تُعتبر زرقة السماء أحد الألغاز التي حيرت المُفكرين منذ بدء الخليقة حتى الآن، فالناس مع الوقت يشرعون في الأسئلة للخروج بأكثر الأجوبة عقلانية، يقولون مثلًا لماذا تدور الأرض ولماذا تُشرق الشمس من المشرق ولماذا نرى السماء زرقاء، كلها أسئلة يتم سؤالها باستمرار، لكن لم تحصل جميعها على الأجوبة التي تُريح أصحابها، وزرقة السماء تُعد أيضًا واحدة من المسائل الشائكة التي عكف الناس على فهمها حتى توصلوا أخيرًا إلى ما يُشبه الإجابة المنطقية، فدعونا نكتشف معًا في السطور الآتية تلك التفسيرات المنطقية التي تُبرر زرقة السماء.
تعرف على سبب زرقة السماء العلمي
ما هي السماء؟
بالتأكيد يبدو هذا السؤال لأول وآخر وهلة بالساذج، فالمعروف لدى الجميع أن السماء هي كل ما فوق الأرض، أو بمعنى أدق، الطبقة التي تُغطي الأرض وتحميها كما يزعم البعض من الشمس، فالأرض بلا سماء كالجيش بلا أسلحة دفاع، يُمكن هزيمته بسهولة، والسماء أيضًا تحمل السحب التي تمد الأرض بالأمطار، لذلك لا تُعد جيش الدفاع فقط بالنسبة للأرض، وإنما أيضًا جيش الإمداد بالمؤن، وبالطبع ليس علينا أن نُذكرّ بأن البحار والمحيطات والأنهار وكل المسطحات المائية الموجودة على الأرض ليست في الأساس سوى حصيلة ملايين السنين من المطر.
زرقة السماء
كما أسلفنا، تُعد زرقة السماء واحدة من الألغاز المُحيرة لسكان كوكب الأرض، والسبب ببساطة أن الكون مليء بالألوان المُختلفة والمُتنوعة، فلماذا الأزرق تحديدًا، فبالتأكيد هناك مبرر قوي خلف ذلك، هناك سبب، وهناك حقيقة يجب التعرّف عليها، وهذه بالطبع مهمة العلماء والفلكيين، والذين بدورهم أعملوا عقولهم لسنوات طويلة حتى وصلوا أخيرًا إلى التفسير الذي يُمكن اعتباره منطقيًا وقادرًا على الإجابة على هذا السؤال المُحيرّ، لماذا نرى السماء زرقاء؟
لماذا نرى السماء زرقاء؟
زرقة السماء ليست عبث ولم تأتي من فراغ، هذا ما قال به الفلكيون في بادئ الأمر، ثم فصّلوا نتائجهم فيما بعد قائلين أن الطبقات العليا الموجودة في السماء تحتوي على نوعين هامين من الغازات، هما النيتروجين والأكسجين، وفي الوقت الذي تنبعث فيه عدة ألوان من الشمس، والمعروفة لدينا بألوان الطيف، يقوم النوعين السابقين من الغازات بتشتيت أو جذب اللون الأزرق تحديدًا، وبهذا نكون قد عرفنا الخطوات التي تتم عن طريقها عملية اكتساء السماء باللون الأزرق، لكن هذا في الحقيقة يدفعنا إلى سؤالٍ آخر لا يقل أهمية عن السؤال السابق، لماذا اللون الأزرق تحديدًا؟ لماذا لا يحدث ذلك الأمر مع أي لون آخر يتبع مجموعة ألوان الطيف؟
مُبررات اللون الأزرق
قد يتساءل البعض عن سر زرقة السماء دونًا عن باقي الألوان، ألوان الطيف تحديدًا، لماذا لا تتشتت تلك السماء بألوان مثل الأحمر أو البنفسجي أو أي لون من ألوان الطيف، لماذا الأزرق تحديدًا؟
بالبحث والدراسات تم التوصل إلى السبب الرئيسي لذلك الأمر، وهو كمية اللون الأزرق الموجودة، الكبيرة نسبيًا مُقارنة مع كميات باقي الألوان، كما أن هناك سبب آخر يتعلق بالقابلية والجهوزية، وهو ما يتوافر في الأزرق أكثر من باقي الألوان، ولهذا يحدث التشتت به، لكن، هل يستمر هذا الأمر دائمًا؟
ألوان أخرى للسماء
الممعنين في الكون يعرفون أن زرقة السماء لا تستمر غالبًا للأبد، بل تأتي أوقات يميل فيها لون السماء إلى اللون الأحمر، وهي تحديدًا أوقات الغروب، حيث يكون اللون الأحمر ببساطة ذو قابلية أكثر على التشتت في هذا الوقت، كما أن الضوء الشديد الذي يصل إلينا عن طريق خط الأفق يكون له دور كبير في ذلك، وقد يُلاحظ هذا الأمر أيضًا في وقت الظهيرة، لكن، كما أشرنا من قبل، يكون اللون الأزرق في أغلب الأوقات هو اللون الرسمي للسماء.
محاولات لون البنفسج
باعتباره أحد أقوى ألوان مجموعة الطيف الخلابة، يحاول اللون البنفسجي القضاء على زرقة السماء ومنحها لونه الخاص، وفي الواقع يستند البنفسج في تلك المحاولات على جُسيماته الكثيرة، والتي يقوم الغلاف الجوي ببعثرتها بين الحين والآخر، حيث تصل غالبًا إلى أكثر من أربعمائة نانو متر، لكن، يكون الفيصل في النهاية هو أعين المُتلقين لجُرعات الضوء تلك، فحساسية العين تميل بشكل أو بآخر إلى اللون الأزرق، وهذا هو الشيء الذي لم يستطع اللون البنفسجي تفهمه حتى الآن، بالرغم من أن أغلب قوته يتم امتصاصها عن طريق الطبقات العليا للغلاف الجوي، وربما سيدهشكم ذلك لكن كل ما سبق عبارة عن حقائق مطلقة، أجل، تحدث كل هذه المعارك قبل أن تطل علينا السماء بلونها الأزرق.
السماء ليست زرقاء
بالرغم من كل التحليلات السابقة إلا أن فريق من العلماء والباحثين قد خرج علينا في الآونة الأخير مُدعيًا بعدم زرقة السماء من الأساس، وأنه في الأساس لا وجود للون الأزرق الذي ندعي أننا نراه، إنما هو فقط لون يتدرج من الأحمر إلى الأسود، لا يُمكن تحديده ولا وجود له في الحقيقة من الأساس، واستند هؤلاء في قولهم إلا الشمس، والضوء الذي تصدره، وأنه كما نعرف جميعًا مجرد ضوء أبيض، إذًا كيف ولماذا يتحول إلى لون أزرق كما يقول المؤمنون بزرقة السماء؟
أصحاب هذا الرأي فسروا أيضًا قولهم بأن اللون الأبيض، الذي ينتج عن ضوء الشمس الأبيض، يتكون من ألوان الطيف السبعة، أي أنه يحمل ضمن طياته اللون الأزرق، وهذا ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن السماء زرقاء فعلًا، حيث أن غاز النيتروجين الموجود في السماء يُرشح الألوان الحمراء والزرقاء بقوة، لكنهم عادوا وأكدوا أن هذه العملية برمتها مُجرد محاولة لخداع العين، فاللون الموجود في السماء فعلًا هو خليط من ألوان الطيف، والدليل على ذلك هو المطر.
السماء عند المطر
بعد انتهاء المطر، يُلاحظ في بعض الأماكن أن زرقة السماء المُكتسحة تأخذ طريقها نحو الاختفاء التدريجي، وتبدأ بنفس التدريج ظاهرة أخرى نعرفها نحن باسم ظاهرة ألوان الطيف السبعة، أو قوس قزح، حيث تكون السماء وقتها مُكتسية بسبعة ألوان دفعة واحدة في شكل حلزوني خلاب، وهذا بالطبع يجعلنا نتوقف جميعًا ونُفكر في رأي من قالوا أن السماء لا تأخذ اللون الأزرق كما نظن، وأننا فعلًا نتعرض لعملية خداع بصري من الدرجة الأولى، يُمكن القول أن وقت المطر هو الوقت الوحيد الذي نسلم فيه من تلك الخدعة فنرى السماء على حقيقتها.
السماء في الإسلام
كل ما مضى كان الهدف منه معرفة التفسير العلمي لمعجزة أبدية مثل زرقة السماء، لكن، إذا تناولنا السماء ذاتها من المنظور الديني، وخاصةً الإسلامي، فسنجد أنها كما ذكرت الكتب المقدسة تتكون من سبع طبقات أو سماوات، السماء الأولى، والتي تُعرف باسم سماء الدنيا الأولى، يُطلق عليها الرقيع، كما أنها تتكون من دُخان، أما سماء الدنيا الثانية فتُعرف باسم قيدوم، وهي تأخذ لون أشبه بالنحاس، بخلاف السماء الثالثة، والتي تُسمى الماروم وتأخذ لون النور.
أما السماء الرابعة فهي تُسمى أرفون، وتأخذ لون فضي، والسماء الخامسة تُعرف بهيفوف وتأخذ لون الذهب، بينما السادسة معروفة باسم عروس، وهي على شكل ياقوتة خضراء، ثم تأتي في النهاية السماء السابعة والأخيرة، والتي تُعرف باسم عجماء، وتكون على شكل درة بيضاء.
أضف تعليق