسود.
النسر الأسود
هو أحد أبرز أنواع الطيور والنسور الجارحة بشكل عام، والحقيقة أنه بسبب التشابه الكبير بين النسر الأسود والصقر أصبح البعض يعتقد أنه قد نتج عن عملية تلقيح بين نسر وصقر، عمومًا، يتجاوز حجم النسر الأسود الاثنين كيلو جرام ونصف، أما بالنسبة للطول فهو لا يقل عن ستين سنتيمتر ولا يزيد عن ثمانين سنتيمتر، ويُتوقع أنه يتواجد بكثرة في دول مثل أمريكا والأرجنتين والبرازيل، كذلك قارة أمريكا الشمالية بشكل عام.
عندما يبدأ صيد النسر الأسود فإن سلوكه لا يكون محمودًا على الإطلاق، فهو يزم فمه ويُحملق لفريسته بعيونه الحادة ثم ينقض عليها انقضاضه لا احتمالية للخطأ فيها، ولا يترك النسر الأسود ضحيته حتى يُقطعها أربًا صغيرة باستخدام المخالب والأيدي الحادة التي يمتلكها.
نسر البحر ستيلر
بوزن يبلغ حوالي عشرة كيلو جرام يطل علينا نسر البحر ستيلر كأحد أبرز الطيور الجارحة وأكثرها خطورة، فهو يتواجد في اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، ويتميز بقدرته الكبيرة على الطيران السريع بالرغم من وزنه الكبير، كما أن الغذاء الخاص به يُعد ظاهرة غريبة أيضًا، فهو يأكل أي شيء يُقابله تقريبًا، وخاصةً الحيوانات الميتة، فهذا النسر إذا رأى أسدًا ميتًا فلن يتردد للحظة واحدة في التهامه، والواقع أنه يمتلك القدرة أيضًا على مهاجمة الحيوانات الحية، لكنه يفضل أكثر الحيوانات البحرية والأسماك والقروش، ولهذا السبب يطلقون عليه اسم نسر البحر ستيلر.
نسر التاج العسلي
هو نوع آخر يختلف عن باقي أنواع النسور والطيور الجراحة، حيث يتضح ذلك الاختلاف منذ الوهلة الأولى وتحديدًا عندما ترى رأسه السوداء المُبقعة ببقع عسلية، وكذلك الحجم والطول مُتواضعين بعض الشيء، بل ويُعتبرا الأقل بين جميع أنواع النسور، لكن هذا ليس كل شيء قد يُثير تعجبك في ذلك النسر، فهو على خلاف البقية يعشق الهجرة ويتنقل باستمرار بين القارات، إلا أن أغلب الأماكن التي يتواجد بها هي تلك الموجودة في شمال قارة أمريكا.
في شمال قارة أمريكا إذا أردت أن تجد نسر التاج العسلي فإنك أولًا مُطالب بالبحث في الغابات، فهي المناطق التي يكثر تواجده بها، أما عن غذاء نسرنا فهو لا يرجح اللحوم بالرغم من كونه حيوان جارح، وإنما يميل أكثر إلى الخضروات والفواكه، وربما يُضيف إليهما الحشرات الصغيرة.
النسر الطماع
على العكس تمامًا من النوعين السابقين في الطيور الجارحة، النسور منها بشكل خاص، نجد أن النسر الطماع أحد أكثر الطيور استحقاقًا للقب جارح، فهو سريع وقوي ولديه قدرة كبيرة على تحديد فريسته والانقضاض عليها والتهامها بأقل مجهود يُذكر، والحقيقة أن ما يُساعده على ذلك طول يتجاوز المئة وعشرين سنتيمتر ووزن يزيد عن الأربعة عشر كيلو جرامًا، وهذه بالطبع ليست أوصاف طائر عادية، وإنما إن جاز الوصف وحش ذو أجنحة.
النسر الطماع لا يُشكل خطرًا على الحيوانات فقط، فأغلب ضحاياه يكونون من البشر، وهنا تكمن خطورته الحقيقية التي تجعل الناس يحذرون من مجرد الاقتراب من المناطق التي يُتوقع وجوده بها، بل إنه قد أصبح محل صيد من البشر الذين يخشون بطشه أو يُريدون استغلال أحجامه وأطواله القياسية.
الصقور، قدرة أكبر على طيران
النوع الثاني الخطير من أنواع الطيور الجارحة هو الصقور، وهو بالطبع يمتلك بعض المميزات التي لا تملكها الأنواع الأخرى، كالنسور مثلًا، وهنا يكمن التميز، فإن كانت النسور كبيرة الوزن والحجم فإن الصقور سريعة الحركة وتمتلك قدرة أطوال على البقاء في وضع التحليق، وهي في الحقيقة ميزة أهم، فهي تمنحها أفضلية فيما يتعلق بالقدرة على الصيد، وبالتأكيد تختلف أنواع الصقور وأسمائها، لكن يظل النوع الأشهر على الإطلاق هو الصقر الحديدي.
الصقر الحديدي
يعتبر الصقر الحديدي النوع الأكبر على الإطلاق في الصقور الجارحة، الأكبر في الوزن والحجم، وكذلك القوة، حيث يزن أكثر من ثلاثة كيلو جرام، أما طوله فقد يصل إلى سبعين سنتيمتر، والحقيقة أن ذلك الصقر عادة ما يتم تشبيهه بالنسور، فقد ذكرنا من قبل أن نقطة تميز النسور تكمن في الأوزان والأحجام، وهذه ما يتواجد عند الصقر الحديدي بالضبط، إضافةً بالتأكيد إلى الخفة والسرعة، ولكل ذلك يُنصب على رأس الطيور الجارحة.
يعيش الصقر الحديدي في المراعي والبر بصورة طبيعية، والحياة في هذه المناطق بالنسبة لطائر جارح تعني أنه يتغذى على أي شيء يُقابله، سواء كان نباتًا أو حيوانًا، أو حتى التطرق لمهاجمة البشر في بعض الأحيان، والذين يتخذون من الصقر الحديدي مصدرًا للذعر وينفرون فور رؤيته.
الصقر الرمادي
نوع آخر من الصقور الجارحة يُعرف باسم الصقر الرمادي، وبالتأكيد يمكننا التعرف بسهولة فور رؤيته على أن اسمه قد استمد من لونه الرمادي، وهو ثاني الصقور من حيث الوزن والحجم، فقد يزن كيلو جرام على الأكثر أو نصف كيلو جرام على الأقل، أما الطول فهو لا يقل عن خمسين سنتيمتر، والحقيقة أنه إذا ما تحدثنا عن مميزات الصقر الرمادي فسنجد أن النظر الجيد هو الشيء المميز فعلًا به، حيث أنه يمتلك القدرة على رؤية فريستها من ارتفاع عالٍ جدًا، وبالتبعية يمتلك القدرة على الانقضاض عليها ومباغتتها، لكنه لا يقترب من البشر أو يتعرض بالأذية لهم مثلما يفعل الصقر الحديدي.
العقاب
إنه كذلك أحد أهم أنواع الصقور أو الطيور الجارحة بشكل عام، وهو معقول الحجم والطول، فمثلًا يتجاوز طوله الستين سنتيمتر، بينما وزنه فهو لا يقل عن الكيلو جرام ولا يزيد عن اثنين كيلو جرام، أما بالنسبة للون الذي يأخذه العقاب فهو اللون الأسود الكامل، والذي لا يمكنك بسببه معرفة أي عقاب من الآخر، بمعنى أدق، يُخفي السواد الشديد له أغلب الملامح التي يُمكن أن تُفرقه عن باقي أبناء الفصيلة.
للعقاب اسم آخر يُعرف به في بعض الأماكن، وهو الصقر البحري، وقد سُمي بذلك الاسم لأنه كثير التواجد بالقرب من البحيرات والأنهار، وربما يكون ذلك بسبب طبيعة الغذاء الخاصة به، فهو يتغذى على الأسماك والكائنات البحرية بشكل عام، عمومًا، يندر رؤية العقاب في البر، ولذلك لا يتم اعتباره صقرًا خالصًا.
الطيور الجارحة المفترسة
الطيور الجارحة المفترسة لا تتمثل في النسور والصقور فقط، فهناك أيضًا بعض أنواع البوم تُصبح أكثر خطورة من أي شيء آخر، والحقيقة أن الفكرة التي يأخذها البعض عن الطيور ورقتها ووداعتها هي التي تتسبب في دهشتهم حالة تم رصد طائر جارح مثل الأمثلة التي ذكرناها، حتى بعد أن يتعرفوا على أبرز الأنواع فإنهم يظلون مُتحفظين على حدود معينة لقوة هذه الطيور، لا يُمكن أبدًا تخطيها، وهذا أمر غير صحيح بالطبع، لأن قلة الطيور الجارحة لا تقل بطبيعة الحال عن قوة حيوانات أخرى مفترسة مثل الأسود والنمور وغيرهما.
في كثيرٍ من الوقائع تم توثيق بعض الطيور الجارحة وهي تعتدي على الإنسان وتقتله، بل إن قوة هذا النوع من الطيور تجعلها قادرة على حمل إنسان من الأرض والتحليق به في السماء ببساطة شديدة، ولابد أننا عندما كنا نشهد مثل هذه الأفعال في الأفلام والمسلسلات نعتقد أنها مجرد خيالات من صناع العمل، لكن الحقيقة أنها تستند إلى مرجع أصيل من الواقع، فبكل أسف تستطيع الطيور الجارحة فعل ذلك وأكثر إذا لم يتم أخذ الحذر والحيطة منها.
أضف تعليق