تُعتبر العالمة البولندية ماري كوري واحدة من أشهر النساء اللاتي مررنا بهذا العالم، فقد استطاعت تلك المرأة من كتابة اسمها بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ، وذلك بما أحرزته من جوائز وما حققته من إنجازات، والتي كان أهمها بالطبع حصولها على جائزة نوبل مرتين في مجالين مُختلفين، كما أنها أيضًا كانت المرأة الأولى التي تقوم بالتدريس في الجامعة، وقد تبدو هذه الإنجازات أمر غريب بالنسبة لامرأة، إلا أن الأغرب كان قيامها بكل ذلك بالرغم من المعاناة التي شهدتها في طفولتها، عمومًا دعونا في السطور الآتية نقترب أكثر من هذه المرأة المعجزة ونعرف كل شيء عن حياتها.
ماري كوري العالمة الأشد تأثيراُ في العالم!
من هي ماري كوري؟
ولدت ماري كوري في السابع من نوفمبر القابع في عام 1967، وذلك مدينة وارسو التابعة لدولة بولندا، والتي تتبع بدورها قارة أوروبا، ومن المعروف أن بولندا مشهورة بكونها دولة هادئة، لا تعرف النزاعات وقلما تكون ضلعًا في الحروب، بالرغم من أنها كانت تابعة بشكل أو بآخر للدولة الكُبرى، المملكة المُتحدة، بريطانيا.
الغريب أن اسم ماري الذي اشتُهرت به ليس اسمها الحقيقي، وإنما فقط الاسم الذي اشتهرت به فيما بعد، فقد وُلدت باسم آخر مُختلف، وهو ماريا، لكن منذ سن العاشرة تمت مُناداتها بماري، ولم يبرح هذا الاسم حتى تشبث بالأذهان وأصبحت ماري تُعرف به، لكن، بعيدًا عن الاسم، هناك ما يستحق الذكر في طفولة هذه المرأة المُعجزة.
طفولة ماري كوري
كانت طفولة غريبة بحق، هذا بالطبع مقارنة بما آلت إليه فيما بعد، فلو كانت ماري مثلًا قد أصبحت مجرمة أو سفاحة فكان من الممكن جدًا أن يتم وصف الطفولة التي عاشتها بالطبيعية، لكنها لم تكن ذلك.
بدأت طفولة ماري تتأزم منذ سن مبكر جدًا، وهو السادسة، حيث أن والديها، بالرغم من عملهم المرموق كمدرسين للرياضيات، لم يستطيعا تقضية حاجات ماري وشقيقتها الوحيدة، الأدهى من كل ذلك أنهما سافرا للعمل في بلدة أخرى وتركا ماري وهي لا تزال طفلة في العاشرة، لتبدأ بعدها الطفلة الصغيرة في تحمل المسئولية.
ماري تتحمل المسئولية
تحملت ماري كوري مسئولية رعاية شقيقتها إضافةً إلى نفسها، فكانت تعمل في البيوت بعد أن ينتهي يومها الدراسي، وبالرغم من ذلك كانت متفوقة للغاية في كل المواد التي تدرسها وحادة الذكاء كذلك، حتى أن مُدرسيها في سن الرابعة عشر كانوا يتوقعون لها مُستقبلًا باهرًا، وهو ما تحقق بالفعل عندما أنهت ماري تعليمها الثانوي واقتربت من دخول الجامعة، بالرغم من المشكلة التي واجهتها بسبب هذا الأمر.
مشكلة دخول الجامعة
كانت بولندا في هذا الوقت تمنع الفتيات من دخول الجامعة، كانت اصلًا تمنع الفتيات اللاتي تجاوزن التاسعة عشر من إكمال التعليم، لكن ماري كوري كانت عاقدة العزم على ذلك، فلم تجد بُدًا من قبول المنحة التي حصلت عليها بالسفر إلى فرنسا، والتي كانت تقضي بالدراسة بالجامعة في الصباح والعمل في المساء، وقد قبلت ماري ذلك من أجل التعلّم أولًا ومن أجل إرسال الأموال إلى شقيقتها صوفيا ثانيًا، لكن، بعد أقل من سنتين، ماتت صوفيا ووالدتها مُتأثرين بمرض السل، ليُصبح التعليم هو كل شيء في حياة ماري كوري.
ماري في فرنسا
بدأت ماري الدراسة في فرنسا عام 1891، وبالرغم من أنها كانت فترة عصيبة بسبب فقر ماري شديد وعدم قدرتها على العيش الطبيعي هناك إلا أنها تحملت كل ذلك من أجل العلم والتعلّم، حيث استطاعت في ثلاث سنوات الحصول على الشهادة الجامعية من أكبر الجامعات الموجودة في فرنسا وقراءة أكثر من ألف كتاب في علوم الفيزياء والكمياء والرياضيات، لكن، الشيء الأهم، والذي اعتبرته ماري الربح الأكبر في حياتها، هو التعرّف على شخص يُدعى بيار كوري، ولابد أنكم قد استخلصتم جميعًا من الاسم علاقة ماري به.
ماري كوري والزواج
بعد ثلاث سنوات من السفر، وفي عام 1894 تحديدًا، التقت ماري كوري بشاب مُتطلع وشغوف بالعلم مثلها، وهو فرنسي الأصل بيار كوري، حيث سقطا في حب بعضهما وتزوجا سريعًا، ولذلك حملت ماري اسم كوري منه، ثم حملت منه حملًا حقيقيًا بعد عامٍ من الزواج، وانجبا طفلة صغيرة سمياها إيرين، وقد تأثرت ماري بهذا الزواج خاصةً وأن زوجها كان عالمًا كما ذكرنا، لذلك قام بمساعدتها في مجال دراستها حتى تفوقت فيه، والغريب، أن ماري كوري عندما حصلت على جائزة نوبل فيما بعد كان بيار أيضًا حاملًا لها، باختصار، كان ثُنائي رائع بكل ما تعنيه الكلمة من معان.
إنجازات ماري كوري
إنجازات ماري كوري ليس هناك أكثر منها، فبغض النظر عن كونها أول امرأة تحصل على جائزة نوبل، وأول من حصل عليها مرتين في مجالين مختلفين، كانت كذلك أول أستاذة جامعية في مجال الفيزياء، فقد كان كل الأساتذة قبل ذلك من الذكور، وآخرهم زوج ماري التي تولت منصبه بعد موته.
بخلاف المناصب والمراكز، ساعدت إنجازات ماري كوري في مجالات الفيزياء والكيمياء إلى التوصل إلى نتيجة إيجابية بشأن استخدام الإشعاع في علاج السرطان، وقد أحدث هذا الأمر نقل كبيرة جعلت أنظار العالم بأكمله تصوب نحو ماري، فلم يكن هناك قبل هذا الاكتشاف ما يُعرف بعلاج السرطان.
ماري كوري ونوبل
حصلت ماري كوري على جائزة نوبل لأول مرة في عام 1903، وقد شهد هذا العام حصول ثلاثة أشخاص على هذه الجائزة في مجال الفيزياء، وكان من ضمنهم ماري، وبالرغم من كون هذا الأمر يستحق الاحتفاء فعلًا إلا أن ماري لم تحفل به، وإنما تابعت دراستها وتفوقها في مجال جديد، وهو مجال الكيمياء.
عام 1911 عادت ماري إلى منصة نوبل للتويج مرة أخرى، لكن هذه المرة كان التتويج في مجال آخر مُختلف وهو مجال الكيمياء، وقد مثل الأمر شبه معجزة للجميع، حيث أن ماري بهذا تكون قد خرقت القاعدة مرتين، أولًا لأنها كانت المرأة الأولى التي تحصل على جائزة نوبل، وثانيًا لأنها كانت أول من حصل عليها مرتين في مجالين مختلفين، وقد كان معروفًا في شريعة العلماء أن كل عالم يتخصص في مجال واحد فقط ويبدأ في الإبداع به، لكن ماري خرقت القاعدة.
شهيدة العلم
بعد كل هذه الإنجازات التي أنجزتها ماري كوري كان مُقدرًا لها أن تموت أثناء تأدية أحد التجارب في مجال الإشعاع في الرابع من يوليو القابع في عام 1934.
كانت ماري في هذه الليلة تعمل مع آلات الأشعة المعروفة باسم الأشعة السينية، ولم يكن معروفًا وقتها طرق الوقاية من هذه الإشعاعات، لذلك لم يستطع أحد إنقاذ ماري من الإشعاع الذي تعرضت له وسقطت صريعة في الحال كاتبةً بذلك أجمل نهاية لمسيرتها الكبيرة، وقد تم بعد ذلك التوصل إلى طرق كثيرة للحفاظ على الشخص الذي يتعرض للأشعة.
هل موقع تسعة يعمل كتطبيق على الموبايل