تسعة اولاد
الرئيسية » فلك وفضاء » نشأة الكون : ما نظريات بداية الكون غير الانفجار العظيم؟

نشأة الكون : ما نظريات بداية الكون غير الانفجار العظيم؟

نشأة الكون

بعيدًا عن نظرية الانفجار العظيم فإن هناك العديد من النظريات التي تفسر أصل و نشأة الكون ، وهذا ما سنتعرض له بالتفصيل في الفقرات التالية بشيء من التفصيل.

وصف تيري براتشيت روائي الخيال العلمي الإنجليزي وجهة النظر التقليدية المتعلقة بنظريات نشأة الكون وكيفية بداية الكون في الأساس هكذا: “في البداية كان هناك اللاشيء، ثم انفجر.” الرأي السائد الحالي لعلم الكونيات هو كون يتسع مع الزمن نشأ من الانفجار العظيم، وهذا الرأي مدعم من قبل دليل وهو على شكل إشعاع الخلفية الكونية وانزياح الضوء البعيد نحو الضوء الأحمر من ألوان الطيف، مما يشير إلى أن الكون يتوسع بشكل مطرد. ومع ذلك، فليس الكل على اقتناع بتلك النظرية أو بالأدلة المقدمة لإثبات صحتها، فعلى مر السنين قد تم عرض الآراء البديلة والمتنوعة من علم الكونيات، بعض هذه النظريات مثيرة للاهتمام، ولكن تظل للأسف مجرد فروض، حيث لم نتمكن إلى الآن من التحقق من صحتها مع ما توصلنا إليه من تكنولوجيا وما توصلنا إليه من أدلة، والبعض الآخر عبارة عن رحلات مضللة من الخيال تحاول التمرد على الطريق الصعب الذي يظهر عليه الكون محطمًا مفاهيم الإنسان عن الفطرة السليمة، وفي هذا الموضوع نوضح بعض من تلك الآراء المختلفة التي قدمها علماء حاولوا الكشف عن أسرار أخرى للكون من وجهات نظر وتجارب مختلفة.

أهم نشأة الكون البديلة عن نظرية الانفجار العظيم

نظرية الحالة الثابتة

نظرية الحالة الثابتة أو كما تعرف أيضًا بنظرية الكون اللامتناهي هي أحد نماذج نظريات نشأة الكون البديلة لنظرية الانفجار العظيم التي تم تطويرها عام 1949 على يد عالم الكون الفيزيائي فريد هويل وآخرون كالعالم النمساوي توماس غولد. وفقًا لمخطوطة تم إعادة ترميمها مؤخرًا لألبرت أينشتاين، فقد صدق العالم الكبير على نظرية البريطاني هويل التي تقول أن الفضاء يمكن أن يستمر في التوسع إلى ما لا نهاية مع الحفاظ على كثافة متسقة إذا تم إدخال مادة جديدة باستمرار عن طريق التولد التلقائي.

على مدى عقود، اعتبر الكثيرون فريد هويل مهووسًا، ولكن المخطوطة تشير على الأقل أن آينشتاين أعطى أفكار هويل اهتمامًا جديًا. تم تقديم أفكار نظرية الحالة الثابتة عام 1948 من قبل كلاً من توماس غولد وفريد هويل وهيرمان بوندي، وجميع أفكار النظرية تم بنائها على المبدأ الكوني المثالي، والذي ينص على أن الكون يبدو عمليًا على نفس الأساس من كل مكان داخله في جميع الأوقات للعين المجردة، تلك الفروض كانت مشوقة من الناحية الفلسفية، حيث أنها تفرض أن الكون ليس له بداية أو نهاية.

كان للنظرية قبولاً شعبيًا كبيرًا في الخمسينيات والستينيات، ولكن عندما تم تقديم أدلة جديدة على حقيقة تمدد الكون مع الزمن، اقترح أنصار النظرية أن هناك مادة جديدة يتم إنشاؤها بشكل تلقائي بمعدل ثابت (بعض الذرات لكل ميل مكعب سنويًا).

مع مراقبة الكوازارات (نجوم زائفة) في المجرات السحقية – وبالتالي أقدم من وجهة نظرنا – والتي ليس لها وجود في نظامنا النجمي، عمل ذلك على التقليل من حماس العلماء تجاه فروض نظرية هويل، وفي النهاية تم دحض تلك النظرية من قبل العلماء عندما تم اكتشاف إشعاع الخلفية الكوني، وهو عبارة عن موجات كهرومغناطيسية مصدرها غير ملحوظ في الفضاء، ومع ذلك في أثناء عمل هويل على تعزيز نظريته الخاصة، فقد قام بسلسلة من الدراسات التي أثبتت كيف ظهرت ذرات أثقل من الهيليوم في الكون (التي تكونت بسبب الحرارة العالية والضغط المتولد من النجوم الأولى أثناء مرورها بدورة حياتها). ومن المثير للسخرية أن فريد هويل هو من صاغ مصطلح “الانفجار العظيم”.

الضوء المرهق

نظرية الضوء المُرهق هي أحد الفروض القديمة التي وضعت لتفسير ظاهرة الانزياح الأحمر، وتم اعتبر هذا النموذج بديل لنماذج أخرى لنظريات نشأة الكون كالانفجار العظيم ونظرية الحالة الثابتة، تم طرح تلك الفرضية في عام 1929 على يد عالم الفلك والفيزيائي السويسري فريتز زفيكي والذي اشتهر بأعماله وبحوثه المختلفة في المادة المظلمة وكذلك النجوم النيوترونية، وذلك من خلال دراسته الواسعة للمجرات.

لاحظ إدوين هابل أن موجات الضوء من المجرات البعيدة تميل للتحول نحو الضوء الأحمر من الطيف مقارنةٍ بالضوء المنبعث من الأجرام السماوية القريبة، مقترحًا أن الفوتونات فقدت الطاقة بطريقة أو بأخرى. يُفسر هذا “الانزياح نحو الأحمر” عمومًا في سياق التوسع بعد الانفجار العظيم فضلاً عن كونه أداة لتأثير دوبلر، ويقترح أنصار نماذج نظرية الحالة الثابتة في نشأة الكون أن الفوتونات تفقد الطاقة تدريجيًا أثناء سفرها خلال الفضاء، حيث تميل للانتقال نحو الضوء صاحب أطول طول موجي، والأقل طاقة وهو الضوء الأحمر من ألوان الطيف.

هناك الكثير من العيوب في فروض نظرية الضوء المُرهق. أولاً، لا توجد وسيلة أن طاقة الفوتون يمكن أن تتغير بدون أن تتغير القوة المحركة الدافعة له، والتي من الممكن أن تؤدي إلى حدوت تشويش بسيط أو عدم وضوح للضوء لا يمكن أن نلاحظه. ثانيًا، فإن فروض النظرية لا تستطيع تفسير أنماط الضوء المنبعثة من النجوم المتفجرة، والتي على عكس الضوء المنبعث من الأجرام السماوية الأخرى قريبة جدًا من نماذج التمدد الكوني مع نسبية خاصة تتسبب في اتساع الوقت. وأخيرًا، معظم نماذج الضوء المُرهق غير مبنية على كون متمدد، إنما تم وضع نماذج النظرية ودراستها على كون غير متمدد، وهذا ما سوف يؤدي إلى إشعاع ضوء خلفي غير متطابق مع ملاحظاتنا، وبالأرقام، فإن كانت فروض نظرية الضوء المرهق صحيحة، فإن معظم ما نلاحظه من إشعاع خلفي فضائي سيأتي من مصادر قريبة لنا أقرب من مجرة أندروميدا أم 31 (المرأة المسلسلة) أقرب جار لمجرتنا درب التبانة، وأي شيء أبعد من ذلك سيكون مرئي بالنسبة لنا.

التضخم الكوني

معظم النماذج الحديثة عن نظريات نشأة الكون تفترض حدوث نمو متسارع في فترة قصيرة والذي يعرف باسم التضخم الناجم عن طاقة الفراغ وهي الطاقة الموجودة في الفضاء حتى في حالة خلوه من المادة (الفضاء الخالي)، والذي بدوره عمل على فصل الجسميات المجاورة لنا بسرعة كبيرة إلى مناطق شاسعة في الفضاء. بعد التضخم اضمحلت طاقة الفراغ إلى بلازما ساخنة والتي في النهاية شكلت الذرات والجزيئات.

حسب نظرية التضخم الكوني، فإن هذا التضخم لم يتوقف أبدًا، بعيدًا عن ذلك فإن فقاعات الفضاء توقفت عن التضخم ودخلت في حالة طاقة منخفضة، ثم بعد ذلك توسعت عن طريق التضخم الداخلي، هذه الفقاعات الفضائية كان يمكن أن تكون كالفقاعات الموجودة في وعاء ماء مغلي، إلا أن في هذه التشبيه فإن الوعاء يزداد توسعًا. كإحدى نظريات نشأة الكون البديلة، في هذه النظرية، فإن الكون الذي نعرفه هو عبارة عن فقاعة وسط العديد من الفقاعات الأخرى في كون متعدد يتميز بالتضخم المستمر، وأحد جوانب هذه النظرية التي قد تكون قابلة للاختبار، هي أن أي إثنين من الأكوان القريبة من بعضهما والتي يوجد هناك فرصة أن تتقابل مع بعضها في المستقبل سوف يؤدي ذلك لحدوث اضطرابات في الزمكان الخاص لكل كون.

أفضل دعم لفروض تلك النظرية سيكون فعلاً حدوث نوع من ذلك الاضطراب في الخلفية الإشعاعية الكونية. تم تقديم أول نموذج عن تلك النظرية في نشأة الكون من قبل عالم الفيزياء الكونية السوفييتي أليكسي ستاربونسكي، ولكن هذا النموذج اشتهر في الغرب على يد العالم الفيزيائي الأمريكي آلان غوث، والذي وضع نظرية عن الكون في مراحله المبكرة مفادها أن الكون في مراحله الأولى قد يكون فائق التبريد ليسمح بالنمو المتسارع قبل الانفجار العظيم.

أندريه لينده وهو عالم وفلكي أمريكي من أصول سوفيتية، أخذ كل تلك النظريات وطورها لنظريته الخاصة “التضخم الفوضوي الأبدي”، وتقترح النظرية أنه بدلاً من حدوث انفجار عظيم في نشأة الكون ، ومع وجود الطاقة اللازمة، فإن التوسع يمكن أن يحدث في أي نقطة من الفضاء وكان باستمرار خلال الكون المتعدد، ووفقًا للينده، بدلاً من كون يعتمد على قانون واحد للفيزياء، فالتضخم الفوضوي الأبدي يتنبأ بتكاثر ذاتي، فالأكوان المتعددة موجودة إلى الأبد حيث يمكن أن تتحقق جميع الاحتمالات”.

سراب الثقب الأسود

النموذج القياسي للانفجار العظيم ينص على أن الكون انبثق من نقطة صغيرة جدًا ذات كثافة عالية، ولكن هذا يجعل من الصعب تفسير لماذا كان لدى تلك النقطة درجة حرارة منتظمة، ونظرًا للوقت القصير – فلكيًا – الذي مر من ذلك الحدث العنيف، فالبعض يعتقد أن هذا يرجع إلى نوع غير معروف من الطاقة هو الذي ساعد في تمدد الكون بسرعة هائلة أكبر من سرعة الضوء. اقترح فريق من علماء الفيزياء من معهد المحيط للفيزياء النظرية أحد نظريات نشأة الكون البديلة تقول أن الكون قد يكون في الواقع مجرد سراب ثلاثي الأبعاد تولد في أفق الحدث (الأفق الحاتم) لانهيار نجم رباعي الأبعاد في ثقب أسود، نياش أفشوردي وزملاؤه الباحثين في نظريات نشأة الكون كانوا يبحثون في 2000 اقتراح من قبل فريق في جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ تفيد بأن كوننا كان غشاء واحد فقط خلال كون كبير رباعي الأبعاد. لاحظ الفريق أيضًا أنه إذا كان هذا الكون العظيم يحتوي على نجوم رباعية الأبعاد، فإنه من الممكن أن يكون تصرفها مشابه لنظائرها ثلاثية الأبعاد في كوننا (تنفجر مسببة سوبرنوفا وتنهار في الثقوب السوداء).

الثقوب السوداء ثلاثية الأبعاد تحاط بسطح كروي يعرف باسم أفق الحدث أو أفق الحاتم، بينما سطح أفق الحدث لثقب أسود ثلاثي الأبعاد هو سطح ثنائي الأبعاد، وشكل أفق الحدث لثقب أسود رباعي الأبعاد سيكون ثلاثي الأبعاد على شكل كرة، عندما قام فريق أفشوردي بعمل نموذج لانهيار نجم رباعي الأبعاد، وجدوا أن المواد المنبعثة كونت غشاء ثلاثي الأبعاد حول أفق الحدث توسعت هذه المواد ببطء. بعد ذلك اقترحوا أن نشأة الكون من الممكن في الحقيقة أن تكون قد تكونت من السراب المتشكل من حطام الطبقات الخارجية لنجم رباعي الأبعاد في طريقه للانهيار، حيث أن الكون العظيم قد يكون أكبر مما كانوا يعتقدون، أو أنه موجود منذ الأبد، فهذا يفسر درجة الحرارة المنتظمة التي نلاحظها في كوننا، ومع ذلك إلا أن هناك بعض البيانات الجديدة التي تقترح أن هناك اختلافات تتلاءم مع النموذج التقليدي أفضل من تلك الفروض في نشأة الكون .

الكون الموازي

فروض نظرية الكون الموازي هي من أشهر فروض نظريات نشأة الكون البديلة للانفجار العظيم عالميًا، وواحدة من المشكلات المعقدة في الفيزياء هي أن جميع النماذج المقبولة، بما في ذلك الجاذبية والديناميكا الكهربائية والنسبية، تعمل جميعها بشكل متكافئ عند وصف الكون بغض النظر عما إذا كان الوقت يسير إلى الأمام أو الخلف. في العالم الحقيقي نحن نعلم أن الوقت يمر فقط في اتجاه واحد، والتفسير البسيط لذلك هو أن مفهومنا للوقت هو مجرد نتاج للإنتروبيا (العشوائية)، ما يعني أن أي ترتيب يتحول إلى اضطراب، فالمشكلة في تلك النظرية هي أنها تفترض أن الكون الذي نعيش فيه بدأ في حالة عالية من النظام، وحالة منخفضة من الإنتروبيا، والعديد من العلماء لا يشعرون بالرضا عن فكرة أن حالة الإنتروبيا المنخفضة للكون المبكر هي التي ساعدت على تحديد اتجاه الزمن.

جوليان بربور من جامعة أكسفورد وتيم كوسلوسكي من جامعة نيو برونزويك وفلافيو مارشيتي من معهد المحيط للفيزياء النظرية عملوا على تطوير نظرية من نظريات نشأة الكون تقترح أن الجاذبية هي التي تسببت في تحديد اتجاه الزمن في التدفق إلى الأمام، حيث قاموا بدراسة محاكاة حاسوبية لألف من الجزيئات التي تتفاعل مع بعضها، متأثرة بجاذبية نيوتينية، فقد وجدوا بغض النظر عن الحجم والكمية، أن الجزيئات سوف تتشكل في نهاية المطاف إلى حالة أقل تعقيدًا في حجم صغير وذات كثافة عالية، ومن ثم فإن نظام الجزيئات يبدأ في التوسع في كل من الاتجاهين مكونًا خطين متماثلين ومتعارضين من الزمن، خالقًا هياكل أكثر نظامية وتعقيدًا في الاتجاهين. وهذا ما يطرح أن الانفجار العظيم تسبب في خلق كونين وليس كون واحد، كل منهما لديه خط زمن يعمل في عكس اتجاه الآخر.

وفقًا لباربور: فإن هذا الوضع للمستقبلين سيظهر في ماضٍ واحد فوضوي للاتجاهين، مما يعني أنه سوف يكون هناك أساسًا كونين، واحد منهما على جانب من تلك الحالة المركزية، وإذا كانت هذه العوالم معقدة كفاية، فإن كل من العالمين قادرين على توفير مراقبين يمكنهم ملاحظة أن الزمن يسير في عكس الاتجاه في كل عالم، فأي من الكائنات الذكية هناك من شأنها تحديد أن سهم الزمن يتحرك مبتعدًا عن تلك الحالة المركزية، وأيضًا سيفكرون أننا الآن نعيش في أعماق ماضيهم.

علم الكون الدوري المطابق

أحد نظريات نشأة الكون البديلة التي تم تطويرها على يد عالم الفيزياء النظرية روجر بنروز، وهو فيزيائي في جامعة أوكسفورد، وتعد النظرية نموذج كوني في إطار نظرية النسبية العامة، قام بنروز بنشر تلك النظرية في كتابه “دورات الزمن: رؤية جديدة واستثنائية للكون” والذي أصدره في 2010. يطرح السير بنروز أن في أفكاره أن الانفجار العظيم ليس البداية الفعلية للكون ولكن تقريبًا مجرد انتقال أو تحول أثناء مرور الكون في مراحله الأولى بدورات من التمدد والانكماش، ويقترح بنروز أن هندسة تغييرات الفضاء مع مرور الوقت تصبح أكثر تعقيدًا، حيث تم وصف ذلك من خلال أداة رياضية تعرف باسم انحناء موتر فايل، والذي يبدأ من الصفر ويزداد بشكل أكبر مع مرور الوقت. يعتقد كذلك أن الثقوب السوداء الموجودة في فضاء الكون تعمل على الحد من الإنتروبيا في الكون وذلك عند وصول الكون إلى نهاية تمدده، وسوف تلتهم الثقوب السوداء المادة والطاقة المتبقية وفي النهاية ستلتهم نفسها والثقوب السوداء الأخرى.

مع انهيار المادة وفقدان الثقوب السوداء لطاقتها من خلال إشعاع هوكينغ (إشعاع يصدر من الثقوب السوداء نتيجة لظواهر كمومية)، يصبح الكون منتظم ومليء بالطاقة عديمة الفائدة. وهذا ما يقدم مفهوم يعرف بالثبات الامتثالي، تماثل هندسي له نفس الشكل ولكن على مستويات مختلفة، حيث أن الكون لم يعد ظاهريًا قادرًا على تحديد الحالات التي كان عليها في بدايته، يتحدث بنروز عن أن أي تحول امتثالي سيعمل على تبسيط هندسة الفضاء والجسيمات المتدهورة ستعود إلى حالة صفرية من الإنتروبيا، وبعد ذلك سينهار الكون خلال نفسه، وعلى استعداد لبداية انفجار عظيم جديد، وهذا ما يعني أن الكون يتميز بعملية متكررة من التمدد والانكماش، وهذا ما قسمه بنروز إلى فترات أطلق عليها “الدهر”. استطاع بنروز وبعض من مساعديه العمل على تجميع بيانات من وكالة ناسا الفضائية عن إشعاع الخلفية الكوني، وصرحوا بأنهم وجدوا 12 حلقة متحدة المركز في البيانات، والتي يعتقدون أنها الدليل على موجات جاذبية نتجت عن طريق ثقوب سوداء هائلة متصادمة في نهاية الدهر السابق، وهذا هو الدليل الرئيسي لنظرية علم الكون الدوري المطابق.

الانفجار العظيم البارد وانكماش الكون

يفترض النموذج القياسي للانفجار العظيم أنه بعدما انفجرت المادة من نقطة صغيرة جدًا، تحولت إلى فقاعة كونية كبيرة ساخنة وكثيفة جدًا، ومن ثم بعد ذلك بدأت في التمدد والتوسع منذ بلايين السنين. هذه النقطة الصغيرة للغاية والتي انبثق منها الكون تطرح بعض المشاكل عند محاولة ملائمتها مع نظريات كالنسبية العامة وقوانين ميكانيكا الكم، لذا فإن عالم الكونيات كريستوف فيتريتش من جامعة هايدلبرغ طرح أفكار حول احتمالية أن يكون الكون قد بدأ في مكان بارد خالي إلى حد كبير، والذي أصبح أكثر نشاطًا بسبب انكماشه، على غرار توسعه كما في النموذج القياسي. في هذا النموذج الانزياح الأحمر الملاحظ من قبل علماء الفلك نتج بسبب زيادة كتلة الكون نتيجة انكماشه. الضوء المنبعث من الذرات يتم تحديده بواسطة كتلة الجزيئات، مع ظهور طاقة أكبر عند انحراف الضوء ناحية الضوء الأزرق من ألوان الطيف، وأقل طاقة عند انحرافه نحو اللون الأحمر من الطيف. المشكلة الرئيسية عند وضع نظرية فيتريتش كواحدة من نظريات نشأة الكون البديلة، أنه من المستحيل إثبات عن طريق القياسات، فإنه يمكن لنا أن نقارن فقط نسب كتل مختلفة، وليس الكتل نفسها.

اعترض أحد الفيزيائيين على نموذج النظرية متحدثًا أنه بدلًا عن التوسع المستمر في النموذج القياسي، فإن ما نقيس به ينكمش وهذا غير مقبول. فيتريتش قال أنه لا يعتبر نموذجه كبديل لنموذج الانفجار العظيم القياسي أو كبديل صريح لنظريات نشأة الكون ، هو فقط ينوه إلى أن فروضه تتفق مع الملاحظات المعروفة عن الكون ومن الممكن أن تكون تفسير طبيعي أكثر عن الكون.

كون البلازما

في حين أن علم الكونيات يضع الجاذبية كالقوة التوجيهية الرئيسية، فإن علم كونيات البلازما، أو ما يعرف بنظرية الكون الكهربائية، تضع بدلاً من ذلك تركيزَا كبيرًا على القوة الكهرومغناطيسية. واحد من أهم المناصرين لهذه النظرية هو العالم الروسي إيمانويل فيلكوفيسكي، والذي كتب مقالة في عام 1946 تحت عنوان “الكون بدون جاذبية” والتي كتب فيها أن الجاذبية هي ظاهرة كهرومغناطيسية ناتجة من تفاعل الشحنات الذرية والمجالات المغناطيسية للشمس والكواكب. تم تطوير هذه النظرية بشكل أكبر بواسطة رالف جورغينز، والذي طرح في أفكاره أن النجوم مدعومة بقوة كهربية بدلاُ من عمليات حرارية.

هناك مجموعة متنوعة من الإعادات المختلفة للنظرية، ولكن بعض العناصر هي نفسها في جميع الحالات، جميع نظريات كون البلازما تفترض أن القوى المحركة للشمس والنجوم هي قوى كهربية ناتجة من تيارات الانحراف، فبعض أسطح الكواكب تشكلت بفعل برق خارق، وكذلك ذيول المذنبات وغبار المريخ الشيطاني، وأن العمليات الكهربائية هي المسئولة عن تكون المجرات. وتزعم نظريات كون البلازما تخلل الفضاء السحيق بخيوط من الإلكترونات والأيونات، والتي تنحرف بسبب بفعل القوى الكهرومغناطيسية في الفضاء وتشكل المادة الفيزيائية المسئولة عن تكوين الأجسام كالمجرات، في نظريات كون البلازما، يفترض العلماء أن الكون لانهائي في كل من الحجم والعمر، وهذا على العكس تمامًا من علم كونيات الانفجار العظيم.

واحد من أهم الكتب عن هذا الموضوع هو “الانفجار العظيم لم يحدث” والذي كتبه إريك ج. ليرنر في عام 1991، والذي يناقش فيه أخطاء فروض الانفجار العظيم، منها توقع وبشكل غير صحيح كثافة بعض العناصر الخفيفة كالديوتريوم والليثيوم-7 والهليوم-4، وكذلك أضاف أن المسافات بين المجرات كبيرة جدًا للتمكن من شرحها من خلال وجهة نظر الإطار الزمني للانفجار العظيم، وسطوع أسطح المجرات البعيدة والذي لوحظ بثبات، في حين أن الكون آخذ في الاتساع، فينبغي أن تنخفض نسبة السطوع نظرًا للمسافة بسبب الانزياح الأحمر. يدعي ليرنر أيضًا أن نظرية الانفجار العظيم تتطلب الكثير من الافتراضات كالتضخم والمادة المظلمة وهذا ما يشكل انتهاكًا لقانون حفظ الطاقة، والتي تعتبر أن الكون نشأ من اللاشيء.

على النقيض، يناقش ليرنر، أن نظرية كون البلازما تتوقع بشكل صحيح وفرة العناصر الخفيفة، والهيكل المجهري للكون، وامتصاص موجات الراديو هو بسبب إشعاع الخلفية الكوني. يرى كثير من علماء الكون أن الانتقادات التي وجهها ليرنر لنظرية الانفجار العظيم هي قائمة على بيانات كانت معروف عدم صحتها أثناء كتابته لكتابه وتفسيراته للبحوثات التي تدعم الانفجار العظيم تسبب مشاكل أكثر مما يمكن أن تساعد في الوصول إلى حل أو نتيجة نهائية تفسر أكثر نظريات نشأة الكون .

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

تسعة عشر + 6 =