تسعة اولاد
الرئيسية » شخصيات وعلماء » كورت جودل : تعرف على حياة عالم المنطق والرياضيات النمساوي كورت جودل

كورت جودل : تعرف على حياة عالم المنطق والرياضيات النمساوي كورت جودل

كورت جودل

يعد كورت جودل واحدًا من أبرز علماء المنطق في بدايات القرن العشرين، وبالإضافة إلى إسهاماته الفلسفية، كان أيضًا مهتمًا بالرياضيات وله فيها العديد من الأفكار.

العالم النمساوي كورت جودل هو من أهم علماء المنطق والرياضيات في القرن العشرين، وقد وصفه آينشتين بأنه من أذكى العقول البشرية على الإطلاق، وباختصار فقد نقل المنطق من مجرد جمل تعتمد على الاستقراء والاستنتاج إلى صيغ رياضية قابلة للبرهان النظري، وفي الفقرات التالية سنستعرض لك أهم المحطات في حياته بالإضافة إلى أهم النظريات والأفكار التي قدمها في مسيرته التي امتدت لأكثر من سبعين عامًا.

كورت جودل عالم الفيلسوف والرياضياتي النمساوي الشهير

من هو جودل؟

كورت فردريك جودل هو عالم نمساوي، ولد في 28 أبريل 1906 وتوفى في 14 يناير 1978 في مدينة برون التي كانت تتبع الإمبراطورية النمساوية المجرية وهي الآن جزء من التشيك وقد أصبح مواطن تشيكوسلوفاكي بعد الحرب العالمية الأولى وانحلال الإمبراطورية، وأصول أسرته هي ألمانية، وقد حصل على الجنسية الأمريكية بعد ذلك، وفي نفس الوقت هو لا يعترف بالهوية القومية، لذا فإن تحديد جنسيته هو أمر محل جدل، ولكن ما يهمنا هو حياة كورت جودل وإسهاماته العلمية، فهو في المقام الأول عالم منطق ورياضيات ولكنه أيضًا كتب كثيرًا في الفلسفة، وعامةً فهو يعتبر من أقطاب المنطق وذلك بالتوازي مع أهم مفكري المنطق مثل أرسطو الذي وضع أولى قواعده وجوتلوب فريج وبرتراند راسل وديفيد هلبرت.

ما هي أهم نظريات جودل؟

نشر أهم نظرياته في سنة 1931 أي عندما كان في الخامسة والعشرين وهي مبرهنات عدم الاكتمال، وهي عبارة عن نظريتين لوضع الحدود الخاصة بالأنظمة الشكلية وبالتحديد الوصول إلى حلول مسائل ديفيد هلبرت، وقد أتم المبرهنات بعد مضي سنة واحدة على إنهاء رسالة الدكتوراه في جامعة فيينا، ومن أعماله الهامة الأخرى إثباته أنه لا بديهية الاختيار (المعروفة اختصارًا باسم AC) ولا فرضية الاستمرار (CH) يمكن ألا يتم الموافقة عليهما من بديهيات نظرية المجموعات المقبولة، مع افتراض أن هذه البديهيات متماثلة، وهذا الإثبات فتح الأبواب للرياضيات لافتراض بديهية الاختيار في نتائجهم، كما أنه قام بإسهامات هامة في نظرية البرهان عبر توضيح عناصر الاتصال بين المنطق الكلاسيكي والمنطق البديهي والمنطق الطوري (منطق الموجهات) كما سنوضح فيما بعد.

الجوائز التي حصل عليها كورت جودل

من أهم الجوائز التي حصل عليها كورت جودل عبر مسيرته العلمية قلادة العلوم الوطنية، وهي جائزة يمنحها رئيس الولايات المتحدة للعلماء والمهندسين، وعدد الحائزين على القلادة هو أقل من خمسمائة عالم، لذا فإنها من أكثر الجوائز النخبوية في العالم، ومن الجدير بالذكر أن العالم العربي الأول الذي حصل على الجائزة هو الكيميائي المصري مصطفى السيد لتطويره علاج للسرطان عبر تقنية النانو، وحصل أيضًا على جائزة ألبرت آينشتين في سنة 1951 وهي من أبرز الجوائز العلمية في العالم، وحصل على زمالات جمعيات علمية بارزة مثل زمالة الأكاديمية البريطانية وزمالة الجمعية الملكية البريطانية في سنة 1968.

نشأته

والد كورت جودل كان مديرًا لمصنع نسيج ويدعى رودلف جودل وزوجته ماريان جودل كانت ربة منزل، وطوال حياة جودل كان متعلقًا بوالدته إلى حد كبير وظل يراسلها بكثافة في كل الأوقات، وفي الوقت الذي ولد فيه جودل كانت المدينة تتحدث اللغة الألمانية لدرجة أنها أصبحت اللغة الأولى السائدة وهي لغة والديه أيضًا، كان والده كاثوليكي المذهب ووالدته من البروتستانت وقد تربى الأولاد تربية بروتستانتية، وأجداد كورت جودل كانوا نشطين في المشهد الثقافي في مدينة برون، فمثلاً كان جده الأكبر جوزيف جودل من أشهر المغنيين المحليين، وكانت طفولة جودل عادية إلى أن اندلعت الحرب العالمية الأولى مع أنها لم تؤثر عليه بشكل قوي، وبعد انتهاء الحرب كان في الثانية عشر واكتسب الجنسية التشيكوسلوفاكية، والتحق بمدرسة لوثرية في المدينة، إلا أن عقليته الفذة كانت مثار إعجاب وتساؤل من أقرانه الطلبة والمدرسين، لدرجة أنهم أطلقوا عليه لقب “السيد لماذا” بسبب فضوله الواسع، وقد حقق درجات عالية في كل المواد الدراسية مع تفوق ملحوظ في الرياضيات واللغات والدراسات الدينية، وعندما وصل إلى سن الثامنة عشر التحق بجامعة فيينا مع أخيه لدراسة الفيزياء النظرية والرياضيات، وفي ذلك الوقت سُحر بكتابات إيمانويل كانت وبرتراند راسل ودرس نظرية الأرقام، ثم حل عليه شبح المنطق الرياضي ليصبح اهتمامه الأكبر طوال حياته.

نظرية البرهان

طور كورت جودل منهجًا منظمًا لتحويل رموز المنطق الرياضي إلى أرقام والتي عرفت باسم أرقام جودل وذلك لتحقيق حوسبة الجمل الرياضية المتعددة، لقد كان قادرًا على توضيح كيفية أننا قادرين على إظهار الجمل الرياضية المتعددة حتى عندما نفترض أنها نفسها غير ظاهرة، ومن هنا استطاع تحويل كافة الصيغ الحسابية، ومن خلال تسلسل المركبات للاستنتاج الذي وضعه جودل فقد أثبت لنا أننا غير قادرين على إثبات الاستمرارية الذاتية للنظام بالاعتماد على الجمل الرياضية المتعددة إلا من خلال الالتفاف خارج النظام نفسه والبحث عن مناهج الإثبات، وأظهر أنه بإمكاننا بناء جملنا الخاصة سواء كانت ظاهرة أو غير ظاهرة للرفض، وهذه النظريات الجديدة أحدثت ثورة في الرياضيات وأخرجت لنا فرع جديد هو نظرية البرهان، وهو علم ينظر إلى البرهان باعتباره شكل رياضي.

حياة حافلة بالإنجازات

كرّس جودل حياته للعمل النظري في القواعد الأساسية، واستمر انغماسه في المنطق الرياضي حتى سنة 1942، ثم أصبحت الفلسفة هي شغله الشاغل، وبدأ أولاً بدراسة ليبينز ثم أعمال إيمانويل كانط وغيرهما، وذلك حتى وفاته، وعندما وصل إلى معهد الدراسات العليا في جامعة برينستون في خريف 1933 بدأ بإلقاء المحاضرات هناك لعدة أشهر، وتقابل للمرة الأولى مع ألبرت آينشتين، ومن هنا بدأت رحلة صداقة طويلة بين العالمين ولم تنتهي إلا بوفاة آينشتين، وفي إحدى المرات أخبر آينشتين زميل له بأن كل أعماله في الجامعة لم تعني أي شيء مهم بالنسبة له إلا ميزة المشي مع كورت جودل أثناء العودة إلى المنزل، وفي سنة 1938 تزوج بأديل بوركريت في فيينا، وبعد ترحال مستمر بين برينستون وفيينا أقام جودل في برينستون بصفة دائمة بعد سنتين، وهناك أصبح عضو دائم في المعهد بعد ست سنين، وفي سنة 1953 تم تعيينه كأستاذ.

جودل الإنسان

إذا تابعنا ما قاله أصدقاء كورت جودل فإننا سندرك أنه كان يحب حياة العزلة، فبالرغم من أنه عالم مرموق إلا أنه لم يشارك في أية فعاليات، وظل طوال حياته منغمسًا في التركيز على أعماله النظرية، واقتصرت دائرة معارفه على بضعة أشخاص فقط، وقيل عنه أنه حساس جدًا بالنسبة للنقد، ولم يلقِ إلا عدد محدود من المحاضرات، ولم ينشر في حياته إلا كمية قليلة من المؤلفات، لكنه ترك وراءه إرث كبير من المذكرات والأعمال غير المنشورة، وطوال حياته لم يقبل إلا دعوات قليلة، وكان أكثر شيء يكرهه هو السفر، وبشكل أساسي كان يكره المحركات والآلات التي تسير بالاعتماد عليها، لذا فإنه كان يفضل البقاء في مكان واحد لسنين طويلة، والسبب الأول لرفضه عدد كبير من الجوائز والتكريمات هي أنها تتطلب السفر، أما بالنسبة لاهتماماته فقد كان عاشقًا للفن وبالتحديد المدرسة السريالية والفن التجريدي، وفي الأدب أحب كتابات جوته وفرانز كافكا، ومن الطريف أنه أحب بعض أغاني البوب الحديثة وأفلام ديزني.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

14 + 4 =